كيف انهت "النقض" النزاع في جرائم الشيكات ؟
الجمعة، 02 يوليو 2021 11:00 ص
أصدرت الدائرة المدنية والتجارية – بمحكمة النقض – حكماً في منتهى الأهمية بشأن حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدنى فيما تعلق بقيمة الشيكات، قالت فيه: " الحكم بالبراءة من جريمة إصدار شيكات بدون رصيد ورفض الدعوى المدنية للتشكك في صحة الاتهام، لا حجية له أمام المحكمة المدنية بالمطالبة بقيمة هذه الشيكات".
صدر الحكم في الطعن المقيد برقم 12486 لسنة 86 قضائية – برئاسة المستشار عبد الصبور خلف الله، وعضوية المستشارين محمد عبد المحسن منصور، وهشام عبد الحميد الجميلى، وعبد الناصر أحمد المنوفى، ومحمد الشهاوى.
الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت على المطعون ضده – بعد رفض طلب أمر الأداء – الدعوى رقم 908 لسنة 2012 مدنى محكمة الجيزة الابتدائية "مأمورية شمال الجيزة الكلية" بطلب الحكم بإلزامه بأن يؤدى لها مبلغ 400 ألف جنية والفوائد بواقع 4% من تاريخ المطالبة وحتى تمام السداد، وقالت بيانا لدعواها: أنها تداين المطعون ضده بهذا المبلغ بموجب 4 شيكات مستحقة الأداء، وإذ امتنع عن سدادها لها رغم انذاره، فقد أقامت الدعوى.
المحكمة تقضى بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها
وفى غضون 18 يوليو 2013 حكمت المحكمة بوقف الدعوى تعليقاَ لحين بيتوتة الحكمين الصادرين في الجنحتين رقمىى 5543، 14520 لسنة 2011 جنح العجوزة، وعجلت الشركة الطاعنة السير في الدعوى، ودفع المطعون ضده بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة الأولى، وبتاريخ 28 نوفمبر 2013 حكمت المحكمة بالطلبات، ثم استأنف المطعون ضده هذا الحكم، وندبت المحكمة خبيراَ في الاستئناف، وبعد أن أودع تقريره قضت بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الجنحة الأولى، ثم طعنت الشركة في الحكم بطريق النقض.
مذكرة الطعن تستند على الخطأ في تطبيق القانون
مذكرة الطعن – ذكرت أن الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه بسببي الطعن الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، إذ أقام قضاءه بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالحكم الصادر في الجنحة رقم 5543 لسنة 2011 جنح العجوزة، ببراءة المتهم (المطعون ضده) من تهمة إصدار شيكات بدون رصيد – محل الدعوى الراهنة – ورفض الدعوى المدنية حال أن سبب هذا القضاء هو التشكك في صحة إسناد الاتهام للمطعون ضده وعدم كفاية الأدلة مما يصبح معه هذا الحكم في الدعوى الجنائية والمدنية التابعة لها – التي أساسها التعويض عن الجريمة – لا حجية له في دعوى المطالبة بأصل المديونية – محل الأربعة شيكات – لاختلاف الموضوع والسبب بين الدعويين، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباَ بما يستوجب نقضه.
نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الاثبات
المحكمة في حيثيات الحكم قالت أن هذا النعى سديد، ذلك أن المقرر – في قضاء هذه المحكمة – أن مؤدى نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الاثبات أن الحكم الصادر في المواد الجنائية لا تكون لا حجية ملزمة في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية إلا إذا كان قد فصل فصلاَ لازماَ في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية بحكم بات في هذه المسائل امتنع على المحاكم المدنية مخالفة الحكم الجنائى فيما سبق له الفصل فيه وتقتصر هذه الحجية على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لموضوع المحاكمة دون أن نلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو الإدانة.
النقض: لا حجية للحكم الجنائى أمام القضاء المدنى فيما يتعلق بقيمة الشيكات
وبحسب "المحكمة" – وأن مناط حجية الشيء المقضي فيه المانعة من إعادة النزاع في المسألة المقضي فيها أن المسألة التي فصل فيها الحكم السابق مسألة أساسية، ويكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراَ مانعاَ من مناقشتها في الدعوى الثانية بين الطرفين، وتثبت الحجية لما فصل فيه الحكم السابق صراحة أو ضماناَ، سواء في المنطوق أو في الأسباب التي ترتبط به ارتباطاَ وثيقاَ، وأن الدعوى المدنية بالمطالبة بقيمة الشيك تختلف عن الدعوى الجنائية المترتبة على إعطاء شيك بدون رصيد من حيث موضوعها وأساسها ونطاقها، لأن موضوع الأولى هو قيمة الشيك وهو أساسها في حد ذاته ويتسع نطاقها لبحث بواعثه وسبب تحريره بينما موضوع الدعوى الثانية هو طلب توقيع العقوبة المقررة على الجريمة عند توافر أركانها، كما تختلف عن الدعوى المدنية المرتبطة بها والتي تقوم في الأساس على تعويض الضرر الناشئ عن هذه الجريمة.
لما كان ذلك – وكان البين من صورة الحكم الصادر في الجنحة رقم 5543 لسنة 2011 جنح العجوزة أنه قضى ببراءة المطعون ضده – من تهمة إصداره بسوء نية شيكات الشركة الطاعنة لا يقابلها رصيد مع علمه بذلك – وبرفض الدعوى المدنية، وقد أقام قضائه على التشكك في صحة الاتهام ولم يتطرق هذا الحكم لبحث واقعة المديونية في ذاتها، ومن ثم فإنه لا يحوز أي حجية في هذا الخصوص أمام المحكمة المدنية في الدعوى المرفوعة بالمطالبة بقيمة هذه الشيكات، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، وقضى بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها.