هل تستفيد مصر من تخفيض سعر القمح الروسي؟
الأحد، 27 فبراير 2022 04:47 م
جاء قرار روسيا بتخفيض رسوم تصدير القمح اعتبارا من أول مارس المقبل، ليطرح تساؤلا حول مدى إمكانية أن تستفيد الدول العربية- ومن بينها مصر- من ذلك القرار، لكن مع وجود العقوبات التي فرضتها القوى الغربية على موسكو، يبدو الوضع متشابكا وغير واضح المعالم، خاصة وأن تلك العقوبات لم يفرضها مجلس الأمن كما حدث مع العراق.
وفي وقت سابق، قالت وزارة الزراعة الروسية، إنها بصدد تخفيض رسوم تصدير القمح اعتبارً من يوم 2 مارس المقبل، بحيث تنخفض أسعار تصدير القمح من 91 دولارً للطن إلي 88.2 دولار، كما ستنخفض رسوم تصدير الشعير أيضا، لتصبح 72.3 دولارا للطن بدلا من 73.3 دولارا للطن.
لكن، ما الفرق بين العقوبات الدولية المفروضة على روسيا والأخرى التي فرضت على العراق عام 1990؟
يقول الدكتور أيمن سلامة، أستاذ القانون الدولي، إن العقوبات التي فرضت على العراق في السابق منذ عام 1990 هي جزاءات دولية لم تكن جزاءات ذكية، ولكنها جزاءات عامة، طالت الدولة والشعب العرقيين، نتيجة غزو للكويت في عام 1990، وهي الجزاءات التي أرهقت الخزانة العراقية وأضرت كثيرا بالشعب العراقي، حيث لم تستهدف هذه الجزاءات النخبة الحاكمة من المسئولين والرئيس وكل من ألحق الخراب والدمار بدولة الكويت.
ويضيف سلامة: هذه الجزاءات التي فرضت ضد العراق كانت قد صدرت عن مجلس الأمن تأسيسا على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وفضلا عن الجزاءات فرض مجلس الأمن على العراق أن يقوم بتعويضات الدول والأفراد والهيئات والشركات التي تضررت من ذلك الغزو، وأن هذه التعويضات عشرات من الدولارات الأمريكية، ومنذ أيام قليلة فقط، دفع العراق كافة التعويضات المالية المفروضة عليه بموجب مجلس الأمن.
وعن العقوبات المفروضة على روسيا، يوضح أستاذ القانون الدولي، أن العقوبات الأخيرة الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة وكثير الدول والاتحاد الأوروبي واليابان وغيرها ضد روسيا الاتحادية بسبب غزوها أوكرانيا منذ أيام، فهي جزاءات لم تصدر عن مجلس الأمن، وإن كانت يحق للدول سواء فرادى أو جماعات بموجب أحكام القانون الدولي أن تفرض هذه الجزاءات وحتى خارج مجلس أي دون قرار يصدر من مجلس الأمن.
ويضيف: الأمم المتحدة ودول عديدة والاتحاد الأوربي بعد التجربة الصعبة الكارثية التي ألحق بالشعب العراقي كوارث اقتصادية كبيرة ونتيجة أنها لم تستهدف الجزاءات في مجلس الأمن ضد العراق، لم تستهدف النخبة والمسئولين والقادة العراقيين بقدر ما استهدفت الشعب العراقي، فالأمم المتحدة فيما بعد استحدثت يما يسمى بالجزاءات الدولية الذكية، التي تستهدف المسئولين عن انتهاكات القانون الدولي، أو انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ويتابع: والأمثلة الصارخة للجزاءات الدولية الذكية هو تجميد أرصدة الرؤساء والوزراء وكبار المسئولين أو تجميد أو حظر سفرهم إلى الدول التي تفرض مثل هذه الجزاءات الذكية.
وبشأن العقوبات الأخيرة التي فرضت ضد روسيا، يشير سلامة، إلى أنها مزجت ما بين النوعين، الجزاءات الذكية التي طالت المسئولين عن قرار التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، ومنهم أعضاء مجلس الدوما (البرلمان)، ومنهم أيضا كبار المسئولين النافذين هناك، وأيضا كبار رجال الأعمال الروس، فهذه جزاءات تسمى بالعقوبات الدولية الذكية.
ويكمل: لكن أيضا هناك جزاءات نمطية تقليدية أيضا طالت الاقتصاد الروسي مثل، وقف التصدير والاستيراد من روسيا في سلع معينة، أو إغلاق المجال الجوي الأوروبي ضد شركات الطيران الروسية، أو حجب مواقع التواصل الاجتماعي وهذا حدث سواء فيسبوك أو تويتر، عن المؤسسات وهيئات حكومية بعينها، أو حرمان أو حظر- وهذا لم يحدث حتى هذه اللحظة- وهو العقوبة القاسية التي تتحسب لها روسيا والعالم كله، هو حجب أي استبعاد بنوك معينة، أو مؤسسات مالية معينة، أشخاص معينين، باستبعادهم من نظام السويفت، وهو نظام التحويل المصرفي العالمي.
وفيما يخص القمح وتأثير تصدير القمح سواء الأوكراني أو الروسي إلى مصر، يؤكد أستاذ القانون الدولي، أن مصر كما تابع المصريون جميعا، لديها وفقا لتصريحات المسئولين وعلى رأسهم وزير التموين، لديها مخزون كافي ربما لمدة تزيد عن 4 أشهر، ومصر كانت في عهد الرئيس السيسي قد بنت الصوامع الضخمة جدا التي لم تكن موجود قبل تولي الرئيس السيسي سدة الحكم، فمصر يمكنها أن تجابه إلى حد بعيد الآثار الاقتصادية السلبية في الحرب الأوكرانية الروسية، وتحديدا في مجال استيراد القمح من البلدين، ومصر تستطيع أن تقوم بتنويع مصادر استيراد القمح من دول أخرى منتجة ومصدرة للقمح.
وفي 24 فبراير الماضي، أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عملية عسكرية خاصة في دونباس، جنوب شرقي أوكرانيا، محذرا من أن موسكو سترد فورا، على أي محاولة من الخارج لعرقلة العملية العسكرية، وهو ما دفع الولايات المتحدة والاتحاد الأورويي إلى فرض عقوبات اقتصادية بحق موسكو.