مئة مليار صادرات.. حلم ممكن
الأحد، 20 يونيو 2021 09:00 ص
كثر الحديث في الفترة الأخيرة عن محاولة الدولة المصرية زيادة صادراتها، فسارع الذين يحلوا لهم التشكك في بصمات أصابعهم هم أنفسهم إلى القول: بفشل المحاولة!
يا أخي نحن لم نجرب ونفشل حتى تصدر حكمًا بالإعدام على المحاولة من قبل أن تبدأ.
هؤلاء الذين لا يعملون لا ويرق لهم أن يعمل غيرهم، لا نشغل بهم أنفسنا، نحن نخاطب الذين يحاولون ويجربون ولا يكفون عن المحاولة، مؤمنين بأن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة، وكل مياه الأنهار والمحيطات والبحار لم تكن في بدايتها سوى قطرات مطر.
الأمل يداعبنا في أن تنجح جهود الدولة في تعظيم الصادرات، واملنا مبني على قاعدة من الواقع وليس من أضغاث الأحلام، فأولًا الدولة لن تبدأ من تحت الصفر، ولا حتى من الصفر، ستبدأ من قاعدة يمكن البناء عليها.
ثانيًا محاولة تعظيم الصادرات تحظى باهتمام رسمي ملحوظ.
وذلك الاهتمام جعل شبكة سكاي نيوز تخصص تقريرًا كبيرًا قامت ببثه منذ فترة ليست بعيدة، عن صادرات مصر إلى إفريقيًا، وقد جاء بالتقرير معلومات مشجعة ومعلومات تستدعي تدخلًا عاجلًا من الدولة لإصلاح ما أفسدته سنوات تجاهل إفريقيا.
قال التقرير ما ملخصه:" إن حصرًا قد جرى لصادرات مصر إلى إفريقيا شمل الفترة من 2011 حتى 2019، وانتهى الحصر إلى أن إقليم "شمال إفريقيا" يستحوذ بمفرده على 66.71% من الصادرات.
وحسب الحصر، تتصدر الدولة الليبية قائمة الدول التي تستحوذ على الصادرات المصرية إلى القارة السمراء، بنسبة 17.43% من إجمالي الصادرات، وبقيمة بلغت 830 مليون دولار، تليها تونس بـ15.51% من صادرات مصر لإفريقيا خلال 2019 بـ 739 مليون دولار، ثم المغرب بـ585 مليون، والجزائر بـ557 مليون، والسودان بـ467 مليون".
الأرقام السابقة ليست عظيمة جدًا ولكنها ليست سيئة بحال من الأحوال، إنها أرقام مبشرة وواعدة ويمكن البناء عليها والعمل على تعظيمها وزياداتها.
ولكن تقرير سكاي نيوز ذكر أرقامًا يجب أن تلفت النظر، وهي تلك الأرقام الخاصة بوضع صادراتنا في وسط وجنوب قارتنا السمراء.
كشف التقرير عن أن إثيوبيا، تحتل المركز السابع من حيث الصادرات المصرية إلى إفريقيا بقيمة 139 مليون دولار، وتأتي جنوب إفريقيا في المركز العاشر بنحو 86 مليون دولار، وبلغ إجمالي صادرات مصر إلى 9 دول إفريقية أخرى، حسب المصادر أقل من مليون دولار فقط، وتسعى مصر لزيادة تلك الحصيلة، وتشمل دول نامبيبا بصادرات بلغت 530 ألف دولار، وبوتسوانا بـ 430 ألف، و ساو تومي وبرينسيب بـ 220 ألف دولار، وإفريقيا الوسطى بـ80 ألف، وليسوتو بـ30 ألف، وغينيا بيساو بـ10 آلاف، ثم دول غينيا الاستوائية وسانت هيلالة ومدغشقر دون أي صادرات خلال عام 2019.
انتهى كلام التقرير، وبخصوص الأرقام الأخيرة، فهي لا يمكن الدفاع عنها فهي أقل مما يتقاضاه لاعب كرة قدم في الدوري المصري، ولا أتحدث عن الذي يتقاضاه لاعبو الكرة في دوريات أوروبا.
ولكن هل هذه الأرقام الضئيلة تدعو للتشاؤم ولنفض اليدين من الأمر كله.
الحقيقة تقول: لا.
فبغض النظر عن ضآلة الأرقام الأخيرة، فهي أيضًا صالحة للبناء عليها ومن ثمّ تعظيمها، ولو بمنطق أن الدنيا لم تبنى في ساعة واحدة.
هناك معوقات لا شك تحول بيننا وبين تحقيق القفزة المنشودة، على رأسها النقل.
معظم الدول الإفريقية هي دول حبيسة لا تطل على بحار، وهذا يؤدي إلى استبعاد خيار النقل البحري، والنقل البري يكاد يكون مستحيلًا، فلم يعد أمامنا غير النقل الجوي، مع الوضع في الحسبان أن تكلفة الطيران عالية جدًا، ولكن أحسب أن شركتنا الوطنية تستطيع تقديم مساعدات فعالة في هذا المجال.
علينا جميعًا التعامل مع قضية تعظيم الصادرات بوصفها قضية في غاية الحيوية ولا تتحمل أدنى تأخير أو تكاسل، فكل الدولة تنظر للأمر بعين الجديدة، وقد نشرت وسائل الإعلام تصريحات لافتة جدًا لوزيرة الصناعة والتجارة نيفين جامع جاء فيها: أن الدولة تسعي لزيادة معدلات التصدير خلال السنوات القادمة حتى تصل إلى 100 مليار دولار.
وكشفت الوزيرة عن أن الدولة تعمل على خطة النهوض بالصادرات وتشمل محاور عمل على مدار 3 أو 4 سنوات بهدف مضاعفة الصادرات، ويتزامن ذلك مع إطلاق برنامج جديد لدعم الصادرات مرتقب إعلانه بنهاية هذا الشهر، ومدة هذا البرنامج 3 سنوات ويشمل على حوافز كبيرة لدعم الصادرات يرفع الدعم المقدم للشحن إلى أفريقيا من 50% إلى 80%، وكل من يمتلك علامة صناعية مصرية سيكون له دعم إضافي 2%، ودعم لفتح الأسواق الجديدة سيحصل على نسبة دعم أعلى من الأسواق التقليدية، وهذه الحوافز ستكون داعمه للهدف الذى نرجوه بارتفاع الصادرات الوطنية.
كلام الوزيرة الذي هو في حقيقته توجهات رسمية للدولة يدعو كل المصدرين إلى أن يشمروا عن سواعد الجد، لتحقيق الأحلام المشروعة في الارتقاء بصناعتنا وصادراتنا، فما تزال الأحلام ممكنة.