تبطين الترع ينقذ المحافظات في موسم الأمطار
السبت، 27 نوفمبر 2021 04:52 م
يستهدف خفض 19 مليار متر مكعب من هدر المياه.. يضمن وصول المياه دون عوائق وعدالة التوزيع
متوسط الأمطار التي تتساقط على مصر سنويًا تصل لـ 1.3 مليار متر مكعب
منذ نحو 7 سنوات بدأت الحكومة المصرية تطوير الأرياف وتحقيق طفرة في إدارة المياه وتوفير حياة كريمة للمزارعين، ومن بين المشروعات البارزة التي تولي لها الدولة المصرية اهتماما كبيرا، "المشروع القومي لتبطين الترع والمصارف"، وسعت الدولة من خلاله بضمان وصول المياه دون عوائق، وتقليل التبخر وتحقيق عدالة التوزيع بين الأراضي الزراعية.
يعد المشروع من أهم المشروعات العملاقة الفترة الحالية، فبجانب توفيره لقدر كبير من المياه المهدورة التي لا تتم الاستفادة منها، يعمل أيضا على تحسين البيئة المحيطة بالترع والمصارف.
وكان الرئيس عبيد الفتاح السيسي، أكد في كلمته أثناء افتتاح النسخة الرابعة من أسبوع القاهرة للمياه، أن مصر "تخطو في مواجهة تحديات جمّة ومركبة، حيث أن نصيب الفرد من المياه في مصر يبلغ 560 مترا مكعبا سنويا، في الوقت الذي أكدت فيه الأمم المتحدة أن نصيب الفرد ألف متر في العام الواحد".
وأوضح الرئيس المصري أن الخطة الاستراتيجية تكلفتها التقديرية 50 مليار دولار، وتتركز على عدد من المحاور، من خلال تحسين نوعية المياه وإنشاء محطات المعالجة الثنائية والثلاثية، ورفع كفاءة منظومة الري.
ويساهم المشروع بدوره في عودة مساحة كبيرة كانت مهدورة واستخدمها العديد من القاطنين بجوار الترع في التعديات، فمع تنفيذ المشروع يعود كل شيء لأصله، ويعاقب الشخص المتعدي على حق الدولة، بجانب أنه يعتبر حماية كبيرة للأهالي المتواجدين في المناطق المحيطة من وجود الحشرات وانتشار الأمراض.
تبلغ أطوال الترع في مصر33 ألف كيلو تقريبًا، تمتد من الاسكندرية حتى أسوان، تم إنشاؤها في عهد محمد علي، منذ 200 عام تقريبًا، بالتالي كلها ترع طينية لا يوجد بها تبطين وتتعرض المياه فيها للفقد، ويُقدر الفاقد منها نحو 19 مليار متر مكعب. هذا الفقد سبب رئيسي لمعاناة الأراضي الزراعية في مصر من نقص المياه.
ومن بين الأهداف التي وضعتها الدولة لمشروع تبطين الترع، خفض ما بين 15 إلى 19 مليار متر مكعب من المياه التي يجري هدرها بالشبكة المائية على طول مجرى النيل، بجانب رفع كفاءة الري في الحقول من 50 إلى 70% من الري بالغمر، وزيادة إنتاجية ما لا يقل عن 250 ألف فدان من الأراضي الطينية.
وتسعى الدولة من وراء المشروع إلى حل شكاوى المزارعين بشأن نقص المياه، وتقليل المخلفات وإلقاء النفايات التي تكلف الدولة أموالا طائلة، لتطهير الترع والمصارف وإزالة الحشائش منها، بميزانية قدرت 80 مليار جنيه كميزانية تقديرية لتبطين الترع على مرحلتين، ويبلغ إجمالي أطوال الترع المستهدفة بالمشروع 20 ألف كيلومتر، ومن المخطط إنهاؤه بنهاية العام المالي 2023/2024.
وكشف تقرير مسبق لقطاع تطوير الري بوزارة الموارد المائية والري، أنه تم تنفيذ مشروعات الري الحديث في 278.212 ألف فدان حتى الآن، بنسبة 53.92%، وتستهدف الوزارة تنفيذ التطوير في مساحة 516 ألف فدان.
وأكدت الوزارة أن هناك 555 عملية لتأهيل أطوال الترع موزعين على 20 محافظة من الإسكندرية لأسوان، وتم الانتهاء من تبطين 2145 كيلو متر من الترع خلال الفترة الراهنة، ومع حلول يونيو 2022 سننتهي من تبطين 7 آلاف كيلو من الترع كمرحلة أولى من مشروع تبطين الترع.
ومع حلول موسم الشتاء، تظهر بوادر المشروع القومي يبرز أهمية المشروع، إذ تستهدف الدولة في الوقت الحالي تحسين حالة الري في مساحة مليون فدان في مجال الزراعة التي تعتبر المستهلك الرئيسي للمياه بنسبة 81%، وتصل الاستخدامات المنزلية حوالي 14% بينما لا تستهلك الصناعة سوى 1.57%.
يهدف هذا المشروع القومي كما أكدت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات إلى خفض المياه التي يتم هدرها في الشبكة المائية على طول مجرى النيل، من الموارد المائية سواء من نهر النيل أو من الأمطار أو المياه الجوفية أو المعالجة، كما سيساعد على رفع كفاءة الري في الحقول من 50% إلى 75% من الري بالغمر في الحقول، كما سيعمل على زيادة إنتاجية ما لا يقل عن 250 ألف فدان من الأراضي الطينية.
وبشأن أهمية المشروع قال الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري، إن قطاع المياه في مصر يواجه تحديات عديدة على رأسها الزيادة السكانية والتغيرات المناخية، مع محدودية موارد مصر المائية، حيث أن الموارد المائية المتجددة كمياتها محدودة معظمها يأتي من مياه نهر النيل بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحاري بإجمالي 60 مليار متر مكعب سنويا.
وأوضح أن الاحتياجات المائية تصل حجمها 114 مليار متر مكعب سنويا، ويجري تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية السطحية بالوادي والدلتا، موضحا أن هناك خطة قومية للموارد المائية حتى عام 2037 بتكلفة تصل إلى 50 مليار دولار من المتوقع زيادتها الى 100 مليار دولار، وتعتمد على أربعة محاور تتضمن ترشيد استخدام المياه وتحسين نوعية المياه وتوفير مصادر مائية إضافية وتهيئة المناخ للإدارة المثلى للمياه.
ومن جانبه أكد المهندس محمد غانم، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية والري، أن متوسط الأمطار التي تتساقط على مصر سنويًا تصل لـ 1.3 مليار متر مكعب، موضحا أنه يجري العمل للاستفادة من مياه الأمطار، عبر 1500 منشأ للحماية من السيول ومع تبطين الترع، بما يساهم في حماية الناس، وحصاد كميات الأمطار أمام الخزانات والبحيرات الزراعية.
ورد مجلس الوزراء مؤخرا على شائعة عدم جدوى تأهيل الترع، مؤكدة أنه يجري تنفيذه طبقاً لدراسة أعدها أكبر مكتب استشاري في الشرق الأوسط، وقد استغرق إعداد هذه الدراسة 3 سنوات، كما يجري التنفيذ تحت إشراف المعاهد البحثية والقطاعات الفنية التابعة للوزارة، والجامعات الإقليمية بالمحافظات.
وأوضح أن المشروع ساهم في حل العديد من مشكلات المزارعين وتحقيق العديد من المكاسب لهم، من خلال توصيل مياه الري لنهايات الترع وبالكميات المطلوبة، وبما يحقق عدالة التوزيع بين الأراضي الزراعية، الأمر الذي مكّن المزارعين من زراعة أراض بور كانت تقع عند نهايات الترع ولم يتم ريها منذ سنوات، وكذلك زيادة القيمة السوقية لتلك الأراضي بنسبة 30%، فضلاً عن ترشيد استهلاك المياه بنسبة 5 إلى 10% عند اكتمال المنظومة، بالإضافة للمردود البيئي والجمالي، والحفاظ على الصحة العامة.