الأزهر يقطع الطريق على الفتنة.. الحضارات سلسلة متواصلة والمسلمون حافظوا على آثار أجدادهم
الأربعاء، 07 أبريل 2021 04:56 م إيمان محجوب
كان احتفال موكب المومياوات في رحلتهم الذهبية من المتحف المصري بالتحرير للمتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط أسطوريا كما وصفته الصحافة العالمية، وترك هذا الاحتفال أثرا رائعا في المصريين الذين شعروا بعظمة أجدادهم وعراقة حضارتهم المصرية التي جاءت ثم جاء التاريخ.
وسط هذه المشاعر الطيبة وتجمع المصريين على حدث عظيم خرج دعاة الفتنة لبث سمومهم بآراء وتساؤلات عن هوية مصر الإسلامية، في مزايدة على صحابة الرسول وعلى الحضارة المصرية الخالدة، فمزايدتهم علي صحابة الرسول، الذين فتح الله مصر على أيديهم للإسلام وهو عمرو بن العاص في خلافة سيدنا عمر ابن الخطاب، ومع دخول الفاتحين المسلمين كانت الحضارة المصرية القديمة وأثارها منتشرة في ربوع مصر من الأهرامات والمعابد والتماثيل ومع ذلك لم يمس صحابة رسول الله تلك الآثار بسوء.
من جانبهم دحض علماء الازهر الشريف اداعاءات هؤلاء، واكدوا كما جاء في مجلة الازهر الشريف أن الآثار موروث ثقافي يعرف به تاريخ الأمم والحضارات والآثار لا تعد أصناما ولا أوثانا ،كما أكد أمين البحوث الإسلامية: الدكتور نظير عياد أن الأزهر الشريف كان سباقا في بيان الأحكام الشرعية المتعلقة بحماية الآثار المصرية والترويج لها وتصحيح المفاهيم المغلوطة حولها، من خلال البيان الختامي لمؤتمر الأزهر العالمي للتجديد في الفكر الإسلامي، والذي عقد في يناير من العام الماضي، والذي نص على أن الآثار موروث ثقافي يُعرِّف بتاريخ الأمم والحضارات، ولا تُعدُّ أصنامًا ولا أوثانًا، كما يَزعمُ أصحاب الفكر الضالّ، فلا يجوز الاعتِداء عليها ولا فعل ما يغيِّر من طبيعتها الأصلية، وهي ملك للأجيال كافة، تُدِيرها الدولةُ لصالحه
من جانب أخر صرح الدكتور محمد المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر أن موكب نقل المومياوات الملكية،حدث عالمي يؤكد أن مصر واحة للأمن والأمان.
كما قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كباء العلماء في الأزهر ومفتي مصر السابق، في تصريحات تلفزيونية "هناك كثير من الأقاويل التي يرجحها العلماء، أن نبي الله إدريس هو من بدأ بناء الأهرامات وعلم التحنيط، وأن وجه تمثال أبو الهول في مصر هو وجهه".
وأضاف إن النبي إدريس اسمه "أخنوخ" في التوراة، وهو هرمس الهرامسة أي حكيم الحكماء، فهو أول من خط بالقلم وخاط الثياب، وهو مثال للحكمة والعلوم الرياضية والفلكية، وهو "أبو الهول" كما جاء فى كتاب لأحد المؤرخين.
وأكد جمعة أن الرسول والصحابة الكرام لا يهدموا اثار ففي المدينة المنور يوجد مدائن صالح ،وكانوا يشاهدونها ويحافظون عليها لأخذ العبرة كما جاء في القرآن الكريم .
جدير بالذكر أن المصريون القدماء وحدوا الله وعبدوه ودعي أخناتون كما ذكر المؤرخين لعبادة إله واحد، فهو أمنحتب الرابع، من ملوك الأسرة الثامنة عشر، الذى حكم البلاد فى الفترة ما بين عامى 1370 و1352 قبل الميلاد، وهو الذى قاد ما يمكن تسميته بـ «ثورة دينية» ، قبل ما يقرب من ثلاثة آلاف وأربعمائة عام بحثا عن الإله الواحد.
وأصر على اتخاذ «آتون» إلها واحدا للإمبراطورية المصرية، وتحريم عبادة «آمون» وغيره من الآلهة الأخرى، ونجح فى نشر مذهبه فى طول البلاد وعرضها والقضاء على المذاهب الأخرى، وأغلق كل معابد «آمون» - الذى كان يكرهه بشدة- ومحى اسمه أينما وُجد فى نقوشٍ على آثار طيبة وحطم تماثيله، ثم فعل الشيء ذاته بالنسبة لكل الآلهة الأخرى، بل محى لفظ «الآلهة» بصيغة الجمع فى كل المعابد حتى لا ينصرف ذهن الناس إلا إلى إله واحد.. وحتى اسمه هو شخصيا قام بتغييره.. لأن اسم «أمنحتب» يعنى أن «آمون راضٍ «أو مسرور»»، لذا فقد غيَّر اسمه إلى «أخناتون» أى «آتون راضٍ»، وذلك بهدف محو اسم «آمون» نهائيا، حتى أنه أزال اسم والده من النقوش على الآثار لأنه كان «أمنحتب الثالث».
وهجر أخناتون مدينة «طيبة» برغم ما بها من أبهة وسيادة، وأقام مدينة جديدة سماها «إخناتون» أى «أفق آتون» - فى منطقة تل العمارنة قرب ملوى فى محافظة المنيا حاليا- نقل إليها عاصمة ملكه، لتكون معقلا حصينا لمذهبه الجديد، حتى يتمكن من نشر دعوته فى هدوء وسلام، إذ أن «آتون» لم يكن فى نظره إله مصر وحدها، بل يشمل سلطانه كل العالم.
وذكر العالم الكبير الدكتور سليم حسن فى موسوعته الخالدة «مصر القديمة» جانبا من التعاليم التى دُونت على جدران المقابر، وتضم سلسلة من الأناشيد فى مديح إله الشمس، واصفا إياها بقوله: «تلك التعاليم تُمدنا على الأقل بلمحة من عالم الفكر الذى نشاهد فيه ذلك الملك الشاب وأتباعه رافعين أعينهم نحو السماء محاولين بذلك إدراك مجال الذات الإلهية فى بهائها الأبدى الذى لا حد له ولا نهاية له».