في ذكري ميلاه.. هل قال «عرابي»: لقد خلقنا الله أحرارا؟

الجمعة، 31 مارس 2017 02:14 م
في ذكري ميلاه.. هل قال «عرابي»: لقد خلقنا الله أحرارا؟
أحمد عرابي
كتب- إسراء سرحان

إذا وهبك الله قدرة اطلاق العبارات العنترية فأنت رئيس وزراء، وإن دونتها فأنت شكسبير، وإذا غيرت في تاريخها، فأنت في مصر، في ذكري ميلاد «أحمد عرابي»، لاتزال الاستفاهامات حائرة، هل وقف عرابي أمام الخديوي وسط فئات الشعب معارضاً له، مطلقًا عبارته الشهيرة «لقد خلقنا الله أحرارا.. ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا»، أم كانت واحدة من الأكاذيب التي روج لها فتناقلتها الأجيال، فصارت حقيقة واقعة، مثلما تعلمنا في مناهج التاريخ في مدارسنا.

بطبيعة الحال، لا يقدر أحد على الاطلاع على حقيقة ما أمامه من وقائع تاريخية، إلا بالبحث والمقارنة بين الروايات المختلفة للواقعة الواحدة، للتمييز بين الزائف والصحيح.

الواقعة التاريخية الشهيرة، التي كلنا يحفظها عن ظهر قلب، عن أن حديثًا دار بين الخديوي توفيق، والزعيم الشعبي أحمد عرابي، عندما توجه له بطلبات الضباط المصريين، فرفضها الخديوي قائلًا: «كل هذه الطلبات لا حق لكم فيها، وأنا ورثت ملك هذه البلاد عن آبائي وأجدادي، وما أنتم إلا عبيد إحساناتنا»، ليرد عليه عرابي قائلاً : «لقد خلقنا الله أحرارًا، ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا؛ فوالله الذي لا إله إلا هو، لا نُورَّث، ولا نُستعبَد بعد اليوم»، تعرض لنقد عنيق من قبل بعض دارسي التاريخ المصري، مشيرين إلى أنه حديث لا أساس له من الصحة، وأن جميع المؤرخين الذين أرخوا لتلك الفترة لم يتعرضوا لتلك المقولة، وذلك السيناريو الذي كان يتواجد في خيالات «عرابي» نفسه، حتى إنهم لم يطلقوا علي الثورة العرابية اسم ثورة، كانوا يطلقوا عليها -هوجة عرابي-.

الشيخ محمد عبده، عندما كتب مذكراته عن ثورة عرابي، لم يذكر هذه الواقعة من قريب أو بعيد، فضلاً عن أن جريده المقطم، التي كانت موالية للاحتلال الإنجليزي، نشرت نص التماس تقدم به «عرابي» للإنجليز، عن طريق أحد المراسلين البريطانيين ، خلال حوار أجراه معه، بدأه -عرابي- بالثناء على إنجلترا وإصلاحاتها في مصر قائلًا:  «إنني أبغى أن أموت في بلادي، بين أهلي وخلاني، وأشتهى أن أرى مصر والذين أحبهم قبل دنو أجلى، فإذا أذنت لي إنجلترا في الذهاب إلى مصر، فإنني أذهب كصديق لا عدو مقاوم، وأقسم بشرفي أنني لا أتصدى للسياسة بوجه من الوجوه، هذا ما أسأله من أمتكم العظيمة التي عاملتني بالرفق والشفة».                      

أمير الشعراء أحمد شوقي، رد على التصريحات الذي نقلتها «المقطم» ببيت شعري قال فيه: «صغار في الذهاب وفى الإياب هذا كل شأنك يا عرابي»، أثناء رجوعه إلي مصر من المنفى، ليظل عرابي الماضي على وفاته 106 أعوام، لغزًا تاريخيًا محيرًا، يحتاج المزيد من البحث لكشف حقيقة مانقل عنه من بعض العبارات، التي يتخذها كثيرون رمزًا للوطنية، وهذا لا ينفي أن الغيرة الوطنية للزعيم المصري، دفعته للكثير من المشاكل والصدامات مع السلطة سواء أكانت سلطة الخديوي أو سلطات الدول العظمى التي استهدفت احتلال مصر، حتى أنه بعد عودته من منفاه في جزيرة سرنديب لم يجد الترحيب اللائق به. 

ولد أحمد عرابي (31 مارس 1841م)، في قرية هريه رزنة بمحافظة الشرقية، ألتحق بجامع الأزهر في سن الثامنة، التحق عرابي بالخدمة العسكرية في 6 ديسمبر 1854م، و تعرض للنفي هو وزملائه عبد الله النديم ومحمود سامي البارودي قام الأسطول البريطاني بنفيه إلى سريلانكا سيلان سابقاً، عاد احمد عرابي من المنفي بعد عشرين عام، استقر بالقاهره حتي وفاته في 21 سبتمبر1911.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق