ليلى مراد.. الحب والألم (الحلقة الأولى)

الجمعة، 26 مايو 2017 09:13 م
ليلى مراد.. الحب والألم (الحلقة الأولى)
أسرار وشهادات تنشر لأول مرة للكاتب الصحفي محمد ثروت

ليلى مراد: كيف أضحى بالعرب والإسلام وأنضم لكيان زائف مثل إسرائيل؟

لماذا روج أنور وجدي لشائعة تجسس زوجته وكيف خسر بسببها أموالا طائلة؟

أسرار النشيد الأول لثورة يوليو الذي غنته ليلى مراد في حضور نجيب وعبد الناصر

كيف تعرف والدها بأمها البولندية وكيف تحول من «حزان» في معبد يهودى إلى حارس للموسيقى العربية؟

عاشت الفنانة الراحلة ليلى مراد صاحبة الأصول اليهودية، حياة مليئة بالحب والألم ما بين طفولتها وحبها للغناء، وتعلقها الشديد بالنجم الراحل أنور وجدي، ثم انفصالها عنه، مرورا بعلاقتها بأحداث ثورة يوليو.. أسرار وشهادات تنشر لأول مرة يكشفها الكاتب الصحفي محمد ثروت خلال شهر رمضان الكريم..

 

«إن مستقبلي مع العرب والإسلام، وحياتي مع العرب والإسلام، وأموالي فى بلاد العرب والإسلام، وأهلي وزوجي كلهم عرب ومسلمون.. فهل من المعقول أن أضحى بكل هؤلاء، وأنضم إلى دولة زائفة لا تربطني بها أية رابطة».

هكذا خرجت الفنانة ليلى مراد المطربة التي أشجت بأغانيها العرب وأطربتهم ببيان إلى الأمة عندما لاحقتها شائعات مغرضة تمس سمعتها الوطنية وهي أغلى ما يملك الإنسان فى حياته

بدأت القصة عندما اتهمتها الحكومة السورية أيام العقيد أديب الشيشكلى بأنها تبرعت لصالح إسرائيل ب 50 ألف جنيه مصري، وعلى أثر ذلك منعت أغانيها وأفلامها من العديد من الدول العربية وفى مقدمتها مصر بلدها وموطنها، وقد شجع على انتشار الخبر كون ليلى مراد من أصول يهودية، ولذلك أحدث الخبر ردود فعل غاضبة لدى الشعب المصري الذى لم تنطلى عليه تلك الشائعة فراح يرسل للصحف استفسارا واستنكارا عمن وراء الخبر، وتوقيته وهل يرتبط بغيرة ومنافسة فنية أم ماذا ؟ ولم يكن الجميع يدركون الحقيقة المرة التي سنتناولها بالتفصيل فى وقتها من هذه الحلقات، وهى أن زوجها الفنان أنور وجدي وراء الشائعة لغيرته الشخصية من كل من يقترب منها وقد شاءت إرادة الله أن ينقلب السحر على الساحر فيخسر وجدي أموالا طائلة نتيجة منع أفلامه التي أنتجها لزوجته ويضطر للاعتذار للرأي العام بعد أن كشفت اللعبة، بينما ترتفع أسهم ليلى بعد تبرئتها من قبل الجهات المصرية المسئولة وتغنى أول أغنية لثورة يوليو 1952 والتي أصبحت النشيد القومي للبلاد والجيش وهى بالاتحاد والنظام والعمل كما تقود ليلى مراد مشروع قطار الرحمة الذى نظمته الثورة لدعم الفقراء والمحتاجين وجمع التبرعات لهم مع غيرها من الفنانين فى ذلك الوقت.

تبرئة الجهات المصرية المسئولة فى ذلك الوقت بوثيقة مكتوبة لليلى مراد، إلا أن تلك الشائعة تسببت فى عزلتها الاختيارية وأثرت فيها حتى آخر يوم فى حياتها.

فقد رافقت الشائعات ليلى مراد على مدى أكثر من أربعين عاما، فرغم أنها كانت قد اعتزلت وأعلنت إسلامها واحتجبت عن الأضواء فى بداية حياتها الفنية، إلا أن الإسرائيليين ظلوا يزعمون حتى وفاتها أنها ستترك مصر لتعيش فى موطنها الأصلي " إسرائيل ".

