«الليلة يا عمدة».. كيف قلب الفنان صلاح منصور «الدرويش السميع» تاريخ الكوميديا في السينما المصرية؟
الأربعاء، 17 مارس 2021 04:46 مآلاء يوسف
- العمدة: هي حبكت الليلة يا حفيظة؟
= حفيظة: "الليلة يا عمدة"
خلدت هاتان الجملتان بين صلاح منصور "العمدة" وزوجته الأولى حفيظة "سناء جميل" في فيلم الزوجة الثانية بطولة سعاد حسني وشكري سرحان، مشهدا من أقوى اقتباسات السينما المصرية، وأكثرها حرفية، ومادة خصبة للكوميكس بعد مرور 53 عاما من عرض واحد من أقوى الأفلام في السينما.
لعب صلاح منصور، الذي تحل ذكرى ميلاده اليوم الأربعاء 17 مارس من العام 1923، دور العمدة ببراعة وبخفة ظل غير طبيعية، وجه بشوش وتلقائية مطلقة، قبل ذلك خط في تاريخ السينما أدوارا جمع فيها بين الكوميديا والشر، ورغم الصعوبة والتناقض الكبير إلا انه أبدع وتألق في كلاهما دون منازع.
عمل الفنان الراحل صلاح منصور صحفيا في روزا اليوسف لكن عشقه للفن جعله يترك الصحافة، ويبحث عن شغفه في الظهور على الشاشة.
محطات في حياة صلاح منصور كان أبرزها عشقه لتلاوة الشيخ مصطفى إسماعيل جعله يتعقبه في أى مكان ولا يستطيع ان يتجاهله في أي مناسبه سواء كان مجالس ذكر، حفلات، مساجد، مآتم. وكان يتعقبه أيضا في جميع رحلاته في محافظات مصر ويشهد على ذلك أصدقاؤه الفنان شكري سرحان والكاتب محمود السعدني.
شكري سرحان شاهد علي حب صلاح منصور للشيخ مصطفي
حكايات المشاهير عن حب صلاح منصور للشيخ مصطفي اسماعيل كثيرة، يروي موقف منها ما سرد تفاصيله الفنان الراحل شكري سرحان، في لقاء تلفزيوني ببرنامج “شموع” على التلفزيون المصري، فهو كان أحد أركان “شلة السميعة” للشيخ مصطفى، فضل صديقه وزميل دراسته صلاح منصور، الذي عرفه على الشيخ وكان يصطحبه معه لحضور حفلاته والاستمتاع بصوته.
كان منصور من أولئك الذين يهيمون عشقًا في صوت الشيخ ويردد الآهات وكلمات الإعجاب كلما انتقل “إسماعيل” كعادته من مقام أو نغمة إلى أخرى خلال التلاوة، بحسب ما يقول “سرحان”: “كنا بنروح نسمعه يوميًا في ليالي رمضان في قصر عابدين، وكان بيحضر مطربين وفنانين، وكان صلاح يحرص على الاتصال يوميًا بمنزل الشيخ مصطفى ليعرف مكان العزاء أو الحفل الذي سيقرأ فيه، ونروح وراه كل ما نكون فاضيين”.
وتحدث "سرحان" عن تفاصيل واقعة طريفة، ذات مرة في عزاء كبير بإحدى المحافظات، حيث كانا يحرصان دومًا على الجلوس في المقاعد المواجهة للشيخ مصطفى إسماعيل، ومع تجلي الأخير في التلاوة، يبدأ صوت “صلاح” في الارتفاع بعبارات المدح “الله عليك يا سيدي.. يا سلام.. آه والنبي حلوة دي كمان شوية” ؛ فوجئ الثنائي الفني أثناء الاندماج مع الشيخ، برجل “طويل عريض” يطرد “صلاح” من العزاء، فيقول “سرحان”: “فوجئنا برجل بيخبط على كتفه وبيقول: إيه يافندي أنت إيه اللي بتعلمه ده، ده عزاء اثنين أخوات ماتوا في حادث عربية، وأنت قاعد تقول يا سلام ومصهلل ومجلل، قوم اطلع برة، ولكن أنقذه من الموقف الشيخ مصطفى إسماعيل، الذي دافع عنه أمام إصرار صاحب العزاء على رحيله، حتى أن الشيخ هدده بترك العزاء إذا رحل صلاح منصور”.
وبعد وفاة الشيخ مصطفى إسماعيل ظل صلاح منصور متأثرا على فراقه لكن الصدفة جعلته يستعيد ذكراه للشيخ الجليل ، اثناء تصوره في كواليس احد الأفلام تعرف على الفنان محمد ثروت وكان في ذلك الوقت من الوجوه الجديدة في الوسط الفني ولم يكن في ذلك الوقت مشهورا لكن الفنان صلاح منصور يعشق يصوته وكان بعد الانتهاء من التصوير يجلس مع ثروت ويطلب منه انه يتلو آيات من القراءان الكريم للشيخ مصطفى إسماعيل رحمه الله عليه.
نبذة عن حياته ومسيرته
تخرج صلاح منصور من معهد التمثيل عام 1947 بدأ حياته الفنية على المسرح المدرسي عام 1938 أثناء دراسته، عمل محررا في روزا اليوسف عام 1940 أسس المسرح المدرسي مع زكي طليمات كون من وملاء دفعته فرقه المسرح الحر عام 1954 أشترك في العديد من المسرحيات مثل " الناس اللي تحت "، " ملك الشحاتين "، " برعي بعد التحسينات "، " زقاق المدق "، " ياطالع الشجرة "، " رومولوس العظيم "، " زيارة السيدة العجوز "، شارك بالتمثيل في العديد من التمثيلايات والمسلسلات الإذاعيه، عام 1947 تمثيله سهرة بعنوان " شهر في الجنة "، بطولة نعيمه وصفي وزهرة العلا وأخرج للمسرح كثيرا من المسرحيات منها " عبد السلام أفندي "، " بين قلبين " أخرج للبرنامج الثاني للإذاعة عددا من الروايات والمسرحيات العالمية "شارك في الكثير من التمثيليات والمسلسلات التفزيونيه، اخرها المسلسل الديني على هامش السيرة. شغل منصب مستشارا، في إدارة التربية المسرحية بوزارة التربية والتعليم حتى وفاته، هو من الممثلين الذين إذدادو موهبه مع الزمن، وفي الستينات جسد أدوارا معقدة بالغه الأهمية، من الصعب ويمكن مشاهدته بقوة في " لن أعترف "، " الشيطان الصغير "، " أرمله وثلاث بنات "، " الزوجة الثانية ".
وحصل على عدد من الجوائز التقديرية، أول جائزة كانت عام 1954 كأحسن ممثل مصري إذاعي في مسابقه في مسابقه أجرتها إذاعة صوت العرب عام 1963 على جائزة السينما عن دورة في فيلم " لن أعترف "، وجائزة أفضل دور الثاني في فيلم الشيطان الصغير، وفي عام 1966 حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى في عيد ألفن، وحصل على جائزة الدولة التقديرية من أكادميه الفنون في أكتوبر 1978 في الاحتفال بالعيد الفني.
وفاة هادئة تليق بحياته، بعدما نقل صلاح منصور إلى مستشفى العجوزة بعد أن أصيب بعديد من الأمراض التي حرص على إخفائها من أسرته، وعندما كان علي سرير الوفاة وقبل وفاته بساعات دخل عليه أخيه جمال وطلب منه صلاح منصور أن يعيد له أداء دوره في فيلم هملد رغم مرضه. وفي صباح يوم الجمعة 19 يناير 1979 توفي في المستشفى العجوزه.