الحوار المجتمعي أداة النواب السحرية لحل عقدة الإيجار القديم

السبت، 12 مارس 2022 07:00 م
الحوار المجتمعي أداة النواب السحرية لحل عقدة الإيجار القديم
الإيجارات القديمة

تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين تلتقي الطرفين بمقرها وتسمع لكافة الآراء.. وتؤكد على ضرورة التقريب بين وجهات النظر بما لا يخالف القانون ولا يوقع ضرراً على أحد 
 
عدد كبير من المشكلات الآنية ورثتها الدولة بنظامها الحالي عن الحكومات السابقة، بلا ذنب اقترفته في هذا الملف أو ذاك، ومن هذه المشكلات مشكلة الإيجار القديم، التي بدأ الحديث عنها منذ 2008، ولم يكن هناك تحركات جادة تجاه هذا الملف إلا بعد 2014. 
 
جدل متواصل منذ 2008 وحالة من الشد والجذب تغلف علاقة الملاك والمستأجرين، حول قانون الإيجار القديم رقم 49 لسنة 1977 الخاص بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين طرفى الإيجار؛ ففى الوقت الذى يطالب فيه الملاك بإجراء تعديلات جذرية على القانون، لرفع القيمة الإيجارية بما يتناسب مع أسعار الوقت الحالى، يتمسّك المستأجرون بحقهم فى استمرار استئجار الوحدات وفق القانون القائم والاحتفاظ بالقيمة المقرّرة، وبين وجهتى النظر تصاعد فى الأشهر الأخيرة الكثير من الأصوات التى تطالب بالوصول إلى صيغة توافقية تحفظ للملاك حقوقهم المادية، وتحمى المستأجرين فى الوقت نفسه من خطر الإخلاء أو الطرد.
 
كانت هناك محاولات تحسب لمجلس النواب في فصله التشريعي الأول، وواصل هذه المحاولات خلال الفصل التشريعي الثاني، ولجأت الدولة والبرلمان بغرفتيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ، لعصا الحوار المجتمعي السحرية، للسماع للطرفين المخاطبين بالقانون، ومحاولة الوصول التقريب بين وجهات النظر، والوصول إلى حل يتطابق مع مشروع القانون الجديد، ولا يتضرر أحد منه.
 
تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، وما تضمه من نواب ممثلين لها في البرلمان بغرفتيه، كان لها المبادرة في فتح هذا الحوار المجتمعي، الذي عقد منه جلستان، الأولى كانت مع ملاك الوحدات. 
 
وأعرب نواب وأعضاء تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين فى بداية جلسات الحوار المجتمعى، عن رغبتهم الحقيقية في الوصول لأفضل الحلول التوافقية حول أزمة الإيجارات القديمة، وذلك اتساقًا مع رؤيتها الشاملة في وضع كافة الملفات العالقة على أجندتها الخاصة للوصول لحلول عملية في أقصر وقت ممكن.
وتحدث مسئولو جمعية المضارين من قانون الإيجار القديم حول الامتداد التاريخى للأزمة، وذلك اعتمادًا على بعض المعلومات الواردة من بعض مؤسسات الدولة المتعلقة بالإحصاءات والتوثيق، مطالبين بتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر، وذلك فى فترة انتقالية لغير القادرين من المستأجرين فى مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات.
 
وأضاف الحضور أنه من ضمن المقترحات المطروحة، هو ضرورة تحرير العقد مع مستأجري الوحدات التجارية والإدارية، وفيما يخص الوحدات السكنية فتم تقسيمها لنوعين، الشخص القادر وفيها يتم تحرير العلاقة بشكل كامل، أما غير القادرين فيتم تعويضهم خلال فترة انتقالية.
 
وتطرق الحضور إلى بعض الأحكام الدينية والدستورية دعمًا لوجهة نظرهم فى الطرح، مؤكدين ضرورة الانتباه لتلك التشريعات في حل الأزمة، ومطالبين البرلمان بمساعدتهم في الأزمة الممتدة لعدة عقود.
 
واستكملت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين جلسات الحوار المجتمعى بالاجتماع بالمتضررين من مشروع قانون الإيجار القديم، وتحدثوا باستفاضة عن أنهم استأجروا وحداتهم منذ قديم الأزل من بعض المصريين والأجانب، الذين كانوا يرفضون قديما مبدأ التمليك، نافين أنهم يدفعون إيجار قيمته 50 جنيها كما يتخيل البعض، مؤكدين أنن القيمة الإيجارية وصلت الآن إلى ما يزيد على ٣ آلاف جنيه، موضحين أن منطقة وسط البلد التي بها عدد كبير من العقارات محل الأزمة، أصبح الآن يتملكها شركات عقارية وتعرض ملايين مقابل تركهم هذه الوحدات، ولكنهم رفضوا ذلك الأمر لأنهم ولدوا وتربوا وعاشوا في هذه المنطقة ومهنهم مرتبطة بها. 
 
وفي سياق مختلف تحدث أحد المستأجرين التجاريين بمدينة المنصورة، عن أنه استأجر وحدته التجارية من وزارة الأوقاف وكان هناك مستأجر أصلى تم إخلائه وحصل على مقابل نظير تركه الوحدة، وتم تمديد العقد من قبل وزارة الأوقاف، وزيادة القيمة الإيجارية أكثر من مرة خلال الفترة الماضية بشكل كبير، وبسبب هذه الوحدة تم رفع الدعم عنه هو وأشقائه فضلا عن دفعهم ضريبة عقارية عنها.
 
وقال المستأجرون إن المالك الذي أجر لهم هذه الوحدة حصل في البداية بشكل غير قانونى على ما يسمى بخلو الرجل، فضلا عن المقدم والقيمة الإيجارية التى حددها المالك بنفسه، ونظم القانون العلاقة بين المالك والمستأجر لحين حدوث ما يبطل العقد.
 
وأضاف أحمد مجدى، مستأجر سكنى بمنطقة المهندسين، أن الوحدات التى استأجروها قديما تم دفع مبالغ مالية كمقدم لها فصلا عما كان يعرف بخلو الرجل إضافة إلى المصاريف التى تم إنفاقها على تجهيز الوحدات، مشددا على أن مشروع القانون الجديد يهدد الاستقرار الأسرى للمستأجرين.
 
وأشار محمد على حسن، مستأجر سكنى بمنطقة جسر السويس، إلى أنه استلم شقته طوب أحمر وسقف فقط، وحصل المالك على مقدم عقد وإيجار شهرى، وتحمل هو وباقى المستأجرين قيمة تجهيز الوحدات، وبحساب المقدم ومصاريف التجهيز تقترب القيمة من قيمة تملكها ولكن السائد وقتها كان الإيجار القديم وكانت الدولة تدعم هذا التوجه.
 
وأردف شريف عبد السلام، رئيس اتحاد مستأجرى مصر، أن هناك أحكام دستورية تحمى المستأجرين وهذه المشكلة بدأت بالتحديد قبل 2008، موضحا أن المستأجرين القدامى عبارة عن مواطنين صالحين أبرموا عقودا بالتراضى فى ظروف اجتماعية وتشريعية طبيعية، وملاك الوحدات حصلوا على دعم من الدولة مقابل تأجير هذه الوحدات فضلا عن قروض ميسرة لترميم العقارات القديمة ولم يرمموا.
 
وأكد شريف عبد السلام أن الأمر كله يتلخص فى أن هناك حالة تمرد من فئة على فئة لها مركز قانونى صحيح وعقود لا يشوبها بطلان. وقال نواب التنسيقية إنهم يبحثون بشكل جاد عن حل هذه الأزمة، مطالبين المستأجرين بالتفكير فى حل عادل لهذه الأزمة وإيجاد حلول بديلة يمكن التفاوض من خلالها مع الملاك.
 
وأكد نواب التنسيقية أنهم يحاولون استيعاب جميع المتطلبات والأفكار المطروحة بشكل لا يتضرر منه أحد الطرفين ويحدث التوازن المجتمعى، وكذلك استيعاب القانون المصرى لها، بما لا يخل فى العلاقة بين المالك والمستأجر، ومراعاة الظرف الاجتماعى، مرورا بحقوق الطرفين، وهو ما بدأته الحكومة فى تحرير العلاقة فيما يخص الشخص الاعتبارى خلال 5 سنوات.
 
قال النائب عمرو درويش، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب، في تصريحات صحفية إن الإيجار القديم أزمة تراكمية منذ فترة كبيرة، وكانت هناك أحكام قضائية خاصة بهذه الأزمة، وتصدى القضاء المصرى للأزمة من خلال الأحكام التى أصدرتها المحكمة الدستورية العليا، حيث إن هناك حكماً قضائياً صدر من المحكمة الدستورية العليا وبعض أحكام محكمة النقض فى هذا الموضوع، لحل أزمة الإيجار القديم للأشخاص الاعتبارية، وهناك حكم المحكمة الدستورية العليا لسنة 2018 الخاص بالأشخاص الاعتبارية، وهذا حكم كانت له حيثياته فى ذلك الوقت، ولم يتم التعرّض لهذا الحكم من مجلس النواب، والمجلس استقبل خلال الفترة الماضية مئات الآلاف من الشكاوى حول أزمة الإيجار القديم، ولا يخفى على أحد فى مصر أن أزمة الإيجار القديم تُركت لفترة طويلة جداً، وهو ما أدى إلى وجود تداعيات خطيرة على كل المستويات، والشكاوى الكثيرة تلقيناها من أصحاب المحلات وأصحاب الشقق السكنية، وتلقينا ردوداً من مئات الآلاف من المستأجرين، من أجل إعادة النظر فى أزمة الإيجار القديم، وتم الحديث فى مجلس النواب بين أعضاء البرلمان ورئيس مجلس الوزراء لعرض الملف بشكل مفصل، والبحث عن حلول للملف وتنظيم العلاقة الإيجارية بين الملاك والمستأجرين.
 
 وأضاف «درويش»، أنه لا بد من التأكيد على دور الحوار المجتمعى، من أجل الاستماع إلى كل وجهات النظر وكل الآراء بمنتهى الحيادية، دون أى مصلحة أو منفعة، وده مهم جداً إن إحنا نؤكده، لأنه لا بد من تكاتف كل الأطراف لحل الأزمة، والدولة تسعى لتوفير حلول جذرية بالفعل، وأعضاء مجلس النواب يقفون موقف المحايد لحل الأزمة دون الانحياز لطرف على حساب الآخر، والدولة لا تسعى لإخراج مواطن من بيته كما يردّد البعض، فالمجلس حالياً يناقش التعديلات المقدمة من الحكومة من خلال الحوار المجتمعى، للوصول إلى أفضل حل للأزمة، والمطلوب من الجميع هو عرض وجهات النظر بأسلوب لائق وبشكل عقلانى للوصول إلى الحل الأمثل، لأن مصر تمر بمرحلة إصلاح اقتصادى، وتحاول الدولة أن تنهض، وعلى رأس الجميع القيادة السياسية التى عندما ترى أن هناك ملفاً متأزماً ويحتاج إلى حلول؛ فإنها تسعى جاهدة إلى أن تكون الحلول جذرية، وليست حلولاً مؤقتة، كما أن المؤسسات المسئولة عن هذا الملف تقف موقف الحياد من طرفى الأزمة للوصول إلى حل مرضٍ، ونرجو من كل أطراف المشكلة الابتعاد عن التراشق والتهديد أو التلويح بأمور لم تعد تسكت عنها الدولة فى الوقت الحالى.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق