حاتم علي.... وداعا المبدع وصاحب الأعمال التاريخية والفنية والأدبية الخالدة (صور)
السبت، 02 يناير 2021 08:51 مريهام عاطف
رحيل المخرج السوري حاتم علي مثل صدمة للكثير من الفنانين والمتابعين له ،ليرحل حاتم علي تاركا رصيد كبير من الاعمال الفنية والادبية التي تخلد اسمه .
وكان المخرج حاتم علي قد وافته المنية منذ ايام أثر أزمة قلبية في القاهرة عن عمر لم يتجاوز الـ58 عاما وقد حرص العديد من الفنانين المشاركة في جنازتة وهو ما كشف عنه العديد من الصور والفيديوهات التي تم تداولها ليتداول علي راسهم النجمان تيم حسن وغسان مسعود وعدد كبير من محبى المخرج الراحل حاتم على، وشيع الجثمان من مسجد الحسن في منطقة أبو رمانة في دمشق ليتم دفنه بمقبرة باب الصغير في دمشق.
تيم حسن يحمل نعش حاتم علي
جنازة حاتم علي
بدايات حاتم علي
شكل حاتم علي الذي نعاه عدد من نجوم الفن والسينما في العالم العربي، واتفق السوريون على اختلاف توجهاتهم على نعيه حالة فنية وابداعية خاصة
ولد حاتم علي في بلدة الفيق في الجولان، وقد اضطرت عائلته إلى النزوح بعد احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان في عام 1967 ولم يكن وقتها قد تجاوز الخامسة من عمره وقد عاش مع أسرته الصغيرة في أطراف مخيم اليرموك الذي يبعد عن دمشق نحو 8 كيلومترات
بدأ حاتم على حياته بالكتابة المسرحية وكتابة النصوص الدرامية والقصص القصيرة، وحصل على إجازة في الفنون المسرحية من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق عام 1986، قسم التمثيل، وهوعضو في نقابة الفنانين في سوريا، بينما بدأ حاتم على مشواره كممثل مع المخرج هيثم حقي في مسلسل دائرة النار عام 1988، ثم توالت مشاركاته في الأعمال الدرامية، وجسد شخصيات مختلفة تنوعت بين الأدوار التاريخية والبدوية والشخصيات المعاصرة.
السوري حاتم علي
وفي أواخر التسعينيات، توجه إلى الإخراج، فأخرج مسلسل "الزير سالم" الذي كان بمثابة نقطة تحول في مسيرته الفنية وشارك في المسلسل كوكبة من النجوم السوريين، أمثال سلوم حداد والراحل خالد تاجا وعابد فهد وسمر سامي وجهاد سعد وتيم حسن وقصي خولي وكثيرين غيرهم.
ومن خلال المسلسل حاول حاتم علي تجسيد إحدى السير الخالدة في التراث الشعبي عبر دراما تلفزيونية، وهي سيرة الشاعر وأحد أبطال العرب في الجاهلية: المهلهل ابن ربيعة والملقب بالزير سالم، ومغامرات فروسيته خلال حرب البسوس. التي يقال أن امرأة تدعى البسوس تسببت في اشعالها من أجل ناقة، ودامت أربعين عاماً قتل فيها أبناء العمومة بعضهم البعض لأجيال متتالية.
وقد لاقى المسلسل نجاحاً كبيراً عند عرضه في عام 2000 وعلى الرغم من مرور عقدين من الزمن على عرضه، إلا أن الحديث عنه ما زال مستمرا، وقد أعلن الفنان الراحل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن مشروع إعادة إنتاج قصة الزير سالم وحرب البسوس في فيلم سينمائي، وكان من المفترض أن يقوم بأداء الدور الرئيسي فيه الممثل السوري جمال سليمان.
بصمة حاتم علي
ليترك حاتم علي بصمة مميزة في تاريخ الدراما التلفزيونية العربية حيث تميز في إخراج المسلسلات التاريخية من أمثال: مسلسل "صلاح الدين الأيوبي" الذي تُرجم إلى عدة لغات وعرض في قنوات تلفزيونية عديدة، ومسلسل "صقر قريش" الذي يعد الأول في سلسلة مسلسلات تحكي عن تاريخ المسلمين في الأندلس، إذ أعقبه مسلسلا "ربيع قرطبة" في عام 2003 ، و"ملوك الطوائف" عام 2005.
ولا تتصل هذه المسلسلات الثلاثة ببعضها إلا في تغطيتها لفترات متعاقبة من التاريخ الأندلسي، وكونها جزءاً من مشروع فني سمي بـ "رباعية الأندلس".
المخرج حاتم علي
ولا ينسى المشاهدون مسلسل "التغريبة الفلسطينية" عام 2004، الذي يروي فصول ما تعرض له النازحون الفلسطينيون بعد عام 1948.
حاتم علي واعماله الخالدة
في عام 2007 تناول حاتم علي التاريخ المعاصر في مسلسل "الملك فاروق" الذي قام بتجسيد الدور الرئيسي فيه الممثل السوري تيم حسن، إلى جانبه عدد من النجوم المصريين مثل الراحل محمود الجندي وعزت أبو عوف ومنة فضالي وغيرهم من نجوم الدراما المصرية.
وفي عام 2012 قام بإخراج مسلسل "عمر" الذي يروي سيرة الخليفة عمر بن الخطاب، كأضخم إنتاج عربي، ولاقى نجاحاً كبيرا في معظم البلدان العربية، وكانت تلك أول مرة يسمح فيها بتجسيد إحدى شخصيات الصحابة في الأعمال التلفزيونية.
وأخرج علي أيضا عدداً من المسلسلات المصرية، من بينها "تحت الأرض"، و"حجر جهنم" و"كأنه امبارح"، و"أهو دا اللى صار".
حاتم علي ونشاطه الأدبي
لم يكتفي الراحل حاتم علي بالاخراج والتمثيل حيث جسد شخصيات مختلفة في أكثر من 28 مسلسلاً تنوعت موضوعاتها بين التاريخي والاجتماعي والكوميدي، بل كان له أيضا نشاطا أدبيا، إذ كتب ثلاث مسرحيات وهي "مات 3 مرات" و"البارحة - اليوم - وغدا"، و"أهل الهوى".
وألف مجموعتين قصصيتين هما: "ما حدث وما لم يحدث"، و"موت مدرس التاريخ العجوز".
كما كتب أيضا عددا من نصوص الدراما التلفزيونية، من بينها مسلسل "القلاع" الذي أخرجه مأمون البني. وفيلم تلفزيوني بعنوان "الحصان" أخرجه بنفسه.
المخرج السوري حاتم علي
جوائز المخرج حاتم علي
حصلت أعمال المخرج حاتم علي على العديد من الجوائز الفنية من بينها: جائزة أفضل مخرج في مهرجان القاهرة للإعلام العربي عن إخراجه لمسلسل الملك فاروق، وجائزة أفضل مخرج من مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عن فيلم آخر الليل 1996.وجائزة أفضل مخرج في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عن مسلسل سفر 1997، وذهبية مهرجان البحرين عن مسلسل الزير سالم 2000، وجوائز أخرى.
زوجة المخرج السوري حاتم علي
على الصعيد الشخصي، تزوج علي من الكاتبة والحقوقية السورية، دلع الرحبي، وله منها ولدان. وقد انتقلت أسرته للعيش في كندا بعد اندلاع الحرب في سوريا.
دلع الرحبي
جمال سليمان يودع صديق العمر
حرص الفنان السوري جمال سليمان، على توديع صديقه المخرج حاتم علي، بكلمات مؤثرة، فكتب عبر حسابه على موقع "إنستجرام": "صديقي الغالي.. اليوم ودعك أهلك وأصدقاؤك ودمشق كلها.. دمشق التي كنت تحبها وتحب أن نستذكرها أنا وأنت ونحن في غربتنا.. دمشق التي صورتها كاميرتك في (الفصول الأربعة) و في (عصي الدمع) بحب وحنان.. كانت جنازة مهيبة تليق بك و بما أنت وما كنت".
وتابع: "كانت محطتك الأخيرة في واحدة من أقدم بقع دمشق، في مقبرة الباب الصغير بين باب الجابية والسويقة، وهي منطقة قضيت فيها طفولتي، وفي نفس المقبرة يركد والدي ووالدتي رحمهما الله.. مما رأيت في الصور فأنت بجوارهما تماما.. سيستأنسان بجيرتك، فهما يحبانك جدا، وشاهدوا كل أعمالك بشغف".
جمال سليمان وحاتم علي
أوضح: "والدي كان مغرما بأعمالك التاريخية، أما والدتي فقد كانت متعلقة بأعمالك المعاصرة بدءا من (الفصول الأربعة) إلى (عصي الدمع) ولم يمهلها الزمن لترى (العراب)، ولكن أكثر ما تعلقت به كان (التغريبة الفلسطينية) وشاهدته مرات ومرات دون كلل ولا ملل، وأظن أن لذلك أسبابا كثيرة منها علاقة أبي صالح بوالدته، فقد كنت أنا أيضا بكرها، وعندما عصف الزهايمر بها في أواخر أيامها ومن شدة تعلقها بالمسلسل نسيت اسمي وأصبحت تناديني (أبو صالح)".
وأضاف: "طبعا كما تعرف لم أكن معها في تلك الأيام حيث أُغلق باب وطني في وجهي.. وكانت تنتظر عودتي وتسأل دائما: متى سيأتي أبو صالح؟ هل اتصل أبو صالح؟ وعندما كنت أتصل بها كانت تقول لي: كيفك يا أبو صالح؟ أنا اشتقت لك يا أبو صالح.. في آخر يوم لها في دنيانا استيقظت أختي فجرا على صوتها تنادي: أبو صالح.. يا أبو صالح.. ثم طلبت كأسا من الماء، لكنها لم تنتظر، فقد رحلت قبل أن تشربه وقبل أن تلتقي بي ثانية.. يا أمي يا حبيبتي ها هو مخرج (التغريبة) بجوارك.. للأقدار معانٍ.. أحيانًا".