فرار "آبي أحمد".. الهروب الكبير
السبت، 27 نوفمبر 2021 05:33 م
رئيس وزراء إثيوبيا يعترف بالانهيار ويجهز لخدعة الهروب الكبرى.. ومقاتلو التيجراى يهزمون قوات الجيش
صاحب نوبل للسلام أغرق إثيوبيا في الحرب الأهلية ويستجدي أفريقيا والعالم لإنقاذه.. والدول تسحب رعاياها وتحذر من الخطر القادم
كل الطرق تؤدي إلى حرب أهلية وانهيار العاصمة أديس أبابا.. هكذا أصبح الوضع على أرض الواقع في إثيوبيا بوتيرة تقارير متسارعة عن احتدام عمليات القتال على حدود العاصمة وسقوط مدينة تلو الأخرى في أيدي قوات التيجراي.
بدا رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد يرتدي قميصا من حديد يطبق عليه كل ساعة، بعد تصريحاته التي صدق عليها "يقتل القتيل ويمشي في جنازته"، تعليقا على هزائم قوات جيش الحكومة على مشارف أديس أبابا.
في أحدث تصريحات تناقلتها وسائل الإعلام الإثيوبية لآبي أحمد قال إن البلاد تشهد لحظاتها الأخيرة وندعو لإنقاذها من الانهيار، في خطاب إلى استجداء العالم، ثم عاد قائلا "سأترك تدبير الأمور وانضم إلى ساحة القتال للدفاع ومنع انهيار البلاد"، في خطاب عنتري آخر لم يختلف شيئا عن سابقيه غير نبرة استعطاف العالم في محاولة إيقاف زحف مقاتلي التيجراي.
الآن فقط يتذكر آبي أحمد كلمات الانهيار والإنقاذ، وهو الذي وقف بصلف أمام التحذيرات الدولية والأفريقية في دخول بلاده نفق الحرب الأهلية بسبب تصريحاته العنترية التي أشعل بها الفتنة والاقتتال بين الشعب، قبل تحريك قواته للإبادة وارتكاب جرائم الحرب البشعة ضد شعب التيجراي.
نشرت قوات إقليم تيجراي، فيديو قالت إنه لـ"أسرى الجيش الإثيوبي"، الذين بلغ عددهم 11 ألفا، فيما تحدث المبعوث الأميركي الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان أن التقدم نحو دفع جميع أطراف الصراع الإثيوبي إلى مفاوضات لوقف إطلاق النار.
وحسب الفيديوهات الواردة وأكدتها تقارير عربية، ونشرها عضو مكتب تيجراي للشؤون الخارجية كيندييا غيبريهوت عبر حسابه على "تويتر"، فإن أسرى بالآلاف من قوات الجيش الإثيوبي وقعوا في يد جبهة تيجراي
فيما بدا تصريح رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بأنه سيتوجه إلى ساحة المعركة ليقود القتال ضد مقاتلي جبهة تحرير تيجراي، الذين باتوا على بعد خطوات من العاصمة أديس أبابا، هروبا من تحمل المسئولية، ودور زائف لإيجاد مبرر الانهيار ومحاولات غسل الأيدي من دماء مئات الآلاف من الأبرياء من الشعب يدفعون ثمن الحرب المشتعلة والتي يبدو أنها لن تضع أوزارها في القريب العاجل.
آبي أحمد الذي استجدى في وقت سابق العالم والدول الأفريقية لإنقاذ البلاد من الانهيار الذي هو سببه الرئيسي بقراراته وسياساته، رجع يقفذ على حبل آخر للعب على الشعب، عندما قال "لدينا تاريخ في الدفاع عن اسم إثيوبيا. الحرية والسيادة التي تمتعت بها البلاد لآلاف السنين ليست منحة، من المستحيل الحفاظ على الحرية بدون ثمن. ولقد دُفع هذا الثمن بالدم، ومات الأبطال من أجل ذلك".
راح آبي أحمد يبرر مقتل عشرات الآلاف من الشعب في حرب مأساوية ورطهم فيها، ثم وقف يستنكر غير مصدق للواقع قائلا "هزيمة إثيوبيا أمر لا يمكن تصوره"، على الدول الأفريقية الوقوف الآن إلى جانبنا".
في أثناء ذلك كانت نتيجة طبيعية للمشهد الاثيوبي، تصريح جيش تحرير أورومو، المتحالف مع جبهة تحرير تيجراي في إثيوبيا، بأن الاستيلاء على العاصمة أديس أبابا "مسألة أسابيع".
وبات واضحا أن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي لن تتراجع عن تطبيق "حصار فعلي" على حكومة آبي أحمد بعدما دمرت الأخيرة إقليم تيجراي بجرائم حرب ومعاناة 400 ألف نسمة من المجاعة.
وفي الأثناء التي يمارس فيها آبي أحمد لعبة الخداع على الشعب الإثيوبي أمام العالم بتصريحات عنترية أخرى من قبيل توجهه لإدارة جهود الحرب من الخطوط الأمامية، وترك زمام الأمور إلى نائب رئيس الوزراء ديميكي ميكونين الذي سيتولى إدارة الشؤون اليومية للحكومة في غيابه، فإن قوات تيجراي لا تتوقف عن الاستيلاء على المدن واحدة تلو الأخرى.
بينما آبي أحمد يكمل تصريحاته العنترية قائلا "لنلتقي في جبهة القتال. حان الوقت للتضحية من أجل قيادة البلاد"، تزحف قوات تيجراي وحلفاؤها نحو أديس أبابا، وتقاتل لقطع ممر للنقل يربط بين إثيوبيا الحبيسة وميناء رئيسي في جيبوتي، ما يعد آخر أوراق حكومة آبي أحمد للتنفس وبقاء طريق الامدادات أو الهروب مفتوحا.
على الصعيد الدولي الوضع لا يختلف كثيرا عن التوتر الداخلي الإثيوبي، فقد أكد المبعوث الأميركي الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان إن التقدم نحو المفاوضات في الصراع الإثيوبي لمحاولة وقف إطلاق النار مهدد بمخاطر تصعيد عسكري "مقلق".
وفي حين تتسارع أحداث العنف والحرب في إثيوبيا كلما اقترب مقاتلو جبهة تجرير تيجراى من العاصمة أديس أبابا، دعت عدة دول رعاياها بمغادرة اثيوبيا، وأبرزها الدعوات المتجددة من قبل الخارجية الأمريكية وسفارتها فى أديس أبابا، لرعاياها بضرورة المغادرة على الفور بسبب الأوضاع الأمنية التي تسوء مع مرور كل ساعة.
ودعت فرنسا مواطنيها لمغادرة إثيوبيا فى أقرب وقت، وأعلنت الأمم المتحدة إجلاء عائلات موظفيها من هناك مع اقتراب جبهة تيجراى من العاصمة، وقبل ذلك دعت ألمانيا والمملكة العربية السعودية ودول أخرى تعاقبت رعاياها في إثيوبيا لمغادرة البلاد والتحذير من أعمال عنف.
ومع تصاعد أعمال القتال، دعا برنامج الأغذية العالمية التابع للأمم المتحدة جميع أطراف النزاع فى أثيوبيا إلى احترام العمليات الإنسانية والسماح بمرور الإغاثة الإنسانية الى المدنيين دون عوائق، فيما أعلنت منظمة الصحة العالمية أنها عاجزة عن إيصال المساعدات والأدوية إلى سكان تيجراى الواقع تحت حصار نظام آبي أحمد، وحذرت المنظمة من أن سكان تيجراى باتوا يموتون بسبب نقص الأدوية.
في غضون ذلك أفادت تقارير وسائل إعلام أمريكية أن الجيش الأمريكي قام بنشر 3 سفن حربية وعدد من قوات العمليات الخاصة في جيبوتي، وأعلنت أن نشر تلك القوات جاء بغرض تقديم المساعدة للسفارة الامريكية في أديس أبابا، في ترقب حذر لتفاقم الوضع في البلاد، بينما تشير عملية نشر ناصر من القوات الخاصة الأمريكية إلى تزايد مخاوف الولايات المتحدة وأطراف دولية كبرى فيما يتعلق بالحالة الأمنية وانتشار العنف والأوضاع المتدهورة في الداخل الإثيوبي.
المؤكد في الأمر ومع تطور الأحداث واقتراب قوات تحرير تجراي من العاصمة أديس أبابا، فإن آبي أحمد بدأ الحساب على فاتورة العنف ما سجلته ذاكرة الشعب الاثيوبي ومنظمات حقوق الإنسان حول العالم من مشاهد دموية ضد شعب التجراي، وظهر آلاف الأسرى من الجيش الاثيوبي وهم يسيرون في انكسار خلال عرض ابتهاجا بانتصار قوات تحرير التجراي في مناطق عدة.
قبل مشاهد الانتصار على قوات آبي أحمد وأسر الآلاف منهم كانت هناك فصول مأساوية دونت في كتب التاريخ بدماء آلاف الأبرياء من التيجراي، بعدما تحولت أرض الشمال الاثيوبي الى كابوس دامِ يؤرق حكومة آبى أحمد منذ توليها زمام السلطة في العام 2018، وبعدما كبحت أحلام آبي أحمد نفوذ حكومة تيجراي وتوليه السلطة وحله الائتلاف الحاكم الذى كان يتألف من عدة أحزاب عرقية وأعلن دمج الأحزاب في حزب واحد أطلق عليه حزب الرفاه، لكن جبهة تيجراى رفضت الانضمام إلى هذا الحزب الذي كان هدفه مزيد من بسط نفوذ آبي أحمد على البلاد، ولكن مع حصار الأزمات الداخلية له من كل حدب وصوب بدأت مشروعه الاستعماري السلطوي في الانكشاف أمام العالم، إلا أن تيجراي كان لها النصيب الأكبر من نيرانه وشره حيث تعرضت لعمليات تطهير على وقع اتهام قادة الإقليم لهم بالفساد وانه زعيم غير شرعي لأن ولايته انتهت عندما أرجأ الانتخابات الوطنية بسبب جائحة كورونا.