تحذيرات جديدة لإيران.. الطاقة الذرية ترفض استخدام طهران لعمليات التفتيش كـ«ورقة مساومة»
الإثنين، 01 مارس 2021 09:00 م
دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، الاثنين، طهران، إلى عدم تحويل عمليات التفتيش التي تجريها هيئته في إيران إلى "ورقة مساومة"، في وقت تفكّر القوى الكبرى بإطلاق مفاوضات لإعادة إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015.
وقال غروسي في مؤتمر صحافي في مستهل اجتماع مجلس محافظي الوكالة الفصلي في فيينا: "يجب المحافظة على عمليات التفتيش التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يجب ألا توضع على طاولة المفاوضات كورقة مساومة".
ووصف غروسي تعليق عمليات التفتيش بـ"الخسارة الهائلة"، لكن لدى سؤاله فيما إن كان لا يزال بإمكان الوكالة تطمين المجتمع الدولي بأن برنامج إيران النووي سلمي بحت، رد بالقول: "حتى الآن الوضع جيد".
وعلّقت إيران في 23 فبراير بعض عمليات التفتيش التي تجريها الوكالة، رداً على رفض الولايات المتحدة حتى الآن رفع العقوبات التي فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، في إطار انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018.
وأفاد المسؤول الأممي، أن الوكالة ستحافظ على السبل التي تمكّنها من التحقق من كمية اليورانيوم الذي تخصّبه إيران.
وأعلن غروسي في 21 فبراير الماضي، بعد يومين من المحادثات مع مسؤولين إيرانيين في طهران، أن إيران توصلت مع الوكالة الدولية إلى اتفاق موقت مدته ثلاثة أشهر للتخفيف من تداعيات تعليق عمليات التفتيش.
وكتب السفير الروسي ميخائيل أوليانوف في تغريدة: "هناك مسؤولية مشتركة للحكام الخمسة والثلاثين تتمثل في ضمان ألا تؤثر المناقشات سلباً على الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة"، مضيفاً: "نحن في سباق مع الزمن، النافذة المتاحة أصبحت ضيقة جداً".
وعلّق غروسي، بشأن إعادة إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة، قائلاً: "أناشد الجميع بإجراء محادثات بنّاءة والمحافظة على عمل الوكالة".
وبقت خطة العمل الشاملة المشتركة معلقة بخيط رفيع منذ الانسحاب الأميركي منها في عام 2018 بمبادرة من الرئيس السابق دونالد ترمب وإعادة فرض العقوبات على إيران.
وفيما وعد جو بايدن بالعودة إلى الاتفاق، أعلنت إيران، الأحد، أن الوقت غير مناسب لعقد اجتماع "نظراً إلى المواقف الراهنة وخطوات الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث (المنضوية في الاتفاق)".
نتائج مدمرة
ودرس الأوروبيون إمكانية تقديم نص إلى مجلس المحافظين للتعبير عن مخاوفهم، ودعوة إيران إلى الامتثال للاتفاق، لكن لم يتخذ أي قرار بعد، وفقاً لمصادر دبلوماسية أوضحت أنه من غير المتوقع أن يعالج الملف الإيراني حتى وقت لاحق من الأسبوع.
ويعود التحذير الأخير إلى يونيو الماضي، بعدما رفضت طهران السماح لمراقبي الوكالة بتفتيش موقعين مشبوهين. وكان هذا أول قرار ينتقد إيران منذ عام 2012.
وحذرت إيران في رسالة غير رسمية موجهة إلى الدول الأعضاء من أن "اقتراح قرار في تجاهل تام للتبادلات البناءة مع الوكالة، سيكون له نتائج عكسية ومدمرة على الإطلاق".
وقال علي فايز من منظمة "إنترناشونال كرايسز غروب" على تويتر، إن خطوة كهذه "من شأنها تقويض دبلوماسية رافاييل غروسي".
وزار المدير العام رافاييل غروسي طهران قبل أسبوع، إذ تفاوض على "اتفاق تقني موقت" لمدة ثلاثة أشهر للمحافظة على مراقبة، وإن كانت محدودة، للبرنامج النووي، ما يتيح مهلة للقوى العظمى لبدء محادثات.
وفي حال التصويت على قرار حاسم ضدها، هددت إيران بـ"وضع حد" لهذا الحل الذي تتعهد بموجبه توفير كل بيانات كاميرات المراقبة والأدوات الأخرى في حال رفع العقوبات.
مبادرة ملموسة
من جانبهم، لا ينظر الأوروبيون بعين الرضا إلى ما يوصف بأنه "ابتزاز" من قبل طهران، على ما يوضح دبلوماسي.
في الأسابيع الأخيرة، اتخذت طهران خطوة جديدة على طريق في فك ارتباطها بالاتفاق (الانتقال إلى مستوى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وإنتاج اليورانيوم المعدني وتقليص عمل المفتشين)، بهدف دفع الولايات المتحدة إلى رفع إجراءات عقابية تخنق اقتصادها.
والاتفاق الذي أبرم في فيينا عام 2015 بين إيران وفرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا، كان يهدف في البداية إلى الإشراف على برنامج طهران النووي في مقابل خفض العقوبات الدولية. ورغم نفيها، فإن إيران متهمة بالسعي إلى امتلاك أسلحة ذرية، خاصة من جانب إسرائيل.
وقالت كلسي دافنبورت، المسؤولة في منظمة "آرمز كونترول أسوسييشن"، لوكالة "فرانس برس": "أبدت إيران ضبط النفس في التفاوض على هذا الاتفاق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسيكون من الغباء أن يضيع الأميركيون الوقت الذي اكتسبوه"، داعية واشنطن إلى "مبادرة ملموسة".
وأوضحت: "على المدى القصير، يمكن الوكالة الأممية أن تستمر في تأدية عملها من دون أن يكون لها تأثير كبير على عمليات التفتيش التي تجريها، لكن إذا استمر الوضع كما هو، فإن الثقة في الطبيعة السلمية لبرنامج إيران النووي ستهتز".
من جهتها، حذرت روسيا من أن تبني قرار قد يلحق الضرر بجهود إحياء الاتفاق، الذي يعرف رسميا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، وأنها ستعارضه، بحسب "رويترز".
وجاء في مذكرة روسيا الموجهة لباقي الأعضاء "لن يساعد تبني القرار العملية السياسية الرامية إلى العودة للتطبيق الشامل الطبيعي لخطة العمل الشاملة المشتركة".
واضافت "على العكس فإنها ستعقد بشدة تلك الجهود وتقوض فرص إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة والتعاون الطبيعي بين إيران والوكالة".
"خطوة خاطئة"
وكان وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قال الاثنين، إن الأوروبيين بدأوا "خطوة خاطئة" من خلال دعم الولايات المتحدة في مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معرباً عن اعتقاده بأن هذه الخطوة "ستقود إلى فوضى".
ونقلت قناة العالم الإيرانية عن ظريف قوله: "متابعة إصدار قرار ضد إيران في مجلس محافظي الوكالة الدولية الذرية سيؤدي لإرباك الوضع الحالي". وأعرب ظريف عن أمله في ما وصفه بـ"بسيادة العقل"، محذراً من أن إيران "لديها الحلول في حال عدم تحقق ذلك"، بحسب تعبيره.
اء ذلك فيما أعربت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، قبل ساعات، عن "إحباط" بلادها من رفض إيران عرض الاتحاد الأوروبي لترتيب محادثات نووية مباشرة مع الولايات المتحدة، على خلفية العودة للاتفاق النووي لعام 2015.
وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده، قال إن إيران لا ترى أن الوقت مناسب لعقد الاجتماع غير الرسمي الذي اقترحه الاتحاد الأوروبي، وفقاً لما أكدته وكالة أنباء فارس الإيرانية.