«الرقة» المعركة الأكثر تعقيدا في حرب «داعش» (تقرير)
الأحد، 26 فبراير 2017 10:06 م
في الأسبوع الماضي أعلنت غرفة عمليات «غضب الفرات» لتحرير مدينة «الرقة» السورية عاصمة تنظيم داعش، بدء مرحلة جديد من قبضة تنظيم داعش لتحرير ريف الرقة الشرقي، بعد تحقيقها نجاحات عزل المدينة.
وأكدت الغرفة أن قوات مجلس دير الزور العسكري تشارك، وبشكل فعال من الجناح الشرقي، بدعم ومؤازرة بقية القوات المتحالفة في حملة غضب الفرات.
في نوفمبر الماضي، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكيًا، بدء عمليات عزل مدينة الرقة أكبر معاقل «داعش»، تمهيدًا لاقتحامها بريًا، ونظرًا لسيطرة التنظيم فإن العمليات واجهت صعوبات بالغة، دفعت بالقوات لبدء مرحلة ثالثة من عزل المدينة، ومن المتوقع أن تزيد.
وحذر تقرير صادر عن مركز «الرقة تذبح في صمت» من استمرار المعركة، وقال فيه إن الاقتراب من «الرقة» لا ينذر بخير، فالتنظيم لديه حاضنة شعبية لا نظير لها بالمقارنة مع ولاياته التي يسيطر عليها، حيث نجح التنظيم في يناير 2014، في تشكيل ما أسماه «مجلس العشائر»، بهدف تثبيت وجوده، مستغلًا تردي الأوضاع في المدينة بداية من الثورة السورية والخروج على نظام بشار الأسد والاقتتال بين الفصائل المسلحة وقوات النظام والمليشيات الشيعية الداعمة له.
وتابع أن التنظيم استغل الأوضاع الاقتصادية لسكان المدينة ووزع الهبات والبيوت والسيارات التي صادرها من أهل المدينة على من بايعوه، وأمدهم بالمال كمغريات لمبايعة أكبر قدر ممكن من أهالي المدينة، وتصويرهم على أنهم ينعمون بخيرات الخلافة ويعيشون حياة الرفاهية في ظل حكمه من خلال إصداراته المرئية وهو ما نجح مع البعض إلا أن آخرين تم تهديدهم بقطع الرؤوس في الشوارع.
ونجح التنظيم في إيجاد تحصينات شعبية حيث تعمد وضع مقاره بين بيوت المدنيين، وبالتالي فإن أي استهداف للمدينة سيزيد من القتلى المدنيين، وهو ما يستغله التنظيم في الدعاية من خلال إصدارته فيظهر أنه استهداف للأهالي وخاصة لمن يعيش خارج المدينة، بحسب التقرير.
بالرصد تبين أن كافة مراحل «غضب الفرات» التي بدأت في 6 نوفمبر الماضي، نجحت في السيطرة على عشرات القرى والوصول إلى منطقة «الكالطة» على بعد نحو 23 كلم إلى الشمال مدينة الرقة، ونحو 30 كلم في شمال غرب المدينة ذاتها، كما وصلت إلى الضفاف الشمالية لنهر الفرات، مع استمرار في ريف الرقة الغربية والشمالية والشمالية الغربية.
العمليات العسكرية الأخيرة المدعومة بغطاء جوي أمريكي تسببت في خسائر فادحة، حيث نفذت الطائرات المقاتلة عمليات تمكنت من تدمير كافة المعابر والكباري الواصلة إلى المدينة، وباتت القوات على مسافة نحو 4 كيلو متر عن سد الفرات الاستراتيجي وعلى بعد أكثر من 32 كيلو متر عن مدينة الرقة.
وجاءت حصيلة المرحلة الثانية المنتهية أواخر الشهر الماضي، عن سيطرة تلك المليشيات على 2480 كيلومترا مربعا، إضافة إلى 196 قرية بالإضافة إلى قلعة جعبر التاريخية وعشرات المزارع والتلال الاستراتيجية، وكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر ودمرت أعدادا من السيارات المفخخة، و620 مسلحا من عناصر تنظيم داعش وأسر 18 آخرين.
الحرب التي تشهدها الموصل دفعت قيادات داعش إلى الهجرة إلى الرقة، وهو ما حددته استراتيجية أمريكية في الحرب في العراق، تهدف إلى تجميع كافة القيادات الداعشية في الرقة السورية، ويتوافق ذلك مع ما كشفته صحف أمريكية مختلفة، أن الاستراتيجية الأمريكية تجاه التعامل مع الرقة تعتمد على «العزل»، عبر استهداف جسور الرقة على نهر الفرات، ثم حصار المدينة من كافة الجهات من خلال «قوات سوريا الديمقراطية».
ووضعت دراسة لمركز المستقبل للدراسات المتقدمة، سيناريوهات للتحرك الداعشي للهروب من خطة العزل، زاعمة أن القيود التي فرضتها القوات أعاقت حركة المدنيين في المنطقة أكثر من حركة التنظيم، بل إن الأخير حرص على تفخيخ الجسور مع إطلاق عملية الموصل في العراق، وهو ما يطرح سيناريوهات خمسة محتملة لمسارات خروج التنظيم من الرقة على نحو يتباين مع كثير من التكهنات التي طرحت في الفترة الماضية، تلك السيناريوهات:-
التحرك العكسي
تقول الدراسة إن السيناريو يتمثل في اتخاذ مجموعات في التنظيم مسارًا عكسيًا للخروج، بالعودة من الرقة إلى الموصل مجددًا عبر الحدود العراقية- السورية «الرخوة»، وهو أمر من الممكن حدوثه، مشيرة إلى أن أن عناصر التنظيم لديها القدرة على التسلل من الرقة إلى الموصل على الرغم من قصف قوات التحالف لجسرى الرقة القديم والجديد على نهر الفرات باستخدام الزوارق، وأنه لا يوجد حائل دون استمرار تلك التحركات.
التخفي
وذلك على غرار التجارب السابقة في المعارك التي اندلعت في كل من العراق وسوريا، خاصة معركتى منبج والباب؛ حيث يقوم موالون للتنظيم بتغيير ملامحهم بحلق اللحى وترك الزى العسكري الخاص بالتنظيم أو اللجوء إلى ارتداء أزياء النساء، وهى حالات محدودة لعناصر قيادية كما حدث في واقعة هروب والي «داعش» في منطقة الشرقاط العراقية أبو عمر العسافي، وفق ما أعلنته المصادر الأمنية العراقية في سبتمبر 2016، أو كأفراد أو خلايا محدودة تفر من المعارك، على غرار ما حدث في منبج خلال شهر يوليو 2016 وأعلنته الفصائل السورية على مواقعها.
ومن الممكن أيضًا التخفي في أوساط النازحين في حال وجود خطة لإقامة مناطق لجوء، كما حدث في العراق قبيل إطلاق معركة الموصل، حيث نجح عدد من المنضمين للتنظيم من أبناء المناطق العراقية في التخفي وسط عائلاتهم، وأفادت تقارير بأن آخرين تمكنوا من الاندساس وسط النازحين من خلال تزوير هوياتهم. لكن هذا الأمر يبقى غير متاح للمقاتلين الأجانب، وهنا تجدر الإشارة إلى أن المعارك الجارية في الرقة لا تزال في المناطق الريفية، لكن مع وصولها إلى المدينة ذات الكثافة العالية فإن الأمر سيكون أكثر صعوبة.
الهروب
ويتركز الهروب إلى مناطق مستقرة نسبيًّا أو التي لا تعتمد على فرز قاطنيها، فخلال عمليات استعادة عدد من قرى ريف الرقة لم تنفذ عمليات فرز سكانها مع الاستعادة السريعة لها، خاصة أن الاستهداف تركز حول من كانوا في خطوط المعركة الأمامية من مقاتلي التنظيم.
ومن هنا يمكن القول إن هذه المناطق تشكل ملاذات للعديد من عناصر التنظيم بشكل فردي، أو على شكل مجموعات صغيرة تمكنت -في الغالب- من نسج صلات مع عناصر من تلك المناطق. وغالبًا ما ستشكل الحالات التي ستلجأ إلى هذا السيناريو مرحلة انتقالية للخروج من أرض المعركة بشكل عام وفقًا للمسارات المتاحة لاحقًا.
العائدون
وهو سيناريو تكرر كثيرًا بعد المعارك الكبرى ضد التنظيمات الإرهابية، كما حدث مع تنظيم «القاعدة» بعد الحرب على أفغانستان، بما يعني أن هذا السيناريو يتعلق بمرحلة ما بعد انتهاء المعارك وسقوط التنظيمات. وفي ظل الانهيار المتوالي للتنظيم ظهرت مؤشرات عديدة تدعم من إمكانية حدوث هذا السيناريو، مثل محاولة العديد من العناصر الإرهابية التي انضمت لـ"داعش" العودة من جديد إلى دولها الأصلية، على غرار تونس، التي تصاعدت حدة الجدل داخلها مؤخرًا حول عودة الإرهابيين المنخرطين في التنظيمات الإرهابية في الخارج.
التحول
وهي عبارة عن تحول التنظيم إلى خلايا نائمة أو الهروب التكتيكي، وذلك للرد على الضربات العسكرية التي يتعرض لها التنظيم من جانب أطراف مختلفة، عبر الاتجاه نحو تنفيذ هجمات إرهابية سريعة.