العبور من النصر إلى الجمهورية الجديد
السبت، 09 أكتوبر 2021 06:00 م
روح أكتوبر كانت كلمة السر في انتصار 73 العظيم ومفتاح القضاء على الإرهاب وبناء الدولة الحديثة
اصطفاف الشعب خلف الرئيس السيسي لتحقيق حلم الاستقرار والتنمية والنهوض وتحقيق طفرة حقيقية
عبور خط بارليف المنيع فتح شهية المصريين لمواصلة الحرب على جماعات الخراب والدمار.. وتحمل القرارات الصعبة
جسدت العسكرية المصرية في حرب أكتوبر 73 المجيدة، أروع البطولات التي مازالت تدرس في كبرى المعاهد العسكرية، كما كانت لغزا حير الباحثين والمتخصصين في العلوم العسكرية والاستراتيجيات الحربية، حول السبب الحقيقي لهذا النصر والانتصار العظيم، فكان مفتاح حل اللغز في مصطلح "روح أكتوبر" الذي أطلقه الرئيس الراحل، محمد أنور السادات، ولخص فيه الروح المعنوية العالية التي تمتع بها جميع أفراد الشعبي المصري، جنبا إلى جنب مع أبناء القوات المسلحة المصرية، من ضباط وجنود، مما أوصلهم جميعا إلى نتيجة واحدة كانت هي حسم المعركة بالنصر، واسترداد أرض سيناء الغالية، وعبور قناة السويس، التي كانت مستحيلة بكل ما تحمله الكلمة من معاني، وأكدت عليها أقوى وأهم الدراسات والخطط العسكرية التي وضعها العدو الإسرائيلي، والدول الحليفة لها.
روح أكتوبر.. كلمة السر في العبور الأول
كانت "روح أكتوبر" هي كلمة السر الحقيقية للوصول إلى النصر العظيم، الذي ما يزال خنجرا في ظهر، العدو الإسرائيلي، في ظل الأزمة الاقتصادية الرهيبة التي أعقبت هزيمة حرب يونيو 67، وتخصيص كل موارد الدولة إلى المجهود الحربي، وإعادة بناء القوات المسلحة المصرية من جديد، حتى أن الشعب المصري، تحمل تكلفة الفاتورة كاملة، كتفا بكتف مع جيش بلاده، وموقنا من نصر الله، على الرغم من التفوق العسكري الذي كان عليه جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي يفوق عتاد ومعدات وأسلحة القوات المسلحة المصرية بمراحل كبيرة، كانت تؤكد استحالة حتى محاولة التفكير في خوض حرب.
محاولة قضاء الجماعة على روح أكتوبر
وبعد انتهاء معركة الكرامة في أكتوبر 73، والنصر العظيم الذي تحقق على العدو الإسرائيلي، وتحرير أرض سيناء، هدأت الأوضاع ومرت الأيام والسنين، واستطاع الأعداء في الخارج، تنفيذ مخطط حروب الجيل الرابع، في مصر، والبلدان العربية، بتفريغ طاقات الشباب المصري والعربي، واستنزاف عزيمة الشعوب، خاصة في أم الدنيا مصر، بوضع خطط القضاء على القوة الصناعية والزراعية والسياحية، والتعليمية والصحية والاجتماعية، وتنفيذ مؤامرات الفتن الطائفية، بيد الأبناء في الداخل، ومعاونة أجهزة استخبارات دولية، فكانت الفرصة المواتية لهم هي إشعال ثورة 25 يناير 2011، استغلالا للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي كانت متدهورة، بفضل خطط حروب الجيل الرابع، فكان لهم ما أرادوا، وولوا على عرش مصر، جماعة الإخوان الإرهابية، التي كانت هي اليد المنفذة لتلك المؤامرة الكبرى، والزراع الطويلة للقضاء على الدولة المصرية، وتجريف ثقافتها وتحويل مسارها من دولة أمنة، إلى أخرى تسبح في بحور من دماء الفتن الطائفية والتقسيم المذهبي والتشرذم السياسي، والتشتت الاجتماعي، والتدهور الصحي، والانهيار الاقتصادي، للوصول في النهاية إلى مرحلة الـ "لا دولة" وسقوط مصر، فريسة في فخاخ أعدائها، ليرقص على جثتها الضباع، ويتحقق لهم حلم الفوز بالـ "جائزة الكبرى" كما يطلقون عليها في مخططات أعتى أجهزة الاستخبارات الدولية.
العبور الثاني.. القضاء على جماعة الإخوان الإرهابية
وعلى الرغم من سقوط مصر، وشعبها، فريسة في يد جماعة الإخوان منذ عام 2012 إلى 2013، إلا أنهم لم يستطيعوا القضاء على "روح أكتوبر"، التي كانت متغلغلة داخل نفوس الشعب والعقيدة العسكرية المصرية، التي لا يمكن أن تنفصل عنها، كونها مفتاح النصر لأي معركة، تخوضها الدولة المصرية، فلا يمكن لجيش وشعب يمتلك أعتى وأحدث الأسلحة والمعدات، ولا يمتلك روحا معنوية أن ينتصر أبدا في أي حرب، وحتما سيخسر أبسط معاركة، فما كانت من الدولة المصرية، إلا استنهاض "روح أكتوبر" من جديد، وإعادة بثها في نفوس الشعب المصري، للوقوف أمام المحتل الجديد –جماعة الإخوان الإرهابية-، والقضاء على حلمهم المسموم نهائيا، وتلقينهم درسا لن ينساه من بقي منهم على الأرض، وسيحكونه قادتهم المزعومون إلى أحفادهم بكل مرارة وقهر، من العار والخزي الذي سيظل يلاحقهم إلى أبد الضهر.
العبور الثالث.. اصطفاف الشعب خلف الرئيس السيسي
من المؤكد، أن حرب أكتوبر 73، لم تكن مُجرد معركةٍ عسكريةٍ خاضتها مصر، فقط، استطاعت من خلالها تحقيق أعظم انتصاراتها، بينما كانت اختبارًا حقيقيًا لقدرة الشعب على تحويل الحلم البعيد إلى حقيقة واقعة على المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية، فما يحدث من عمليات تعمير وبناء وتشييد وتجديد وإحلال في جميع ربوع مصر، هو تجسيدا حقيقيا العقيدة الراسخة للجيش المصري، بأن "يد تبني ويد تحمل السلاح"، كما أنه تأكيدا على إصرار المصرين على استلهامهم لـ "روح أكتوبر"، ليعبروا من الهزيمة إلى نصرا جديدا، استحقوه عن جدارة، بعدما وقفوا خلف القيادة السياسية، وإيمانهم بمدى وطنية وإخلاص الرئيس عبد الفتاح السيسي، واصطفافهم خلفه في صف واحد، لتحقيق حلم الاستقرار والتنمية والنهوض الذي تمنوه كثيرا، وحلموا به طويلا، بعد انتصارات حرب أكتوبر المجيدة، فما يحدث الأن على أرض المحروسة، لهو طفرة حقيقية، جعلت أنظار العالم تتجه نحو مصر، والجمهورية الجديدة.
العبور الرابع.. تحمل أعباء القرارات الاقتصادية
وعلى الرغم من أن بداية استنهاض "روح أكتوبر" في نفوس الشعب المصري، كان الوقوف أمام مخطط جماعة الإخوان الإرهابية، والتصدي له بكل قوة، كان أيضا تحملهم لفاتورة تبعات القرارات الاقتصادية القاسية، ثاني انتصار في التاريخ المصري الحديث، خاصة أن أكبر أجهزة الاستخبارات الدولية، راهنت كثيرا على قدرة المصريين في تحمل قسوة هذه القرارات، واعتقدوا أن شعب مصر، لن يتحمل وسيثور غاضبا من مشقة وصعوبة تلك القرارات، إلا أن العقيدة الراسخة في نفوس "ملح الأرض"، كانت الضربة الثانية التي سددوها بكل عزيمة لأعداء المحروسة، وكان جلدهم وشدة تحملهم بمثابة الضربة القاضية، لكل محاولاتهم الدنيئة، وهو ما جعل الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوجه الشكر إلى جموع الشعب المصري، على شجاعته في تحمل تلك القرارات.
العبور الخامس.. حفر قناة السويس الجديدة
هل توقفت "روح أكتوبر" عند هذا الحد؟.. كان هذا السؤال هو الذي تمنوا أعداء الدولة المصرية، أن تكون الإجابة عليه بـ "نعم"، إلا أن الشعب المصري، أقسم بأن يحمي بلاده ويقف خلف قواته المسلحة، والقيادة السياسية، فلبى نداء حفر قناة السويس الجديدة، وتسابقوا للمساهمة في تنفيذ المشروع القومي الضخم، بأموال الشعب وسواعد أبناءه، وانتهوا منه في سنة واحدة، وعبرا من جديد، واحتفلوا بهذا العبور الثاني لقناة السويس، وجعلوا أعداء مصر، يعضون على أصابعهم من شدة الندم والحسرة، بسبب فشل كل مخططاتهم المسمومة، على الرغم من الشائعات التي نشروها حول جدوى المشروع من الناحية الاقتصادية، فبينما حققت "روح أكتوبر" النصر في حرب العزة والكرامة، لكن يجب أن نعلم أن جميع المشروعات الكبرى التى تنفذها الدولة المصرية في مواعيدها، لهو تأكيدا على أن "روح أكتوبر" متغلغلة في كل فرد من أفراد القوات المسلحة، والشعب المصري، خاصة أن الإنجازات التي تتحقق على أرض الواقع في مصر، من شمالها لجنوبها ومن شرقها لغربها، لا تتم إلا بروح معنوية قتالية، تسابق الزمن وتكتب تاريخ الدولة من جديد.
العبور السادس.. الحرب على الإرهاب في سيناء
استطاعت الجماعات الإرهابية، والمليشيات المسلحة، النفاذ إلى أرض سيناء الغالية، بمساعدة جماعة الإخوان الإرهابية، أثناء استيلائهم على حكم مصر، ونفذوا مخططاتهم الشيطانية واستهدفوا أبناء القوات المسلحة والشرطة المصرية، ونفذوا عددا غير محدود من العمليات الإرهابية، لإرهاب حراس أرض الوطن، وهددوا أهل سيناء الغالية، في محاولة مستميتة منهم للاستيلاء على أرض الفيروز، إلا أن "روح أكتوبر" المتغلغلة في عقيدة الجيش المصري، كانت هي كلمة السر، في العبور السادس، للقوات المسلحة المصرية، والقضاء على الإرهاب في سيناء، بالعزيمة والصبر والقوة والمثابرة وعدم ترك السلاح، إلا عند الاستشهاد فقط، وهو ما كان السبب في عودة الروح إلى جسدها مرة ثانية على أرض الفيروز.
العبور السابع.. تنمية سيناء
إن ما يحدث من تنمية شاملة على أرض سيناء الغالية، حاليا، لهو أوضح دليل على أن "روح أكتوبر"، متأصلة في نفوس الشعب المصري، والقوات المسلحة، من خلال عدد من المشروعات القومية الكبرى، والتي تتضمن ضخ استثمارات وإقامة مشروعات في محافظة شمال سيناء، بنحو 650 مليار جنيه، من بينها إقامة 11 تجمعًا تنمويًا متكاملًا في منطقة وسط سيناء، كامل المرافق والأنشطة التنموية، متضمنا أراض زراعية مجهزة ومنازل وديوان ومسجد ومدرسة تعليم أساسي، وساحات رياضية مرافق خدمية متنوعة، وأنشطة ومشروعات إنتاجية، بتكلفة 4 مليار و57 مليون جنيه، بحيث يحصل المواطن السيناوي على منزل و5 أفدنة، شاملة شبكات الري، بهدف توطين 3.5 مليون مواطن من مختلف محافظات الجمهورية، في وسط سيناء، فضلا عن حفر الآبار العميقة للزراعة، إذ يتكلف الواحد منها بين 7 إلى 10 مليون جنيه، وذلك لاستصلاح وزراعة 465 ألف فدان علي مياه محطة بحر البقر، حيث تبلغ المياه التي ستصل للمحافظة من المحطة، حوالي 5.6 مليون متر مكعب/اليوم، ما يعني استصلاح ومد البنية التحتيه لـ 271 ألف فدان كمرحلة أولي، عن طريق الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، حتي يتم زراعة المستهدف على عدة مراحل، وأيضا زراعة 275 ألف فدان من مياه ترعة السلام، بحيث تصبح شمال سيناء هي الدلتا الثالثة.
