ونوس يحكم مصر .. ودافنشي يقود ثورة المقهورين القادمة

السبت، 18 يونيو 2016 11:09 م
ونوس يحكم مصر .. ودافنشي يقود ثورة المقهورين القادمة
عبد الفتاح علي

يقف يحي الفخراني منفردا على قمة دراما رمضان، في تقديمه فكرة غير مستهلكة، وفي تأديته للشخصية ببراعة متقنة، ويتوجب هنا تقديم التحية لاثنين المؤلف عبدالرحيم كمال الذي أمتع كل من شاهد حلقات الاسبوع الأول بانتقاءه للكلمات والجمل في حوار بديع، والمخرج شادي الفخراني الذي لم يعبث بتاريخ والده، ولم يقفز فوق كتفه برعونة كما عهدناها مع أبناء ممثلين كبار، بل أضاف الى التاريخ الكبير أداء ووحرفية وصورة وتحركات ممثلين، ومنح الجميع مساحة تخرج أفضل ما فيهم، باستثناء واحد فقط هو مساحة دور المتألق دائما نبيل الحلفاوي، الذي أعتقد أنها لم تعكس قدراته، بينما أخرجت هالة صدقي حجما من الابداع فاق ما كنت أتوقعه منها بعد انتاج دون المستوي في مسلسلات قليلة سابقة في أعوام كثيرة سابقة.

ونوس قد يكون شلة منتفعة، قد يكون رجل أعمال له مصالح ضد مصالح الناس، وقد يكون جاهل تمكن من أذن المسئول الكبير، وقد يكون ياقوت هو جيل يأمل في تغيير حياة فاسدة، وقد تكون اسرة ياقوت هي الشعب المغلوب على أمره، الذي فقد وعيه وتاريخه وحضارته، وضغط عليه فقره وجهله وقلة ادراكه، ليركع ويحب شيطانه.

لا يتوقف خالد الصاوي عن منح مشاهديه متعة الاداء والتعمق في الشخصية والقوة في التعبير، ولو كان المسلسل "هي ودافنشي"من عشرين عاما، لكانت ليلى علوي تليق بأداء الدور في مواجهته، على اعتبار أنها وجه حسن – وما زالت- لا أكثر، لكن الصاوي فرض ثقلا إبداعيا يفيض، ويمحو آثار الركاكة الحاصلة في من حوله، أو تلك التي يصدرها مخرج العمل عبدالعزيز حشاد، في تفاصيل تقحم فجأة، أو تفاصيل غير موجودة لتبرر الاتصال الروحي بين الاثنين في مرحلتيه الأولى والثانية.

دافنشي قد يكون كل روح هائمة تبحث عن الحرية، وتقبع في السجون بسبب تهم باطلة، فضلت على هوى السلطة الحاكمة، قد يكون كل انسان مظلوم محبط وقع عليه القهر فتحول إلى عبد المأمور، ينفذ تعليماته، ويرضخ لأوامره، وتنهار سريعا قدرته على المقاومة، وقد تكون كرمه الهراء الذي نعتقد أنه الاصلاح، وقد تكون تجسيد الضعف الذي نسبح في ملكوته.

على مسافة ليست بالقصيرة يقف مسلسل جراند أوتيل مثل الحصان الأسود، يرمح في صمت على الشاشات دون دعاية كافية، وبلا مقدمات تنير للمشاهدين حجم الجهد المبذول في الاخراج لـ محمد شاكر خضير (باستثناء بعض المشاهد الخارجية التي ظهر فيها اعلان الاهرام أوت دور في زمن المسلسل القديم) والتأليف لـ تامر حبيب البارع المتمكن من أدواته، وبالطبع التمثيل ليس فقط لعمرو يوسف الذي أدى دوره ببساطة، بل أيضا في سوسن بدر التي باتت لا تجيد سوى التميز، وأنوشكا التي أدت ما عليها وفقا لتوجيهات مخرج واع بقدرات فريق العمل، لكن التقدير الخاص في هذا المسلسل لمحمد ممدوح الذي أدى دور "أمين" برقي مدهش.

الفندق قد يكون هو البلد الطيب الذي قسمه احتلال الفقر والجهل إلى طبقات، طبقة حاكمة متحكمة في رقاب العباد، وطبقة العبيد الذين يطيعون وهو مستمتعون، وبينهما طبقة تبحث عن الحل، عن الحرية، عن الحقيقة.

كنت اعتقد ان مسلسل سقوط حر سيكون في مقدمة الاعمال الجيدة، لكنه سقط في فخ الملل والمط والتطويل ومرت مشاههد وحلقات دون أي إمتاع يذكر، ثم جرى قفزة غريبة دون داع في مسألة اسقاط التهم عنها، ولم يبدو أي مبرر لاهتمام الطبيب الشاب بالحالة الجديدة التي دخلت قسم الاحتجاز بالمستشفى، وهذه السقطات مسئولية شوقي الماجري المخرج، بعد أن تاهت المسئولية بين مريم ناعوم ووائل حمدي في التاليف، ولم أعد أميز بصمة أي منهما، بسبب رداءة التقديم والحوارات غير المبررة.

ملك قد تكون أسوء ما فينا، في زمن الزحام، قد تكون القلب المريض بعلة الحب، قد تكون الفيروس الذي ينهش كبد المصريين، ويضعف قدرتهم على الحياة، قد تكون أم ملك هي السلطة التي تعتقد انها على حق، قد تكون الجيل السابق الذي يعتقد أنه ضحى بحياته من أجل القيم والمبادئ، التي سرعان ما يكتشف "ان فهمه للمبادئ والقيم كان عبثا.

مسلسل "الاسطورة" خرج محبوكا، رغم أنه لم يقدم جديدا، وهو ما توقعناه، لكنه قدم وجبة فنية في حدها الأدنى، فطالما هناك جمهور سيشاهد، سقط "حس" التحدي عند البطل محمد رمضان والمخرج محمد سامي والمؤلف محمد عبد المعطي، وباتت قصة عادية "مضطرين" أن نشاهدها طيلة أيام رمضان.

رفاعي هو حلم كل شاب في مناطقنا العشوائية، وناصر هو النهاية الطبيعية لأحلام لا نملك القدرة على تحقيقها، وسط انبهار الجميع بقدرة البلطجي على الوصول الى مراكز صنع القرار، والتأثير فيها، وتطويعها لخدمة مصالهما المشتركة.

وبما أن الاقتباس من الأفلام والمسلسلات الاجنبية كان القاسم المشترك في كل الأعمال تقريبا، إلا أن النقل الحرفي "الفج" كان من نصيب "القيصر"، اضافة إلا نفاق الداخلية بشكل يثير الغثيان، فلا هي بهذا الرقي والاحترافية والنباهة، ولا السجون بهذه الجودة والنظافة، ولا المساجين بهذا الأدب والسمو، ولم أقتنع على الاطلاق بأن هؤلاء مساجين محكوم عليهم بالاعدام، فضلا عن أن رتبة العميد "رشاد" أصغر كثيرا من سن وتجاعيد وجه طارق النهري الذي أدى الدور بـ "تبريقة العينين"، بخلاف ضعف أداء يوسف الشريف الواضح، لكن المخرج احمد نادر جلال مازال مسيطرا على العمل رغم مشاكل "القص واللصق".

القيصر قد يكون الغموض الذي يثير حياتنا، قد يكون الجزء الغائب عن ادراكنا، قد يكون المصير الذي نهرب منها فنجده أمامنا.
السوبر ستارز في رمضان هذا العام لم ينجح منهم سوى الفخراني، بينما عادل امام سقط أمام تجليات لبلبة، وقدرتها على خطف الكاميرا أمامه، في حين أبدع العظيم محمود عبد العزيز في رأس الغول، مظلوما، لأنه لم يهتم بحجم الدعاية للمسلسل كما ينبغي، ولأن مساحة عرض المسلسل كانت ضيقة جدا، على فضائية النهار التي فقدت الكثير من مشاهديها وراهنت على نجم سوبر، لكنها يبدو أنها سحبته معها نحو الظلمات، في وقت كان في قمة سلطانه وعبقريته.

فضل قد يكون الخلاص، وقد يكون الحل، وهو في نفس الوقت قد يكون الحل السهل للهروب من أزماتنا، ومحنتنا، فضل هو مرآة الشخصية المصرية، التي لا تجيد سوى التلاعب على مشاعر ونقاط ضعف الاخرين، فنكتشف في النهاية أننا بتنا ضحية أنفسنا.
يسرا تأخرت كثيرا في تطوير نفسها، وتوقفت عن التدخل المخجل في الورق، وفي عمل المخرج، فخرج "فوق مستوى الشبهات" بصورة أفضل بكثير مقارنة بأعمالها السابقة، وقدمت شخصية مليئة بالمتناقضات، غنية بالمشاعر المتضاربة، فأبدعت، كما لم تفعل من قبل.

رحمة، قد تكون التعبير الحقيقي لتناقضاتنا، قد تكون الانعكاس البشع لحقيقتنا، قد تكون الشخصية الوحيدة السوية في حياتنا، ففي الظاهر رحمة وفي الباطن يكمن أشد العذاب،في الظاهر براءة وفي القلب حقد وكراهية.

في حين ظهر الضعف في أداء غادة عبد الرازق، رغم المجهود المبذول في "الخانكة" لكن يبدو أن خطة "التشويش" عليها قبل وأثناء تصوير العمل قد ظهر أثره على العمل، لكن هذا لا يجب أن يحبطها، فالتخلص من "فودة" لم يكن بالسهل، وكان عليها ان تدفع ثمن حريتها، وقد نجحت في ذلك، حتى لو كان الثمن دخولها "الخانكة".

أميرة هي البنت المصرية التي تظلم نفسها عندما تؤمن بأن للرجل حق في السيطرة عليها، وقد تكون الجيش الذي يمنح الرجل كل حقوقه، ويسلبها أعز ما تملك في لحظة الانكسار، بيدها تقتل المرأة المصرية نفسها، وبيدها تدفن رأسها في الرمال.

نجوم الشباب هذا العام صعدوا عدة درجات نحو النجومية، مثل غادة عادل وناهد السباعي في "الميزان"، الذي بات أحد رهانات هذا العام، ومحمود عبد المغني وزينة في أزمة نسب، وشريف سلامة ودرة وظافر عابدين في "الخروج"، ومي عز الدين التي تاهت في غياهب "وعد"، لكن في مقدمة النجوم الشباب طارق لطفي في "شهادة ميلاد" الذي لا يحتاج الان بعد كل هذا النضج الفني سوى إلى "الحظ" الذي أعتقد انه سيأتي له لا محالة إذا ما بحث عن فكرة "مبهرة" في العمل المقبل.

وعلى قمة الفشل بلا منازع يتربع "الكيف" و"ليالي الحلمية"، فتشويه الماضي الجميل بات أسلوب حياة لـ أحمد "محمود أبو زيد"، وانتهاك حرمة ابداع والده تحولت عنده إلى سبوبة وأكل عيش، أما أيمن بهجت قمر الذي بذل جهدا خرافيا لمقاومة "الفشل" لم ينجح رغم الكتابة الجيدة، لسبب بسيط أنه وجه قدراته غير المحدودة في "حرث البحر"، ومنح أعداءه السكين الذي سيذبحوه بها، وهو ما فعله باسم سمرة، الذي أدى دورا رائعا على خشبة مسرح مظلمة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق