خناقة الزواج الثانى.. هل يُعاقب الرجل حال عدم الإخطار؟ القانون يجيب
الأربعاء، 02 فبراير 2022 02:26 م
من بين المصائب التي تعيشها الزوجات حينما تذهب الزوجة لاستخراج إعلام وراثة بعد وفاة الزوج ثم تكتشف أن زوجها كان متزوجاَ من أخرى دون علمها، ليس ذلك فقط، وأنه لديه أطفال أو أنجب أطفال من تلك الزوجة في الخفاء، كما حدث مع "ل. ن" التي قدمت طلب إعلام وراثة، أمام محكمة الأسرة بمصر الجديدة، بعد وفاة زوجها، واكتشافها زواجه بسيدة غيرها بعد زواج دام بينهما 19 عاما، ما يؤكد معه أن مشكلة الجمع بين أكثر من زوجة مشكلة يتعين علاجها بصورة أو بأخرى، وهو ما عمل المشرع المصري على التصدي له.
المشرع المصري رأى أن يكون لضرر الزوجة من الزواج عليها بأخرى نوعاً خاصاً من الضرر ينص عليه وهو في نطاق القاعدة العامة - للتطليق للضرر - فإذا لحق الزوجة الأولى ضرر من الزواج عليها بأخرى كان لها حق طلب التفريق للضرر سواء كان الضرر مادياً أو أدبياً أو نفسياً، ومستند هذا الحكم مذهب الإمام مالك وما توجبه القاعدة الشرعية من الحديث الشريف "لا ضرر ولا ضرار" والتخريج على مذهب الإمام أحمد وقواعد فقه أهل المدينة.
إفصاح الزوج عن حالته الاجتماعية عند الزواج بأخرى
في التقرير التالي، نلقي الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتعلق بضرورة إفصاح الزوج عن حالته الاجتماعية عند الزواج بأخرى، وذلك في الوقت الذي نصت فيه المادة 11 مكرر من القانون رقم 25 لسنة 1929 الخاص بأحكام النفقة وبعض مسائل الأحوال الشخصية: "على الزوج أن يقر فى وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجاً فعليه أن يبين فى الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن وعلى الموثق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب مسجل مقرون بعلم الوصول" – بحسب الخبير القانوني والمحامي المتخصص في الشأن الأسرى محمد فكرى.
في البداية – نؤكد أنه يجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالها ولو لم تكن قد اشترطت عليه فى العقد ألا يتزوج عليها، فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة ويسقط حق الزوجة فى طلب التطليق لهذا السبب بمضي سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى إلا إذا كانت قد رضيت بذلك صراحة أو ضمناً، ويتجدد حقها فى طلب التطليق كلما تزوج عليها بأخرى، وإذا كانت الزوجة الجديدة لم تعلم أنه متزوج بسواها ثم ظهرأنه متزوج فلها أن تطلب التطليق كذلك" – وفقا لـ"فكرى".
وقد تضمنت المادة 11 مكرر النص على وجه جديد من أوجه الضرر الذي قد يصيب الزوجة ويكون موجباً للتطليق، ويضاف إلى أنواع الضرر الأخرى التي قد تصيب الزوجة، وهو زواج الزوج من أخرى غير الزوجة التي في عصمته، وهو ضرر له ذاتية خاصة تختلف عن الضرر الوارد بالمادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929، وأن كان يدور في فلكها، وهذا المسلك من المشرع المصري دعت إليه ظاهرة تعدد الزوجات سراً وعلانية وما تطرحه من مشكلات يتعرض لها أفراد أسرة الزوج خاصة بعد وفاته، وطبقاً لما سبق فيجب على الزوج عند الزواج بأخرى أن يراعي ما يلي – الكلام لـ"فكرى":
أولاً: وجوب إقرار الزوج بحالته الاجتماعية في وثيقة الزواج
وضماناً لعلم الزوجة بقيام هذا السبب أوجب النص في فقرته الأولى على الرجل عند عقد زواجه أن يقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، ويقتصر الالتزام على الرجل هنا في أن يقر شفاهة بحالته الاجتماعية دون الالتزام بتقديم إقرار كتابي بذلك ويكون على المأذون أن يثبت ما يقر به الرجل في وثيقة زواجه، فإذا كان الرجل متزوجاً فعليه أن يذكر في إقراره اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي في عصمته وقت العقد ومحال إقامتهن – هكذا يقول "فكرى".
ثانياً: التزام الموثق بإعلان الزوجة الأخرى بزواج الزوج
وقد ألقى المشرع على الموثق عبء إخطار الزوجة الأولى أو الزوجات الأخريات بالزواج الجديد بطريق الخطاب المسجل المقرون بعلم الوصول، وليس خافياً أن الهدف من هذين الالتزامين "الإقرار والإخطار" هو ضمان علم الزوجة الأولى والمعقود عليها بمقتضى العقد الجديد باقتران زوجها بأخرى حتى تكون على بينة من أمرها، وقد أفرد المشرع عقوبات جنائية على الرجل في حالة إدلاءه ببيانات غير صحيحة عن حالته الاجتماعية، وكذا على الموثق في حالة تخلفه عن القيام بالإخطار المنصوص عليه، وذلك في المادة 23 مكرر من هذا القانون والتي نتناولها بالتعليق في موضعها.
مدى وجوب إقرار الزوج في حالة الزواج العرفي
والمقصود بمحل إقامة الزوجة هو العنوان الذي سجلته في وثيقة الزواج كعنوان لتوجيه المكاتبات إليها فيه أو هو مسكن الزوجية الذي تقيم فيه مع زوجها باعتباره محل إقامتها إن لم تكن قد اختارت عنوان بعينه بصرف النظرعن المكان الذي عقد عليها فيه أو الذي تقيم فيه إذا كانت ناشز، فإذا كانت من العاملات بالخارج مثلاً فيكون محل إقامتها في البلد الذي يقع به مكان عملها، غير أنه لا يعاقب الزوج إلا إذا كان يعلم محل إقامتها خارج البلاد لأنه إذا جهل هذا المحل انتفی القصد الجنائي عنه في الإدلاء غير الصحيح.
كما يجب أن يدلى الزوج بأسماء جميع زوجاته اللاتي في عصمته ومحال إقامتهن وقت الزواج الجديد، فتقوم الجريمة إذا أغفل اسم أو محل إقامة أي واحدة منهن، كما يلزم الزوج ببيان اسم ومحل إقامة من طلقها طلاقاً رجعياً ولم تنقضي عدتها وقت الزواج الثاني، أما المطلقة بائناً فلا يلزم الزوج بذكر اسمها أو محل إقامتها لانقطاع أحكام الزواج معها بمجرد الطلاق، ولا تقوم جريمة إدلاء الزوج ببيان غير صحيح عن أسماء زوجاته أو محال إقامتهن إلا إذا كان ذلك في وثيقة زواج رسمية لأن النص الجنائي يفسر تفسيراً ضيقاً، وعلى ذلك فإذا عقد الزوج زواج عرفي فلا يرتكب هذه الجريمة ولا يعاقبه القانون، وقد أعطى المشرع للزوجة التي تزوج عليها زوجها بمقتضى الفقرة الثانية من المادة الحق في طلب الطلاق منه إذا تضررت من تلك الزيجة.
حق الزوجة في طلب الطلاق بمجرد انعقاد عقد زواج الزوج بأخرى
ولا يشترط حتى ينشأ حق الزوجة في طلب الطلاق للزواج من أخرى أن يكون الزوج قد دخل بالزوجة الأخرى بل يكفي مجرد عقد قرانه عليها، وإن لم يكن قد دخل بها أو اختلي إلا أنه لا تكفي مجرد الخطبة لنشوء الحق في طلب التطليق كذلك إذا كان العقد باطلاً أو فاسداً، ويثبت حق الزوجة في طلب الطلاق للزواج من أخرى بمجرد علمها باقتران زوجها بالأخرى دون أن يشترط مضى مدة زمنية معينة - ولو خلال مدة السنة - القول بإصابتها بضرر مادي أو أدبي من الزيجة الجديدة، إذ يمكن إثبات وقوع ذلك الضرر خلال المدة من تاريخ علم الزوجة بالزواج الجديد وتاريخ إقامتها للدعوى حتى تاريخ الحكم فيها – الكلام لـ"فكرى" .
حق الزوجة العاقر في طلب الطلاق للزواج من أخرى
ويقضى للزوجة المتضررة بالتطليق بصرف النظر عما إذا كان غرض الزوج من الزواج الجديد مشروعاً من عدمه كعدم قدرة الزوجة الثانية على الإنجاب مثلاً.
طبيعة الضرر في الزواج من أخرى
والضرر الذي يلحق الزوجة من الزواج عليها بأخرى هو نوع خاص من الضرر يشمل الضرر بكافة أنواعه مادياً كان أو أدبياً وله - على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية - ذاتية خاصة ولهذا لم تدرجه اللجنة - كما سبق القول - برقم 6 مكرر بعد المادة السادسة التي تقرر مبدأ عاماً في التطليق للضرر وإنما أوردته برقم 11 مکرر عقب نصوص الحكمين إبرازاً لذاتية هذا الحكم.
إثبات الضرر في الزواج من أخرى
ويتعين على الزوجة طالبة الطلاق للضرر للزواج من أخرى أن تقيم الدليل على أنه قد أصابها من هذا الزواج ضرراً مادياً أو معنوياً، بمعنى أن الضرر هنا لا يفترض كما كان عليه الحال في ظل العمل بالقرار بقانون رقم 44 لسنة 1979 والذي قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته في الدعوى رقم 28 لسنة 2 قضائية دستورية وذلك باعتبار أنها مدعية للضرر يتعين عليها إثبات دعواها عملاً بقاعدة أن البينة على من ادعى، وتستطيع الزوجة المتضررة أن تسلك أياً من طرق الإثبات المقررة قانوناً لإثبات الضرر الذي أصابها من زواج زوجها من أخرى، ويتصدر هذا الطريق في مجال منازعات الأحوال الشخصية شهادة الشهود.
ويكفي أن يلحق بالزوجة أحد صور الضرر المادي أو المعنوي حتى يكون لها الحق في طلب التطليق فلا يشترط اجتماع الضررين المادي والمعنوي معاً، كما يكفي أن تتفق شهادة الشهود على تضرر الزوجة مادياً أو معنوياً دون أن يشترط أن تنصب الشهادة على كل واقعة من الوقائع التي تشكل هذا الضرر اعتبار أنها ليست بذاتها مقصود الدعوى بل هي تمثل في مجموعها سلوكاً تتضرر منه الزوجة.