ماذا لو لم يتم الوصول للمجنى عليه في واقعة هتك عرض «طفل القطار»؟
الخميس، 17 يونيو 2021 08:00 م
لا تزال جريمة هتك العرض لطفل قاصر داخل قطار الصعيد رقم 1008 القادم من القاهرة إلى أسوان، تثير الرأي العام خاصة بعد القبض على المتهم. واستقطب المتهم أحد طفلا من الباعة الجائلين داخل عربة القطار وقام بهتك عرضه، وكشفت التحقيقات أن المتهم متزوج من اثنتين، إضافة إلى كونه مليونيرا وصاحب عقارات ويتاجر في الملابس الجاهزة.
كل هذه المعلومات والبيانات عن المتهم «حسن. م» لم ترحمه بل زادت الأمر غضبا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد أن تم الكشف عن هويته وأنه يبلغ من العمر 58 سنة، ولديه 8 أبناء، «5 ذكور و3 إناث»، اثنين من أبنائه يعملان في الخليج، ولديه شقيقان الأول يعمل موظفا بمستشفى، وآخر يعمل في دولة عربية، ولكن يبقى السؤال من الناحية القانونية.. ماذا لو لم يتم الوصول لطفل القطار الذى تم هتك عرضه فى قطار الصعيد؟
ماذا لو لم يتم الوصول لطفل القطار الذي تم هتك عرضه فى قطار الصعيد؟
يقول محمود البدوي المحامي بالنقض والخبير الحقوقي، اإن ما تم توثيقه بشأن واقعة فيديو القطار، يمثل جريمة هتك عرض طفل بدون قوة، وهي الجريمة المعاقب عليها وفقاً للمادتين 268 و 269 من قانون العقوبات، إذ إن جريمة هتك العرض تمثل اعتداء على حرمة جسد المجني عليه، وهو ما يتحقق بالمساس بأحد عورات المجني عليه، وقد نص المشرع على صورتين لجريمة هتك العرض في المادتين 268 و269 من قانون العقوبات، منها جريمة هتك العرض بالقوة أو التهديد، وهتك العرض دون قوة أو تهديد، وللجريمة ركن مادي، وركن معنوي، يتحقق بوقوع أي فعل من الجاني من شأنه المساس بحياء المجني عليه.
وأضاف البدوى: فيما يخص ظهور المجني عليه والاستماع إلي أقواله حول الواقعة من عدمه، فإن الأمر مرهون بمدى ثبوت الواقعة بشكل كامل في حق المتهم من عدمه، وإقامة أدلة سائغة تجاه المتهم، مثال الفيديو المعروض ومدى الإستيثاق من أنه حقيقيى وغير مفبرك، وكذا شهادة شاهد الواقعة الرئيسى وهو الشخص القائم بالتصوير، وكذا تحريات المباحث حول الواقعة، فضلا عما يقدم من إفادات أو اقوال تثبت الواقعة قبل المتهم، وأن تخلص التحقيقات إلى قيام دليل جدى حول صحة الواقعة وهو أمر تنفرد به النيابة العامة بوصفها المباشرة للتحقيقات، واستناداً إلي صحيح نصوص المادتين 63 و 214 من قانون الإجراءات الجنائية فيما يخص قواعد الإحالة للمحاكمة عقب إقامة الدليل الجدي قبل المتهم المحال للمحاكمة، ومن ثم فإنه لا يستلزم ظهور الضحية، لأنه اقامة الدليل في هذه الجريمة على وجه التحديد فإنه لا يشترط أن يترك الفعل أثرا ظاهراً ويمكن معاينته على جسم المجني عليه، فيكفي في جريمة هتك العرض أن يكشف الجاني عن جزء من جسم المجني عليه ما يعد من العورات، ولو لم يصاحب هذا الفعل أية ملامسة مخلة بالحياء.
الخبير القانونى محمود البدوى
- شروط إيقاع العقوبة
وأضاف خبير حقوق وتشريعات الطفل، أنه يلزم لإيقاع العقوبة أن يعلم الجاني بأن فعله خادش لعرض المجني عليها، واتجاه إرادته إلى ارتكاب هذا الفعل وإلى تحقيق النتيجة، فلا يتوافر القصد إذا حصل الفعل الخادش لحياء المجني عليه عرضاً، كما إذا لامس شخص عورة آخر في زحام دون قصد الملامسة، أو في حالة قيام شخص بتمزيق ملابس شخص آخر خلال مشاجرة مما تسبب دون قصد في الكشف عن جزء من جسمه.
السند القانوني: تنص المادة 268 من قانون العقوبات، على أن كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنوات إلى سبعة، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة لم يبلغ ست عشرة سنة أو كان مرتكبها ممن نص عنهم فى الفقرة الثانية من المادة 267 يجوز إبلاغ مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقررة للأشغال الشاقة المؤقتة ، وإذا اجتمع هذان الشرطان معا يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة .
- هل هناك عقوبة على الشروع في الجريمة؟
أجاب البدوي: العقوبة فى الشروع فى الجريمة هى نفسها ذات العقوبة فى قيام جريمة هتك العرض، ولابد من البحث عن القصد الجنائى للجاني لبيان ما إذا كان فعله كان بقصد أن يتوغل به إلى الفحش بغرض الإخلال بحياء المجني عليه من عدمه، فإن أمكن ذلك تحولت الواقعة من جناية هتك عرض إلى جنحة فعل فاضح.
واختتم البدوي قائلاً: أما في حالة ظهور أن الطفل المعتدى عليه بالفيديو اقل من 16 عام فاإنه لا يعتد برضائه عن هذه الممارسة الشاذة، إذ أن الفيديو يظهر أن الفعل تم برضاء تام من الطفل وفقاً للفيديو المتداول وأنه لم يحاول الهروب من الجاني أو الإستغاثة بباقي الركاب بعربة القطار، وهو ما نقدره بأن الفعل تم بالتراضي بين الجاني والمجني عليه، وهنا تظهر أهمية الكشف عن سن المجني عليه، لأنه حال ثبوت أن سنه أقل من 16 عام فإن هذا الرضاء لا يعتد به، وهو ما سيجعلنا بصدد ظرف مشدد لجريمة هتك العرض إذا لم يبلغ المجني عليه سن 16 سنة ، أو أن يكون المجنى عليه ممن نص عنهم فى الفقرة الثانية من المادة 267، وهم أن يكون الجاني من أصول المجني عليه كالجد والأب، أو أن يكون الجانى من المتولين تربية المجنى عليها، سواء بحكم القانون مثل الوصى والقيم أو بحكم الواقع مثل زوج الأم، أو أن يكون الجانى ممن لهم سلطة على المجنى عليها سواء كانت سلطة قانونية أو غير قانونية مثل سلطة رب العمل، أو أن يكون الجانى خادم بأجر سواء عند المجنى عليها أو عند أصولها أو المتولين بتربيتها.
الخبير القانونى محمد ميزار
خبير قانونى أخر يؤكد: لا يوجد رابطة ما بين ثبوت الاتهام ووجود المجني عليه
من جانبه، يقول الخبير القانوني والمحامى محمد ميزار إن النيابة العامة هي صاحب الاختصاص الأصيل في تحريك الدعوي الجنائية وما قبل التطور التكنولوجي كان العامل والفيصل في الوقائع، وما ينسب للمتهم من أفعال يتوقف علي أقوال المجني عليه، ولكن بعد انتشار الكاميرات بالمحمول وفي الشوارع وسهولة الرصد والتصوير، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي أصبح رصد الجريمة والتوصل لمرتكبها أمر سهل وهو الأمر الذي استتبع أن يكون هناك وحدة الرصد والتحليل بمكتب النائب العام والتي تقوم بدور هام وحيوي في رصد الجرائم المرتكبة والمطالبة بسرعة ضبط الجناة واسباغ الوصف القانوني لتلك الجرائم .
وبحسب "ميزار" في تصريحات خاص - فى هذه الواقعة مازال الطفل المجني عليه مختفيا ولم يتم العثور عليه الآن، لا يمنع من معاقبة المتهم حيث لا يوجد رابطة بين ثبوت الاتهام ووجود المجني عليه، وهو الحال كذلك في قضايا القتل ذات الأدلة اليقينية ضد المتهم وعدم العثور على جثة المجني عليه، وكذلك عدم ضبط السلاح المستخدم في الجريمة لا يمنع من معاقبة المتهم طالما توافرت الأدلة اليقينية على الجريمة.
ويضيف الخبير القانوني: ولكن الوضع في هذه الواقعة يختلف نوعا ما من حيث أنها من القضايا ذات الطابع الخاص ، والتى دائما ما تعتمد فيها المحكمة على تقرير الطب الشرعي لبيان عما إذا كان هناك مواقعة جنسيه كاملة أو توقف الأمر عند واقعة التحرش وهتك العرض، ويمكن للمحكمة من خلال اعترافات المتهم بالتحقيقات وشهود الاثبات ومدي اطمئنانها لارتكابه الواقعة تستطيع أن تقضي على المتهم بالعقوبة حتى ولو لم يتم العثور على المجني عليه وفي غيبته.
مبدأ قضائى: الإبلاغ عن جريمة هتك العرض مكفول لكل من علم بها وليس المتضرور فقط
في سياق أخر – يقول الخبير القانوني والمحامى جون نظمي إن الجريمة تمس المجتمع ولو لم يتم الإبلاغ عنها ستصبح ظاهرة، لذلك المشرع لم يجعلها من الجرائم التي تستلزم الشكوى حيث نصت المادة 3 من قانون الاجراءات الجنائية أنه لا يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجني عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة أو إلى أحد مأمورى الضبط القضائى فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 185، 274، 279، 292، 293، 3.3، 3.6، 3.7، 3.8، من قانون العقوبات.
ويضيف "نظمى" في تصريح خاص – سبق لمحكمة النقض أن رسخت محكمة النقض مبدأ قضائى بأن الإبلاغ عن جريمة هتك العرض مكفول لكل من علم بها وليس المضرور فقط، طبقا للطعن رقم 20395 لسنة 86 القضائية حيث إن جريمة هتك العرض تمثل اعتداء على الحرية الجنسية للمجني عليه، شأنه شأن جريمة الاغتصاب، ويتحقق ذلك فى أغلب الأحوال عن طريق المساس بأحد عورات المجني عليه، وقد نص المشرع على صورتين لجريمة هتك العرض في المادتين 268 و269 من قانون العقوبات، منها جريمة هتك العرض بالقوة أو التهديد، وهتك العرض دون قوة أو تهديد، وللجريمة ركن مادي، وركن معنوي، يتحقق بوقوع أي فعل من الجاني من شأنه المساس بحياء المجني عليه، ولا يشترط أن يترك الفعل أثرا على جسم المجني عليه فيكفي في جريمة هتك العرض أن يكشف الجاني عن جزء من جسم المجني عليه مما يعد من العورات ولو لم يصاحب هذا الفعل أية ملامسة مخلة بالحياء.