هجمة مرتدة.. مسلسل فضح عرابي الفوضى الخلاقة
السبت، 01 مايو 2021 11:00 م
"شخصيات أحمد عز وهند صبرى لها شخص حقيقى، لكن لها دواعى سرية عشان منكشفش الناس.. وصعب جدا نعرف الناس مين هو ده.. وفى العمل الدرامى نمزج جزء من الخيال، والأحداث الواقعية.. وراعينا طمس الشخصية لأسباب أمنية".. كان هذا تعليق الدكتور باهر دويدار، المؤلف والسيناريست لمسلسل "هجمة مرتدة"، بعدما ربط المصريين شخصيات المسلسل بشخصيات أخرى حقيقية، خاصة أن المسلسل الذى يعد من ملفات جهاز المخابرات العامة المصرية يحكى تفاصيل فترة غاية في الأهمية عاشتها الدولة المصرية قبل أحداث 25 يناير 2011، وهى الفترة التي شهدت الاعداد لهذه الأحداث من جانب قوى دولية وإقليمية، وبمساعدة أطراف داخلية، سلط المسلسل الضوء عليها، لكن بتغيير في الأسماء.
ومن خلال رصد حلقات المسلسل حتى الآن، يمكن القول أنه كاشف للمؤامرة الكبرى على مصر والمنطقة، خاصة أنه لم يقتصر على تفاصيل ما تعرضت له مصر من مؤامرة، وإنما كان شاملاً لمفهوم "الفوضى الخلاقة" للمنطقة بشكل عام، حيث كشف المسلسل عن رصد رجال المخابرات المصرية لتفاصيل هذه الفوضى التي تستهدف دول المنطقة وفى مقدمتها مصر، وكيف كانت تدار المؤامرات في عواصم أجنبية وبمساعدة أطراف داخلية للإيقاع بدول المنطقة.
وتحدث المسلسل عن شخصيات جدلية كان لها دور في تنفيذ مخطط "الفوضى الخلاقة"، وإن كان بأسماء مختلفة، فكان لافتاً للجميع أن شخصية "سعيد خليل التي قدمها الفنان أحمد حلاوة، هي نفسها شخصية سعد الدين إبراهيم مدير مركز ابن خلدون المسمى داخل المسلسل مركز الجبرتى، خاصة أن المسلسل أطلق عليه لقب "المأذون"، والجميع يعلم أن سعد الدين إبراهيم كان وسيط المخابرات الأمريكية للترويج للإسلام السياسى، وعراب العلاقة الإخوانية الأمريكية قبل 2011 وبعدها.
واتصالا بالعراب أو المأذون كان المسلسل كاشفاً للدور الخفى الذى قامت به منظمات حقوقية دولية ومصرية للترويج لمخطط الفوضى، وأيضاً جذب عدد من الشباب وتدريبهم لتنفيذ هذا المخطط بمساعدة من جماعة الإخوان الإرهابية.
كما تحدث المسلسل عن الخائن الهارب أيمن نور رئيس حزب الغد السابق، والذى يسمى داخل المسلسل حزب المستقبل، ونور يسمى "ضياء اليمانى"، وكشف المسلسل الدور المشبوه لهم فى إثارة الفوضى فى مصر ومؤامرتهم المشبوه لتخريب البلاد والمنطقة العربية.
ورصد مسلسل "هجمة مرتدة" للدور الذى يقوم به الإعلام الدولى والأقليميى في تنفيذ المخطط، وكانت الإشارة واضحة لقنا "الجزيرة" القطرية، من خلال الإشارة للقناة الإخبارية العربية التي تعمل ضد الدولة المصرية والمنطقة العربية، وهذا ما حدث بالفعل في عام 2011.
المسلسل الذي يشارك في بطولته الفنان أحمد عز (سيف العربي) وهند صبري (دينا)، وهشام سليم، وماجدة زكي، وصلاح عبد الله، ومحمد جمعة، وغيرهم، ومن تأليف باهر دويدار، وإخراج أحمد علاء الديب، ومن إنتاج شركة سينرجي، استحوذ على النصيب الأكبر من تعليقات الجمهور وتصدر قائمة الأكثر تداولا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الوصول إلى أكثر من نصف حلقاته.
منذ اللحظات الأولى لكشف النقاب عن الخطوط العريضة من مسلسل "هجمة مرتدة" لم تهدأ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي عن النقاش حول تفاصيل العمل الدرامي في ملحمة بطولية حقيقية من ملفات المخابرات العامة المصرية.
حالة الإقناع العامة التي خلفتها حلقات مسلسل هجمة مرتدة حتى الآن نابعة من قصته المعاصرة للزمن الحالي، تلك التفاصيل التي تتطابق مع الواقع، ما يعده أول مشروع درامي من ملفات المخابرات المصرية يكون مواكبا لأحداث نعيشها الآن، على عكس عادة المصريين الذين كانوا يشاهدون الملفات التي تحكي عن ملاحم حقيقية لإنجازات المخابرات قديمة بعض الشيء، لكن هجمة مرتدة كان مفاجأة للجميع.
وراهن صناع العمل منذ البداية على جمع خيوط الشخصيات الدرامية، ليخرج إلى الجمهور بناء كامل الأركان من حلقات مشوقة ومنطقية ومحبوكة على القصة الواقعية بروح الدراما التي تهز أركان المتابع، وصولا إلى الهدف.
"معركة الوعي"، ذلك الهدف الذي قامت على أساسه كل المعارك بين الدولة وأطراف الإرهاب، كان هو الهدف الأكبر والرسالة الأولى من المسلسل وعرض تفاصيله من أحد ملفات المخابرات العامة المصرية، ذلك الوعي الذي وصل إلى المصريين فتوقف عندهم سرطان خطة الإرهاب، وكانت رسالة تنبه إلى ما يحاك لمصر وأهلها من مخاطر وهو أحد أهم ما تشير إليه تفاصيل مسلسل "هجمة مرتدة" في ظل تعانيه المنطقة من أحداث صعبة على مدار السنوات الماضية.
ومن خلال سيناريو سلس كتبه ببراعة المؤلف باهر دويدار، وضع المشاهد أمام حقائق بدت للعلن للمرة الأولى بهذا الشكل، حيث باتت كل حلقة بمثابة رسائل على ألسنة أبطال العمل لما حصل في تلك الفترة الهامة، كما تميز العمل بقالب درامى مشوق نال رضا المشاهد وتميز بتنوع ما بين قصة رومانسية ما بين أحمد عز وهند صبرى بالإضافة إلى جوانب إنسانية تظهر بارزة دائماً بصورة لم تشهدها الدراما بهذا الشكل لدى رجال المخابرات، مثلما يظهر مع شخصية "رفعت المسيرى" الذى يلعبه هشام سليم، والخط الدرامى الذى يميز طبيعة دوره عبر تسليط الضوء على علاقته بابنته المصابة بالسرطان.
كل ذلك بجانب صورة إخراجية مميزة أدارها المخرج أحمد الديب ببراعة، خاصة مع تنوع العمل بمشاهد ما بين الأكشن ومطاردات بلوكشينات خارجى، بالإضافة إلى تصوير أحداث في أوروبا التي تعد مسرح العديد من وقائع العمل.
مع تتابع الأحداث في المسلسل، انتقل المواطن من كرسي المتفرج على الأحداث إلى رؤية الحدث من العمق بشكل واقعي غير مسبوقة، ذلك يتمثل في التجسيد الحقيقي وعن قرب من طبيعة عمل ووظيفة جهاز المخابرات العامة بما يعكس التطور الهائل في قدرات الجهاز في كل عناصره سواء البشرية أو الفنية وديناميكية العمل داخل الكيان الأول لحماية الأمن القومي المصري .
في السياق الدارامي، كان هناك ربط وتشابك بين الاحداث المحلية والإقليمية، بما يمكن الجمهور من اكتشاف نقاط كثيرة كانت غائبة وليس مدركا لكل خيوط اللعبة، في هذا الملف المعقد بالكامل كهدية من جهاز المخابرات العامة لشعب مصر والشعوب العربية لفهم طبيعة خطر مخطط إيقاع المنطقة في الإرهاب والدم.
الفنان هشام سليم حقق نجاحا باهرا فى أدائه لشخصية ضابط المخابرات المصرية «رفعت المسيرى» لتقديمه الدور بحرفية شديدة نالت إعجاب متابعى المسلسل، مشاهد ظهوره كانت كافية لخطف الأنظار لما يمتاز به من مهارة فى تقديمه شخصية حافلة بجوانب متعددة من حكمة كبيرة فى إدارة الأمور وعين على كل ما يحدث من ملفات سواء كانت على الشارع المصرى أو بالخارج من شرق أوروبا إلى العراق، موضحا العديد من الملفات والخبايا مع كل كلمة تخرج منه كلما ظهر أمام الشاشة، إضافة لعدم إهمال الجانب الإنسانى فى الشخصية مع علاقته بابنته المصابة بالسرطان.
ويلعب هشام سليم دور مسؤول مخابراتى يتصدى لمحاولات استهداف مصر والمنطقة العربية فى فترة حرجة تمتد بين 2007 وما عُرف لاحقا بأحداث الربيع العربى، وبأدائه الوقور واللامع قدم "سليم" دورا مدهشا لرجل المخابرات الهادئ والذكى والقائد المحنك، ومن روح شعار الجهاز الوطنى العريق الذى يجسد نسرا يقتنص أفعى وخلفيته عين حورس، كانت ملامح هشام سليم متوحدة تماما مع دوره، فبدت ملامحه وكأنه نسر حقيقى فى مهمة اقتناص للأفاعى.
في المجمل يمكن القول أن "هجمة مرتدة" خلق حالة من الشغف من قبل الجميع من مختلف الأعمار، حيث كشف النقاب عن البطولات التى ساهمت فى صناعة حاضر ومستقبل الدولة المصرية، وهذا يعكس أيضا السبق لدى الدراما المصرية والتميز فى تقديم أعمال أصبحت علامات وأيقونات فى دراما الجاسوسية، من خلال سرد سلس للأحداث يتسم بأسلوب السهل الممتنع، وهو ما يحسب للقائمين على المسلسل، حيث يناقش العمل الجهد الكبير الذي يبذله رجال المخابرات المصرية في حماية الأمن القومى وكيفية الوصول للمعلومات بدقة مهما حاولت الجهات الأخرى إبقاءها في طى الكتمان والسرية، وذلك بعدما تطرق العمل لأهم الأحداث التي أثرت على المنطقة وكيف كانت تدار الأمور بالخفاء.