«سوس التنمية».. الزيادة السكانية تهدد معدلات النمو الاقتصادي
الأحد، 27 فبراير 2022 01:15 ممحمد فزاع
أطلق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، تحذيرات متكررة من استمرار أزمة الزيادة السكانية وتسببها في التهام عوائد التنمية في القطاعات الاقتصادية كافة، مؤكدا أن المستويات المرتفعة للإنجاب عند «2.9 طفل لكل سيدة»، سيؤدي لزيادة عدد سكان مصر لنحو 124 مليون نسمة 2032، مقابل 117 مليون نسمة إذا انخفضت مستويات الإنجاب لـ1.6 طفل لكل سيدة.
الزيادة المطردة في عدد السكان تجعل المواطنين لا يشعرون بنتائج ما تنفذه الدولة مشروعات قومية بشكل مباشر، فيما حذرت الحكومة من خطورة النمو السكاني المتسارع، مؤكدة أنها تعد أهم التحديات التي تواجه الاقتصاد، وتعصف بكافة الجهود الإنمائية.
أكد الأستاذ الدكتور، عمرو حسن، مقرر المجلس القومي للسكان السابق، وأستاذ مساعد النساء والتوليد بقصر العيني، إنه طبقا لمكتب المرجع السكاني سيزيد عدد سكان مصر من 2018 إلى 2050، بنحو 69.5 مليون نسمة، وقد تكون مصر ضمن سابع أعلى دولة في العالم تحقق زيادة سكانية وسيقفز ترتيب مصر على مستوي العالم من حيث عدد السكان من المركز الـ 14 إلى المركز 11 عالميا.
الدكتور عمرو حسن
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«صوت الأمة»، أن مصر أمام فرصة ذهبية لمواجهة مشكلة الزيادة السكانية بشكل حاسم، إذ تتوافر إرادة سياسية قوية لمنع المشكلة المزمنة، مضيفا «السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ 2014 وهو يضع قضية الزيادة السكانية نصب عينيه، وألقى الضوء مرارا وتكرارا على ضرورة حلها، ولديه طموحا كبيرا وهدف واضح بخفض معدل الزيادة السنوية إلى 400 ألف سنويا، وهو حلم كبير لو تحقق، سيساهم في حل الكثير من مشكلات مصر».
سباق السكان والموارد
يعد السكان أحد عناصر القوة الشاملة للدولة، ولكن بشرط ألا تتعدى معدلات الزيادة السكانية قدرة الدولة على توفير خدمات المواطن الأساسية بجودة مناسبة، أو تؤثر على متوسط نصيب الفرد من الموارد ومنها على سبيل المقال «المياه والطاقة والأرض الزراعية»، هكذا يضيف «عمرو حسن»، مؤكدا أنه يجب أن تتناسب معدلات الزيادة السكانية مع قدرة الاقتصاد الوطني في تحقيق مستوى مرتفع من التنمية البشرية، وتحقيق خفض معدلات البطالة.
وأوضح أن استمرار مستويات النمو السكاني على مستوياتها الحالية سيؤثر على جهود التنمية بدون شك، وقد يقل نصيب الفرد من الإنفاق على الصحة والتعليم والإسكان والنقل والمواصلات، وسيتراجع نصيبه من الأرض الزراعية والمياه والطاقة.
وأضاف: «هذه الزيادة الكبيرة في عدد السكان ستصعب عملية الحد من البطالة والأمية والاكتفاء الغذائي، ومن ثم فإن استمرار معدلات الإنجاب المرتفعة لن يؤثر مستقبلا فحسب على نوعية الحياة، وإنما سيشكل أيضاً تهديداً للأمن القومي المصري».
وأكد أن ما يسبب مشكلة رئيسية أن العدد الضخم من السكان يتركز في 7.8% فقط من مساحة مصر والتي تزيد على مليون كيلومتر مربع، وقد ترتب على ذلك أن مصر أصبحت تعاني من الكثافة السكانية العالية إذا ما قورنت بالكثافة السكانية بالدول الأوروبية، ومن ثم فإن ما تنفذه الدولة من مشروعات قومية حالياً في المدن الجديدة سيعيد رسم الخريطة السكانية بإعادة التوزيع على نحو يحقق الأمن القومي المصري ويأخذ في الاعتبار تحقيق أهداف سكانية لتلك المشروعات.
وأوضح أن بناء المدن الجديدة بما فيها العاصمة الإدارية والشبكة القومية للطرق مفتاح التخطيط الإقليمي؛ لتحقيق توزيع جغرافي أكثر توازنا للسكان، وتقليل التفاوتات بين المناطق الجغرافية وبين الشرائح السكانية.
ولفت إلى أنه «لن تنطلق مصر وتتحقق شخصيتها الكامنة بوجهها الحقيقي، إلا إذا تحررت من عبء الزيادة السكانية، كما تحررت من فيضانات النهر العشوائية ببناء السد العالي، وتحرر قرارها السياسي بإنتاج السلاح وتنويع مصادره، والعمل على زيادة الإنتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء والدواء».
مشروع تنظيم الأسرة
وأشار إلى أنه تاريخيا بدأن الدولة المصرية في الدخول رسميا لمواجهة المشكلة السكانية منذ 1965، أي أن عمر التجربة اقترب من 60 عاما، ورغم ذلك لا زلنا ندور في فلك تلك المشكلة وحتى الآن نعاني من تأثيراتها السلبية، ورغم أننا كنا سباقين في ضربة البداية، إلا اننا تأخرنا وسبقتنا دول كثيرة وأغلقت الملف بعد إصلاحه.
وأوضح أن هناك مشروعا استثماريا، حال تبنته مصر سيحقق لها أعظم الفوائد، هو «مشروع تنظيم الأسرة»، مضيفا أن كل جنيه تنفقه الدولة على تنظيم الأسرة يوفر لها 151.7 جنيه، بحسب بيانات أصدرها المركز المصري للدراسات الاقتصادية 2020.
وذكرت الدراسة أن كل جنيه ينفق على تنظيم الأسرة يوفر 32.9 جنيه للصحة، و74.1 جنيه على التعليم، و16.7 جنيه من الإنفاق على دعم الغذاء، و28 جنيه من الإنفاق على الإسكان والمرافق الاجتماعية.