وحتى بعد الوفاة فقد ظلت دوائر إسرائيلية مثل ما يسمى بالجمعية التاريخية ليهود مصر بالولايات المتحدة تطالب بنقل رفاتها إلى إسرائيل. ولكن ابنها والحارث الأمين على تراثها زكى فطين عبد الوهاب واجه تلك المزاعم الإسرائيلية بقوة، مؤكدا مصرية والدته وتمسكها بوطنيتها وقوميتها العربية والإسلامية ما سنتوقف عنده كثيرا فيما بعد.

فى إحدى عمارات الجيزة القديمة حيث عاشت ليلى مراد أيامها الأخيرة قبل أن تنتقل إلى مستشفى السلام الدولي. اصطحبني الدكتور إبراهيم الدسوقي أباظة عميد العائلة الأباظية ونائب رئيس حزب الوفد المعارض وقتئذ، إلى بيت ليلى مراد. وكانت معه ابنته زينب حفيدة الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب.

كانت ليلى مراد متفائلة جدا ومبتسمة طوال الوقت رغم نقصان وزنها من أثر المرض والعزلة، فقد كانت رهينة المحبسين. وظلت تتحدث معنا فى جو حميمي ودافئ حتى أشفقنا عليها، واستأذناها فى الانصراف. وكانت أمنيتها الأخيرة أن تطل ولو بنظرة على الإسكندرية وخاصة جليم حيث عاشت أجمل أيامها مع أسرتها وخفق قلبها لأول مرة لجارها ابن الأكابر والأكبر سنا منها ومنه اقتبست قصة فيلمها " ليلى بنت الأكابر ".

الرائعة الجميلة وردة جاردن سيتى باعت عمارتها واستقرت فى شقة متواضعة بيتها وصالونها فرنسي قديم ولا يوجد معها سوى خادمة، كما تداوم ابنة شقيقتها على زيارتها.

مشهد أكثر ألما، أن أسطورة الغناء العربى وبنت الأكابر تبحث عن معاش نقابة المهن الموسيقية. وتقبل بدور صغير فى مسلسل تليفزيونى

أين كان ابنها أشرف وجيه أباظة؟ وأين الأموال التى جنتها من عائدات عرض أفلامها ؟ وأغنياتها التى بلغت الألف؟

حياة ثرية عريضة ممتلئة حتى حافتها بالشجن

ولكن ليس كل مايعرف يقال.

والحقائق تظل حبيسة الأدراج تجنبًا لبطش السيف المسلط على رقاب الباحثين وفقا للقانون رغم أن التاريخ لا يعرف حرمة لموتى ولا منعا لنبش الذاكرة المدفونة.

ما الذى دفع بليلى مراد لهذه النهاية ؟

إنها قصة تستحق أن تروى فصولها ووقائعها..

تماما مثل قصة إسلامها فى شهر رمضان وتعرفها بالشيخ أبو العيون وحكايتها مع الشيخ الشعراوى إمام الدعاة.

ولدت ليلى مراد فى عام 1917 فى شارع الجنزورى بحى الظاهر بالعباسية لأب يهودى مغربى هو إبراهيم زكى مردخاى الذى عرف باسم الملحن زكى مراد أحد تلامذة الملحن المصرى المعروف واليهودى الأصل أيضا داوود حسنى. أشهر من قاموا بتطوير الموسيقى العربية وتمسكوا بها وعارضوا محمد عبد الوهاب فى دمجها بالموسيقى الغربية.

وكان زكى مراد يعمل «حزانا» فى معبد الياهو أى منشدا للتراتيل فى الجنازات اليهودية بمصر. حتى تعرف على الفنان الكبير وأسطورة التلحين فى الموسيقى العربية الشيخ سيد درويش، فتتلمذ على يديه وصار من المقربين إليه.

وقد تعرف زكى بجميلة سالمون البولندية ذات الجذور اليهودية وابنة مطرب الأوبرا المصرية المعروف سالمون كما كانت أمها لنا مطربة أوبرالية أيضا.

تابع بقية الحلقة الأولى

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة