زواج البارت تايم.. آخر التقاليع "السوشيالية" المخالفة للدين والقيم المجتمعية
الأربعاء، 01 سبتمبر 2021 11:00 صإسلام ناجي
دار الإفتاء ورجال الدين ينتصرون للمرأة بتحريم المبادرات التي تحقرها وتحولها إلى سلعة رخيصة
ما بين مؤيد ومعارض ومتعجب، تظهر مبادرات جديدة وتقاليع للزواج، دون الأخذ في الاعتبار أن الزواج ميثاق غليظ شروطه واضحة ومحددة لا تقبل أي عبث بها، وهو الأمر الذي أثار جدلا واسعا في الشارع المصري ومواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة، وأخرها بدعة زواج "البارت تايم".
وتعود فكرة زواج "البارت تايم" إلى المحامي أحمد مهران، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، الذي قال عبر منشور على صفحته في فيسبوك: "للقضاء على الطلاق والحد من انتشار الطلاق وارتفاع سن الزواج "مبادرة ثلاثية"، زواج البارت تايم، زوج سلف، اتجوزها هي وصاحبتها المطلقة"، لافتاً إلى أن :تغيير ثقافة المجتمع أصبح ضرورة ملحة لتسهيل الزواج والحد من المشاكل الزوجية، وختم منشوره بالقول: قال القاضي أبي مسعود: من كانت له زوجة واحدة لا يصلح للقضاء ولا الفصل بين الناس، قال ابن حيان التوحيدي: أدركت قوما لا يجلسون بينهم من كانت له زوجة واحدة يحسبونهم من صغار الناس.
وتفاعل الشارع المصري مع زواج "البارت تايم" بشكل كبير على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر كثيرون أن هذا النوع من الزواج محرم شرعا ويجب دفنه، وأن هذه المبادرة تحرض على هدم القيم الأسرية وإشاعة الفاحشة وتسهيل الزنا، ورأى آخرون أنه في حال تم تعميم زواج "البارت تايم" ستكون المرأة سلعة رخيصة ومهانة وكل يوم ستتزوج "بارت تايم" والرجال سيستغلون هذه الثغرة، وأن الزوجة سوف تصبح دمٌية جنسية لإشباع الرغبات.
من جانب آخر أشعل الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر مواقع التواصل الاجتماعي في مصر بعد حديثه عن زواج "البارت تايم"، وقال: شروط الزواج في الشريعة تتمثل في توفر الرضا بين الطرفين، والإشهاد، وتسمية الصداق أو المهر، وإذا توافرت هذه الشروط، فهذا يعني أن الزواج شرعي، ويترتب عليه حقوق مشتركة من التوارث والمعاشرة بالمعروف، والاستمتاع على الوجه المشروع، لافتاً إلى إن المرأة إذا ارتضت أن تكون زوجة ثانية وارتضت ألا يوفر لها الزوج سكنًا أو لا يبات لديها، ففي هذه الحالة الزواج مباح، ولكن لا يجب أن نعمم هذا الزواج لأن ليس كل الأسر تقبل بهذا الأمر.
وأكد كريمة أنه "لا يستطيع أن يحرم زواج البارت تايم أو يجرمه، طالما استوفى عقد الزواج الشروط والأركان، وهذا ليس زواج متعة، لأن هذا الزواج يكون محدد المدة بشهر أو شهرين أو أكثر، وفي هذه الحالة يكون الزواج باطلاً".
وحسمت دار الإفتاء الرأي الفقهى في ظاهرة زواج "البارت تايم"، وقالت إنه لا ينبغى الانسياق وراء دعوات حداثة المصطلحات فى عقد الزواج التى ازدادت فى الآونة الأخيرة، والتى يَكْمُن فى طياتها حب الظهور والشهرة وزعزعة القيم، مما يُحْدِث البلبلة فى المجتمع، ويؤثِّر سَلْبًا على معنى استقرار وتماسك الأسرة التى حرص عليه ديننا الحنيف وراعته قوانين الدولة، مشيرة في بيان إلى أن ما يقوم به بعض الناس من إطلاق أسماء جديدة على عقد الزواج "البارت تايم" واشتراطهم فيه التأقيت بزمنٍ معينٍ ونحو ذلك يؤدى إلى بطلان صحة هذا العقد؛ فالزواج الشرعى هو ما يكون القصد منه الدوام والاستمرار وعدم التأقيت بزمنٍ معينٍ، وإلَّا كان زواجًا مُحرَّمًا ولا يترتب عليه آثار الزواج الشرعية.
كما انتقد الشيخ عبد الحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف الأسبق، وأمين عام الدعوة بالأزهر الشريف الأسبق، الدعوة لما يسمى زواج البارت تايم، قائلاً :"هذه المبادرات إنما هي مبادرات فاسدة وفاشلة لا أصل لها ولا فصل، حيث أن الزواج كما قال سبحانه وتعالى "مودة ورحمة"، والزواج أخذ الله على الزوجين أغلظ المواثيق فقال سبحانه وتعالى "وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا".
وأكد رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف الأسبق أنه لا يجوز الزواج لمدة معينة وإنما الزواج على سبيل الدوام والاستمرار إلا إذا حدثت مشاكل، وما إلى ذلك فأباح الله الطلاق في أضيق الحدود، ثم بين اللجوء إلى الطلاق وبين له مراحل، قال تعالى :" وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا"، مضيفا :"ويشترط أن يكون من أهل العدالة ليحدد الخلاف"، وبناء عليه إذا تعثرت الحياة الزوجية فقال سبحانه وتعالى: "وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا".
زواج التجربة
لم تكن هذه المرة الأولي التي أثار فيها المحامي أحمد مهران الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أطلق في أواخر العام الماضي تطبيق فكرة "زواج التجربة"، التي يقول إنها النموذج "الأنسب لهذه المرحلة"، والتي تهدف – من وجهة نظره - للحد من انتشار الطلاق في المجتمع العربي، من خلال الالتزام والحفاظ على كيان الأسرة واستبعاد الطلاق كحل لأي من المشاكل التي تواجه الزوجين في السنوات الأولى".
زواج الدم
هو طريقة غريبة للزواج يقوم فيها كل من الزوجين بوخز أصبعه بدبوس لإظهار الدم ثم وضع الإبهامين على بعضها البعض حتى يمتزج دم كل منهما بالآخر فيصبحان دما واحدا، وانتشر هذا النوع داخل الجامعات المصرية بشكل كبير.
ويرى الشباب أن اختلاط الدم يعد أقوى الروابط، فهم يقومون بتفسير مقولة "إن أقوى الروابط هى رابطة الدم"، بأسلوب خاص بهم وهذا الزواج فى اعتقادهم لا يحتاج إلى شهود بحيث يكفى امتزاج الدم بالدم ليكون أوثق زواج، ويعتبر هذا الزواج من أغرب وأسوأ الأنواع، هذا بخلاف أنه قد ينقل الأمراض فى حالة إصابة أحد الطرفين بفيروس فى الدم.
الزواج البدوى
يعتبر هذا النوع من الزواج صحيحا بالرغم من عدم وجود أى توثيق مكتوب له، لكنه يعتمد على المبدأ الرئيسى فى الزواج وهو الإشهار، حيث تقوم فكرة الخطوبة فى البداية على ذهاب الشاب إلى بيت والد العروس لطلب يدها، وعند الموافقة يأخذ الأب عصا صغيرة من الأرض تسمى "القصلة" ويقول: "هذه قصلة فلانة على سنة الله ورسوله إثمها وخطيئتها فى رقبتك من الجوع والعرى ومن أى شىء ترغب فيه وأنت تقدر عليه"، فيتناول الخاطب القصلة ويقول: "قبلتها زوجة لى بسنة الله ورسوله"، وتصبح بعد ذلك بمثابة زوجة له، والقصلة فى أبسط معنى لها أن والد الفتاة أخرج ابنته من رقبته ووضعها برقبة الخاطب "أى أن مسئولية البنت أصبحت برقبة الخاطب، وعلى الرغم من عدم وجود أى أوراق عقد للزواج، إلا أن عادات البدو لا تسمح لأحد أن يتنصل من هذا الزواج.
الزواج عبر مواقع التواصل الاجتماعى
فى 4 سبتمبر 2012 حدثت أول حالة زواج دون عقد ورقى بل كان عقدا إلكترونيا من خلال شبكة التواصل الاجتماعى تويتر، وذلك عندما قام مصطفى كار رئيس بلدية أوسكودار التركية بعقد زواج، جنكيزهان تشليك وجاندان جانيك مستخدما حسابه على "تويتر" فى جميع مراسم عقد القران، حيث رحب بالمدعوين، وقرأ شروط الزواج على الزوجين والشهود، فيما حصل على موافقة كل من الزوجين من خلال تغريدة من حسابهما، واستخدم الشهود أيضاً حساباتهم على تويتر لتأدية دورهم فى الزواج.
زواج الرمل
اخترعت هذه الطريقة للزواج على الشواطئ فى فصل الصيف داخل البلاد السياحية، حيث انتشر هذا النوع فى شرم الشيخ والغردقة، وتقوم فكرته على كتابة اسم الزوج والزوجة على الرمل، وبعدها يختلى كل منهما بالآخر وبين الحين والآخر يلقيان نظرة على الرمال حتى تأتى موجة البحر وتمحو اسميهما فيكون الطلاق قد حدث، وهى طريقة للتحايل على تحديد فترة الزواج حتى لا يندرج تحت بند زواج المتعة، فيكون بذلك الزواج زواجا شرعيا من وجهة نظرهما.
زواج الكلمة "الشفوى"
يعتبر أيسر وأسهل أنواع الزواج على الإطلاق، فكل ما على الزوج هو قول "زوجينى نفسك" لترد الفتاة "وأنا قبلت زواجك" ليصبحا زوجين، دون الحاجة إلى مأذون أو شهود أو أى متطلبات أخرى وكذلك فإن الطلاق يكون بالكلمة "أنتِ طالق"، ويرى بعض الشباب أن هذا النوع يشبه الطريقة التى كانت موجودة فى الماضى، حيث يسعى بعض الشباب إلى إقناع الفتيات بالارتباط بهذه الطريقة، مدعين أنهم يقومون بتحصينهن.
بينما حسمت دار الإفتاء المصرية الجدل ، حيث أصدرت فتوى مؤكدة أنه لا ينبغى الانسياق وراء دعوات حداثة المصطلحات فى عقد الزواج التى ازدادت فى الآونة الأخيرة، وإن ما يقوم به بعض الناس من إطلاق أسماء جديدة على عقد الزواج "البارت تايم"، يؤدى إلى بطلان صحة هذا العقد؛ فالزواج الشرعى هو ما يكون القصد منه الدوام والاستمرار وعدم التأقيت بزمن معين، وإلا كان زواجا باطلاً ومحرماً ولا يترتب عليه آثار الزواج الشرعية.