في ذكرى رحيلة الـ 148.. نستعرض رحلة رائد التنوير رفاعة الطهطاوي
الخميس، 27 مايو 2021 08:00 م
اليوم نحتفل بالذكرى 148 على وفاة رفاعة رافع الطهطاوى، قائد النهضة العلمية فى مصر فى عهد محمد على باشا، والذى ولد بمدينة طهطا إحدى مدن شمال محافظة سوهاج بصعيد مصر، والذى يتصل نسبه بالحسين السبط ووالدته تنتمى إلى قبيلة الخزرج الأنصارية.
والبرغم من مرور 148 عام على رحيل قائد النهضة العملية بمصر رفاعه رافع الطهطاوى ، إلا أن أعماله وأفكاره مازالت معروفة ومتداولة ومحفورة بالكتب التى تدرس للطلاب والتلاميذ بالمراحل التعليمية المختلفة ليس فقط بمصر بل في العالم كله.
عاش بموطنه طهطا، ووجد من أخواله اهتماماً كبيراً، حيث كانت مدينة طهطا زاخرة بالشيوخ والعلماء فحفظ على أيديهم المتون التى كانت متداولة فى هذا العصر، وقرأ عليهم شيئا من الفقه والنحو.
بدأ رفاعة الطهطاوي حياته دارساً للفقه والدين في حلقة إمامه وأستاذه الشيخ حسن العطار، الذي رشحه للسفر إماماً لـ40 مبتعثاً أرسلهم حاكم مصر محمد علي باشا، للدراسة في فرنسا، ولم يكن عمره حينها قد تجاوز الـ21 عاماً إلا أن الطهطاوي انبهر بالحياة الأوروبية وتحول إلى دارس للفرنسية، ومن هنا انطلقت شرارة حلمه بنقل مفردات النهضة الحديثة في أوروبا إلى القاهرة.
ولد رفاعة رافع الطهطاوى فى 1801ميلاديه بمدينة طهطا شمال محافظة سوهاج، ويرجع نسبه من والده إلى الإمام الحسين بن على بن أبى طالب، ووالدته إلى قبيلة الخزرج الأنصارية، والتحق وهو فى السادسة عشرة من عمره بالأزهر فى عام 1817 وشملت دراسته فى الأزهر الحديث والفقه والتفسير والنحو والصرف، وغير ذلك، خدم بعدها "إماما" فى الجيش النظامى الجديد عام 1824 ، وسافر رفاعة الطهطاوى خارج مصر لأول مرة سنة"1242هـ /1826م"، إلى فرنسا ضمن بعثة عددها أربعون طالبًا أرسلها محمد على باشا لدراسة اللغات والعلوم الأوروبية الحديثة، وكان عمره حينها 24 عامًا.
وعاد رفاعة لمصر سنة 1247 هـ / 1831 م مفعماً بالأمل منكبّاً على العمل فاشتغل بالترجمة فى مدرسة الطب، ثُمَّ عمل على تطوير مناهج الدراسة فى العلوم الطبيعية وافتتح سنة 1251هـ / 1835م مدرسة الترجمة، التى صارت فيما بعد مدرسة الألسن وعُيـِّن مديراً لها إلى جانب عمله مدرساً بها وافتتحت المدرسة بالقاهرة سنة 1835م وقد كان له دوره فى الصحافة أيضا، حيث قام بتعريب الوقائع وجعلها ناطقة باللغة العربية بدلا من التركية.
هناك عدد من الأمكان يطلق عليها اسم رفاعة الطهطاوى مكتبة رفاعة الطهطاوى بمركز ومدينة سوهاج وميدان رفاعة الطهطاوى أمام الجامعة ، وشارع رفاعة الطهطاوى بجوار منزله بمدينة طهطا ومدرسة رفاعة الثانوية العسكرية بطهطا ومدرسة الابتدائية المشتركة بطهطا، ويوجد بمحافظة سوهاج 4 تماثيل تشير إليه منها 3 تماثيل بطهطا أقدمها التمثال الموجود بميدان محطة طهطا، وتمثال عملاق له وهو جالس أمام جامعة سوهاج القديمة، وتمثالان حديثان أحدهما عند مدخل مدينة طهطا الجنوبي والآخر عند مدخلها الشمالى.
ومن أهم المؤلفات له تخليص الإبريز فى تلخيص باريز ، و مناهج الألباب المصرية فى مباهج الآداب العصرية، وفى عام 1849م قام عباس الأول بإغلاق مدرسة الألسن وقام بإرسال رفاعة رافع الطهطاوى إلى السودان بحجة توليه نظارة مدرسة ابتدائية يقوم بإنشائها هناك، وظل رفاعه هناك فترة دون عمل استغلها فى ترجمة رواية فرنسية شهيرة بعنوان "مغامرات تلماك"، ثم قام بإنشاء المدرسة الابتدائية، وكان عدد المنتظمين بها نحو أربعين تلميذًا.
رفاعه رافع الطهطاوى رائد التنوير كان صاحب مبادرة الحفاظ على الاثار المصرية، حيث أطلق مبادرة أن كل من وجد شيئا قديما أن يقدمه لمدرسة الألسن التى أسسها وهذه هي النواة الحقيقية لإنشاء المتحف بل كانت النواة الحقيقية لصدور أول مرسوم فى مصر للحفاظ على الآثار المصرية.
وهاجم نقل مسلة الكرنك لباريس والتى أهداها الوالى محمد على باشا لفرنسا حيث كان الوحيد الذي شعر بقيمة تراث بلده فى وقت لم تكن فيه صحافة، ولم يكن فيها معارضون حيث كان محمد على باشا يمسك مقاليد الأمور، فالمعارضة ليس من مصلحتها أن تخالف أوامر ولى النعم إلا إن رفاعة الطهطاوى كان يملك من الشجاعة وعارض فى وقت عزت فيه المعارضة.
وأكد روبرت سوليه فى كتابه "الرحلة الكبري للمسلة"، أن كتاب رفاعة الطهطاوى والذي تم نشره عام 1834م لمشاهداته عن باريس، يحتوى على سطور جريئة، فكتب رفاعة: "إن الفرنجة المنبهرين بغرابة تلك المسلات، قاموا بنقل اثنتين منها إلى بلدهم، إحداهما إلى روما فى وقت سابق، والأخري إلى باريس فى وقتنا الحالى، بناء على الكرم الفائض لولى النعم أى محمد على باشا"ووصف قيام الأجانب بأخذ الآثار المصرية لأوطانهم بطريقة السلب والنهب"، مؤكدا أنها تشبه سلب البعض مصوغات غيرهم فهى عملية نهب واضحة لا يلزم لها أى إثبات"، وقد استمر الشيخ رفاعة فى رفضه لنهب الآثار حتى تم إصدار مرسوم من الدولة فى 15 أغسطس عام 1835م؛ للحفاظ على التراث المصري.
وكانت تحذيرات رفاعة لها صداها، حيث قررت الحكومة منع تصدير الآثار لخارج، كما حددت مكانا فى القاهرة لمخزن للآثار تحول فيما بعد لمتحف ، إلا إن القانون كان يطبق بطريقة متسامحة لدى محمد على باشا وخلفائه من بعده ،أما المحافظون على التراث المصري أمثال رفاعة الطهطاوى، فقد كان عليهم مراقبة الحاكم حتى يمنعوه من الإسراف فى التساهل فى نهب الكنوز القومية وتصديرها للخارج .