زيادة الأسعار.. أين الرقابة؟
الثلاثاء، 08 مارس 2022 12:05 م
لا يشغل بال المصريين حاليا أكثر من أسعار السلع، وتضج البيوت والمقاهي والجلسات الخاصة وجروبات مواقع التواصل الاجتماعي بأحاديث عن ارتفاع أسعار بعض السلع، وهو أمر يبدو في الواقع حقيقيا لكنه غير مبرر، لأن عمليات الاستيراد بالأسعار الجديدة لم تحدث بعد، فماذا يحدث عندما يبدأ التأثير الفعلي للأسعار الجديدة؟!.
بالتأكيد أخبار حرب روسيا وأوكرانيا تخيم على إجابات تحريك أسعار السلع في السوق، الكل يتحدث أيضا عن التأثير المباشر وغير المباشر لارتباك السوق العالمية نتيجة توقف أعمال الاستيراد والتصدير، وخاصة أن أوكرانيا وروسيا أساسيتان بالنسبة لمصر في عمليات التبادل التجاري بسلع أساسية مثل القمح، إضافة إلى تصدير السياح، وبالطبع مواد الطاقة.
في مسألة القمح مثلا وهي السلعة الاستراتيجية الأهم للمصريين، والمرتبطة برغيف الخبز، أكدت الحكومة من جانبها أن مصر لديها احتياطي من القمح يكفي 4.5 شهر، وسيبدأ موسم القمح المحلي وطبقا للتوريدات المحلية بعد رفع سعر التوريد سيصل الاحتياطي ليكفي حتى آخر العام، ولكن بنفس الوقت هناك توقعات بالعالم بزيادة سعر القمح خصوصا مع التضخم العالمي إضافة لأزمة روسيا وأوكرانيا، وهناك آلية تحوط للاحتياجات الإضافية والدولة تؤمن السلع الإضافية، وتحقق الاكتفاء الذاتي حتى لا تكون تحت وطأة الأزمات العالمية، فكلما قلت نسبة الاستيراد كلما أمنت الدولة احتياجاتها.
المؤكد أن مصر لم تستورد نقطة نفط واحدة بالأسعار الجديدة ما بعد حرب روسيا وأوكرانيا، حيث اقترب سعر البرميل من 140 دولارا وقت كتابة هذه السطور، ولم تستورد حبة قمح واحدة منذ بداية الأزمة لأن لديها احتياطيا كافيا ولا يزال تأثير الأزمة بعيدا إلى حد ما. هنا يأتي السؤال المُلح إذا كان تأثير أزمة الحرب لم يصل بعد إلى عمليات الاستيراد أصلا فلماذا القفزة الكبيرة في أسعار بعض السلع بالأسواق، ومن المسئول عن تحجيم السوق، إذا كان هنا استغلال جشع من التجار الأساسيين والشركات والموردين، والمتهمين الرئيسين عن الزيادة!؟.
على أرض الواقع، هناك تشديد من الرقابة وحماية المستهلك على التجار والموردين في محاولة لضبط السوق دون استغلال لجيب المواطن الذي يكتوي بنار الأسعار، لكن يبدو أن هذا التشديد لم يحقق نتائج بدليل تأكيدات الناس من زيادة أسعار بعض السلع.
وفقا للأسعار الرسمية المعلنة عن القمح مثلا، فقد طار سعر القمح بالسوق المحلي نحو ألف جنيه للطن، ليتراوح بين 6 آلاف إلى 6500 جنيه، وفقا لقول إيهاب إدريس عضو غرفة الحبوب باتحاد الصناعات، كما صعد سعر طن الزيت إلى 28 ألف جنيها مقابل 25 ألف جنيه، حيث سجل سعر الطن عالميا 1800 دولار للطن، وفقًا لزكريا الشافعي رئيس شعبة الزيوت سابقا باتحاد الصناعات، كما صعدت أسعار الذرة الصفراء خلال الأسبوعين الماضيين في الأسواق ألفي جنيه للطن، بحسب قول عبور العطار نائب رئيس شعبة الحاصلات الزراعية بغرفة القاهرة التجارية، الذي قال إن متوسط سعر طن الذرة الصفراء يصل إلى 7300 جنيه مقابل 5300 جنيه قبل الزيادة.
كما ارتفع سعر طن الأعلاف ليصل إلى 10500 جنيه مقابل 9 آلاف جنيه، وفقا لقول عبد العزيز السيد رئيس شعبة الدواجن بغرفة القاهرة التجارية، الذي يؤكد هو الآخر نفس الأزمة عندما قال إن زيادة الأعلاف غير مبررة، على الرغم من وجود مخزون للأعلاف بالسوق المحلي.
على مستوى المعادن مثلا صعد سعر طن الحديد بين 500 وألف جنيه للطن خلال الفترة الحالية، وفقا لقول أحمد الزيني رئيس شعبة مواد البناء بغرفة القاهرة التجارية، وذكر الزيني أن متوسط سعر طن الحديد تسليم أرض المصنع حاليا يتراوح بين 15400 و16100 جنيه، ومتوسط سعر طن الحديد للمستهلك يصل إلى 16 ألف جنيه، بحسب رئيس الشعبة، وإذا كانت تنتج مصر حوالي 7.9 مليون طن من حديد التسليح، وحوالي 4.5 مليون طن بليت، بحسب بيانات غرفة الصناعات المعدنية، فلماذا إذا زادت أسعار الحديد رغم أن تأثير الأزمة لم يصل إلى صناعة الحديد بعد.
بحسبة بسيطة، فإن المقدامات بين أيدينا تقول إن مصر لديها احتياطي من القمح، ولم تستورد بعد أي سلعة بالأسعار الجديدة، فلماذا الزيادة التي استبقت أزمة الزيادة الحقيقية في الأسعار نتيجة الحرب، لتصبح زيادة أسعار بعض السلع في أسواق مصر «الطاق طاقين» ويتحملها المواطن الذي يستنجد بالحكومة للتدخل ومحاسبة المتلاعبين وتجار أزمات الحروب.