الملاذ الآمن للاستثمار.. تحسن البنية التحتية وتقديم حوافز استثمارية جاذبة والإرادة السياسية القوية تفتح الباب أمام تدفق الاستثمارات العربية والأوروبية

السبت، 10 أغسطس 2024 03:20 م
الملاذ الآمن للاستثمار.. تحسن البنية التحتية وتقديم حوافز استثمارية جاذبة والإرادة السياسية القوية تفتح الباب أمام تدفق الاستثمارات العربية والأوروبية
محمد الشرقاوى

مشروع تنمية رأس الحكمة يغير شكل الساحل الشمالى الغربى.. والسعودية: مصر سوق واعدة ومنصة مهمة للتصدير لدول المنطقة
توقيع 35 اتفاقية ومذكرة تفاهم بـ 68 مليار يورو مع الشركات والتحالفات الأجنبية خلال مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى
شهدت مصر خلال السنوات الأخيرة نجاحات غير مسبوقة فى جذب الاستثمارات الخارجية، خاصة من الدول العربية، حيث أثبتت نفسها كوجهة مستقرة وآمنة للاستثمارات فى ظل إقليم يعانى من الاضطرابات الجيوسياسية. 
ويأتى ذلك فى إطار رؤية الحكومة المصرية، لتعزيز التنمية الاقتصادية وجذب رءوس الأموال الأجنبية من خلال تحسين البنية التحتية، وتقديم حوافز استثمارية جاذبة.
وأظهرت البيانات الصادرة عن البنك المركزى المصرى، أن صافى الاستثمارات العربية فى مصر بلغ 2.46 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالى 2023-2024، مع تصدر دولة الإمارات العربية المتحدة، قائمة الدول المستثمرة بصافى تدفقات بلغ 951.2 مليون دولار خلال الربع الثانى من العام المالى، تلتها السعودية باستثمارات بلغت 154 مليون دولار، ثم الكويت بـ131.7 مليون دولار وقطر بـ76.4 مليون دولار.
وتعد صفقة رأس الحكمة مع الإمارات بقيمة 35 مليار دولار، التى تم الإعلان عنها فى مارس الماضى، من أبرز الصفقات الاستثمارية، ومن المتوقع، أن يصل إجمالى استثمارات المشروع إلى 150 مليار دولار، ولعب هذا المشروع دورا كبيرا فى زيادة تدفق رءوس الأموال، وتحفيز المستثمرين الأجانب لعقد صفقات مشابهة فى مصر، ما عزز مكانة البلاد على خريطة السياحة العالمية. 
وخلال زيارته الأخيرة إلى القاهرة، أعلن وزير الاستثمار السعودى، خالد الفالح، عن نية المملكة زيادة استثماراتها فى مصر من خلال صندوق الاستثمارات العامة السعودى، كما أشار إلى أن المملكة تعمل على تحويل ودائعها فى مصر إلى استثمارات طويلة الأجل، وأكد الفالح، أن المملكة تعتبر مصر سوقا واعدة ومنصة مهمة للتصدير لدول المنطقة، مشيرا إلى توجيهات القيادة السعودية بأن تكون شريكا لمصر بما يحقق مصالح الشعبين.
وفى إطار تعزيز العلاقات الثنائية، تعمل الحكومتان المصرية والسعودية على حل مشكلات المستثمرين السعوديين، حيث نجحت الحكومة المصرية فى حل 70% من هذه المشكلات. 
وخلال الاجتماع، قال رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولى، إن حكومتى مصر والمملكة العربية السعودية، تعملان خلال الفترة الحالية بشكل جاد على الارتقاء بمعدلات الاستثمارات المشتركة، مضيفا: «نحن حريصون كحكومة على دفع العلاقات الثنائية بين البلدين فى جميع المجالات إلى مستويات أكبر»، مؤكدا أن التعاون من أجل زيادة الاستثمارات المشتركة، يحتل أولوية بالنسبة للبلدين، كما أشار إلى أن الحكومة المصرية نجحت فى حل 70% من مشكلات المستثمرين السعوديين، متابعا: «نحرص على متابعة كل ما يخص الاستثمارات السعودية فى مصر، وأوجه بتيسير جميع الإجراءات الخاصة بها، بما يُسهم فى جذب المزيد من الاستثمارات الجديدة، وهذا توجه عام من الحكومة المصرية خلال هذه المرحلة».
وأشار مدبولى إلى «اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمارات المتبادلة بين البلدين»، موضحا أنه يحرص بالتعاون مع الوزراء المعنيين، على سرعة وضع اللمسات النهائية للاتفاقية، التى ستسهم بصورة كبيرة فى زيادة معدلات الاستثمار المشتركة بين مصر والمملكة العربية السعودية.
وتعد الإمارات من أكبر الدول المستثمرة فى مصر، حيث سجلت استثماراتها صافى تدفقات بلغ 951.2 مليون دولار خلال الربع الثانى من العام المالى 2023-2024، ولعبت صفقة رأس الحكمة دورا محوريا فى تعزيز الاستثمارات الإماراتية، حيث ساهمت فى زيادة تدفق رءوس الأموال، وتحفيز المستثمرين الأجانب على عقد صفقات مشابهة.
ومن المقرر، أن يحدث مشروع رأس الحكمة، طفرة لتنشيط القطاع السياحى بالبلد صاحب المقاصد السياحية المتنوعة، واستقطاب استثمارات أجنبية مباشرة خلال المرحلة المقبلة، بدعم من المقومات المختلفة فى مصر وسلسلة مشاريع البنية التحتية، التى قامت بها الدولة خلال الفترة الماضية، لاسيما بمنطقة الساحل الشمالى.
ويقول متخصصون، إن مشروع رأس الحكمة، سيسهم فى إحداث طفرة قوية لقطاع السياحة فى مصر خلال المرحلة المقبلة، بالإضافة إلى زيادة تدفقات الأفواج السياحية ومضاعفة إيرادات الدولة من السياحة، وبالتأكيد فإن دخول الإمارات بما لها من ثقل ومكانة اقتصادية عالمية فى أكبر مشروع استثمارى مباشر فى مصر، يعد شهادة ثقة فى جدوى الاستثمار فى مصر من المتوقع أن يتبعها مزيد من التدفقات الاستثمارية لاقتناص الفرص المتاحة بالقطاع السياحى المصرى، ومن ثم تنشيط السياحة بمختلف أنواعها فى مصر، لاسيما بمنطقة الساحل الشمالى.
وتحققت هذه الإنجازات الاستثمارية فى مصر بفضل الاستقرار الاقتصادى والسياسى، الذى تنعم به البلاد، كما ساهم برنامج الإصلاح الاقتصادى، الذى أطلقته الحكومة المصرية فى جذب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 10 مليارات دولار خلال العام المالى 2022-2023، ويستهدف البرنامج تحقيق معدلات نمو بمتوسط 5%، وتحفيز دور القطاع الخاص، وتعزيز سوق العمل، ودمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى.
وفى ظل الاستقرار الاقتصادى والسياسى، الذى تنعم به مصر، تظل البلاد وجهة مفضلة للاستثمارات العربية، فمع التحسينات المستمرة فى البنية التحتية والحوافز الاستثمارية، وتبنى سياسات اقتصادية مرنة ومشجعة، يتوقع أن تستمر تدفقات الاستثمارات العربية فى النمو، ما سيسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية، وتوفير فرص العمل، ودعم الصناعات الوطنية، واستقرار سعر الصرف.
ويشهد القطاع السياحى فى مصر ازدهارا كبيرا، مع تبنى الدولة لمشاريع المدن الجديدة والمدن الذكية، مثل مدينة العلمين الجديدة على الساحل الشمالى، وهذه المشاريع لا تعزز فقط البنية التحتية السياحية، لكنها تفتح أيضا آفاقا جديدة للاستثمار فى مجال السياحة والفندقة والأنشطة الترفيهية، ويعتبر مشروع رأس الحكمة مثالا بارزا على كيفية دمج السياحة مع الاستثمار العقارى، ما يخلق فرصا هائلة للنمو والتنمية الاقتصادية.
وعملت الحكومة المصرية على تحسين البنية التحتية واللوجستية بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، ما جعل البلاد وجهة أكثر جاذبية للاستثمارات. تشمل هذه التحسينات شبكة الطرق الحديثة، والموانئ المتطورة، والمطارات الجديدة، فضلاً عن مشروعات الطاقة المتجددة. وتساعد هذه البنية التحتية القوية فى تسهيل عمليات التصدير والاستيراد، وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات المصرية فى الأسواق العالمية.
وشهدت مصر تحولات اقتصادية كبيرة بفضل تطوير البنية التحتية وتحسين مؤشرات الاقتصاد، ما جعلها وجهة مفضلة للاستثمارات الأجنبية، وعلى رأس التنمية فى البنية التحتية مدينة العلمين الجديدة، والتى تعد نقطة جذب للاستثمارات العربية والأجنبية والمحلية خلال الفترة القادمة، فالأعداد الهائلة، التى زارت المدينة خلال مهرجان العلمين، ستوجه أنظار المستثمرين لاستغلال الفرص الاستثمارية المتاحة فى هذه المنطقة، وبناء الفنادق السياحية.
