آمال بددها الوباء.. بهذه الشعار يستعد العالم لاستقبال عام 2021 بحالة جديدة من القلق والذعر بعد ظهور السلالة الجديدة لوباء كورونا القاتل، الذي أصاب ما يقرب من 81 مليون شخص حول العالم، وحصد أرواح 1.76 مليون آخرين.. ففى الوقت الذي سادت فيه أجواء التفاءول علي امتداد الخرائط والمحيطات بعد ظهور لقاحات عدة أثبتت قدر كبير من الفاعلية، تراجعت أسهم الأمل، وعلقات خطوط الطيران رحلاتها، وعقدت حكومات الكبار اجتماعات عاجلة لدراسة الإجراءات الاحترازية.. واستعد الجميع للقادم الذي وصفه كثيرون بـ"الأسوأ".
وفى الولايات المتحدة، حيث سجل كورونا أرقاماً قياسية، بواقع 19.3 مليون إصابة
، و333 ألف وفاة، تسود حالة من الترقب قبل أسابيع من حفل التنصيب وانتقال السلطة رسمياً من إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، إلى الرئيس المنتخب جو بايدن.
واستبق الرئيس الأمريكي المنتخب توليه مهام إدارة البلاد رسمياً، وحث الأمريكيين في مناسبات عدة بالالتزام بالإجراءات الاحترازية، محذرا من أن "القادم أسوأ"، وهو التحذير الذي شاركه كبير أطباء البيت الأبيض أنتوني فاوتشي، قائلاً : "الولايات المتحدة تتجه نحو أسوأ مراحل جائحة فيروس كورونا في الأسابيع المقبلة".
وأضاف فاوتشي : "تحذيرات الرئيس المنتخب في محلها.. متوقع ارتفاع الحالات نتيجة التجمعات العائلية في موسم العطلات.. ونظراً لأنتقالنا من أواخر الخريف إلى أوائل الشتاء، فإن الأرقام مقلقة للغاية، ومرشحة للزيادة".
وتابع فاوتشي: هناك أكثر من 120 ألفًا في المستشفى حالياً، نحن حقًا في مرحلة حرجة على الرغم من أننا ننصح بغير ذلك، الا انه سيحدث."
وعلق كبير أطباء البيت الأبيض علي مدي فاعلية اللقاحات التي تم توزيعها لأعراض كورونا، خاصة لقاح شركة فايزر ومودرنا، قائلاً إن فاعليتها لن تكون ظاهره قبل نهاية الصيف المقبل. وتابع: "يجب أن يرى خبراء الصحة الأمريكيون أن عموم السكان يصلون إلى مناعة قطيع كبيرة بحلول نهاية الصيف المقبل.. أعتقد أن ذلك سيكون على الأرجح في منتصف الصيف المقبل حتى نهاية الصيف لذا آمل.. بحلول الخريف نصل إلى تلك النسبة المئوية الحرجة من الناس".
وفي المملكة المتحدة، حيث ظهرت السلالة الجديدة لوباء كورونا، تتزايد حدة القلق والتوتر في دوائر لندن الرسمية وبين أوساط البريطانيين، حيث أعلنت الحكومة البريطانية قبل أيام التوصل لاتفاق مع الاتحاد الأوروبي علي علاقة الطرفين بعد بريكست الذي يدخل حيز النفاذ بحلول العام 2021، ما يعني تعامل بريطانيا مع ملف كورونا بمفردها، وخارج إطار الاتحاد الأوروبي.
وقبل قرابة 48 ساعة من حلول عام 2021، سجلت إصابات كورونا منذ ظهوره 2.29 مليون حالة، و70 ألف و752 حالة وفاة، وهو ما دفع العديد من خبراء الصحة داخل البلاد للدعوة إلى فرض إغلاق شامل لوقف طوفان الإصابات الجديدة، المرشحة للتزايد.
ومؤخراً، تم تأكيد حالات الإصابة بمتحول كورونا الجديد فى عدة دول أوروبية، بما فى ذلك إسبانيا والسويد وسويسرا، كلهم مرتبطون بأشخاص وصلوا من المملكة المتحدة، كما أعلنت اليابان أنها تحظر دخول جميع الأجانب الجدد اعتبارًا من يوم الإثنين، بعد اكتشاف الفيروس المتحور فى المسافرين من المملكة.
ووفقا لصحيفة الجارديان، جاءت هذه الأخبار فى نفس الوقت الذى تم فيه فرض شروط من المستوى الرابع على ستة ملايين شخص آخرين فى شرق وجنوب شرق إنجلترا، وهو مستوى قواعد كورونا الأكثر صرامة فى إنجلترا، كما تم إدخال عمليات الإغلاق فى اسكتلندا وأيرلندا الشمالية، ويعيش الآن أكثر من 40% من السكان، فى المستوى الرابع، مع تصاعد الضغط على الدولة بأكملها لوضعها فى هذه الفئة.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة جارديان ليل الأحد، حث علماء على وضع جميع مناطق إنجلترا فى المستوى الرابع، مما يعنى أنه يجب إغلاق المتاجر غير الأساسية ومصففى الشعر وأماكن الترفيه والتسلية، ونصحوا الدول التى تم تفويضها بتقديم عمليات الإغلاق الوطنية الخاصة بها، وأكد العلماء أن المستوى الرابع يجب أن يشمل قيود السفر المعززة، بينما يجادل بأنه سيتم تقديم خطة طوارئ لتمكين التعليم الآمن فى يناير وفبراير.
وتدعم دعوات الإغلاق أطراف عدة داخل المملكة من بينها نقابات التدريس، التى طالبت الحكومة بإبقاء المدارس مغلقة، حيث نمت الأدلة على أن البديل الفيروسى الجديد يثبت أنه مُعدٍ بشكل خاص بين الأطفال، وأيدها بول هانتر، أستاذ الطب بجامعة إيست أنجليا، وقال: "إذا كان هذا البديل الجديد وراء الزيادة فى هذه الفئة العمرية، فهذا مصدر قلق كبير".
وفي باريس، كد وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران في مقابلة نشرت الأحد أن الحكومة لن تتوانى عن فرض حجر صحي عام ثالث على مستوى البلاد إذا استمرت أعداد الإصابات الجديدة بفيروس كورونا في الارتفاع.
وأوضح الوزير في مقابلة نشرتها صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" الأسبوعية "نحن لا نستبعد أي إجراء قد يكون ضروريا لحماية السكان. هذا لا يعني أننا اتخذنا قرارا، لكننا نراقب الوضع ساعة بساعة".
وعلي امتداد القارات، واصل الوباء زحفه لتمتد حالة الارتباك داخل دولاً عربية عدة، حيث مددت المملكة العربية السعودية تعليق الرحلات الجوية وإغلاق الحدود البرية والبحرية لمدة أسبوع إضافي بعد إغلاقها الأسبوع الماضي بسبب ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا.
بسبب ظهور السلالة الجديدة من فيروس كورونا، أعلنت السعودية تمديد تعليق الرحلات الجوية وإغلاق الحدود البرية والبحرية لمدة اسبوع إضافي بعد إغلاقها الأسبوع الماضي.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مسؤول في وزارة الداخلية قوله ليل الأحد الإثنين إن المملكة ستقوم بتمديد الإجراءات "لمدة أسبوع آخر، مع التأكيد على استثناء حركة نقل البضائع والسلع وسلاسل الإمداد".
وفي الأردن، قررت الحكومة إيقاف رحلات المسافرين الجوية المباشرة وغير المباشرة (الترانزيت) القادمة من المملكة المتحدة، حتي 3 يناير 2021.
وقررت الكويت تعليق رحلات الطيران التجارى وغلق المنافذ البرية والبحرية احترازيا بداية حتى بداية العام، بسبب تفشى السلالة الجديدة لفيروس كورونا، فيما أعلنت العديد من دول العالم تعليق رحلات الطيران من وإلى بريطانيا التى شهدت موجة من تفشى فيروس كورونا المتحور.
وبدأت إسرائيل منذ الأحد 27 ديسمبر إغلاقا شبه تام للمرة الثالثة لمدة أسبوعين من التزايد الحاد في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، بعد أسبوع من بدء حملة التلقيح التي تجري بوتيرة سريعة.
وبخلاف الأضرار الاقتصادية الجسيمة للإغلاقات وموجة تعليق الرحلات في مطارات العالم، إلا أن خبراء عدة حذروا من آثاراً نفسية أكثر خطورة يواصل زحفها حول العالم بحلول العام الجديد.
وفي تقرير لها الأثنين، ذكرت صحيفة جارديان البريطانية إن أزمة وباء كورونا تمثل أكبر تحديد للصحة النفسية منذ الحرب العالمية الثانية، وسيظل أثرها لسنوات بعد السيطرة على الفيروس، بحسب ما قال أكبر الأطباء النفسيين فى بريطانيا.
وأوضح د. أدريان جيمس، رئيس الأطباء النفسيين فى رويال كوليدج، أن مزيج من المرض وتداعياته الاجتماعية والاقتصادية كان لها تأثير عميق على الصحة العقلية، والذى يمكن أن يستمر بعد السيطرة على الوباء.
ويعتقد أن حوالى 10 مليون شخص، منهم 1.5 مليون فى بريطانيا بحاجة إلى دعم جديد فى الصحة النفسية كنتيجة مباشرة للوباء.
ويأتى هذا فى الوقت الذى تسجل فيه ارتفاعا فى إصابات كورونا وتسلط الضوء على الحاجة على خطة لضمان أن من يصابوا بأمراض نفسية أو تتدهور حالتهم يستطيعوا الحصول بشكل سريع على دعم فعال فى السنوات القادمة.
وقال جيمس إن هذا سيكون له تأثير عميق على الصحة النفسية، وربما أكبر أزمة تواجهها الصحة النفسية منذ الحرب العالمية الثانية، ولا تتوقف عندما يتم السيطرة على الفيروس ويصبح هناك عدد قليل من الأشخاص فى المستشفيات. ويجب تمويل التداعيات على المدى الطويل.
وتلفت الصحيفة على أن الطلب على خدمات الصحة النفسية قد تراجع فى بداية الوباء مع بقاء الناس فى منازلهم بعيدا عن المستشفيات، أو اعتقدوا أن العلاج غير متاح. إلا أن هذا تبعه زيادة فى عدد الساعين للمساعدة والذى لا يتراجع.