إرهاب إخواني في البرلمان التونسي

السبت، 17 يوليو 2021 07:00 م
إرهاب إخواني في البرلمان التونسي
محمود علي

حركة "النهضة" الإخوانية تكرر سياسات التنظيم الدولى للجماعة الإرهابية وتعتدى على المعارضة بالضرب وتشيطن الرئيس لإسقاط تونس

 

بات من الطبيعي أن نسمع عن اضطرابات سياسية، عدم استقرار أمني، مظاهرات عارمة، اعتصامات فئوية، اعتداءات في البرلمان، محاولات اغتيال، في الدول التي لم تتخلص من وباء أو بالأحرى "سرطان" الإخوان، وكانت آخرها تونس التي لازالت تستمر في المقاومة ضد الجماعة الضالة للعودة إلى الحياة الطبيعية.

 ولا يخف على أحد أن حركة النهضة الذراع السياسي للجماعة في تونس، تستخدم كل الأساليب حتى الغير شرعية من أجل العبث بأمن البلاد داخليا وخارجيا، والهدف أن تحقق مصالحها ومصلحة الجماعة فقط، دون النظر إلى تأثير سياستها وأجندتها على الأمن القومي لتونس قبل منطقة الشرق الأوسط.

تاريخ جماعة الإخوان الأسود في تونس وسجلها المليء بالمؤامرات ودعم التنظيمات المتطرفة واستخدام الطرق والأساليب الملتوية لتحقيق أهدافها، جعلها عرضة دائما للهجوم من قبل الشعب التونسي، خاصة وأن ممارساتها الأخيرة تتجه بالبلاد نحو الهاوية.

 وكان آخر ممارسات جماعة الإخوان التي أحدثت حالة من الغضب الشديد في الشارع التونسي، ما حدث من اعتداءات على النائبة والمعارضة التونسية عبير موسى، من نواب مقربين من حركة النهضة التونسية الإخوانية، ما دفع العديد من النواب التونسيين المعارضين إلى تحميل المسؤولية عن ما حدث ضد النائبة عبير موسى؛ لراشد الغنوشى، رئيس حركة النهضة الإخوانية ورئيس مجلس النواب تونس.

 ولاقى ما حدث مع النائبة المعارضة عبير موسى من اعتداءات اتهم فيها نواب قريبين من التيار الإخواني في البلاد، إدانة واسعة من النشطاء في مجال حقوق الإنسان وحقوق النساء والأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية والشخصيات العامة والمبدعين فضلا عن استهجان التونسيين لما حدث من تصرفات عبثية ضد المعارضين في البرلمان التونسي.

 وكانت النائبة التونسية عبير موسي تعرضت خلال الفترة الماضية لسلسة من الاعتداءات من قبل نواب حركة النهضة وحلفاءها داخل البرلمان، نظرا لما تمثله من رعب للإخوان داخل الأراضي التونسية، جراء مطالبتها بمحاكمة الجماعة وإسقاط كل من له صلة بها من السلطة، فضلا عن حشدها الدائم لإغلاق الباب أمام الإخوان توسيع نفوذها داخل المجتمع التونسي وداخل مفاصلة للسيطرة على الدولة.

 اتهامات النشطاء والمغردون لجماعة الإخوان بأنها وراء هذا الجرم والإرهاب المعنوي داخل تونس، يستند إلى الكثير من الوقائع والمواقف التي تورطت فيها الجماعة في أعمال عنف بالعقد الماضي في الدول العربية، وما تبثه من سموم بشكل مستمر تستهدف من خلالها النيل منها وتشويه مؤسساتها لاستمرار الخلاف بداخلها، لا سبيل سوى لتحقيق طموحاتها السياسية والركب على السلطات التنفيذية والتشريعية لها، والتجارب التي تؤكد على ذلك كثيرة في الوقت الراهن ومنها ما شهدته مصر في العقد الأخير بخلاف ما يحدث الآن في ليبيا ودول أخرى مجاورة.

 تفاصيل حادثة الاعتداء على المعارضة التونسية عبير موسى، تجسدت في التقاط عدسات الكاميرات قيام النائب الصحبي صمارة القريب من جماعة الإخوان بالاعتداء جسديا على كلّ من النائبة عبير موسي، رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحرّ، وزميلها في نفس الكتلة، النائب وسام الشعري، كما تعرضت نفس النائبة مساء ذات الجلسة إلى العنف مرة أخرى حيث قام النائب عن كتلة ائتلاف الكرامة، سيف الدين مخلوف، بالاعتداء عليها جسديا.

الإدانات كانت دولية أيضا، حيث دان فريق الأمم المتحدة في تونس بعد الحادثة، أعمال العنف التي ارتكبت بحق رئيسة كتلة حزب الدستوري الحر في برلمان تونس عبير موسي من قبل أحد زملائها من النواب في المجلس أثناء الجلسة العامة يوم 30 يونيو الماضي، وقال مكتب المنسق المقيم لمنظمة الأمم المتحدة في تونس، أرنو بيرال، في بيان إن "فريق الأمم المتحدة يتابع بقلق ما يحصل في البرلمان التونسي، لاسيما وأن الحادث لم يكن مجرد حالة معزولة، بل حصل عقب تكرار حالات أخرى حديثة للعنف والكراهية ضد النساء البرلمانيات وبشكل أوسع للنساء الناشطات في مجال السياسة في تونس".

ومثل هذا الاعتداء تهديد خطير، وفق ما أكدته الأمم المتحدة التي اعتبرت أن أي عمل من أعمال العنف ضد النساء السياسيات، سواء كان جسديا أو لفظيا، لا يمثل انتهاكا لحقوق الإنسان فحسب، بل يشكل أيضا تهديدا خطيرا للديمقراطية ولمشاركة المرأة في الحياة العامة.

كما حث الفريق الأممي السلطات على اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد الجناة، داعيا أعضاء مجلس نواب الشعب، بصفتهم الممثلين المنتخبين للمواطنين والمواطنات، إلى التحلي في سلوكهم بأعلى المعايير الأخلاقية.

ودخل الرئيس التونسي على الخط، بإدانته الواسعة لما تعرضت له النائبة التونسية عبير موسى، منددا بأحداث العنف تحت قبة مجلس نواب الشعب، مؤكدا وجوب محاسبة أي شخص يلجأ للعنف.

قيس سعيد عند حديثه على هذه الواقعة ودور القضاء في محاسبة المجرمين، طالب برفع الحصانة عن النواب المطلوبين للعدالة بتهم مختلفة، مؤكداً وجود 25 قضية مرفوعة ضد نواب بالبرلمان تتعلق بالاحتيال وتهريب المخدرات، كما وجه اتهامات لرئيس حركة النهضة بطريقة مبطنة متهماً البرلمان الذي يرأسه الغنوشي بالتغافل وعدم الاستجابة لقرارات قضائية تطالب برفع الحصانة وعدم عرضها على الجلسة العامة للتصويت عليها، مشددا على وجوب إنفاذ القانون على الجميع بشكل عادل، مضيفاً أن الحصانة لا يمكن أن تكون عاملا مساعدا على الإفلات من العقاب.

ويرى مراقبون أن هذا الاعتداء الإخواني على رئيسة حزب الدستوري الحر جاء لتحجيم تحركاتها الساعية إلى كشف وفضح مؤامرات الإخوان في تونس، حيث نظمت "موسى" مؤخراً اعتصاما مفتوحا لتحرير برلمان تونس من قبضة الإخوان، وفق تعبيرها.

ولم تكن هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها النائبة لاعتداءات وتهديدات من قبل الكتل القريبة من الإخوان، حيث تعرضت في الفترة الماضية للتهديد والإهانة من جانب النائب سيف الدين مخلوف، وهو ما دفع عبير موسي إلى توجيه اتهام صريح لرئيس البرلمان راشد الغنوشي بأنه جند أشخاصا لمنعها من دخول البرلمان التونسي، واصفة إياه برأس الأفعى.

وتؤكد مثل هذه الممارسات الغريبة، اختيار جماعة الإخوان منهج العنف داخل البرلمان لفرض أجندات خارجية مشبوهة، لا تخدم مصالح تونس ولا أزماتها الاقتصادية، في الوقت الذي تستمر فيه الجماعة لتسميم المشهد السياسي، حيث اتهمت في الفترة الأخيرة بأنها تحاول شيطنة الرئيس التونسي وهو ما دفع عدد من المحللين إلى توجيه الاتهام لها بأنها وراء محاولة اغتيال قيس سعيد، التي أثارت ضجة عارمة في الأوساط المحلية.

 تفاصيل محاولة الاغتيال التي تشير إلى اتهام حركة النهضة الإخوانية بتنفيذها، جددت حالة الغليان في الشارع التونسي؛ ما دفع التونسيين إلى الاستمرار في تنظيم احتجاجات سياسية وشعبية متصاعدة الهدف منها إسقاط الحركة الذراع السياسية للتنظيم في البلاد.

وتستغل جماعة الإخوان تسلطها على البرلمان التونسي، بالإضافة إلى نفوذها داخل الحكومة الجديدة، من أجل قمع المعارضة التونسية ومطاردتها لإيقاف حملاتها المستمرة المطالبة بإسقاط الجماعة في تونس وتحريرها من كافة الأفكار المتشددة التي خرجت من رحم الإخوان.

وثمة تقارير تؤكد أن تحرك جماعة الإخوان ضد رئيسة الحزب الدستوري الحر في تونس عبير موسى، جاء على خلفية إجماع المعارضة مؤخرا على دعمها في محاولة لإبعاد الإخوان من المشهد وإسقاطهم من البرلمان والحكومة.

 وتكشف محاولات الجماعة ملاحقة المعارضين لها في تونس، تناقض الجماعة مع مزاعمها بالدفاع عن الديمقراطية، ما يؤكد أن هذه الشعارات ما هي إلا كذبة تكشف عن تناقضات الإخوان في المجتمع العربي.

جراء هذه التحركات الإخوانية ضد المعارضة، نظم حزب الدستورى الحر التونسى بقيادة عبير موسى خلال الأسابيع الماضية، اعتصامات مفتوحةً للمطالبة بتحرير البرلمان من قبضة راشد الغنوشى زعيم حركة النهضة "إخوان تونس"، وهتف المشاركون في مسيرة انطلقت قبل بدء الاعتصام "يسقط يسقط حكم المرشد" كما رفعوا لافتات تنتقد الفكر الإخواني واصفين إياه بالظلامي، كما أذاعوا الأغاني الوطنية عبر مكبرات الصوت".

ورغم الاشتباكات التي دارت في محيط الاعتصام إلا أن التونسيون استمروا في ترديدهم لشعارات مناهضة للجماعة، وقالت عبير موسى رئيسة الحزب عبير موسي: "لن نرحل حتى نحرر برلمان تونس من سطوة الإخوان"، مطالبة برحيل رئيس البرلمان راشد الغنوشى، كما طالبت برحيل حكومة هشام المشيشي.

ويقول الحزب إن مسيراته ضد الإخوان لن تقف إلا بإسقاط الإخوان، مبررين ذلك بأن الجماعة تستمر في انتهاكات وانحرافات خطيرة غير مسبوقة داخل البرلمان وخارجه نتيجة تغول راشد الغنوشى وأغلبيتِه البرلمانية في المشهد السياسي والتعسف في استعمال السلطة داخل هياكل المجلس.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة