قال الدكتور على جمعة مفتى الديار السابق، إن جميع الأديان، خاصة الإسلام، دعت إلى العفاف، واتفق علية العقلاء من البشر فلم يكن أبدا عبر العصور والدهور المختلفة حتى عصرنا الحاضر محلا للاجتهاد، بل كان محلا للاتفاق، سواء أقام الشخص به فى نفسة أم لم يقم.
وأضاف على جمعة، عبر صفحتة على فيس بوك، إن الجميع يعلمون أن العفاف بكل جوانبة، من الأساسيات، وهو أصل فى بناء المجتمع البشرى ومن أسباب تقدمة ورقية، فترى القرآن قد أمر بغض البصر عن العورات والمحرمات، وقال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}، وقال رسول الله ﷺ: «النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة ؛ فمن تركها من خوف الله أثابه جل وعز إيمانا يجد حلاوته في قلبه» (أورده الحاكم في المستدرك)
وأشار إلى أن هذا الجدل يظهر الفجوة الواسعة بين النموذج الإسلامي القائم على العفاف ، وبين غيره من النماذج المعرفية الأخرى التي تفتقد العفاف ولا تضعه في مقدمة أولوياتها، ونوه إلى أن الإسلام أمر بحفظ الفرج ومن هنا جاء مفهوم العورات التي أمر ﷺ بسترها كما جاء في حديث بهز بن حكيم قال: قلت: يا نبى الله عوراتنا ما نأتى منها وما نذر؟ قال: "احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك"، قلت: يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم فى بعض، قال: «إن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها»، قال: قلت: يا نبى الله إذا كان أحدنا خاليا، قال: «فالله أحق أن يستحيى منه الناس». [سنن الترمذي]
وتابع: من العفاف أنه أمر بعدم الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية إلا بطريقة آمنة والمقصود بالخلوة هنا المكان الخاص وليس المكان العام، ومعيار الخصوصية والعمومية هو وجوب الاستئذان من أجل النظر من عدمه، فالمكان الذي يجب علينا أن نستأذن للنظر إلى داخله ولا يجوز أن ندخله إلا بعد الاستئذان فهو مكان خاص، والمكان الذي لا يحتاج إلى استئذان كالطريق ووسائل النقل العامة والمساجد والمحلات العامة فهو مكان عام، ولا يسمى انفراد الرجل بالمرأة أو المرأة بالرجل فيه خلوة، والنبي ﷺ يقول: «لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلاَّ كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ » (الترمذي).
وأوضح ان النبي ﷺ أمر بالعفاف في الكلام فنبه معاذاً فقال « وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ » (الترمذي). وربنا يقول في سورة النساء: {لاَ يُحِبُّ اللَّهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ}، ولكنه بعدها حث على العفو فقال: {إِن تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًا قَدِيرًا}.
ونهى ﷺ من باب العفاف عن التسول والرشوة والسرقة، فقال: « مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ، وَإِنَّ نَبِىَّ اللَّهِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ » (البخاري)، وقال: « لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الرَّاشِى وَالْمُرْتَشِى» (أبو داوود)، وقال: إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ ، وَايْمُ اللَّهِ ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَها (أحمد).
ابع: ونهى عن السب واللعن والفحش والبذاءة، وقال:« لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ وَلاَ بِلَعَّانٍ وَلاَ بِالْفَاحِشِ الْبَذِىءِ » (أحمد)، وعلمنا وأمرنا ﷺ بالبعد عن مواطن الفتن ، فقال «وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ » (البخاري).