من جانبه قال الرئيس التونسي قيس سعيد، إن التعديل الوزاري تجاهل بعض أحكام الدستور ولم يحترم الإرادة الشعبية، مشدداً على أن أداء اليمين الدستورية ليس إجراء شكليا، ليغلق سعيد بذلك الباب نهائياً أمام تعديل المشيشي، ويفتح فصلا جديدا من الصراع الذي سيتعثر معه عمل الحكومة، في الوقت الذي تغلي فيه البلاد على وقع احتجاجات اجتماعية وأزمة اقتصادية.
وأوضح الرئيس التونسي أن التعديل الوزاري لم يحترم الفصل 92 من الدستور الذي يقتضي مداولة مجلس الوزراء في حصول تعديل وإحداث وحذف الوزارات، وإعلام رئيس الجمهورية بذلك، مضيفًا أن الدستور لم يقض كذلك عرض التعديل الوزاري على البرلمان لنيل الثقة.
جاءت تلك الخطوة تمهيدا لإعادة هيكلة الحكومة دون الرجوع إلى رئيس الدولة، حيث إن تشكيل حكومة مصغرة يدخل ضمن صلاحيات واختصاصات رئيس الوزراء ولا يشترط إلا عقد مجلس وزاري لتنفيذ هذا الخيار السياسي.
وقبل 3 أسابيع، نال 11 وزيرا جديدا ثقة البرلمان، لكن سعيد، رفض دعوتهم لأداء اليمين الدستورية أمامه، بسبب الخروقات التي يقول إنها شابت عملية التعديل وشبهات الفساد وتضارب المصالح التي طالت عددا من الوزراء الجدد، وهوما تسبّب في حدوث قطيعة بينه وبين المشيشي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، الذي دعم موقف رئيس الحكومة.
ويوم الجمعة الماضي، أكد المشيشي، المدعوم من النهضة، أنه لن يستقيل من منصبه، في تحد واضح لسعيد الذي كان يدفع نحو استقالته أو سحب الوزراء، في تصعيد للأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد.
راشد الغنوشى يزيد الصراع بين قيس والمشيشي
من جانبه يقوم رئاشد الغنوشي "بالنفخ " في النار المشتعلة بين رئيس الوزراء ورئيس الدولة باصطفافه خلف الاخير مؤيدا خطواته، وأكد في تصريحات لوسائل إعلام محلية "أن المشيشي يتجه نحو حل جزئي يوفق بين الجانب الدستوري ورعاية مصلحة البلاد"، نافيا في المقابل تنفيذ رئيس الحكومة " إرادته بالقوة"، في إشارة إلى تطبيق التعديل الوزاري عبر سياسية الأمر الواقع ودعوة الوزراء الجدد لمباشرة مهامهم دون تأدية اليمين الدستورية.
اعتبر أن المحكمة الدستورية هي الجهة الوحيدة المخولة للنظر في الخلاف السياسي حول أزمة التعديل، مشيرا إلى أنه في غيابها "يتعين على الأطراف المعنية التعامل بمرونة حتى لا تتعطل مصالح البلاد"، وفق تعبيره.
وكانت حركة النهضة الإخوانية، قد أصدرت بيانا الاسبوع المنصرم جددت فيه دعمها لرئيس الحكومة هشام المشيشي، متحدية الرئيس قيس سعيد، وقالت حركة النهضة في بيانها "إن الحوار الجدّي والمسؤول بين الأطراف المعنيّة هو الآلية الوحيدة الكفيلة بحل الأزمة المتعلّقة بمسألة التعديل الوزاري الذي أدخله هشام المشيشي على حكومته بمقتضى ما يخوله له الدستور من صلاحيات". ويرى مراقبون أن بيان التنظيم الإخواني يأتي في سياق محاولته إضعاف خصمها السياسى، الرئيس قيس سعيد، الذى يبدو أكثر تفوقا أمام الرأى العام وأكثر وضوحا وثباتا فى مواقفه.
في المقابل، انتقد النائب عن كتلة الديمقراطية بالبرلمان والقيادي بحركة الشعب زهير المغزاوي، قرار رئيس الحكومة المتعلق بإقالة 5 وزراء، قائلا إنه "هروب إلى الأمام"، كما أكد أن قرار المشيشي "لن يحلّ الأزمة بل سيذهب بها إلى التصعيد وتأزيم الوضع"، مضيفا "نعيش اليوم أزمة أخلاقية كبيرة" وفق تعبيره.
إقصاء الغنوشي في الطريق
اشتعال الموقف داخل القصر الرئاسي لم يمنع من تصاعد الموقف في البرلمان مع تعالي الأصوات المطالبة بسحب الثقة من الغنوشى، وهو ما كشف عنه توقيع أكثر من 73 نائبا برلمانيا من كتل سياسية مختلفة على لائحة سحب الثقة من كتل الإصلاح الوطني والتيار وحركة الشعب إضافة إلى كتلة الحزب الدستوري الحر، ونواب مستقلين.
كما شرعت كتل برلمانية تونسية مؤثرة في المشهد السياسي في إجراءات سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، تمهيدا لعزله بعد التصويت على ذلك في جلسة عامة، وذلك بعد اتساع دائرة الغضب منه، بسبب فشله في تسيير البرلمان وتسببه في احتقان الأجواء بداخله، إلى جانب دخوله في صراع على الصلاحيات مع رئيس الدولة قيس سعيد، تسبب في أزمة سياسية بالبلاد، وفق ما اكدت الكتل البرلمانية الموقعة على العريضة.
ومن جانبه قال رئيس كتلة "الإصلاح" في البرلمان التونسي، حسونة الناصفي، إن موقف الكتلة من سحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، لن يتغير، معتبرا ذلك ضرورة لتغيير المشهد البرلماني بما يكفل حسن إدارة الخلافات والتعامل على المسافة ذاتها مع الجميع، حسب تعبيره، مشيرا إلى وجود اتفاق بين الكتل على تقديمها عند بلوغ 109 إمضاءات، وسيتم الكشف عن كافة الإمضاءات عند الانتهاء منها، وفق قوله.
وبحسب الفصل 51 من النظام الداخلي للبرلمان في تونس، فإنه يجوز للنواب سحب الثقة من رئيس البرلمان أو أحد نائبيه بموافقة الأغلبية المطلقة من نواب البرلمان بناء على طلب كتابي معلّل يقدم إلى مكتب البرلمان من ثلث الأعضاء على الأقل (73 توقيعا)، ويعرض الطلب على الجلسة العامة للتصويت بسحب الثقة من عدمه، في أجل لا يتجاوز ثلاثة أسابيع من تقديمه لمكتب الضبط".
الجدير بالذكر أن الغنوشي سبق وواجه خطر الإبعاد من منصبه في يوليو الماضي، عندما تقدمت 4 كتل نيابية بلائحة لسحب الثقة منه، أسقطها البرلمان في جلسة عامة، بعد تصويت 97 عضوا بـ"نعم" بينما عارض اللائحة 16 نائبا، فيما اعتبرت 18 ورقة ملغاة، إذ يعود الفضل في بقاء الغنوشي على رأس البرلمان إلى حليفه حزب "قلب تونس".
ومن جانبه يتجاهل القيادى الإخوانى المظاهرات المطالبة برحيله والغضب الواضح ضده وضد حركته بالشارع التونسى، وخرج يتحدى الجميع ويؤكد فى تصريحات صحفية أنه متمسك بالسلطة مهما حدث.
وزعم الغنوشى فى تصريحات نقلها موقع موزاييك التونسى، أن تونس تعيش وضعا انتقاليا قد يُسهل مهمة جُنوح البعض إلى ممارسات تحاول من خلالها تَرذيل هذه المؤسسة الجوهرية في المشروع الديمقراطي وهى البرلمان، لكننا نبقى مُلتزمين بالنظام الداخلي للمجلس الذى نعمل على تحويره حتى نُوقف أو نحد من بعض السلوكيات الغريبة والمتَّسمة بالعنف أحيانا.
وعن وثيقة جديدة لسحب الثقة منه بعد انقضاء فترة الشهور الستة منذ التصويت الأخير، أكد أن هذه المحاولات "عبث".