القاهرة رسمت خطوط حل الأزمة الليبية.. حجمت طلقات الرصاص وفتحت صناديق الانتخابات
الجمعة، 12 نوفمبر 2021 05:00 م
يتطلع الليبيون إلى التحركات الأخيرة التي تشهدها الساحة الدولية بشأن الأزمة الليبية، كذلك الدور الكبير للمفوضية العليا للانتخابات برئاسة الدكتور عماد السايح، في التجهيز للانتخابات المرتقبة، المقرر لها 24 ديسمبر المقبل.
وعلى مدار سنوات، لعبت القاهرة دوراً بارزاً ومحورياً فى وضع أسس حل الأزمة الليبية من خلال إعلان القاهرة الذى دفع كل الأطراف للقبول بوقف إطلاق النار والشروع في عملية سياسية شاملة، مكنت من عقد اجتماعات للأطراف الليبية في جنيف، أفضت لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة ممثلة فى مجلس رئاسى من رئيس ونائبين ورئيس حكومة.
وعلى الأرض، كانت البداية من رسم الخطوط الحمراء "سرت - الجفرة"، والتى كانت بداية لطريق السلام بين الفرقاء الليبيين، خاصة أبناء المؤسسة العسكرية الذين اجتمعوا فى جنيف وحققوا إنجازا كبيرا بالتوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل كامل فى البلاد 20 أكتوبر الماضى، والتشديد على خروج القوات
الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب.
ومهدت المبادرة المصرية، التى طرحها الرئيس عبدالفتاح السيسى، للحل السلمى للأزمة الليبية المتمثلة فى «إعلان القاهرة»، والتى تم إعلانها فى يونيو 2020 بحضور رئيس مجلس النواب الليبى المستشار عقيلة صالح، وقائد الجيش الوطني -آن ذاك- المشير خليفة حفتر، ما دفع الليبيين للاتجاه إلى طريق السلام والعودة إلى طاولة الحوار لإجراء حوار سياسى مثمر.
كما شكلت المبادرة طريق اللا عودة للمرتزقة والميليشيات المسلحة التى أدخلتها أطراف إقليمية لتأجيج الوضع فى ليبيا، فكان لـ«إعلان القاهرة» وتحذير الرئيس السيسى، بأن "خط سرت الجفرة خط أحمر" أبلغ الأثر على نفوس المرتزقة فى ليبيا وداعميهم، بأن يراجعوا حساباتهم من جديد، قبل أن تبدأ مصر فى اتخاذ إجراءات عسكرية للحفاظ على أمن وسلامة ليبيا.
ولم يكن إعلان القاهرة مجرد بنود تكتب على ورق، لكنها كانت بمثابة رؤية شاملة للحل قابلة للتطبيق، حيث أكدت على عدد من الثوابت المصرية فى التعامل مع أزمة ليبيا، والتأكيد على وحدة وسلامة الأراضى الليبية واستقلالها، واحترام كل الجهود والمبادرات الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
وبناء عليه التزام كل الأطراف بوقف إطلاق النار، ارتكزت المبادرة بالأساس على مخرجات قمة «برلين»، والتى نتج عنها حل سياسى شامل يتضمن خطوات تنفيذية واضحة المسارات «السياسية، والأمنية، والاقتصادية»، واحترام حقوق الإنسان وقانون الإنسان الدولى، واستثمار ما انبثق عن مؤتمر «برلين» من توافقات بين زعماء الدول المعنية بالأزمة الليبية.
وأكد إعلان القاهرة على ضرورة استئناف أعمال مسار اللجنة العسكرية (5 + 5) فى مدينة جنيف برعاية الأمم المتحدة، وبما يترتب عليه إنجاح بقية المسارات السياسية، والأمنية، والاقتصادية، أخذاً في الاعتبار أهمية قيام الأمم المتحدة والمجتمع الدولى، بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كل الأراضى الليبية وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها حتى تتمكن القوات المسلحة الجيش الوطنى الليبى بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من الاضطلاع بمسؤولياتها بمهامها العسكرية والأمنية فى ليبيا.
وشددت المبادرة على ضرورة العمل على استعادة الدولة الليبية المؤسسات الوطنية مع تحديد الآلية الوطنية الليبية الملائمة لإحياء المسار السياسى برعاية الأمم المتحدة واستثمارا لجهود المجتمع الدولى لحل الأزمة الليبية، كما أعاد التأكيد على أهمية إعادة سيطرة الدولة على كل المؤسسات الأمنية ودعم المؤسسة العسكرية الجيش الوطنى الليبى، مع تحمل الجيش الوطنى بمسؤولياته فى مكافحة الإرهاب وتأكيد دوره بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والشرطية لحماية السيادة الليبية واسترداد الأمن فى المجال البحرى، والجوى، والبرى.
المسار العسكرى فى جنيف
ونجحت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة «5+5» عقب اجتماعاتها فى مدينة جنيف السويسرية على وضع رؤية شاملة للحل وإعلان كامل لوقف إطلاق النار، ووضع آلية لخروج كل المرتزقة والقوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب من البلاد دون أى تأخير، وهو ما رحب به الشارع الليبى بشكل واسع.
واحتضنت مصر اجتماعين للجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5)، كان آخرهما الاجتماع الذى عقد فى القاهرة، بمشاركة بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا، والذى ناقش آلية إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب التابعين لدول جوار جنوب ليبيا وتحديدا تشاد والنيجر والسودان.
ويتطلع أبناء الشعب الليبى والأطراف الإقليمية والدولية لنجاح اللجنة العسكرية الليبية «5+5» فى توحيد المؤسسة العسكرية، والشروع فى عملية حل التشكيلات المسلحة غير النظامية فى البلاد والتى تشكل تهديدا لأمن واستقرار ليبيا ودول جوارها.
ومن المقرر أن تعقد اللجنة العسكرية الليبية المشتركة اجتماعات فى روسيا وتركيا خلال أيام للعمل بحث آلية إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا تفعيلا لقرارى مجلس الأمن 2570 و2571 والشروع فى عملية فرض السيادة الليبية بشكل كامل، والشروع فى توحيد مؤسسة الجيش وإصلاح المؤسسات الأمنية فى البلاد.
المسار السياسى .. ملتقى الحوار السياسى
ومهد «إعلان القاهرة»، الأرضية للأطراف السياسية لاستئناف المشاورات لحل الأزمة وهو ما شجع البعثة الأممية على تشكيل ملتقى حوار سياسى بدعوة 75 شخصية ليبية للمشاركة فى اجتماعات مكثفة فى دولة تونس لوضع أسس الحل السياسى.
ونجحت الشخصيات الليبية المشاركة فى ملتقى الحوار السياسى الليبى، فى وضع رؤية الحل للأزمة وذلك بالاتفاق على عقد اجتماعات فى مدينة جنيف السويسرية لانتخاب سلطة تنفيذية جديدة ممثلة فى انتخاب مجلس رئاسى جديد، من رئيس، ونائبين، ورئيس حكومة مؤقتة، على أن تكون مهمة هذه الحكومة هى توحيد المؤسسات الوطنية الليبية، وحل المشكلات المعيشية، والتمهيد لتنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية فى البلاد 24 ديسمبر المقبل.
وشرعت السلطة التنفيذية الجديدة فى ليبيا بالعمل على توحيد المؤسسات وبحث المشكلات والتحديات التى تواجه أبناء الشعب الليبي، بالإضافة لطرح رؤية واضحة لتفعيل المصالحة الوطنية بين كافة الأطراف الليبية، والشروع فى الترتيبات اللازمة لإجراء انتخابات عامة فى البلاد نهاية العام الجارى.
ويتطلع أبناء الشعب الليبى للأمن والاستقرار، فى الفترة المقبلة ويترقبون ما ستسفر عنه اجتماع مؤتمر باريس الدولى لوضع آلية واضحة لتفعيل ما تم الاتفاق عليه فى ملتقى الحوار السياسى الليبى الذى وضع خارطة طريق واضحة ومحددة، بالإضافة لتفعيل مخرجات اللجنة العسكرية الليبية «5+5» التى تواصل الليل بالنهار للعمل على فض الاشتباك والتأكيد على مخرجات اللجنة فى اجتماع جنيف 20 أكتوبر 2020.