وأصبحت منطقة العلمين من أهم المقاصد السياحية المطلة على البحر الأبيض المتوسط بواجهة مميزة بطول 14 كم على شاطئ البحر المتوسط أى بما يعادل طول كورنيش الإسكندرية، بعد أن كانت منطقة العلمين غير مأهولة بالسكان، وكانت تحتوى على العديد من آلاف الألغام بعد الحرب العالمية الثانية، واستمرت هذه المنطقة على هذا الوضع لم يصل لها يد العمران والتطوير والتنمية، حتى بدأت الدولة المصرية، تحويل هذه المنطقة لمنطقة سياحية ومدينة متكاملة بها جميع الخدمات، التى تؤهلها للاستخدام طوال العام، وليس فى فصول الصيف فقط، وقد قامت الدولة بتطهير 95 ألف فدان من الألغام من الساحل الشمالى الغربى قبل تشييد المدينة، أى ما يقرب من ضعف مساحة مدينة العلمين البالغ مساحتها 48 ألف فدان.
وتعتبر العلمين الجديدة، إحدى مدن الجيل الرابع، وتشمل مراكز تجارية عالمية، وأبراجا سكنية وسياحية، ستغير خريطة الساحل الشمالى بأكمله والمفهوم الذى أُنشئ على أساسه، فهى ستكون مدينة سكنية، تستقطب المواطنين طوال العام، وليس فى موسم الصيف فقط، كما هو معتاد، حيث أن موقع المدينة المميز يجعلها بوابة مصر على أفريقيا، فهى تشهد نسبة مشروعات غير مسبوقة، وجذبت عددا من الشركات العالمية للاستثمار بها.

الشراكات الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبى
بالإضافة إلى الاستثمارات العربية، تعتبر الشراكات الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبى جزءا أساسيا من استراتيجية مصر لجذب الاستثمارات، وشهد مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى الشهر الماضى، توقيع العديد من الاتفاقيات، بما فى ذلك مذكرة تفاهم لدعم الاقتصاد الكلى بقيمة مليار يورو، وتهدف هذه الشراكات إلى تعزيز التعاون فى مجالات متعددة، مثل الطاقة النظيفة، والتكنولوجيا، والصناعات التحويلية، مما يزيد من فرص الاستثمار الأجنبى المباشر فى مصر.
وقال مدبولى، إن مؤتمر الاستثمار المصرى الأوروبى، شهد توقيع 29 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 49 مليار يورو مع الشركات التابعة للاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى توقيع 6 اتفاقيات ومذكرات تفاهم بقيمة 18.7 مليار يورو مع تحالفات وشركات أخرى سواء كانت أوروبية غير تابعة للاتحاد، أو مع شركات من جنسيات مختلفة، ولكن هدفها هو التصدير إلى الاتحاد الأوروبى، موضحا أن هذه الاتفاقيات، تم توقيعها سواء على مستوى القطاع الخاص أو ما بين القطاع الخاص والجهات الرسمية المصرية، وهو ما يحقق مستهدفات كبيرة، كما أن هذه الأرقام، تعكس اهتمام الاتحاد الأوروبى وشركات القطاع الخاص بمختلف المجالات والمشروعات، التى تم توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بشأنها، ومن بينها مشروعات الهيدروجين الأخضر، وكذا ما يتعلق بالسيارات الكهربائية، والبنية الأساسية، ومشروعات النقل المستدام، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وغير ذلك من المجالات والقطاعات المهمة والرائدة التى حددتها وثيقة مصر 2030، كما أن هذه المشروعات تأتى ضمن مستهدفات الاتحاد الأوروبى لدعم الاقتصاد الأخضر خلال المرحلة القادمة. 
ساهمت الإصلاحات الاقتصادية والسياسات الحكومية المرنة فى خلق بيئة استثمارية جاذبة، تشمل هذه الإصلاحات توحيد سعر الصرف، وتحسين مناخ الأعمال، وتقديم حوافز ضريبية للمستثمرين. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت الحكومة برامج لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الشمول المالى، ما يسهم فى دمج الاقتصاد غير الرسمى فى الاقتصاد الرسمى.

التوقعات المستقبلية
وتشير التوقعات إلى استمرار نمو الاستثمارات العربية فى مصر، بدعم من الاستقرار السياسى والاقتصادى، والتحسينات المستمرة فى البنية التحتية، والإصلاحات الاقتصادية، حيث تستهدف الحكومة المصرية، جذب استثمارات أجنبية مباشرة قدرها 30 مليار دولار فى السنة المالية 2024-2025، ما يعكس الثقة الكبيرة فى قدرة الاقتصاد المصرى على جذب المزيد من الاستثمارات.
وتثبت مصر يوما بعد يوم، أنها واحة استقرار وملاذ آمن للاستثمارات فى منطقة تعصف بها الاضطرابات، ومع استمرار التعاون المثمر مع الدول العربية، ودعم المشاريع التنموية الكبرى، تظل الآفاق واعدة، لتحقيق مزيد من النمو والازدهار الاقتصادى نحو مستقبل مشرق.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق