مصائب وفوائد الإنترنت: كيف سقط أطفالنا بين شقي الرحى؟

السبت، 17 أغسطس 2024 10:26 م
مصائب وفوائد الإنترنت: كيف سقط أطفالنا بين شقي الرحى؟
مرفت رياض تكتب:

 
من التعارف عليه منذ قديم الأزل أن الطفل ماهو إلا ورقة بيضاء حسبما ملئت يكون شكل صفحته ومحتواها ، وتكون شخصيته التي أسست إما تأسيسا سليما أو تأسيسا به خلل يعاني منه هذا الطفل معظم أيام حياته بل وقد يعاني منه من حوله من المجتمع أيضا، ومع وجود الإنترنت في حياتنا بشكل متزايد وإتاحة استخدامه من كبار لصغار عبر جوال محمول في أيدينا ، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي تحديدا ؛ أصبح من الصعب على أولياء الأمور متابعة أطفالهم، ومراقبة أنشطتهم عبر الإنترنت خاصة مع إنشغال الأم تحديدا يليها الأب في عملهم والسعي وراء لقمة العيش جاهدين في توفير حياة كريمة لأطفالهم ، لكنه للأسف يتناسى بعض أولياء الأمور أن الصحة النفسية والعقلية و الأخلاقية للطفل لا تقل أهمية عن صحتهم البدنية والتعليمية ، إذ لا قيمة للتعليم بدون أخلاق ،  وحقيقة لا ننكرها أنه للأسف أصبح الأنترنت يتحكم في سلوكيات أطفالنا  وأخلاقهم بنسبة كبيرة.
 
أضيف إلى ذلك عدم دراية وعدم معرفة أولياء الأمور بأنشطة الإنترنت وكيفية استخدامها وهو ما يسمى بالجهل الألكتروني حتى أن العديد من أولياء الأمور وأكاد أكون أنا منهم بشكل شخصي أجهل بعض تقنيات الأنترنت والجأ لأبنائي ليفيدوني بعدة أمور في هذا السياق، نظرا لأن هذا الجيل وهو ما أسميناه " بجيل الأنترنت "أصبحت حياته واندماجه على الجوال و الأنترنت أكثر من إندماجه وسط أسرته وأصبحت صبغة الطفولة المعروفة باللعب تكون على الجوال والأنترنت أكثر من اللعب مع أخوتهم أو ممارسة أنشطة رياضية سواء بالمنزل أو الشارع أو النادي كما كان معهود في العقدين السابقين ، وهو أمر لا أحد ينكر أنه خطير.
 
فقد يتعرض أطفالنا للعنف أو الإساءة أو الإستغلال وقد يصل للإدمان ولا أقصد  هنا إدمان المخدرات فقط بل هناك الجديد وهو الإدمان الألكتروني ، كل ذلك يهدد سلامة الطفل في ظل غياب الوعي لدى الطفل ولدى أولياء الأمور .
 
وقد سمعنا مؤخرا مصطلح التنمر الذي يتعرض له بعض أطفالنا بالشارع أو المدارس ... ، ولكن لا يعلم الكثير من أولياء الأمور أن هناك تنمر إلكتروني من السهل جدا أن يتعرض له الطفل وتتم مضايقته دون معرفة هوية من يقوم بهذا التنمر مما يكون له أثر نفسي وعقلي يضر بالطفل ، ولن ننسى على سبيل المثال قصة شهيد الشهامة الطفل محمود البنا الذي قتل على يد جاره وصديقة بعد تعرضة للتنمر ومشادات وتهديد بالقتل عبر صفحة الفيس بوك الخاصة به ثم تنفيذ القاتل لتهديده وهو طفل أيضا كل ذلك والأهل في غياب تام من جانب الطفلين القاتل والمقتول  لا يعلمون شيئا إلا بعد وقوع المصيبة .
 
أضيف إلى ماسبق من مخاطر الأنترنت أنه قد ينشر بعض الأطفال معلومات شخصية خاصة ويشاركون بعض الأشخاص المجهولون هذه المعلومات كالإسم والعنوان وأرقام الهواتف وذلك بعد إقناع الأطفال أن هذه البيانات هامة لأمر مفيد لهم ، هو ما حدث بالفعل وقيام بعض العصابات بسرقة المنازل بعد الوصول للعناوين بالتفصيل .
 
وحدث ولا حرج من صور الذكاء الإصطناعي التي حذر منها  خبراء فى مجال سلامة الأطفال عبر الإنترنت من أن الأطفال يستخدمون  صور الذكاء الاصطناعى فى المدرسة لإنشاء محتوى غير لائق لأطفال آخرين، فيما يدعو مركز الإنترنت الآمن فى المملكة المتحدة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمساعدة الأطفال على فهم المخاطر المرتبطة بصور الذكاء الاصطناعى، والتى يقول إنها تشكل مواد اعتداء جنسى على الأطفال الأخرين !!.
 