ومن بين المشروعات التنموية الكبرى، في محافظة شمال سيناء، يأتي مشروع مدينة رفح الجديدة، الذي يتكلف 2 مليار و330 مليون جنيه، متضمنا 626 عمارة سكنية، و400 بيتا بدويا، وكذلك منطقة خدمات مركزية وأخرى فرعية، تشمل مستشفى بقوة استيعاب 40 سريرا، مسجد بسعة 1000 مصلي، ودار مناسبات ونقطة شرطة ومطافي، وكتب بريد وسنترال ومخبز ومحطة أتوبيسات مركزية، محطة وقود ونادي رياضي واجتماعي وسوق تجاري، ومجمع مدارس للتعليم الأساسى والفني ودار حضانة، فضلا عن إنشاء مدينة سلام، شرق محافظة بورسعيد، وتتضمن المرحلة الأولى 4340 وحدة إسكان اجتماعي، و4889 وحدة إسكان متميز، بجانب إنشاء مدينة بئر العبد الجديدة، بمساحة 2261 فدان، على شاطئ الرواق ببئر العبد، التي تضم 16594 وحدة سكنية، وتتراوح مساحتها بين 100 و150م.
العبور السابع.. حياة كريمة
من أهم المشروعات القومية الكبرى، التي نفذتها الدولة المصرية، كانت مبادرة "حياة كريمة" التي أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، لإحداث نقلة نوعية حقيقية على مستوى جميع محافظات الجمهورية، من تطوير وبناء وتحديث، لهو جزء من بداية نصر، كبير يتحقق بيد الشعب المصري، بتكلفة إجمالية تبلغ نحو 700 مليار جنيه، وهي ميزانية تكفي لبناء دولة جديدة، من إحدى الدول التي طالتها يد التخريب في منطقة الشرق الأوسط، وإعادة إعمارها.
وشملت مبادرة "حياة كريمة" إعادة تأهيل وتجديد وتحديث وبناء، القرى الأشد احتياجا، في المحافظات الأكثر فقرا، من أجل بناء الإنسان المصري، بعزة وفخر، ليكون هو الداعم الأول والأخر، لوطنه، وحاميها من أعداء الداخل والخارج، جنبا إلى جنب مع القوات المسلحة المصرية.
عبور لا ينتهي
واليوم ونحن نحتفل بالذكرى الـ 48 من انتصارات حرب العزة والكرامة، نستلهم "روح نصر أكتوبر" لنبني مصر الحديثة، بمشروعات قومية تنموية كبرى، فاقت الخيال وحطمت كل التوقعات وأبهرت العالم، وبرهنت للمرة الثانية وليست الأخيرة، على أن قدرة الشعب المصري والقيادة السياسية، والقوات المسلحة المصرية، بلا حدود، فمثلما كان عبور قناة السويس، وتحطيم خط برليف، دربا من الخيال ومعجزة بكل الكلمة، في الماضي، إلا أن تغيير وجه مصر، الحضاري والتنموي والصناعي والزراعي والعسكري، كان هو العبور والانتصار الثاني، الذي يتحقق على أرض الواقع، ويبني دولة عصرية جديدة، في الوقت الذي تئن فيه دول العالم من أزمات بلا حدود، وهو ما يجعل الشعب المصري، يفخر من جديد بتحقيقة لمعجزة تنموية شاملة، لا تقل بأي حال من الأحوال، عن معجزة نصر أكتوبر.
وعلينا جميعا أن نعي الدرس العظيم، من نصر أكتوبر، بأن الأمة المصرية، بشعبها وقواتها المسلحة، قادرةٌ دومًا على استعادة حقوقها، والحفاظ على كل شبر من أرضها، وفرض احترامها على الآخرين، والتأكد من أن الحق الذي يستند إلى القوة واليقين والإيمان والاتحاد، حتما تعلو كلمته ولابد أن ينتصر، وأن الشعب المصري، المصطف خلف القيادة السياسية، قادر على بناء مستقبله، ليبهر العالم أجمع، بأنه حين أراد تغيير وجه مصر، بنى المشروعات القومية الكبرى في 7 سنوات، مثلما عبر قناة السويس واسترد سيناء في 6 ساعات.