المتحف القومي للحضارة.. شاهد على تاريخ مصر في مختلف العصور
السبت، 03 أبريل 2021 03:30 م
لا صوت يعلوا حاليا على صوت ملف الآثار المصرية خاصة فيما يتعلق بموكب المومياوات من المتحف المصري بالتحرير لمكان عرضها الدائم بقاعة المومياوات داخل المتحف القومي للحضارة، في موكب مهيب يضم 22 مومياء، اليوم.
وتلفت الأنظار إلى المتحف القومي للحضارة المصرية كونه سيتحول إلى شاهد على تاريخ مصر في مختلف العصور.
ويعد المتحف أحد أهم المشروعات القومية التي تتبناها الدولة، فهو أحد أكبر المتاحف العالمية، وهو المتحف الوحيد من نوعه في مصر والعالم العربي والشرق الأوسط وأفريقيا، حيث يضم كل مظاهر الثراء والتنوع، التي تمتعت به الحضارة المصرية خلال مختلف العصور بدءا من عصور ما قبل التاريخ وحتي وقتنا الحاضر، وسيضم بين جنباته آثارا نادرة جدا، الذي سيتم افتتحه عقب نقل المومياوات الملكية من المتحف المصري.
والمتحف بما يحتويه من مجموعات أثرية وتراثية تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، ومن ثقافات متعاقبة وتاريخ لملوك وسلاطين وولاة وحكام وأديان ومعتقدات وتعبيرات جمالية وعصور سطوع وعصور اندثار وتجارب وخبرات إنسانية، فإنه يأخذ زائريه في رحلة فريدة خلال حقب التاريخ المصري، ليتعرفوا على التاريخ الطويل الثري لأقدم حضارات العالم وبمعني أدق أقدم دولة في التاريخ.
وقال الدكتور أحمد غنيم، رئيس الهيئة التنفيذية لمتحف الحضارة: إن المتحف يتمتع بخصائص متميزة، فالموقع الحالي للمتحف من خصائص ومقومات، يتمتع بقيم متعددة، من حيث طبيعته وموقعه شديد التميز، بجانب ما يحيطه من آثار متنوعة تنتمي إلى عصور عدة متمثلة داخل موضوعات العرض، فإلي الغرب تقع منطقة الأديان «معبد بن عزرا - كنيسة أبوسرجة - الكنيسة المعلقة - جامع عمرو بن العاص - آثار مدينة الفسطاط» مع رؤية الهرم الأكبر وهرم سقارة، وإلي الشمال حديقة الفسطاط، وما يقع خلفها من بقايا سور مجري العيون وإلي الشمال الشرقي قلعة صلاح الدين وجامع محمد على بالقلعة، وإلى الشرق يقع جامع الجيوشي على سفح جبل المقطم وقباب الإمامين الشافعي والليثي ومقابر الأشراف وقبتي أثر طابا، وذلك ما تبقي من الدولة الأخشيدية، وكثير من الآثار الإسلامية، إضافة إلى مسطح مياه بحيرة عين الصيرة في المحيط المباشر للمتحف، وهذا مع وجود أثر إسلامي، تم الكشف عنه أثناء أعمال الحفر بالمشروع هو عبارة عن مصبغة أثرية تقع داخل الموقع فيما بين مبني الاستقبال ومبني العرض وخدماته.
وأضاف الدكتور أحمد غنيم: يتكون المتحف من مبنيين رئيسيين هما مبني المتحف ومبني الاستقبال، بالإضافة إلى جراج للسيارات وآخر للأتوبيسات والمباني الخدمية، مثل مبني محطة الكهرباء والتكييف ومبني الموزع الكهربي للمتحف، وغرف الأمن وأماكن انتظار السيارات للعاملين بالمتحف، بالإضافة أيضا للموقع العام للمتحف، الذي يتضمن الحدائق وأماكن للعرض المتحفي المكشوف والمسرح الروماني والمنطقة المحيطة بالمصبغة الأثرية وأيضا شاطئ بحيرة عين الصيرة، حيث هناك رؤية مستقبلية له تتضمن العديد من الأنشطة الثقافية والترفيهية، وتبلغ المساحة الإجمالية للمشروع 33 فدانا ومساحة المباني 96000.00 م2.
أما عن مبني الاستقبال، الذي تبلغ مساحته الإجمالية 31375 مترا مربعا، ويتكون من ثلاثة مستويات «المستوي الأول» يضم المركز التجاري «42 محلا ومعرضا»، ودارا للسينما 332 مقعدا، إلى جانب الجرايات الخاصة بالسيارات.
وعن المستوي الثاني، فيضم «قاعة محاضرات وتسع 187 مقعدا، وقاعة المؤتمرات، والفصول التعليمية «عدد 5 فصول» وقاعة لاستقبال الأطفال، وكافيتريا ومطعما».
ويضم «المستوي الثالث» «مسرح بسعة تبلغ 486 مقعدا للصالة والبلكون، ومطعما للوجبات الخفيفة، ومتجر لبيع الهدايا والتذكارات، والاستعلامات، والتذاكر والدخول للمتحف، وجناح لكبار الزوار».
ويضم المتحف مبني صالات العرض المتنوعة «مبني المتحف»، الذي يتكون من دور البدروم، ويحوي المخازن الأثرية ويبلغ مساحة المخازن الأثرية وعددها 14 مخزنا حوالي 7462 م2، ومعامل الصيانة وورش العمل، وتبلغ إجمالي مسطحات ورش ومعامل الترميم 2984 م2، كما يضم مركز «الطباعة والنشر» ويعمل المركز على تقديم العديد من المصادر التعليمية والفكرية من خلال المطبوعات والإصدارات الدورية الخاصة بأهم الاكتشافات الأثرية والمعارض الأثرية المؤقتة والندوات والمؤتمرات، التي تعقد داخل مصر وخارجها وكذلك طباعة المجلات والكتب العلمية.
ويعتبر هذا المركز بمثابة المطبعة الأثرية لوزارة الدولة للآثار، ويلحق بالمركز مكتب كامل للتصميم ومطبعة حديثة متكاملة، طبقا لآخر التقنيات العالمية في هذا المجال، كما يضم الدور «ستوديو تصوير الآثار»، وهو ستوديو مجهز بأحدث معدات التصوير وأنظمة الإضاءة والخلفيات اللازمة، لتوثيق كل الآثار على
اختلاف أحجامها وأنواعها.
كما يضم المتحف الدور الأول العلوي، الذي يضم «منطقة استقبال الآثار»، ويعتبر متحف الحضارة هو صاحب السبق الأول في التخطيط والتنفيذ لمنطقة استقبال الآثار، وهي المنطقة التي تحكم دخول القطع الأثرية داخل المتحف، ويتم بها عمليات التغليف وفض التغليف وأيضا عمليات التسجيل والتصوير الأثري، وعمليات التبخير والتعقيم للآثار العضوية المصابة بالحشرات والبكتيريا العضوية باستخدام الأنوكسيا، وحرصا على مقتنيات المتحف، يتم عزلها بمنطقة الحجر الصحي ثم تعقيمها قبل دخولها للمتحف.
ويضم الدور أيضا «المركز الدولي للتدريب»، وهو المركز الأول من نوعه في مصر، الذي يقوم على تدريب المتخصصين في مجال الترميم الأثري والصيانة الوقائية وعلوم المتاحف والحفاظ على التراث والحفريات والسلالات البشرية والحفائر، سواء من داخل مصر أو من خلال الوافدين من الوطن العربي أو أفريقيا، وذلك من خلال الدورات التدريبية المعتمدة من وزارة الآثار ومنظمة اليونسكو والمنظمات والمؤسسات الدولية المعنية أو من خلال النشرات الفنية الدورية المتخصصة، بالإضافة إلى «غرف المراقبة للمتحف» و«إدارة المتحف».
ويضم المتحف دورا منسوبا لقاعات العرض المتحفي، حيث يحتوي الدور على قاعات العرض بإجمالي مسطح يبلغ 21977 م2، وهي «قاعة العرض المؤقت «الحرف المصرية عبر العصور»، قاعة العرض المركزي «قلب المتحف»، قاعة عرض المومياوات، متحف العاصمة «الهرم الزجاجي»، قاعة عرض «فجر الحضارة»، قاعة عرض «النيل»، قاعة عرض «الكتابة والعلوم»، قاعة عرض «الثقافة المادية»، قاعة عرض «الدولة والمجتمع»، قاعة عرض «الفكر والعقائد».
قاعة العرض المؤقت «الحرف المصرية عبر العصور»، التي افتتحت في فبراير 2017 بحضور إيرينا بوكوفا مدير عام اليونسكو، تبلغ مساحتها 1000 متر مربع تعرض أربعة حرف وهي «الفخار - الأخشاب - النسيج - الحلي»، ونحو 400 قطعة أثرية من مختلف العصور، بالإضافة إلى عدد كبير من قطع التراث والأفلام والصور التي تبرز الطابع المميز للحرف المصرية الأصيلة.
يستطيع الزائر من خلال قاعة عرض «فجر الحضارة» التعرف على البدايات الأولي لملامح الحضارة المصرية في عصورها المبكرة، وكيف عرف المصريون الاستقرار والزراعة والرعي، وكيف نشأت القري والمدن وتوحدت الأقاليم، وكيف نشأت الديانة والمعتقدات حتي بداية تكوين ملامح الدولة المصرية، ويتم عرض مجموعة من الأدوات الحجرية، التي يعود أقدمها لما يقرب من نصف المليون عام على الأقل، بالإضافة لعدد من القطع الفنية والأواني التي تمثل النشاط المبكر للمصريين القدماء، وأيضا مجموعة نادرة من الهياكل البشرية للمصريين الأوائل، التي يعود أقدمها «هيكل للترامسة» إلى نحو 55 ألف سنة والتي يراها العالم لأول مرة.
تتناول بالتحليل والعرض قصة نشأة نهر النيل في مصر، وكيف مثل العمود الفقري للحضارة المصرية، ووفر لها نعمة الاستقرار والاستمرار، وحول الإنسان المصري من جامع للطعام إلى منتج له من خلال معرفة الزراعة والصيد، وكيف كان شريانا للنقل، حيث إنه وحد المصريين حضاريا مما دعم وحدتهم السياسية بعد ذلك، وكيف ارتبطت معتقداتهم الأولي به، وعرفوا من ملاحظة فيضانه علم الفلك، وقاموا بالإحصاء وحساب الضرائب، مما جعلهم يقيمون على ضفافه ودلتاه أقدم حضارات العالم.
تعرض قاعة عرض «الكتابة والعلوم» كيف توصل المصريون للكتابة من خلال أحدث الاكتشافات الأثرية من أبيدوس وغيرها، التي تؤكد ريادة المصريين وسبقهم ما عداهم من الأمم في الوصول للكتابة، كما يتناول براعة المصريين وتفوقهم وسبقهم في العلوم المختلفة مثل الطب والفلك والرياضيات وعلوم التحنيط والآداب التي تكشف عن كثير من سلوكياتهم وأخلاقهم واحترامهم للقيم الإنسانية النبيلة، وكيف تم انتقال المصريين من مرحلة حضارية إلى أخري واستخدامهم لغة جديدة كان يتم بسلاسة مذهلة، مما يضيف إلى رصيدهم الحضاري مزيدا من العمق والإبداع.
تعرض قاعة عرض «الثقافة المادية» الشواهد المادية الدالة على عظمة الحضارة المصرية مثل العمارة وتطورها من عصور ما قبل التاريخ وحتي العصر الحديث بمختلف فروعها المدنية والدينية والجنائزية والحربية، كما يتناول قصة الفنون بأنواعها، من نحت وتصوير وحلي وأدوات زينة وأدوات موسيقية وتعبيرية وغيرها، إلى جانب مجموعة متنوعة من القطع التراثية المختلفة، التي تمثل الأصالة من ربوع مصر المختلفة.
قاعة عرض «الدولة والمجتمع»، تعرض لنشأة الدولة المصرية والعلاقة بين الحكومة والمجتمع، التي قامت على العدل والمساواة ودور المرأة في المجتمع، ومنظومة المؤسسات مثل القضاء والجيش والشرطة ونظام الضرائب، كما يتناول العادات الاجتماعية مثل الزواج والمناسبات والأعياد وغيرها من ملامح الحياة الاجتماعية والسياسية المصرية عبر العصور.
قاعة عرض «الفكر والعقائد» تعرض عقائد المصريين ودياناتهم عبر العصور، وكيف عرفوا قوة الإله وأنهم لم يتعبدوا للتماثيل أو الأفراد، وكانوا الأقرب للديانات السماوية في تفسيرهم لنشأة الكون وما دعت إليه الأديان من فضيلة ومثل، والتأكيد على أنهم أكثر شعوب الأرض تسامحا مع أصحاب المعتقدات الأخري، وكيف أنهم كانوا علامة فارقة في انتشار المسيحية والإسلام، ويعرض كذلك العادات والفنون والمعتقدات الشعبية منذ أقدم العصور في أسلوب يدرك معه المصريون اليوم مدي ارتباطهم وتواصلهم مع الأجداد، والهدف أن يدفعهم ذلك إلى استكمال المشوار الحضاري الفريد للحضارة المصرية.
يذكر أن سعر تذكرة الدخول للمتحف 60 جنيها للمصريين والطالب المصري 30 جنيها، فيما يبلغ سعر تذكرة الزائر غير المصري 200 جنيه، والطالب غير المصري 100 جنيه، ولكن وزارة السياحة والآثار قد منحت تخفيض 50% على تذاكر المتحف خلال الفترة من يوم 4 إلى 17 إبريل المقبل.