وقد أوضحت دراسة خطيرة للأمم المتحدة أن نسبة 79% من المستخدمين لشبكة التواصل الاجتماعي " الانترنت"  تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 24 عاما ، حيث يتصل طفل بشبكة الإنترنت لأول مرة كل نصف ثانية ، لتكشف تلك الأرقام وغيرها ،عن مدي خطورة ما يتعرض إليه الأطفال الذين يمثلون ثلث مستخدمي الإنترنت في العالم .
 
وبرغم كل هذه المخاطر والعيوب من استخدام الإنترنت الغير آمن للأطفال ، لكننا لا ننكر أن له  فوائد هامة يجب الإنتفاع بها للطفل ، وهو ما أوضحه المهندس أيسم صلاح خبير تكنولوجيا المعلومات، 
أن تعرض الأطفال لحوار من على الإنترنت من ثقافات وأفكار مختلفة من العالم يؤثر على تكوين هويتهم وتطوير القيم والآراء التى يكتسبوها مع الوقت من الإنترنت ، كما أن استخدام الأطفال للإنترنت يعرضهم لفرص أخرى من التعليم غير التعليم التقليدى، لأن التعليم من خلال الإنترنت يفتح آفاق جديدة أخرى غير متاحة وطرق جديدة للتعليم غير متاحة فى التعليم التقليدى، كما يسبب تأثيرات اقتصادية لأن الشركات والمطورين سيعملون على إخراج منصات للأطفال " ..
 
وأرى أنه لن تكون هذه الاستفادة قائمة إلا بمراقبة أولياء الأمور لأطفالهم وتعلمهم كيفية استخدام الأنترنت ووسائل التواصل الجتماعي وتذكير أطفالهم  من حين لآخر بما هو حلال وحرام وبما يفيدهم وما يضرهم فذلك هو قارب النجاة لهم وسط كل هذا الزخم من التكنولوجيا والمستحداث التي لا نعلم إلى أي مدى ستكون.
 
ويجب أن يكون هناك  تدابير من قبل الحكومة وتحديدا وزارة الإتصالات ليتم اتخاذ هذه التدابير لمنع إساءة استخدام هذه التكنولوجيا، في الوقت الحالي، والذكاء الاصطناعي غير الخاضع للرقابة وغير المنظم يجعل الأطفال أقل أمانًا .
كما أنني أرى أن هناك دورا للمجلس القومي للأمومة والطفولة في هذا السياق ، فعلية توجيه الأمهات من خلال الإعلانات واللوحات الإرشادية عن مخاطر الإنترنت على الأطفال وكيفية التعامل معها ، بل وعمل ورش لتعليم الأمهات كيفية استخدام الأنترنت ومتابعة السوشيال ميديا وإرسال المستحدثات لهن عن استخدام الأنترنت عن طريق رسائل موجهة للأمهات  . 
 
والحقيقة أن وزارة التضامن لم تنسى المجتمع في هذا السياق فقد أعدت وزارة التضامن والتنمية الاجتماعية والمساواة والأسرة، بتعاون مع اليونيسيف، دليل الأسر لحماية الأطفال من مخاطر الأنترنت، تم تقديمه في لقاء دراسي حول دور الأسر في حماية الأطفال من مخاطر الأنترنت يوم 24 نونبر  2020.
 
ويأتي إعداد هذا الدليل في إطار تفعيل الهدف الاستراتيجي لحماية الطفولة 2015-2025 والمتعلق بالنهوض بالمعايير الاجتماعية الحمائية للأطفال ، ويقدم هذا الدليل .
 أجوبة على أكثر الأسئلة تداولا للأسر؛
تعزيز معارف وكفاءات الأسر لمواكبة أنشطة أطفالهم على الأنترنت؛
التعريف بسبل الوقاية؛
التعريف بمحركات البحث الملائمة للأطفال؛
التعريف بتطبيقات الحماية المتوفرة .
وأخيرا يجب أن نعلم كلنا أن استخدام الأنترنت وتقنياته  من خلال الجوال أو الكمبيوتر ما هي إلا آلة نحن من نقوم بتوجيهها لعقولنا وعقول أطفالنا وليست هي من توجه أطفالنا وسلوكياتهم ، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال المراقبة وأتحاد أولياء الأمور والدولة معا لحماية أطفالنا ووصولهم لبر الأمان وسط هذا الزخم من التقنيات الحديثة المرعبة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة