ملف الحبس الاحتياطي وميزان المكايدات السياسية

الجمعة، 26 يوليو 2024 07:26 م
ملف الحبس الاحتياطي وميزان المكايدات السياسية
طلال رسلان يكتب:

على مدار سنوات، لم تلتفت الدولة المصرية لأجندات الهجوم عليها في مسألة حقوق الإنسان، ليس بسبب التجاهل أو فشل إدارة الملف الشائك، بل لأنها اتخذت خطوات جادة في صناعة وصياغة مفهوم جديد لحقوق الإنسان يضمن الحريات ويحرك المناخ العام في اتجاه الانفتاح، بعيدا عن أهداف المكايدات السياسية ومصالح هدم الدولة وتأليب الرأي العام، الذي طفح كيله من المتلاعبين بتلك الشعارات بعد إفلاسهم في كل مرة.
 
في البداية عندما هاجموا مصر في الملف الشائك، ليمثل ضغطا على الإدارة السياسية المصرية، كان الرد الأبلغ على أرض الواقع بإطلاق مبادرة حياة كريمة التي وضعت أساسا للمفهوم المصري لحقوق الإنسان أمام العالم، بإنجازاتها وأرقامها التي حققتا بالفعل على أرض الواقع وإنقاذ الأكثر احتياجا ومن ثم تحقيق العدالة الاجتماعية.
 
انتقلت الدولة المصرية إلى مرحلة الفعل وليس رد الفعل لأول مرة في ملف حقوق الإنسان، لتقطع طريق جماعات حصر مفهوم حقوق الإنسان على المحبوسين في جرائم جنائية وأسماء معينة، لا يراد بها إلا مكايدة النظام المصري.
 
في 2021 أطلق الرئيس السيسي الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وشملت أن كافة الحقوق والحريات مترابطة ومتكاملة، وأن ثمة ارتباطًا وثيقًا بين الديمقراطية وحقوق الإنسان، مع أهمية تحقيق التوازن بين الحقوق والواجبات، وبين حق الفرد والمجتمع وضرورة مكافحة الفساد لضمان التمتع بالحقوق والحريات.
 
ومن ثم الالتزام بصون الحقوق والحريات وتعزيز احترامها يتحقق من خلال التشريعات والسياسات العامة من جانب، ومن خلال ما تقوم به مختلف المؤسسات والآليات الوطنية من إنفاذ لتلك التشريعات والسياسات.
 
أفضل ما أعلى قيمة الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، ووضعها في وجه المتلاعبين على أحبال المكايدات، تحركات الدولة لتنفيذ معناها الشامل الواضح بلا مواربة في تأكيد التزام الدولة باحترام وحماية الحق في السلامة الجسدية والحرية الشخصية والممارسة السياسية وحرية التعبير وتكوين الجمعيات الأهلية، والحق في التقاضي فمصر ترحب دومًا بتعدد الآراء، بل واختلافها ما دامت تراعي حريات الآخرين، وتهدف من خلال نقد بناء وتشاركي إلى تحقيق ما هو أفضل لصالح مصر وشعبها.
 
جاءت النتائج لتؤكد المعطيات السابقة، فقد انتهى الحوار الوطني، من عقد جلستين مطولتين من جلساته لمناقشة إحدى القضايا المُدرجة على جدول أعمال لجنة حقوق الإنسان والحريات العامة التابعة للمحور السياسي وهي قضية الحبس الاحتياطي، والتي ناقشت بشكل تفصيلي هذا الملف من خلال بحث خمس موضوعات، وشملت: مدة وبدائل الحبس الاحتياطي، وموقف المحبوس احتياطياً عند تعدد الجرائم وتعاصرها وتزامنها، والتعويض الأدبي والمادي عن الحبس الاحتياطي الخاطئ، وأخيراً؛ التدابير المصاحبة للحبس الاحتياطي من منع سفر ونحوه.
 
ترجمة رؤية الدولة المصرية في ملف حقوق الإنسان إلى الاستجابة لمخرجات جلسات الحوار الوطني في الإفراج عن محبوسين، حسمت الحديث في الملف كاملا، إذا ما تحدث أحدهم عن مسألة المناخ السياسي المصري بل إن جلستي الحوار الوطني اتخذتا شكل الجلسات التخصصية التي يحضرها الخبراء والمتخصصون وذوو الشأن وممثلي التيارات السياسية.
 
كل ذلك يترجم حالة النقاش المفتوح لهذه القضية الهامة، بما يضمن الحفاظ على طبيعة الحبس الاحتياطي كأحد إجراءات التحقيق ومستلزماته ومتى توافرت ضروراته بما يحفظ له طبيعته الاحترازية فلا يتحول إلى عقوبة، ويضمن في الوقت ذاته حق المجتمع في الحياة الآمنة.
 
المناقشات التي امتدت على مدار ١٢ ساعة جادة وبناءة، يتكامل بها الحوار الوطني مع جهود باقي مؤسسات الدولة الدستورية المعنية. واستمع ممثلو مجلس أمناء الحوار الوطني والمقررون والحاضرون إلى كل وجهات النظر، والوضع القانوني القائم حالياً ومقترحات التطوير المختلفة واستعراض تجارب الدول الأخرى، دون مصادرة لرأي أو حجر على فكرة.
 
في النهاية نحن أمام نتاج صادق لتحرك الدولة المصرية في ملف حقوق الإنسان والحريات، بعدما أعلن مجلس الأمناء أنه يتلقى حاليا أوراق العمل المقدمة من المعنيين من القوى السياسية، ويجري ما يلزم من مشاورات قبل صياغة ورفع تقرير التوصيات في صورته النهائية إلى السيد رئيس الجمهورية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة