بعد مجهود ثلاث سنوات.. لماذا حرصت مصر على الانضمام لمؤشر "جي. بي. مورجان"؟
السبت، 18 ديسمبر 2021 11:30 م
خبراء: يساهم في تشجيع الاستثمار الاجنبي وخفض الدين العام وإدراته ويؤكد قوة الاقتصاد المصري
في خطوة هامة وقوية للاقتصاد المصري وتشجيع الاستثمار وجذب المزيد من المستثمرين الأجانب ودعم المشروعات المصرية، أعلنت وزارة المالية انضمام مصر لمؤشر " جي. بي. مورجان" للسندات الحكومية بالأسواق الناشئة، ومن المتوقع أن تدخل مصر بـ14 إصدارًا بقيمة إجمالية حوالى 26 مليار دولار، ويكون نسبتها في المؤشر 1.85% بما يُمكن صناديق الاستثمار الكبرى والمزيد من المستثمرين الأجانب للاستثمار في أدوات الدين المصرية بالعملة المحلية.
وبذلت مصر ممثلة في فريق من وزارة المالية عمل علي مدار ثلاث سنوات ماضية من أجل تنفيذ كافة الشروط وإزالة كافة العقبات أمام انضمام مصر للمؤشر العالمي رغم الجائحة التي أثرت بشكل قوي علي الاقتصاد العالمي، ولكن مصر وضعت خطة من أجل الوصول للانضمام مرة للمؤشر بعد خروج مصر في 2011، تمثلت في التواصل الدائم مع فريق عمل بنك «جي. بي. مورجان» لإمداده بأحدث البيانات والتطورات الخاصة بسوق الأوراق المالية الحكومية، والعمل علي تلبية متطلبات انضمام مصر للمؤشر التي تضمنت إطالة عمر الدين الحكومي وزيادة نسبة مشاركة المستثمرين الأجانب في الأدوات المالية الحكومية، إضافة إلى تعديل الإجراءات المتبعة بشأن عدم الازدواج الضريبي وتطبيقه علي المستثمرين الأجانب، بما ساهم فى تطوير سوق أدوات الدين الحكومية المصرية، ومن ثم جذب شريحة جديدة من المستثمرين الأجانب لزيادة الطلب علي أدوات الدين ووضعها علي الخريطة العالمية للمؤشرات ورفع ثقة المؤسسات المالية الدولية وتخفيض تكلفة الدين العام كجزء من حزمة الإجراءات التي تتخذها الدولة للإصلاحات الاقتصادية.
ووفقا لنفين منصور، مستشار الوزير ومدير المشروع، أنه بانضمام مصر إلى مؤشر «جى. بى. مورجان» سيتم ضخ مليار دولار استثمارات إضافية جديدة داخل سوق الأوراق المالية الحكومية المصرية من أذون وسندات خزانة، ومن ثم تحقيق استراتيجية إدارة الدين في خفض التكلفة عن طريق تنشيط سوق الأوراق المالية لزيادة مستويات السيولة وتعزيز الطلب على أدوات الدين الحكومية.
وقال محمد راشد، استاذ الاقتصاد بجامعة بنى سويف، أن مؤشر "جي بي مورجان" يتيح الاستثمار فى أدوات الدين المصرية بالعملة المحلية، وهو ما يعنى توسيع قاعدة المستثمرين وزيادة السيولة المتاحة مما ينعكس علي انخفاض أسعار الفائدة علي السندات وأذون الخزانة المصرية، مؤكداً ـن انضمام مصر إلي المؤشر بمثابة اعتراف كامل من هذه المؤسسة العريقة بقوة وصلابة الاقتصاد المصري، واستدامة الدين العام وهو ما يعكس نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي فى تحقيق أهدافه النقدية والمالية.
وأضاف راشد لـ"صوت الأمة" أنه منذ تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي ونسبة الدين العام إلي الناتج المحلي الإجمالي في تراجع مستمر، كما نجحت السياسة النقدية فى محاصرة التضخم وهو ما ساعد البنك المركزي علي خفض أسعار الفائدة، وهو ما يخفض من تكلفة تمويل الدين العام وخفض عجز الموازنة من ناحية وحفر النمو الاقتصادي من ناحية أخرى، موضحاً أن الجهد المبذول في تطوير سوق الاوراق المالية الحكومية وزيادة السيولة بها، وكذلك إطالة أمد الدين العام وتعديل منحنى العائد انعكس علي استيفاء مصر للاشتراطات الاساسية للانضمام لهذا المؤشر، وسوف يساعد ذلك مصر بشكل كبير علي خفض تكلفة تمويل الدين العام، وكذلك خفض عجز الموازنة مما يتيح تحقيق وفورات لتقديم خدمات جيدة واضافية للمواطنين مما يجعلهم يشعرون بثمار الإصلاح الاقتصادي.
وقال الدكتور علي الادريسي، استاذ الاقتصاد والاستثمار، أنه بعد غياب أكثر من 10 سنوات تمكنت مصر من العودة للانضمام لمؤشر "جي بي مورجان"، الذي يعد شهادة ثقة جديدة من المستثمرين الأجانب في صلابة الاقتصاد المصري، وينعكس انضمام مصر للمؤشر اقتصادياً على دعم العملة المحلية وانخفاض تكلفة الاقتراض وزيادة جاذبية سندات الدين الحكومية، لافتا إلى أنه بنهاية يناير 2022، ستنضم مصر لمؤشر «جي. بي. مورجان» المختص بالبيئة والحوكمة استناداً على طرح السندات الخضراء في أكتوبر 2020، وسوف تكون نسبة مصر في هذا المؤشر 1.14%، بما يعكس تواجد مصر على خريطة الاقتصاديات المستدامة وتوجه الدولة نحو أدوات الدين الخضراء، ويساهم ذلك فى دعم العملة الوطنية وتراجع تكلفة الاقتراض، من خلال زيادة متوقعة فى التدفقات الدولارية.
وأضاف الإدريسى لـ"صوت الأمة"، أنه يمثل دعماً للعملة المحلية، وكذلك انخفاض تكلفة الاقتراض في مصر، والمساهمة فى جذب مستثمرين جدد لسوق أدوات الدين الحكومى، سيساعد الحكومة في طروحاتها المستقبلية، وأن تكون ذات تأثير أكبر على المستوى الاقتصادي العالمي، وانضمام مصر لمؤشر "جي بي مورجان" يسهم في الترويج أكثر لسوق سندات مصر الخضراء أو التمويلات الجديدة التي قد تحصل عليها في المستقبل، فضلاً عن أنه يقلل من تأثير ارتفاع العائد على سندات الخزانة الأمريكية على الاستثمار بالأسواق الناشئة.
وكانت مصر منضمة لهذا المؤشر لكنها خرجت منه في يونيو 2011 لعدم الوفاء بمتطلبات مؤسسة «جي. بي. مورجان»، وبدأت وزارة المالية منذ حوالي 3 أعوام السعي لإعادة انضمام مصر إلى مؤشر «جي. بي. مورجان» من خلال تحقيق متطلبات البنك، ومنها: إطالة عمر الدين الحكومي وتعديل منحنى العائد «Yield curve» ورفع نسبة مشاركة المستثمرين الأجانب في الأدوات المالية الحكومية مع زيادة حجم كل إصدار.
ومن المتوقع أن يؤدي الإدراج ضمن المؤشر إلى تدفقات مالية بقيمة تتراوح ما بين 1.4 و2.2 مليار دولار إلى الديون المقومة بالجنيه.
وقال الدكتور خالد الشافعي، رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، إن انضمام مصر للمؤشر مرة أخري يعني انها مصر قادرة علي الحصول علي قروض والتمويلات اللازمة بأسعار فائدة بأقل مما أذا كانت مصر خارج المؤشر مما يعطي مصر ثقل وقوة في الاقتصاد العالمي ويعطي مصر الافضلية في الاقتراض، موضحاً أن المؤشر يعمل علي خفض تكلفة التمويلات الداخلية مما تستطيع معه الدولة من فتح أفاق و الاستثمارات المختلفة وزيادة حجم الانشطة والعمالة ومزيد من المشروعات القومية ودليل علي قوة الاقتصاد المصري إقليميا.
وأشار الشافعي إلى أن هناك استجابة للطروحات المختلفة للسندات المصرية الخارجية بما فيها السندات الخضراء، وهذا ترجمة واضحة لإشادة المؤسسات المالية الدولية بالسياسات الاقتصادية والمالية المصرية المتبعة، وبما انعكس على تثبيت التصنيف الائتماني لمصر مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصري، وهو ما يعكس ثقة المؤسسات المالية في قدرة مصر على التعامل مع الصدمات الخارجية رغم التداعيات السلبية لأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد.