المفتي: الدولة المصرية حاليًا تعد نموذجًا مثاليًا لبناء الدولة الحديثة التي تحقق مقاصد الشريعة المطهرة
الجمعة، 19 فبراير 2021 10:52 ممنال القاضي
مفتي الجمهورية:
- فقه الدولة في الوقت الحاضر القائم على العمران والتنمية ينبغي الالتفات إليه وهو فقه مؤصل منذ عهد النبي
- هناك ارتباط وثيق بين مفهوم فقه الدولة وإنجازاتها؛ فالشرع الشريف وما يشمله من فقه يعمل على تربية الوازع الديني
- تنمية الوازع الديني لدي الفرد لا يتعارض مطلقًا مع الدور الكبير الذي تقوم به الأجهزة الرقابية بل مكملًا له
- الدول التي تركز على الجانب الأخلاقي وتنمية الضمير تقوم بأكبر إنجاز إنساني
أشاد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، بالجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مؤكدًا أن الدولة المصرية حاليًا تعد نموذجًا مثاليًا لبناء الدولة الحديثة التي تحقق مقاصد الشريعة المطهرة والتي تأخذ بأسباب القوة والتقدم والتنمية في كافة المجالات، دولة لا تهدر حق الفرد في مسيرة بناء وتنمية المجتمع".
جاء ذلك خلال لقائه الأسبوعي في برنامج "نظرة" مع الإعلامي حمدي رزق، الذي عُرض على فضائية صدى البلد، اليوم الجمعة، مضيفًا فضيلته أن فقه الدولة في الوقت الحاضر القائم على العمران والتنمية ينبغي الالتفات إليه وهو فقه مؤصل منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم فعقب إعلان وثيقة المدينة عمل على تأسيس مقومات الدولة وبناء كيانها وهيكلها الأساسي لِما للدولة من أهمية في النهوض الحضاري، وتحقيق مصالح الفرد والمجتمع، وفي ذلك دلالة واضحة على أهمية بناء الدولة على أسس متينة من السمو الروحي والرقي الأخلاقي والتطور الحضاري.
وعن علاقة مفهوم فقه الدولة وإنجازاتها أوضح فضيلته أن هناك ارتباط وثيق بينهما؛ فالشرع الشريف وما يشمله من فقه يعمل على تربية الوازع الديني والضمير والرقابة الذاتية لدى الإنسان والتناغم مع نفسه داخليًّا وظاهريًّا، وكل هذا مقوم أساسي للعمران والتنمية والتقدم الحضاري المنضبط.
وأكد مفتي الجمهورية على أن الدول التي تركز على الجانب الأخلاقي وتنمية الضمير والإيمان والرقابة الذاتية؛ تكون بذلك قد قامت بأكبر إنجاز إنساني ممكن في التاريخ لأن كل ذلك بواعث على الإنجاز المادي والتنموي والعمراني.
ولفت فضيلة المفتي النظر إلى أن تنمية الوازع الديني لدي الفرد لا يتعارض مطلقًا مع الدور الكبير الذي تقوم به الأجهزة الرقابية في مصر في هذا الوقت العصيب؛ حيث تقوم بمهمة قومية كبيرة جدًّا من أجل حماية البلاد من الفساد، ومن أجل الرقيِّ بمصر؛ فدور كل منهما مكمل للآخر.
وأشار علام إلى إن أفضل البرامج والمناهج التي يمكن أن تعين الإنسان هي المتناغمة ما بين المنهج الروحي والمنهج المادي وهذا ما أكدته أحدث الدراسات في هذا الشأن وهذا يتفق تمامًا مع المنهج النبوي الشريف فلم يكن متعبدًا كل وقته ولم يكن غارقًا في تسيير شئون الناس، بل كان متوازنًا طول حياته وبرغم حثه على التقوى والعبادة إلا أنه كان يشيد بأصحاب الأعمال والمهن؛ مرسخًا بذلك الموازنة بين الروحانيات والماديات.
وأضاف مفتي الجمهورية أن فقه الإنجاز في مجمله من فروض الكفاية؛ فلو قام بالعمل المطلوب فئة قليلة سقط الإلزام عن الباقي إلا أن الإسلام أعطي الثواب للجميع؛ فالجميع في الثواب سواء.
وعن دعاوى المغرضين التي تنال من مؤسسات الدولة ومنها دار الإفتاء المصرية فقال فضيلته إن المؤسسات الوطنية تسير وفق خططها التي وضعتها ولا تلتفت لمن يشكك أو يحبط؛ فالشعب المصري قد وعى الدرس وعرف أن العمل الجاد وتحقيق التنمية هي الهدف المنشود؛ وأن تصرفات المرء تجاه وطنه وأمته إنما تقاس بمقدار ما عنده من قيم راسخة وأخلاق متجذرة، أثمر عنها الإيمان والعمل الصالح، فإذا وجدنا خللًا في الربط بين هذين الأمرين -خاصة في وقت الأزمات- بأن ادعى أحد أنه إنما يرتسم طريق القيم والأخلاق انطلاقًا من إيمانه، ثم رأيناه يكيد لأمته ووطنه، أدركنا بداهةً مدى التناقضِ بين تصرفه وما يقوله ويدعيه.
واستنكر فضيلة المفتي الاتهامات التي يوجِّهها المغرضون من أعداء الدولة المصرية والهاربون في الخارج إلى المؤسسات الدينية في مصر، ومن بينها دار الإفتاء المصرية، متسائلًا في تعجب: "هل في مفرداتنا أن العداء للدولة هو من صفات العلماء؟!" موضحًا أنه ليس من معايير العالم الشرعي أن يخالَف وليُّ الأمر ولا القوانين ما دامت لا تتعارض مع صحيح الدين، بل أن الشرع يلزمه بالتعاون مع وليُّ الأمر واحترام القوانين طالما لا يوجد تعارض مع الضوابط الشرعية.
وأردف فضيلته قائلًا: "إن فقه الإنجاز يتطلب وضع الخطط المدروسة ثم مراجعة ما تم من أعمال ومشروعات؛ فها نحن في دار الإفتاء المصرية حريصين كل الحرص في ختام كل عام على أن نقدم كشف حساب لما حققناه من أعمال وإنجازات، وهذا المسلك أخذناه من الشرع الشريف، حتى الخطط يجب أن تكون مدروسة وهذا أمر مترسخ في سياسات الدول المتقدمة، بل موجود في العمارة الإسلامية التي بناها المسلمون في عصور الازدهار؛ فنجد التوأمة والارتباط فيما بين المنطق الأخلاقي والديني ومنطق اللا ضرر ولا ضرار فنجد مثلًا المهندس يدقق كثيرًا في معايير التهوية وفق خصوصيات الجار خشية الاطلاع على عوراته؛ وهذه الخلفية الأخلاقية ورثها المهندس الحديث وسارت ثقافة عنده، وكذلك الطبيب قديمًا كان لا يتأخر عن إسعاف المريض في وقت متأخر فأصبحت ثقافة راسخة عنده ومن أخلاقيات المهنة وتناقلها جيل عن جيل إلى وقتنا الحاضر فنجد الأطقم الطيبة يبذلون ويضحون بكل ما يملكون لإنقاذ مرضي فيروس كورونا؛ فكل هذه المعايير الأخلاقية منبعها الوازع الديني والضمير الحي والرقابة الذاتية والتي تُعد من مقومات تحقيق الإنجاز في كل المجالات المعاصرة.