"حياة كريمة" تحول تاريخي في ملف الخدمات بالقرى والنجوع.. تطوير البنية الأساسية وتوفير فرص عمل
الخميس، 08 أبريل 2021 10:18 ص
أصبحت مبادرة "حياة كريمة" واحدة من أنجح المبادرات التي أطلقتها القيادة السياسية لتغير ملامح وأوضاع الحياة اليومية للمواطنين، من المرافق والخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية، ورفع المعاناة عن الأسر الفقيرة الأكثر احتياجًا وإحداث نقلة نوعية في مستوى الخدمات الأساسية المقدمة لهم، ورفع كفائة المرافق بالقرى والمدن، فضلا عن توفير فرص عمل في المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، ان الدولة دعت الدولة من خلال هذه المبادرة إلى تضافر جميع الجهود من أجهزة الدولة وجمعيات ومؤسسات العمل الأهلي ورجال الأعمال وغيرهم، لتنفيذ هذه المبادرة والوقوف على الاحتياجات الأساسية لأهل تلك القري، حتى رصدت الدولة 103 مليار جنيه لتنفيذ المبادرة في 11 محافظة، وبدأت بالمرحلة الأولى التي شملت 377 قرية تتعدي نسبة الفقر بها 70%، وبالتنسيق مع 16 جمعية أهلية بدأت مبادرة “حياة كريمة” عملها فى تلك القرى.
ورصد الدراسة أنه جاء عام 2020 ليتم إعلان "حياة كريمة" كمؤسسة أهلية غير هادفة للربح، مهمتها تنفيذ أهداف مبادرة حياة كريمة التي أعلنها الرئيس في 2019، وتضافرت كافة جهود الدولة، وتعاونت حوالي 23 مؤسسة مجتمع مدني في العمل على تنفيذ أهداف المبادرة.
وتابعت الدراسة انه في مطلع العام 2021 وسّع الرئيس عبد الفتاح السيسي نطاق مشروع حياة كريمة ليشمل جميع القرى والمراكز الريفية، فظهرت مبادرة “تطوير الريف المصري” والتي أعلن رئيس مجلس الوزراء أن الدولة رصدت لتنفيذها ما يفوق 515 مليار جنيه، وأن العمل سيشمل 1500 قرية في المرحلة الأولي، وأصبحت هذه المبادرة حاليًا الشغل الشاغل في المحافظات والأجهزة التنفيذية في الدولة.
واكدت الدراسة انه جاءت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بتنفيذ مشروع "تطوير قرى الريف المصري" والذي يهدف إلى تغيير شامل ومتكامل التفاصيل لجميع قرى الريف المصري والذي تم حصرهم بـ”4741 قرية” وتوابعها “30888”عزبة وكفرًا ونجعًا، من أجل إحداث تغيير جذري في حياة ما يقرب من 55 مليون مواطن مصري، في 25 محافظة، وبالتناغم بين كافة الأجهزة الحكومية المعنية بدأت المرحلة الأولى لتطوير 1500 قرية وتوابعها في حوالي 51 مركزًا، ليشمل التطوير كافة جوانب البنية الأساسية والخدمات، والنواحي المعيشية والاجتماعية والصحية.
ولفتت الدراسة أنه يتم تنفيذ هذا المشروع على ثلاث مراحل، الأولى تشمل القرى ذات نسب الفقر من 70% فيما أكثر، والثانية تشمل القرى ذات نسب الفقر من 50% إلى 70%، والثالثة تضم القرى ذات نسب الفقر أقل من 50%، ويتم تحديد القرى الأكثر احتياجًا وفقًا لمعايير: ضعف الخدمات الأساسية من شبكات الصرف الصحي وشبكات المياه والكهرباء والاتصالات، وانخفاض نسبة التعليم، وتوافر المدارس وارتفاع كثافة الفصول، والاحتياج إلى خدمات صحية مكثفة لسد احتياجات الرعاية الصحية، وحالة شبكات الطرق، وارتفاع نسبة فقر الأسر القاطنة في تلك القرى.
واشارت الدراسة أن هذا البرنامج الطموح الذي يتبناه الرئيس عبد الفتاح السيسي يعد واحدًا من أهم البرامج التنموية في التاريخ المصري الحديث، حيث لم يسبق لأي حكومة في تاريخ مصر أن تصدت لتطوير الريف المصري بالكامل والذي يعيش فيه نحو 57% من سكان مصر، وكذا رصد موازنة غير مسبوقة تبلغ 515 مليار جنيه لتحقيق تطوير شامل للقرى وتقليص الفجوة بين الريف والحضر، بل وتحقيق الهدف الأسمى من المبادرة وهو “حياة كريمة لكل أهلنا في الريف المصري”.
التنمية المستدامة وتنمية الإنسان
وأطلقت الأمم المتحدة عام 2015 الأهداف العامة للتنمية المستدامة وعددها سبع عشرة هدفا، تسعى جميعها لتنمية الإنسان، فجاءت الأهداف السبعة عشر متكاملة؛ أي أنها تدرك أن العمل في مجال ما سيؤثر على النتائج في مجالات أخرى، وأن التنمية يجب أن توازن بين الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، فحددت أول أهدافها القضاء على الفقر، ثم القضاء على الجوع، ثم التمتع بصحة جيدة، وحق الإنسان في التعليم، والمساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات أيضًا.
وظهرت المجموعة الأخرى من الأهداف لتؤمن الحياة الكريمة للإنسان من توفير بيئة معيشة مناسبة تبدأ بتوافر مصدر للمياه النظيفة والصرف الصحي، وتوافر مصادر الطاقة والكهرباء وبأسعار معقولة، وتوافر مدن ومجتمعات عمرانية، وتأمين فرصة عمل مناسبة، إلى أن تأتي الأهداف الخاصة بالحياة البيئية والمناخية على الكوكب الذي يضم البشر معًا ليحيوا جميعًا في سلام واستقرار وبيئة متوازنة. ويسعي العالم لتحقيق تلك الأهداف بحلول عام 2030، وجاءت مبادرة حياة كريمة لتتماشى مع هذه الأهداف العالمية.
وأكدت الدراسة أننا كلنا ندرك جيدًا أنه أينما وجد الفقر وُجد المرض والفساد والجهل، وتلك عوامل قوية لهدم دولة بالكامل مهما عظمت مواردها وثرواتها، والتنمية المستدامة التي تطمح إليها الدولة عبر استراتيجية قامت بوضعها وتعمل الحكومة على تطبيقها لن تعرف طريقها إلى النجاح ما لم تقض الدولة على الفقر. فكيف لمواطن يعاني الجوع والجهل والمرض أن يساهم في التنمية؟ بالعكس سيتحول هذا المواطن إلى عائق أصيل لا يمكن تجاوزه؛ فكلما شهدت الدولة تنمية التهمتها احتياجاته من سكن كريم وتعليم جيد وخدمة صحية لائقة وتلك أبسط حقوقه الإنسانية.
ثقافة القرية وترسيخ الهوية المصرية
واوضحت الدراسة أنه لطالما كانت القرية المصرية هي العمود الفقري للمجتمع المصري، فهي الأصل الذي تكونت منه حضارة مصر القديمة بتماسكها وصلابتها منذ فجر التاريخ، فالقرية هي التجمع العمراني لسكان الريف، وهي تعكس خصائص الإنسان الريفى ومزاياه المادية والبيئية والاجتماعية ومتطلباته الحياتية والوظيفية، لذلك تبرز هنا أهمية تنمية الإنسان الريفي ليكون نواة للتغيير والتطور والتحضر مثلما كان دائمًا.
ولفتت الدراسة ان إطلاق المبادرة الرئاسية لتطوير الريف المصري “حياة كريمة”، يجب أن يصاحبه مبادرة إعادة تشكيل وترسيخ للهوية المصرية في الريف المصري، فتستعيد قصور الثقافة في القرى والمراكز دورها التنويري والتوعوي مرة أخري، وتعمل على جذب النشء للمشاركة في الهوايات المختلفة وتحرير أطفال القرية من الصورة الذهنية المغلوطة في الفرق بينهم وبين الحضر.
واختتمت الدراسة أن هناك فرصة عظيمة مع هذا المشروع العملاق إطلاق الطاقات والمهارات الرائعة لأبناء الريف وخلق بيئة عمل للابتكار تبدأ من البرامج الثقافية والندوات التوعوية، تبدأ من إعادة تشجيع القراءة من خلال مكتبات القرية وتطويرها وتزويدها بأحدث الكتب والآليات المناسبة لهذا العصر والتطور التكنولوجي السريع المصاحب له، تبدأ من تشجيع القرى على الحفاظ على التراث، وخاصة تلك التي تحترف حرفة أو مهنة معينه لا يشاركها فيها غيرها وكادت أن تندثر، فآن الأوان أن تحيا وتزدهر من جديد، فتعود القرى المشتهرة بصناعة الزجاج والسجاد والتمور والمشغولات النحاسية، والخوص وصناعة الفخار وغيرها الكثير والكثير من الحرف المصرية
وتسائلت الدراسة أين العروض المسرحية والفرق الشعبية التي كانت تجوب كل أنحاء القطر المصري، لتنشر الوعي وتدعم القيم والموروثات الاجتماعية الجيدة، وتنهى بشكل متعقل بمزيج من البهجة عن العادات السيئة والموروثات الخاطئة لأهالي الريف، فاستطاعت أن تغير الكثير، مثل تعليم الفتيات والزواج المبكر للفتيات في الريف وتنظيم الأسرة وغيرها.
وأوضحت الدراسة الريف المصري الذي خرج منه معظم الأبطال الرياضيين في مختلف الألعاب والرياضات قادر بمزيد من الاهتمام بمراكز الشباب في القرى والمراكز الداخلة في المبادرة وتطوير وتوفير الاحتياجات الأساسية على رعاية الأطفال وتشجيعهم على ممارسة الرياضة بدلًا من اللجوء إلى أفكار وممارسات أخري ربما تودي بهم في النهاية إلى طريق لا تحمد عقباه.
اختتمت الدراسة أنه وأخيرا يجب أن يكون هذا المشروع العظيم لتطوير الريف المصري هو في الأساس لبناء الإنسان المصري والسعي لتحقيق العدالة الثقافية إدراكًا منه أن الثقافة يمكنها أن تصل لأعماق الريف لتعزيز القيم الإيجابية في المجتمع وتحقيقًا لدور الثقافة في التنمية الشاملة وبناء الوجدان الإنساني لما يؤثر على وعي الشباب بالتاريخ الوطني، فضلًا عن تنمية الموهوبين والنابغين والمبدعين، واستعادة مصر لقوتها الناعمة مرة أخرى على مستوي الريف والحضر.