الحوار الوطني يحدد خارطة طريق الحكومة الجديدة

السبت، 06 يوليو 2024 04:00 م
الحوار الوطني يحدد خارطة طريق الحكومة الجديدة
أمل غريب


جلسات الحوار خرجت بتوصيات جادة قابلة للتنفيذ فى ملفات سياسية واجتماعية واقتصادية تهم رجل الشارع وتتقاطع مع مصالحه وتتماس مع أبسط اهتماماته
 
جاء رضا الشعب المصرى، وتخفيف العبء عن كاهله، على رأس أولويات التشكيل الحكومى الجديد، الذى شمل الوزراء والمحافظين تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى، بضرورة إحداث تغيير جذرى خلال المرحلة المقبلة، وهو ما بعث برسالة طمأنة بأن إيجاد حلول سريعة وشافية للأزمات القائمة، والانحياز إلى تلبية احتياجات المواطنين ومطالب الشارع وتطلعاته، يتصدران مهام أجندة الدولة المصرية والقيادة السياسية، ويتناسب مع حجم التحديات الحالية التى تواجهها الدولة فى ظل ما يشهده العالم من حروب مشتعلة وأزمات اقتصادية واختناقات سياسية، أثرت جميعها على الشأن المصرى الداخلى، خاصة من الناحية الاقتصادية.
 
ولعل كلمة الرئيس السيسى، التى ألقاها على الشعب المصرى، فى ذكرى ثورة 30 يونيو، كانت تأكيدا على أن القيادة السياسية على دراية ووعى كامل بكل المعاناة التى يتحملها الشعب المصرى، ووجه رسالة لأبناء مصر، أكد خلالها بكل وضوح وشفافية، معرفته التامة بحجم المشقة التى يعانيها كل رجل وسيدة، من مصاعب الحياة وارتفاع الأسعار لأجــــل توفيـــر الحيـــاة الطيبـــة لأبنائهـــم، وشدد على أن شغله الشاغل والأولوية القصوى للحكومة الجديدة، هو تخفيف تلك المعاناة عن المواطنين، وإيجاد المزيد من فرص العمل وبناء مستقبل أفضل لجميع أبناء مصر، فى إشارة جلية بأن الأمر لن يكون مجرد تغيير أشخاص فحسب، بل سيطول سياسات الوزارات، بهدف تحقيق تكامل بها من أجل خدمة المواطن أولا، حيث تقدر القيادة السياسية بطولة الشعب المصرى الذى وقف خلف بلاده صامدا، أمام كل التحديات والأزمات التى واجهتها على مدار 11 عاما، منذ انطلاق ثورة 30 يونيو، بل كان هو خط الدفاع الأول لها أمام كل المؤامرات الخارجة وفى مقدمتها الحرب على الإرهاب، ثم إيمانه بالجمهورية الجديدة، فجاء تكليف الرئيس السيسى، للدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، بأن يضع نصب أعينه أن الأولوية للحكومة الجديدة، هى المواطن المصرى ورضاؤه، وعليها الانتباه إلى أن مقياس أدائها الرئيسى سيكون هو «الرضاء الشعبى» بكل طبقاته، فى تقييم مستوى الحكومة، لتكون المرحلة المقبلة نقلة نوعية تليق بالجمهورية الجديدة.
 
الحكومة الجديدة، سيكون عليها عبء ثقيل، حيث إن المواطن هو المحرك الأساسى لها خلال الفترة المقبلة، وعليها رفع شعار «المواطن أولا»، لذا فإن مخرجات الحوار الوطنى تعد هى خارطة الطريق الحقيقية لها، خاصة أنها وضعت بعدما شهدت بحثا ونقاشا مستفيضا على مدار عاما كامل، من جانب سياسيين وخبراء ومتخصصين ورجال دولة ومعارضين وشخصيات عامة وأكاديميين وباحثين وبرلمانيين وأحزاب وأمنيين ومثقفين وفنانيين، وكانت هى ثمرة نقاشات جادة، دارت حول أدق تفاصيل كل التحديات والمعوقات التى تواجه الملفات السياسية والاجتماعية والاقتصادية فى الدولة، التى تهم رجل الشارع وتتقاطع مع مصالحه وتتماس مع أبسط اهتماماته بشكل مباشر، سواء فى قطاعات الصناعة أو الزراعة أو الثقافة أو التشريع أو التنمية المحلية أو الحياة السياسية والحزبية والنيابية أو بناء الإنسان المصرى، وكذلك الدعم والرعاية والحماية الاجتماعية، وغيرها من الملفات الشائكة التى تتعلق بحياة ومعيشة ومستقبل المواطن المصرى بشكل مباشر وصريح.
 
وشكل الحوار الوطنى حالة غير مسبوقة فى المجتمع المصرى والشارع السياسى، وشهد مناقشات مطولة استغرقت ساعات طوالا، كان الهدف منها «مصر والمصريين» أولا وأخيرا، وهذا بدوره يتطلب أن تكون ضمن البرنامج المنتظر للحكومة الجديد، وعليها أن تضع نصب أعينها تنفيذ التوصيات والمخرجات التى خرجت من الحوار بشكل عاجل وفورى، ضمن البرنامج الخاص بها، خاصة أن التغيير الوزارى الجديد، يأتى فى توقيت مهم للغاية، وأمام الحكومة الجديدة مهام كبيرة، يتزامن معها حجم توقعات كبير فى ظل التحديات العالمية والإقليمية والمحلية، واستكمال مسيرة الإنجازات التى تشهدها مصر خلال السنوات العشر الماضية، بقيادة الرئيس السيسى، وبالتالى فإنه يجب على الحكومة الجديدة، عدم إهمال أو تخطى أو تجاوز مخرجات الحوار الوطنى على مختلف الأصعدة، وكل المحاور الثلاثة «الاقتصادية والسياسية والاجتماعية»، بحجة أنها قد تطرح أفكارا جديدة وخارج الصندوق، لأن ذلك سيتسبب فى تضييع الوقت وغضب المواطنين وتفاقم الأزمات، كما أنها مطالبة بترشيد حقيقى للإنفاق واستغلال موارد الدولة فى استكمال المشروعات القومية، والعمل على مكافحة الفساد بكل أشكاله وتقديم حلول اقتصادية مبتكرة، ووضع قوانين صارمة لتنظيم الأسواق، والاستمرار فى مد مظلة الحماية الاجتماعية لمحدودى الدخل، والعمل من أجل التحول إلى الدعم النقدى، والسعى لدعم طريق التنمية وتدريب المستفيدين، خاصه الشباب الذين هم أقل من سن الـ45 عاما على مهن مختلفة، ومنها الصناعات اليدوية التقليدية والحرفية، ومساعدتهم على توفير مستلزمات الإنتاج وتسويق منتجاتهم داخليا وخارجيا، كما أن الحكومة الجديدة، عليها أن تكون على قدر كاف من تلبية طموح الشعب وآماله، وقادرة على تحقيق إنجازات ملموسة فى أقصر فترة زمنية ممكنة.
 
واستطاع الحوار الوطنى، الخروج بتوصيات جادة وقابلة للتنفيذ فى كل الملفات المتعلقة بالزراعة والصناعة والاقتصاد، خاصة الملف الاقتصادى وما يحتاجه من أفكار متطورة تساهم فى خلق فرص جديدة للاستثمار الأجنبى والمحلى، وجلب السياح وتوفير العملة الأجنبية، وكذلك فإن ملف الزراعة يسهم فى تعزيز الأوضاع الاقتصادية، خاصة عندما يساهم بالتصدير أو تقليل الاستيراد، كلاهما يقدم دخلا للدولة ويوفر العملة الصعبة، للأمور الأكثر احتياجا.
 
وهناك العديد من التوصيات والمقترحات والمخرجات التى قدمها الحوار الوطنى فى المحور الاقتصادى، الذى بات هو الشغل الشاغل الآن للخروج من الأزمات الاقتصادية المتكررة التى تواجه الدولة وقطاعاتها المختلفة، تلك المخرجات ألزمت الحكومة المنتهية ولايتها، بجدول زمنى لوضع التوصيات موضع التنفيذ، وبات من الضرورى التأكيد على أن الحكومة الجديدة، لن تبدأ من الصفر فى وضع الخطط والإجراءات اللازمة لتفعيل توصيات الحوار الوطنى، لأنه بالفعل هناك جدول زمنى واضح، خاصة أن رئيس الحكومة الجديدة، هو ذاته رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، وهناك لجنة مشتركة من الحكومة ومجلس أمناء الحوار الوطنى للمتابعة والتنسيق، ما يسهل المهمة، وتم تقديم توصيات مهمة بشأن السياسات الاقتصادية والإجراءات التنفيذية والمبادرات المتنوعة، سواء كان فى وسائل التمويل غير التقليدية أو طبيعة المنتجات المتوقعة من تلك المبادرات، خاصة أن هناك مقترحا تم تقديمه من قبل الحوار الوطنى، بإنشاء «المجلس الاقتصادى والاجتماعى والبيئى».
 
وتوصيات الحوار الوطنى فى المحور الاقتصادى، بالغة الأهمية بمجال القضاء على التضخم وتنمية ودعم الاستثمار المحلى والأجنبى، وكذلك المقترحات بشأن وثيقة ملكية الدولة، واستهدفت تحسين مناخ الاستثمار وتعزيز مشاركة القطاع الخاص فى القطاعات الاقتصادية المتعددة، ودفع القطاعات الإنتاجية وتعزيز مبدأ المنافسة، وأهمية وضع أدلة استثمار ميسرة فى كل المجالات، وإتاحتها لكل الجهات داخليا وخارجيا بأكثر من لغة أجنبية، وأيضا فض الاشتباك بين الأراضى المخصصة للنشاط الصناعى والمشتركة مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، حتى يستطيع المستثمر الصناعى التعامل مع جهة واحدة موحدة ومحددة، فضلا عن التوسع فى إنشاء المناطق الحرة العامة والخاصة، وتيسير إقامة المناطق الحرة، مع ضرورة إعادة النظر فى تطوير الخريطة الاستثمارية وطرحها بشكل وأضح، وتحديثها بشكل دورى على أن تتضمن دراسات جدوى متخصصة، علاوة على تفعيل المادة رقم 22 من قانون الاستثمار، المنظمة لدور المكاتب الاستشارية المعتمدة، ووضعها محل التطبيق مع وضع الضوابط اللازمة لسرعة إصدار التراخيص، وكذلك أن يصدر البنك المركزى توجيهاته لوحدات القطاع المصرفى، بإصدار القرارات اللازمة لاختصار فترة تقييم دراسات الجدوى من وحدات الجهاز المصرفى، والتى على أساسها يتم منح المشروع الائتمان اللازم، لتصبح بذلك بحد أقصى 45 يوم عمل، ما يسرع وتيرة النشاط الاستثمارى، وكذلك تفعيل الشباك الواحد، بتوجيه الجهات الإدارية بإيفاد ممثلين مفوضين بالرأى واتخاذ القرارات فيما يعرض عليهم لصلاحيات كاملة، دون انتظار الرجوع إلى جهاتهم الأصلية على نحو ما نص عليه قانون الاستثمار، وأخيرا استحداث نموذج تمويل مشروعات SMEs نظير نسبة الإيرادات من قبل صناديق استثمار، متخصصة فى حالة تقنين وضع الشركات وانضمامها إلى القطاع الرسمي.
 
وأخير بات من الضرورى أن تلتزم الحكومة الجديدة، بتوصيات المرحلة الأولى من الحوار الوطنى، ووضعها كأولوية ملحة، فى شكل مشروعات قوانين وتشريعات تعرض على مجلس النواب، حيث إن تلك التوصيات أتت نتاجا لجهود وطنية مشتركة، بهدف التوصل إلى خارطة طريق تحقق حل أغلب المشكلات التى تواجه المواطن، فى وقت حيث جاء فيه التغيير بالتزامن مع انفجار قنبلة التحديات، ووسط مهام ضخمة تحتاج إلى التدخل السريع، والحلول الفورية، وتغيير واسع فى السياسات وآليات الأداء للمنظومة الحكومية بشكل شامل لخدمة المواطن، واتخاذ إجراءات سريعة وناجزة، من شأنها تلبية احتياجات رجل الشارع، وتكون قادرة على تحقيق مبدأ التكامل فى الرؤى للاستجابة والتعامل مع كل التحديات الداخلية الراهنة.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة