ماذا قالت النقض بشأن "تعديل الزوجة طلبها من التطليق خلعاً إلى التطليق للضرر"؟
الجمعة، 02 يوليو 2021 10:00 ص
أصدرت محكمة النقض، حكماَ يهم ألاف المتضررين من الأزواج بشأن الطلاق خلعا والطلاق للضرر، قالت فيه: "حال تعديل الزوجة طلبها من التطليق خلعاً الي التطليق للضرر، يجوز للزوج اعتراضه على ذلك طالباً الاستمرار في دعوي الخلع حماية لمصالحه المشروعة بعدم التزامه بالحقوق المالية، حيث أن إلتفات الحكم عن طلب الزوج يعتبر خطأ وقصور، تكون علته تمكينها من استعادة حقوقها المالية الشرعية خلافاً لقاعدة أن الساقط لا يعود".
الوقائع.. زوجة تطلب تعديل طلبها من التطليق خلعا إلى التطليق للضرر
وقائع الطعن رقم 308 لسنة 73 القضائية - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم "...." لسنة 2000 أحوال شخصية شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بمخالعتها على الطاعن، وقالت بياناً لدعواها إنها زوج له بصحيح العقد الشرعي، وقد كرهت عشرته وبغضت الحياة معه وإنها ترغب في افتداء نفسها مقابل تنازلها عن حقوقها الشرعية لديه ومؤخر الصداق ورد المقدم منه لمخالعتها عليه إعمالاً لنص المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 وعليه أقامت الدعوى.
في تلك الأثناء - عرضت المحكمة الصلح، فرفضته المطعون ضدها وقبله الطاعن، كما أقامت المطعون ضدها الدعوى رقم "..." لسنة 2000 أحوال شخصية مصر الجديدة على الطاعن بطلب الحكم بفرض نفقة مأكل وملبس لها ولصغارها منه وإلزامه بنفقة مؤقتة لهم وحكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدها نفقة زوجية بأنواعها الثلاث مقدارها مبلغ 500 جنيه من تاريخ رفع الدعوى وبأن يؤدي لها نفقة للصغار بنوعيها مقدارها 900 جنيه شهرياً.
استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم "بهيئة استئنافية"، كما استأنفه الطاعن بالاستئناف رقم "...." لسنة 2001 لدى ذات المحكمة، وقضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة أول درجة نوعياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة شمال القاهرة الابتدائية لنظرها مع الدعوى رقم "...." لسنة 2000 أحوال شخصية شمال القاهرة الابتدائية، وبعد أن ضمت المحكمة الدعويين حكمت بإثبات ترك المطعون ضدها لدعواها، وفي الدعوى رقم "...." لسنة 2000 جزئي مصر الجديدة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر النزاع وإحالتها لمحكمة مصر الجديدة الجزئية، واستأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم "...." لسنة 6 قضائية القاهرة "أحوال شخصية" ثم قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض.
مذكرة الطعن تستند على أن "الساقط لا يعود"
مذكرة الطعن ذكرت أن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قضى بإثبات ترك المطعون ضدها للخصومة في الدعوى رغم سبق مصادقته على الطلبات فيها، واعتراضه على الترك بما لا يجوز إثباته إلا بقبوله طبقاً لنص المادة 142 من قانون المرافعات، كما وأن له مصلحة في الاستمرار في نظر دعوى الخلع ذلك أنها تقوم على إسقاط - الزوجة - المطعون ضدها لكافة حقوقها الشرعية ورد مقدم صداقها الذي قبضته وأن قبول الحكم ترك الخصومة يمكنها من استعادة تلك الحقوق خلافاً للقاعدة الشرعية التي تقرر أن الساقط لا يعود وقد تمسك بهذا الدفاع الجوهري أمام محكمة الموضوع إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض له بالبحث والتمحيص بما يعيبه ويستوجب نقضه.
تعديل الزوجة طلبها من التطليق خلعاً الي التطليق للضرر
المحكمة في حيثيات الحكم قالت إن هذا النعي سديد، ذلك أن النص في المادة 20 من القانون رقم 1 لسنة 2000 الصادر بتنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية على أن للزوجين أن يتراضيا فيما بينهما على الخُلع، فإن لم يتراضيا عليه وأقامت الزوجة دعواها بطلبه وافتدت نفسها وخالعت زوجها بالتنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية وردت عليه الصداق الذي أعطاه لها، حكمت المحكمة بتطليقها عليه، ولا تحكم المحكمة بالتطليق للخلع إلا بعد محاولة الصلح بين الزوجين، وندبها لحكمين لموالاة مساعي الصلح بينهما، وبعد أن تقرر الزوجة صراحة أنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة الزوجية بينهما وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض.
وبحسب "المحكمة" - مما مفاده أن المشرع أقر نظام الخلع وقصد به دفع الضرر ورفع الحرج عن طرفي العلاقة الزوجية، إذ أجاز لهما المخالعة بالتراضي، فإن لم يتراضيا عليه كان للزوجة أن تخالع إذا افتدت نفسها بتنازلها عن جميع حقوقها المالية الشرعية، وتشمل مؤخر صداقها ونفقة العدة والمتعة ورد عاجل الصداق الذي دفعه الزوج لها، وإقرارها بأنها تبغض الحياة مع زوجها وأنه لا سبيل لاستمرار الحياة بينهما، وتخشى ألا تقيم حدود الله بسبب هذا البغض، فإذا لم يوافق الزوج على التطليق، فإن المحكمة تقوم بدورها في محاولة للصلح بين الزوجين ثم تندب حكمين لموالاة ذلك، فإن لم يتم الوفاق، وعجز الحكمان عنه، تتحقق المحكمة من رد الزوجة لعاجل الصداق بعد أن تستوثق من إقراراتها، ثم تحكم بالخلع.
أحقية إعتراض الزوج علي التعديل طالباً الإستمرار في دعوي الخلع حماية لمصالحه المشروعة
ووفقا لـ"المحكمة" - كما أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن النص في المادة 142 من قانون المرافعات على أنه: "لا يتم الترك بعد إبداء المدعى عليه طلباته إلا بقبوله، ومع ذلك لا يلتفت لاعتراضه على الترك إذا كان قد دفع بعدم اختصاص المحكمة أو بإحالة القضية إلى محكمة أخرى أو ببطلان صحيفة الدعوى أو طلب غير ذلك مما يكون القصد منه منع المحكمة من المضي في سماع الدعوى"، يدل على أن المشرع لم يعلق ترك الخصومة في الدعوى على محض إرادة المدعي، لتفادي ما قد يضار به المدعى عليه الذي قد تتصل مصلحته بالفصل فيها، وجعل مناط المصلحة في الأصل مرتبطاً بإبداء المدعى عليه طلباته في موضوع الدعوى، اعتباراً بأن الإصرار على حسم النزاع لا يظهر إلا بعد أن يتحدد موقفه فيه.
استعادة تلك الحقوق خلافاً للقاعدة القانونية التي تقرر بأن الساقط لا يعود
لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق أن طلب المطعون ضدها التنازل عن طلب الطلاق خلعاً إنما أبدي منها تالياً لإقرارها بأنها تبغض الحياة مع الطاعن وتخشى ألا تقيم حدود الله معه وإبراء الأخير لها من مقدم الصداق، وقبل طلبها تعديل الطلبات إلى الطلاق للضرر وكان الطاعن قد اعترض على الترك وطلب الحكم في موضوع دعوى الخلع لتوافر الشروط القانونية للحكم فيها وبأن ذلك يحقق مصالحة المشروعة بعدم التزامه بأداء أي من الحقوق المالية الشرعية للمطعون ضدها تنتج عن الطلاق لتنازلها عنها وبأن تعديل الأخيرة طلباتها إلى الطلاق للضرر يمكنها من استعادة تلك الحقوق خلافاً للقاعدة القانونية التي تقرر بأن الساقط لا يعود.
فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن اعتراض الطاعن على ترك الخصومة وقضى بتأييد الحكم الابتدائي في إثبات الترك وركن في قضائه إلى قوله إن هذا الترك بعد تعديل المطعون ضدها طلباتها من طلب التطليق خلعاً إلى طلب التطليق للضرر ما هو إلا رغبة منها في استمرار الحياة الزوجية مع الطاعن وبذلك فإنه لا مصلحة له في استمرار الدعوى وهو قول لا يحمل قضاء الحكم ولا يصلح رداً على دفاع الطاعن الأمر الذي يعيب الحكم بالقصور في التسبيب أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا الوجه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
معنى نص المادة 143 من قانون المرافعات
الموضوع – فيما نقض الحكم من أجله – صالح للفصل فيه، ولما تقدم وكان ترك الخصومة وعلى ما يبين من نص المادة 143 من قانون المرافعات معناه التنازل عنها دون حكم في موضوعها فلا تأثير له في الحق موضوع الدعوى، إذ يقتصر هدفه وأثره على إجراءات الخصومة، فيؤدي إلى محوها واعتبارها ملغاة، مع إبقاء الحق الموضوعي الذي رفعت به الدعوى على حاله محكوماً بالقواعد المتعلقة به في القانون الموضوعي - لما كان ذلك - فإن حكم محكمة أول درجة الخاطئ بإثبات ترك المدعية لدعواها هو حكم بانتهاء الخصومة بغير النظر في موضوعها والحكم فيه لا تكون قد استنفذت به ولايتها في نظر موضوع الدعوى بما لازمه إعادة الدعوى إليها لنظر موضوعها، حتى لا تفوت على الخصوم إحدى درجات التقاضي باعتبار أن مبدأ التقاضي على درجتين من المبادئ الأساسية للنظام القضائي، ومن ثم يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم "...." لسنة 6 قضائية القاهرة - بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى إلى محكمة أول درجة لنظر الموضوع.