الجوع لن يهزم الثورات
لم يخلق بعدُ الثورى الذى لا يُضرب حوله حصار مميت، وقد حوصر سيد الخلق وسيد الثوار صلى الله عليه وسلم لثلاث سنوات فى شِعب عمه أبى طالب، حوصر الرسول والمسلمون وبنو هاشم، يصف لنا الإمام ابن القيم فى كتابه «زاد الميعاد» صورة من صور الحصار، فيقول: «لما رأت قريش أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلو والأمور تتزايد، أجمعوا على أن يتعاقدوا على بنى هاشم وبنى المطلب وبنى عبد مناف ألا يبايعوهم ولا يناكحوهم ولا يكلموهم ولا يجالسوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكتبوا بذلك صحيفة وعلقوها فى سقف الكعبة، فانحازت بنو هاشم وبنو المطلب مؤمنهم وكافرهم، إلا أبا لهب فإنه ظاهر قريشا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنى هاشم وبنى المطلب، وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه فى شِعْب أبى طالب ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة، وبقوا محصورين مضيقا عليهم جدا، مقطوعة عنهم الميرة والمادة نحو ثلاث سنين حتى بلغ بهم الجَهْد، وسُمِعَ أصوات صِبيانِهم بالبكاء من وراء الشِّعب».