COP 27.. خطة مصر لإنقاذ الدول النامية في قمة المناخ
السبت، 26 فبراير 2022 06:30 ممحمود علي
- تقليل انبعاثات الاقتصاديات الكبرى لتخفيف الأضرار
- التزام الدول المتقدمة بـ100 مليار دولار سنوياً لدعم المتضررين
- التزام الدول المتقدمة بـ100 مليار دولار سنوياً لدعم المتضررين
استعدادات مكثفة، إطلاق مبادرات كبرى، لقاءات على أعلى مستوى، تستضيفها القاهرة في الآونة الأخيرة؛ كل ذلك للتحضير لقمة المناخ كوب 27؛ التي من المقرر أن تقام نهاية العام الجاري في شرم الشيخ، في وقت ينظر العالم باهتمام شديد لهذه القمة في محاولة دولية لتنسيق المواقف للحد من التأثير الشديد والسيناريوهات المرعبة لتغير المناخ على البيئة والبحار والمحيطات حول العالم.
وكان لافتاً للنظر النشاط الملحوظ لمصر، منذ اختيارها لاستضافة قمة المناخ بهدف التحضير الجيد لها ودعوة أكبر عدد من الدول في إطار مكافحة التغيّر المناخي، والاعتماد على طرح مقاربات شاملة تعمل على الحد من تأثيرات تغير المناخ على الدول النامية؛ وهو ما سبق وأكده الرئيس عبد الفتاح السيسي الأسبوع الماضي خلال استقباله المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص للمناخ جون كيري.
وقال الرئيس السيسي "إن مصر ستتبنى مقاربة شاملة ومحايدة خلال رئاستها لتلك القمة، وأنها ستأخذ في الاعتبار أولويات ومواقف كافة الأطراف، وذلك لضمان خروج القمة بنتائج إيجابية في صالح دعم عمل المناخ الدولي بكافة مكوناته، خاصةً ما يتعلق بخفض الانبعاثات، والتكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ، وحشد تمويل المناخ الموجه إلى الدول النامية".
وخلال قمة "جلاسكو" للمناخ العام الماضى، حث الرئيس عبدالفتاح السيسي، الدول المتقدمة على الالتزام بتقديم 100 مليار دولار سنوياً للدول النامية لدعمها في مواجهة قضية تغير المناخ، موضحاً أنه تم طرح مؤخرًا سندات خضراء بقيمة 750 مليون دولار، معربًا عن قلقه إزاء التمويل المتاح وحجم الفجوات في الدول النامية، وأكد الرئيس أن القارة الإفريقية تعد نموذجًا للعمل الجاد، رغم الموارد المتاحة لها، منوهًا إلى أن مصر تعمل على التحول إلى النقل النظيف وفق إجراءات عدة.
وخلال اللقاءات المصرية التي عقدت مع مسؤولي الدول المعنيين بملف المناخ؛ برزت ثقة المجتمع الدولي الكبيرة، في قدرة مصر على إنجاح النسخة المقبلة من قمة المناخ، كون القاهرة من أبرز النماذج الدولية في مكافحة التغير المناخي على كافة المستويات المحلية والإقليمية والدولية، إضافة إلى انخراطها الإيجابي في كل الجهود الإقليمية والدولية المتعلقة بتغير المناخ والتنوع البيولوجي، ما يؤكد أنها دولة رائدة في هذا المجال خاصة بالنسبة للدول الساعية إلى تحقيق التنمية والتقدم.
التعبير عن هذه الثقة الدولية في قدرة مصر على تحقيق توازن وتقارب بين الدول الكبرى والنامية فيما يخص قضايا المناخ، شهدتها لقاءات عدة على أكثر من مستوى، وهو ما أشار له جون كيري خلال لقاءه بالرئيس السيسي وتعبيره عن ثقة بلاده في قيادة مصر للقمة، وحرص الولايات المتحدة على تعزيز التعاون المشترك مع مصر، لدفع الجهود الدولية لمواجهة تغير المناخ، حيث أشاد المبعوث الأمريكي بما لمسه المجتمع الدولي من جدية حقيقية من جانب الرئيس السيسي تجاه عمل المناخ الدولي، والتحول الأخضر وهو ما عكسته جهود مصر على المستوى الداخلي وكذلك الدولي من خلال مشاركة الرئيس في قمة رؤساء الدول والحكومات على هامش مؤتمر جلاسجو العام الماضي، فضلًا عن المشاركة مؤخرًا في مؤتمر "محيط واحد" في مدينة بريست الفرنسية، ومن بعدها رئاسته للمائدة المستديرة حول تغير المناخ خلال القمة الأفريقية/ الأوروبية الأخيرة ببروكسل، مؤكدًا أهمية هذه الجهود في التعبير عن شواغل الدول النامية، خاصةً الأفريقية، فيما يتعلق بعزيز عمل المناخ بها.
وشهد لقاء الرئيس بجون كيري، التباحث بشأن سبل تعزيز التعاون بين البلدين من خلال مشاركة الشركات والمؤسسات الأمريكية في جهود مصر للتحول إلى مركز للطاقة والأهداف الطموحة التي تتبناها في هذا المجال، وفى مقدمتها إنتاج الهيدروجين الأخضر، والطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ومشاريع النقل منخفض الكربون والنقل الكهربائي، خاصةً وأن مصر قد اتخذت خطوات فعالة في سبيل تهيئة المناخ المحفز للاستثمارات في هذه المجالات، سواء من خلال إصدار وتعديل القوانين والتشريعات المطلوبة، أو من خلال توفير آليات تمويل مبتكرة للمشروعات الخضراء مثل السندات الخضراء التي طرحتها مصر مؤخرًا.
وأعرب الرئيس السيسي خلال اللقاء عن التطلع لاستمرار التشاور مع الجانب الأمريكي حول موضوعات تغير المناخ خلال الفترة القادمة في إطار الشراكة بين مصر والولايات المتحدة، تحضيرًا للقمة العالمية للمناخ COP27، مرحبا في هذا الإطار بعقد الاجتماع الأول لمجموعة العمل المصرية الأمريكية حول تغير المناخ؛ وذلك كأحد نتائج الجولة الأخيرة للحوار الاستراتيجي بين مصر والولايات المتحدة.
وأشار مبعوث الرئيس الأمريكي، إلى فرص مصر الواعدة، في عملية التحول إلى الطاقة المتجددة، لخلق فرص وهواء أكثر نقاء، وأمنا أفضل، مضيفا: نرى أمامنا فرصا أكبر لبناء مستقبل أفضل من خلال قدرتنا على التحرك نحو الاقتصاد الجديد للطاقة الذي سيكون أكبر اقتصاد عرفه العالم على الإطلاق، مؤكداً أن مصر لابد أن يكون لديها مستقبل من الطاقة النظيفة وأن موضوع تغير المناخ ليس موضوعا سياسيا أو إيدلوجيا فهذا الأمر يتعلق بالتهديد على كوكبنا وعلينا التعامل معه بالارتكاز على العلوم والفيزياء والرياضيات.
والاثنين الماضي، دشن وزير الخارجية سامح شكري، وجون كيري مجموعة العمل المصرية ـ الأمريكية المشتركة للمناخ، علي هامش زيارة كيرى للقاهرة، وقال شكري الرئيس المعين للدورة الـ27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (كوب 27) إن مسألة تغير المناخ تعد من الأولويات المشتركة لمصر والولايات المتحدة وخاصة مع استعداد مصر لاستضافة قمة المناخ المقبلة، وقيادة الجهود الدولية لمواجهة تغير المناخ خلال الفترة القادمة، لافتاً إلى أنه تم خلال المباحثات مع المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص بالمناخ تدشين المجموعة المصرية الأمريكية المشتركة حول تغير المناخ والتى تم تأسيسها خلال جولة الحوار الاستراتيجى العام الماضى، كما تم بشكل مستفيض خلال المباحثات تناول أولويات الرئاسة المصرية للدورة القادمة لمؤتمر الأطراف "كوب 27" والذى تستضيفه مصر والأهداف التى نسعى للخروج بها.
وأوضح أنه تم خلال اللقاء التأكيد على استمرار مصر في بذل كافة الجهود لدفع جهود عمل المناخ الدولي على كافة المستويات سواء فيما يتعلق بخفض الانبعاثات أو دعم وتعزيز جهود التكيف مع الآثار السلبية للتغير المناخي وحشد التمويل اللازم لتمكين الدول النامية من القيام بواجباتها فى إطار تنفيذ اتفاق باريس لتغير المناخ، مشيراً إلى حرص مصر على تمكين الشباب والمجتمع المدنى العامل في مجال تغير المناخ تأكيدا على الدور الذى يقوم به في هذا المجال، لافتا إلى أنه تم الاتفاق على الخطوات القادمة لاستمرار التنسيق المصري الأمريكي حول الموضوعات ذات الأولوية على جدول أعمال المؤتمر، فيما قال المبعوث الأمريكي جون كيري إن التغييرات المناخية باتت تهديد خطير لكوكب الأرض، مشيراً في كلمته إلى أن تلك التغييرات تأتي بسبب ممارسات بشرية تستوجب تغيرها، وتابع: "نتطلع إلى المضي قدماً نحو تحسين الطاقة في دولنا والعالم".
واعتبر كيري أن ما يحدث قائم على استخدامنا حيث يسهم الإنسان في عملية تغير المناخ وهو ما يحدث في كل أرجاء العالم، لافتا إلى أنه خلال مؤتمر جلاسكو cop26 نجحنا في بلوغ أو إضافة عدد من اقتصاديات دول العالم للحفاظ على تقليل درجة الحرارة بمقدار 5ر1 درجة مئوية، وشدد على ضرورة تنفيذ كافة الوعود التى قطعت في مؤتمر المناخ في جلاسكو والمساعدة في انضمام عدد أكبر من البلدان.
وأوضح كيرى أن القادة ومنهم الرئيس الأمريكي جو بايدن أكدوا أن تغير المناخ يعد تهديدا وجوديا الجميع، وعلينا أن نتصرف كل يوم وهذا هو الغرض من تشكيل مجموعة العمل المصرية الأمريكية بهدف تحسين المناخ والصحة والأمن والسلامة، وقال إنه لم تكن هناك قضية حرجة تحتاج من العالم العمل معا لمواجهتها وحلها أكثر من قضية تغير المناخ.
ويمثل تغير المُناخ أزمة عالمية صاحبها تداعيات غير مسبوقة، وهو ما تبرز معه أهمية الدبلوماسية البيئية متعددة الأطراف لمواجهة تغير المُناخ، وفي السنوات الماضية، صدرت دراسات عدة حول تأثير تغير المناخ على العالم، والكوارث والآثار المرعبة التي قد تهدد البشرية خلال العقود الماضية، إذا ما وضع حد لظاهرة الاحتباس الحراري وبدأت العناية أكثر بكوكب الأرض.
وفي سبتمبر الماضي، أكد البنك الدولي أن 216 مليون شخص حول العالم قد يهاجرون بحلول العام 2050 هربًا من الآثار السلبية لتغير المناخ، مثل انخفاض الإنتاج الزراعي وشح المياه وارتفاع مستوى البحار، وذلك مع تزايد الكوارث الطبيعية التي تشهدها مناطق مختلفة من العالم، وكان آخرها الفيضانات في ألمانيا وحرائق الغابات في كندا والولايات المتحدة.
تغير المناخ، يقصد به التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة والطقس، لكن ومنذ القرن الـ 19، وباتت أنشطة البشر المسبب الرئيسي لتغير المناخ، وعلى رأسها حرق الوقود مثل الفحم والنفط والغاز، وكلها عوامل ينتج عنها انبعاثات الغازات الدفيئة التي تؤدي لحبس حرارة الشمس ورفع درجات الحرارة.
وبشكل مفصل، فإن هذه الغازات الضارة على البيئة التي تتمثل في إطلاق ثاني أكسيد الكربون؛ تنتج عن ارتفاع معدلات استخدام البنزين لقيادة السيارات أو الفحم لتدفئة المباني، فضلا عن ذلك فأن تطهير الأراضي من الأعشاب والشجيرات وقطع الغابات واتساع رقعات مدافن القمامة؛ ممكن أن يكون أيضاً مصدرًا رئيسيًا لتلك الانبعاثات الضارة.
وبدا واضحا الاهتمام الدولي الواسع باستضافة مصر قمة المناخ، حيث تضمنت جلسات أغلب الفعاليات والمؤتمرات الدولية الأخيرة كلمات عن القمة ومدى قدرتها على تحقيق توافق بين الدول الكبرى والنامية في قضايا مناخ، من خلال تبني مبادرات تقلل من الانبعاثات السامة لدى الدول الصناعية وتخفيف تأثيراتها على الدول النامية وخاصة الأفريقية، والأسبوع الماضي، شارك وزير الخارجية في جلسة حول الدبلوماسية البيئية وتغير المُناخ، وذلك في إطار مشاركته الحالية في فعاليات مؤتمر ميونخ للأمن، مشدداً على ضرورة ألا تنعكس التوازنات السياسية على مفاوضات تغير المُناخ.
وفى هذا السياق، أكد وزير الخارجية حرصه على التواصل مع كافة الأطراف المعنية بتغير المُناخ على نحو يعزز من الثقة فيما بينها ويراعى شواغلها المختلفة، موضحاً أن التحول نحو الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة يتعين أن يزيد من مستوى التعاون بين الدول على نحو يحقق مصالحها المشتركة.
وأشاد وزير الخارجية بما توصلت إليه الدورة الأخيرة لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المُناخ المنعقدة فى جلاسجو من نتائج إيجابية تُعزز من الجهود الدولية لمواجهة تغير المُناخ، وهو ما انعكس فى الزخم الكبير المتولد عن المؤتمر والإرادة السياسية التى عبر عنها مختلف زعماء العالم خلاله.
وأكد وزير الخارجية أن مصر تدرك أنه لايزال متبقى الكثير من العمل فى مجال مواجهة تغير المُناخ، وهو ما ستسعى معه من خلال استضافتها للدورة المقبلة للمؤتمر COP27على تشجيع كافة الدول على تعزيز اسهاماتها المحددة وطنياً لخفض الانبعاثات المسببة لتغير المُناخ، على نحو يتوافق مع درجة الحرارة المستهدفة وفقاً لاتفاق باريس حول تغير المُناخ وبما يتماشى مع آخر ما توصل إليه العلم فى هذا الصدد ممثلاً فى تقارير الهيئة الدولية الحكومية لتغير المُناخ IPCC، بجانب التركيز على الانتقال من مرحلة التعهدات إلى مرحلة التنفيذ الفعلى على الأرض، وخاصةً فيما يتعلق بتوفير التمويل اللازم للتكيف مع تغير المُناخ.
وأشار الوزير شكرى فى هذا الصدد إلى مائدة الحوار التى ترأسها رئيس الجمهورية خلال القمة الأوروبية الافريقية فى بروكسل، والتى كشفت بشكل واضح عن شواغل الدول الأفريقية فيما يتعلق بحجم الدعم الموجه إليهم لتعزيز عمل المناخ فى أفريقيا، لافتاً إلى أن أحد أبرز الدروس المستفادة من جائحة فيروس كورونا هو أهمية التعاون الدولى لمواجهة الجائحة التى تمثل أزمة عالمية تمس كافة الدول، موضحاً أن التصدى لتغير المُناخ ليس مسئولية قاصرة على الحكومات، بل تشمل أيضاً المجتمع المدنى بوصفه حاملاً لصوت الأطراف الأكثر تأثراً من تداعيات تغير المُناخ، بجانب القطاع الخاص بالنظر لدوره الهام فى توفير التمويل اللازم والتكنولوجيا الحديثة لمواجهة تغير المُناخ.
النشاط المصري الملحوظ لحشد الزخم اللازم لنجاح دورة المناخ المقبلة في شرم الشيخ، تجسد أيضاً في لقاءات واجتماعات وزيرة البيئة ياسمين فؤاد التي بحثت الأسبوع الماضي المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول، سبل التعاون المشترك وإمكانيات الوكالة للمشاركة في قمة تغير المناخ من خلال تقديم الدعم الفني والخبرة في تحويل الطاقة، وذلك على هامش معرض مصر الدولي للبترول.
وأكدت الوزيرة المصرية أن الدولة على أتم استعداد لاستقبال واستضافة قمة المناخ المقلبة، وتم تشكيل لجنة عليا برئاسة رئيس الوزراء، كما توجد 3 لجان تعمل حاليًا وهي لجنة سياسية فنية وأخرى تنظيمية ولوجيستية ولجنة خاصة بالماليات، ويرأس المؤتمر والتنسيق له وزيرا الخارجية والبيئة، مشيرة أن مصر على الجانب الوطني لديها استراتيجية وطنية للتصدى بفاعلية لآثار وتداعيات التغير المناخي.