دعم اليمين وسيلة «ترامب» لإعادة التوازن مع أوروبا (تقرير)

الأربعاء، 23 نوفمبر 2016 09:52 ص
دعم اليمين وسيلة «ترامب» لإعادة التوازن مع أوروبا (تقرير)
بيشوي رمزي

ربما تكون مطالبة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب للحكومة البريطانية، بتعيين السياسي البريطاني نايجل فاراج كسفير لبريطانيا في الولايات المتحدة، أمرا غير مألوف في العلاقات الدبلوماسية بين الدول، إلا أنه في الوقت نفسه ليس مستغربا في ضوء الخط غير المألوف الذي تبناه «ترامب» منذ بداية حملته الانتخابية والتي قامت في الأساس على خطاب يبدو متطرفا يقوم على التمييز، وهو الخطاب الذي لم يتبناه في التاريخ الحديث أي مرشح ليكون وسيلته للسلطة كما فعل ترامب مؤخرا.

إلا أن رؤى «ترامب» ربما لن تحظى بدعم حلفاء أمريكا التقليديين في أوروبا، والذين يعتنقون الفكر الليبرالي القائم على احترام الحريات وحقوق الإنسان، وبالتالي بدأ الرجل في التقارب مع مجموعات جديدة من المعارضة داخل الدول الأوروبية تتبنى نفس رؤيته، منذ اليوم الأول بعد فوزه في الانتخابات الأمريكية الأخيرة التي أجريت هذا الشهر، ليكونوا بمثابة أذرع له تدعم سياساته في المستقبل، مقابل تقديم الدعم السياسي لهم، خاصة في البلدان التي بصدد انتخابات في المستقبل القريب.

خطاب ملهم
صعود «ترامب» إلى البيت الأبيض في الولايات المتحدة، في ظل برنامج انتخابي تمييزي واضح، يحمل نبرة عدائية تجاه المهاجرين واللاجئين والمختلفين دينيا أو عرقيا بصورة علنية، هو في ذاته أمرا ملهما لتيارات اليمين المتطرف في أوروبا، والتي تتصاعد شعبيتها بصورة كبيرة من جراء التهديدات الإرهابية والتحديات الاقتصادية، وهو ما تزامن مع تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي، لتضفي مزيد من القوة لما يسمى بالتيار الشعبوي في أوروبا، والذي يقوم على نفس مبادئ ترامب، خاصة وأن الساسة اليمينيين في أوروبا لم يتمكنوا من طرح برامج تحمل حقيقة أفكارهم مثلما فعل ترامب.

قال الخبير السياسي الهولندي كاس مود، الخبير السياسي بجامعة جورجيا، إن الأمر المدهش هو أن أكثر اليمينيين تطرفا في أوروبا لا يمكنهم أن يعبروا عن أفكارهم الحقيقية بالطريقة التي استحدثها ترامب خلال الانتخابات الأمريكية، وهو الأمر الذي يساهم في تقوية شوكتهم أمام جمهور كبير في أوروبا على اعتبار أنهم أقل تطرفا من الرئيس الأمريكي.

وأضاف مود، في تصريحات نقلتها صحيفة «جلوب اند ميل» الكندية، أن «اليمينيين في أوروبا ربما لا يستطيعون أن يتخذوا نفس مسار «ترامب» تجاه المسلمين، ويحاولون دائما التفريق، على مستوى الخطاب، بين المسلمين وتيارات الإسلام السياسي. أما «ترامب» تحول من مجرد منتقد للإسلام الراديكالي إلى رمز للساسة الذي يعانون من ظاهرة الإسلاموفوبيا.

الإلهام وحده لا يكفي
إلا أن الرئيس الأمريكي الجديد وعناصر إدارته ربما لا يكتفون بمجرد كونهم مصدرا لإلهام التيارات المتطرفة في أوروبا، وإنما يسعون للقيام بدور أكبر من ذلك في المستقبل من خلال ما يمكننا تسميته سياسة «مد اليد» لهم، لدعمهم سياسيا سواء انتخابيا في الدول التي بصدد انتخابات قريبة، أو من خلال فرضهم على الحكومات القائمة للقيام بدور ملموس في العملية السياسية في بلدانهم، كما هو الحال مع السيد نايجل في بريطانيا.

يرى أرون باكس، أحد الممولين الرئيسيين لحزب الاستقلال البريطاني الذي يترأسه فاراج، أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب تجمعه علاقة صداقة قوية بالسياسي البريطاني، موضحا أنهما يتحدثان بصفة يومية، وهو ما يعني أن أي تطورات تسعى الولايات المتحدة إلى إدخالها في العلاقة مع بريطانيا، سوف يتم التشاور فيها أولا مع فاراج، قبل عرضها على رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي.

وأضاف «باكس»، في تصريحات نشرتها صحيفة «التايمز» البريطانية: «هؤلاء الناس لا يدركون عمق العلاقة بين ترامب ونايجل. أعتقد أن الحكومة البريطانية ليس أمامها سبيل آخر سوى الاستفادة من تلك العلاقة إذا ما أرادت علاقات طيبة مع الولايات المتحدة».

استعادة التوازن المفقود
على الجانب الأخر، يبدو أن إدارة ترامب سوف تسعى للقيام بدور ملموس في دعم اليمينيين انتخابيا في المرحلة المقبلة، خاصة وأن صعودهم للسلطة ربما يحقق قدرا كبيرا من التوازن في العلاقات الأمريكية الأوروبية، بعد الهزة الكبيرة التي ستنتابها بمجرد تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد في يناير المقبل، في ضوء اختلافات عميقة حول العديد من القضايا، المرتبطة بدور حلف شمال الأطلسي "ناتو"، اتفاقات التجارة، بالإضافة إلى العلاقة مع روسيا.

وكتبت البرلمانية الفرنسية ماريون مارشال لوبان، عن الجبهة الوطنية التي ترأسها اليمينية المتطرفة مارين لوبان والتي من المقرر أن تترشح في الانتخابات الفرنسية القادمة والمقررة في شهر إبريل من العام القادم، على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن مندوبين عن الرئيس الأمريكي المنتخب دعوها للعمل سويا، وهو الأمر الذي تقبلته بالطبع.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق