«صناعة الفواخير».. مهنة الغلابة والشقيانين..محافظة القاهرة تسعى لتطويرها..وأحد العمال: المهنة تحتضر..و«مافيهاش غير العواجيز» (فيديو وصور)
الأحد، 20 نوفمبر 2016 02:23 م
"فخار مختلف ألوانه، أشكال من طيور وعش الغراب، والكرسي الملكي، وبنية الحمام مصنوعة من الفخار " مرصوصة بشكل منظم، تجذبك أن ترى صانعها وتشكره على هذا المنظر والعمل الرائع، الذي يؤكد لك وجود الكثير من الأيدي العاملة لصناعته وخروجه بشكله النهائي.
وتجد لافته تفسر لك كل هذا مفادها " أنت بمدينة صناعة الفواخير "، وحينئذ تدرك أنك أمام أهل الصنعة والخبرة في آن واحد.
«صوت الأمة» فتحت نقاشا مع عمال الصنعة القديمة والعريقة، للوقوف على ما تعاني منه، وما يريده صناعها للارتقاء بها إلي الأمام والاستفادة من تصدير الفخار ويعم الخير على الجميع.
المهنة تحتضر.
قال فراج عبد الهادي، أعمل بالمهنة منذ 40 عامًا وتوارثتها عن والدي وسأورثها لأبني حتى يتم الحفاظ على المهنة والعمل بها، مضيفًا فكرت كثيرًا أبعد عن المهنة وأسلك طريق آخر ولكن لم أستطع.
وشبه فراج المهنة بالإنسان الذي يحتضر وحوله كافة الاطباء عاجزون عن علاجه، هكذا المهنة تعافر من أجل البقاء داخل المنافسة ولكنها " تعافر لوحدها.. ولا أحد يقدم لها يد العون ".
وأضاف أن المصريين هم أجدر المتعاملين مع الفخار وصناعته ومدركين كافة الخامات ومستوياتها، فبمجرد أن تتعافي تلك المهنة وتشارك الدولة في تحقيق ذلك، سيعم الخير على الجميع.
وأوضح أن هناك العديد من العمال تركوا المهنة وسافروا خارج البلاد " السعودية ولبيا " حيث الاهتمام بشكل أفضل وتقدير قيمة المهنة، والعاملين بها، وذلك عقب عمليه الهدم التى تمت في 2005، مشيرًا إلي استقبالهم لأعضاء جمعيات أُطلقت على نفسها جمعيات انقاذ صناعة الفواخير، بصورة شبه يومية وأخذ مقترحات لأعمال التطوير ولكن لم يتم العمل على تنفيذ الاقتراحات.
وتعرضت مدينة الفواخير للتطوير منذ حوالي 12 عامًا، وتم هدم جميع الورش وإعادة بناء الفواخير مرة أخرى على أن يتم إدخال الغاز الطبيعي بدلًا من اعتماد عمال الصنعة على الأحذية ومخلفات المستشفيات للحرق بها، ولكن للاسف التطوير توقف على البناء فقط فتم بناء 152 فاخورة ولكن الغاز متوقف وهناك الكثير من الفواخير لم يدخل لها النور والمياه.
تبلغ مساحة المدينة 8 أفدنة بتكلفة 100 مليون جنية، شملت المرحلة الأولى من المشروع 152 فاخورة، وبناء عدة أماكن لعرض البضائع، ومسجد وكافتريا وساحة انتظار للسيارات،وعند الانتهاء من المرحلة الأولى من المفترض أن تشمل الثانية على مركز تكنولوجى عالمى حديث للتدريب على الصناعات الحرفية التقليدية وتطويرها.
النظرة للعامل
"باخد صافي 30 جنيه يوميًا " هكذا بدأ عم أحمد محمود حديثه معنا قائلًا: المهنة ماتت..والشباب مش هتقدر عليها ومش بتستحمل، باخد 50 جنيه يوميا ومنها 20 جنية للأكل طوال اليوم، ولدى أسرة مكونة من 4 أولاد ووالدتهم "الـ 30 جنية مش بيكفوا حاجة ".
وأضاف عم أحمد: محتاجين من الدولة النظر للعمال، فهم يعانوا من ضعف اليومية المقررة لهم خاصة أن معظم أصحاب الأعمال هنا لا يتعاملون باليومية ولكن بالانتاج الأسبوعي الأمر الذي يتوقف على انتاج العامل، مما يقلل من فرص حصوله على المبلغ المتفق عليه.
مهنة العواجيز
" الشباب فافي اليومين دول.. يجي الشاب يومين ويمشي من التعب ".. هكذا علق عم جميل أحد عاملى صناعة الفواخير على عدم إقبال الشباب للصناعة وتحدى وجودهم بصفة دائمة بالمدينة، الأمر الذي انزعج له بشده حيث القلق على المهنة من الانقراض الذي أصبح لا محال منه بنفور الشباب من الانضمام للصفوف.
وقال فتحي طه « كان يتم تصدير الفخار المصنوع بمصر لدول الهند وباريس، فالتاريخ يؤكد أننا رواد المهنة، ولكنها تحتاج لمن يؤمن بها ويساعدها على التطوير، ويأخذ بيد العمال مع توفير الإمكانيات اللازمة لذلك».
لازالنا نحرق بالأخشاب
" طالبين مننا 36 ألف جنية للغاز " قالها عم صلاح متعجبا، حيث طلبت المحافظة تسديد من أصحاب الفواخير مبلغ 36 ألف جنية للعمل على توصيل الغاز، مضيفًا " ان لو معايا..ماكنتش اشتغلتها ".
وأضاف عم صلاح أن مسؤلي المحافظة سبق وأكدوا دخول الغاز الطبيعي بعد شهر من الآن الأمر الذي تعدى الوقت المحدد ولم يحدث، مؤكدًا على استخدام الاخشاب بديلا للغاز.
وأوضح أنه لابد أن تشجع الدولة مثل هذه الصناعات العريقة وحمايتها وتشجع الاستثمار فيها، مشيرًا إلي أن أجهزة الحي لم تلتزم بإرجاع الشئ لأصله حيث تم حفر مكان لكابلات التليفونات ولم يتم ردمها.
وقال أشرف رافع، أحد بائعي الفواخير، أن هناك ركود عام بحالة البيع والشراء، كما أن المواطنين يتهافتون على السلع الأسايسية ونادرا ما تجد مواطن يهتم باقتناء قطعة من الفخار في منزله.
وأضاف رافع أن الكثير من المواطنون يشكون من ارتفاع اسعار المنتجات، مشيرًا إلي أنه أب لخمسة أولاد مما يجعله حريص على بيع العديد من القطع في اليوم الواحد حتى ولو بالخسارة، قائلًا " عايز أأكل ولادى..عايزأعيش ".