وحوش البحر أكثر قوةً واستعداداً وتطوراً.. البحرية المصرية خاضت ملحمة لمواجهة التحديات بين 2011 و2020

الإثنين، 28 ديسمبر 2020 04:17 م
وحوش البحر أكثر قوةً واستعداداً وتطوراً.. البحرية المصرية خاضت ملحمة لمواجهة التحديات بين 2011 و2020

منذ عام 2014 دخل سلاح البحرية المصري في عملية تحديث عاجلة ودقيقة، استهدف من خلالها استباق التحديات التي كانت القيادة السياسية والعسكرية ترى ملامحها في أفق الشرق الأوسط في مرحلة الربيع العربي وما بعدها. 
 
ومكنت ثمار هذه العملية الناجحة والغير مسبوقة من التحديث التسليحي الشامل، سلاح  البحرية المصري من أن يتبوأ المركز السابع على مستوى العالم حسب تصنيف موقع "جلوبال فاير باور"، ومكنت  صانع القرار من أن يتحرك على المستوى السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، بخطوات واثقة، مطمئنًا إلى أن القوة البحرية المصرية، باتت مثلها في ذلك مثل سلاح الجو المصري، قادرة على تنفيذ أي مهمة يتم تكليفها بها، سواء كان ذلك من أجل ضمان أمن السواحل المصرية التي يصل طولها إلى نحو 2000 كيلو متر، أو حماية  المجال البحري الاقتصادي والاستراتيجي لمصر، والذي بات بحكم حجم دور مصر الإقليمي، يمتد من مضيق جبل  طارق غربي البحر المتوسط، وحتى منطقة الخليج العربي، مرورًا بالبحرين الأحمر والأبيض المتوسط، ومضيق باب المندب وقناة السويس.
 
وتاريخيًا، كان لسلاح البحرية المصري دورًا مهمًا  لافتا في التاريخ العسكري لأرض الكنانة، خاصة خلال فترة حربي الاستنزاف وأكتوبر، حيث سجل التاريخ لهذا السلاح، عدة عمليات مهمة خلال فترة حرب الاستنزاف ، منها القصف الناجح لمواقع الجيش الإسرائيلي في منطقتي رمانة وبالبوظة في نوفمبر 1969 .
 
بجانب العملية الأولى تاريخيًا التي يتم فيها استخدام صواريخ سطح - سطح الإغراق المدمرة إيلات  التي كانت تعد حينها الأكبر في سلاح  البحرية الإسرائيلي، بخلاف إغراق غواصتين من أهم الغواصات الإسرائيلية خلال فترة حرب الاستنزاف، والإغارة  3 مرات على القطع البحرية الإسرائيلية داخل وحول ميناء إيلات الإسرائيلي بواسطة عناصر الضفادع البشرية، وصولا إلى دور سلاح البحرية في إغلاق خليج العقبة بشكل تام خلال حرب أكتوبر 1973.
 
وبحسب خبراء عسكريين ، فإن ملامح  الحروب الحديثة، وضرورات مواكبة تطور نظم التسليح البحري العالمية، دفعت قيادة البحرية المصرية إلى مراجعة وضعها التسليحي واللوجيستي بشكل عاجل أواخر عام 2011 ،بهدف وضع ملامح التحديات المستقبلية  التي قد تواجه الدولة المصرية، والتجهيز بشكل ملائم  لمواجهة هذه التحديات، التي كانت كل المؤشرات تشير  إلى أن المسارح البحرية في البحرين الأحمر والمتوسط، سوف تكون ساحات أساسية تظهر فيها تأثيرات هذه التحديات بشكل جلي.

خطوة استباقية لمواجهة تحديات المستقبل
 
وكان موقف البحرية المصرية على المستوى التسليحي عام 2011 غير ملائم على الإطلاق للتحديات التي كانت قائمة حيال مصر في هذا التوقيت، ناهيك عن التحديات المستقبلية التي تم استشرافها خلال الرؤية الاستراتيجية التي من خلالها تم إعداد خطة تحديث سالح البحرية المصري.
 
وكان عماد سلاح البحرية المصري في ذلك التوقيت، مجموعة من القطع البحرية التي دخلت الخدمة خلال الفترة ما بين عامي 1981 و2010 ، بواقع أربع غّواصات وست فرقاطات وكورفيتين أثنين، إلى جانب مجموعة من زوارق الصواريخ والدورية وكاِسحات الألغام وسفن الإنزال والتموين.
 
وحصلت مصر في الفترة ما بين 1982 و1984 على أربع غّواصات صينية الصنع مكافئة لغّواصات الفئة  )المشروع 633 - روميو (سوفياتية الصنع، تم إخضاعها خلال تسعينات القرن الماضي لعمليات تحديث بهدف إطالة  عمرها العملياتى ، وتزويدها بأنظمة تسليحية أمريكية وألمانية.
 
وبالنسبة إلى الفرقاطات كانت جميع الفرقاطات العاملة في سلاح البحرية المصري، قد خدمت سابقًا في سالح البحرية الأمريكي، بواقع أربع فرقاطات للصواريخ الموّجهة من الفئة "أوليفر هازارد بيري"، تسّلمتها البحرية المصرية خلال الفترة ما بين عامي 1996  و1999 ، والتي تتسّلح بصواريخ سطح- سطح من نوع "هاربون" وطوربيدات بحرية من نوع "أم يو-90 "، إلى جانب فرقاطتين للصواريخ الموّجهة من الفئة "نوكس" حصلت عليهما البحرية المصرية عام 1994، وتتسّلحان أيضًا بصواريخ  ُ"هاربون" إلى جانب طوربيدات بحرية من عيار 324، ضاف إلى ذلك كورفيتين من  ملم وصواريخ مضاّدة للغّواصات الفئة "ديسكوبيرتا" صناعة إسبانية تسّلمتهما مصر عام 1984 ،ويتسّلحان بصواريخ )هاربون( ومدافع من عيار 40 و76 ملم، وقذائف أعماق ُمضاّدة للغّواصات، وطوربيدات من عيار 324 ملم.
 
ويضاف إلى ما سبق ثماني سفن صينية الصنع ُمضاّدة للغّواصات من الفئة "هاينان"، تسّلمتها البحرية المصرية  خلال عامي 1983 و1984، وتتسّلح بطوربيدات من عيار 324 ملم وصواريخ وقذائف ُمضاّدة للغّواصات بجانب ألغام بحرية. بالإضافة إلى مجموعة من زوارق الصواريخ بريطانية وألمانية وصينية وسوفياتية الصنع، وكاسحات للألغام أميركية وسوفياتية الصنع، وسفن معاونة ألمانية وسوفياتية الصنع تتنّوع ما بين سفن التموين والإنزال، بجانب مجموعة أخرى من زوارق الدورية الساحلية.
 
وهذا التسليح في مجمله عند خضوعه للتقييم التكتيكي والعملياتي خلال عام 2011 ،اتضح أنه لا يفي بأي حال من الأحوال بالمهام التي يتوقع أن تلقى على عاتق سالح البحرية المصري في السنوات اللاحقة، حيث أفتقر هذا التسليح إلى سفن إنزال برمائي ذات قدرات تؤهلها للعمل بصورة مستقلة عن اية سفن للدعم الناري او اللوجيستي، كذلك كان سلاح  الغواصات في حاجة ماسة إلى التحديث.
 
ناهيك عن التوقعات التي أشارت إلى ضرورة  تخصيص قوة بحرية للعمل في نطاق البحر الأحمر حصرًا، وقوة أخرى للعمل في نطاق البحر المتوسط حصرًا،  بهدف المواكبة الدائمة ألية تحديات مستدامة أو طارئة في هاتين المنطقتين، وهو ما يقتضي أيضًا تخفيف العبء عن سالح الجو المصري، والبدء في تكوين نواة لما يمكن أن نطلق عليه طيران البحرية، وهذا يستدعي زيادة أعداد القواعد البحرية والجوية الموجودة على الأراضي المصرية، وكذا منشآت التدريب والصيانة، بهدف مواكبة عملية التحديث المرتقبة.
 
وهنا  لابد أن نشير إلى أن قرار القيادة المصرية للبدء في هذه الخطة، كان مبنيًا على اعتبارات سياسية واقتصادية وليس فقط الاعتبارات العسكرية، فالنية المصرية في ترسيم الحدود البحرية في البحر الأحمر والبحر المتوسط، مع كل من المملكة العربية السعودية واليونان وقبرص، وما سيتبع ذلك من اكتشافات نفطية وغازية، تقتضي وجود قوة بحرية متفوقة تستطيع توفير الحماية لهذه الموارد، وتأمين عمليات استخراجها ونقلها، خاصة وأن  التهديدات الموجودة في هذين النطاقين ال تقتصر فقط على الجيوش التقليدية، بل تتعدى ذلك إلى الجماعات  الإرهابية، التي باتت بعض الدول الإقليمية تستخدمها من أجل تحقيق ما تعجز عن تحقيقه هي بالقوة العسكرية التقليدية، وبالتالي كان "أمن الطاقة" هو من المحددات الأساسية للذهنية المصرية بشأن عمليات التحديث  لسلاحها  البحري.
 
ويضاف إلى ذلك أمن الممرات المائية، خاصة قناة السويس ومضيق باب المندب، في ظل التوترات التي تصاعدت خلال السنوات اللاحقة  على خلفية نشاط القرصنة قبالة الساحل الصومالي، والحرب الدائرة حاليًا في اليمن، وتأثيراتها على المالحة الدولية في البحر الأحمر من جهة، وعلى أمن الملاحة في أتجاه موانئ الدول الشقيقة  مثل المملكة العربية السعودية. وضعت البحرية المصرية في اعتبارها أيضًا، أمكانية قيامها بعمليات خارج نطاق السواحل المصرية، سواء كانت تلك العمليات قتالية أو عمليات أنقاذ وإغاثة، وهو ما جعل من الضروري للغاية أن تطور من قدراتها على تنفيذ العمليات البرمائية. لتحقيق هذه الأهداف، وضعت القيادة المصرية ثلاثة مسارات أساسية للوصول إلى الوضع المثالي لسلاحها البحري، وهي تطوير القواعد البحرية والمنشآت اللوجيستية المعاونة، وتحديث التسليح، وتكثيف التدريبات البحرية والمناورات.

القواعد البحرية المصرية.. الدفاع الساحلي والدعم اللوجيستي
 
وكانت البحرية المصرية حتى وقت قريب، تمتلك بشكل أساسي قاعدة بحرية رئيسية في مدينة الإسكندرية، مقسمة بين منطقتي رأس التين وأبو قير، بجانب قواعد بحرية أخرى في كل من السويس وبورسعيد وسفاجا، بجانب قاعدة لزوارق الدورية في ميناء مطروح، وثالثة أرصفة حربية في موانئ الغردقة ودمياط وشرم الشيخ.
 
ونظرًا لأن الخطة المصرية لتحديث السلاح البحري كانت تقتضي تقسيم القوة البحرية المتوفرة والمستقبلية، لتصبح موزعة على أسطولين أساسيين، الأول في البحر الأحمر والثاني في البحر المتوسط، فقد تم أختيار قاعدة سفاجا البحرية لتكون مقر الأسطول الجنوبي المصري أسطول البحر الأحمر، في حين تم أختيار قاعدة رأس التين البحرية في مدينة الإسكندرية، لتكون مقر الأسطول الشمالي أسطول البحر المتوسط.
 
بعد ذلك بدأ التفكير بشكل أكبر في إضافة قواعد جديدة في كال الاتجاهين، من أجل تخفيف الضغط على القواعد الحالية، ومن جهة أخرى استيعاب الأعداد الجديدة من القطع البحرية التي ستنضم إلى الخدمة، فتم خلال الفترة الماضية إنشاء ثالثة قواعد بحرية جديدة، الأولى هي قاعدة "رأس بناس" في منطقة "برنيس" جنوبي شرق مصر.
 
وعلى ساحل البحر الأحمر، وهي ملاصقة لمطار برنيس المدني/العسكري، وتتميز هذه المنطقة بالإضافة إلى أنها تضم ثاني قاعدة بحرية رئيسية للأسطول الجنوبي، بأنها نقطة عبور استراتيجية إلى منطقة القرن الإفريقي، ونقطة التقاء بحرية وجوية بين قارتين وثالث بحار استراتيجية، ستعطي للأسطول الجنوبي مرونة كبيرة في الحركة في اتجاه جنوب البحر الأحمر، بجانب القدرة على تأمين النشاط السياحي والاقتصادي الذي يتوقع أن تشهده هذه المنطقة الواعدة، والممتدة حتى منطقتي حلايب وشالتين على الحدود مع السودان.
 
يضاف إلى هذه القاعدة، قاعدة جرجوب البحرية بمنطقة النجيلة غربي مدينة مطروح في الساحل الشمالي لمصر، والتي تضم وحدات تابعة للأسطول الشمالي، مكلفة بتأمين الطرف الغربي للساحل الشمالي المصري، وهي منطقة تشهد تحديات كبيرة في ضوء التطورات في ليبيا، بجانب ذلك تم تكليف هذه القاعدة بضمان أمن المنطقة الاقتصادية الجاري إنشاؤها في هذا النطاق، وتشمل منطقة صناعية كبيرة، وميناء تجاري، ومركز اقتصادي وسياحي، وتجمعات سكنية مختلفة. كذلك أضيف إلى هاتين القاعدتين قاعدة شرق بورسعيد البحرية، ذات الموقع الاستراتيجي المطل على المدخل الشمالي لقناة السويس، وستعمل على ضمان أمن الملاحة في القناة، بالتعاون مع وحدات الأسطول الشمالي الأخرى المتواجدة في قاعدة بورسعيد البحرية، بجانب تأمين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، والساحل الشمالي لشبه جزيرة سيناء.
 
جدير بالذكر أنه بالتزامن مع إنشاء هذه القواعد، تم تدشين عدة مرافق أساسية للصيانة والتدريب، من بينها أكبر مقر ذو هيكل معدني لتمركز الغواصات، يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، حيث تتجاوز مساحته الكلية 30 ألف متر مربع، موزعة على ثالثة أرصفة لرسو الغواصات، بجانب المرافق اللوجستية المعاونة، وورش الصناعات والمخازن وأماكن الإيواء والمكاتب الإدارية. يضاف إلى ذلك مجمع ضخم يضم أجهزة محاكاة السفن   والغواصات، يعد ضمن أكبر عشرة مرافق من هذا النوع على مستوى العالم، وهو مخصص لتدريب الطقم البحرية على عمليات الإبحار والاشتباك والاقتحام، بشكل يوفر الموارد والذخائر، ويضمن مستوى تدريبي واقعي رفيع.

الطفرة التسليحية.. قفزة هائلة للبحرية المصرية
 
كانت ضربة البداية في خطة تحديث تسليح البحرية المصرية عام 2012 حين تعاقدت القاهرة مع ألمانيا على شراء غّواصتي ديزل من الفئة تايب 209/1400 ، تلتهما اثنتان من نفس الفئة عام 2014 ،وقد أتمت البحرية المصرية تسلم الغواصات الأربع، التي تتسلح بـ طوربيدات من عيار 533 مضاّدة للسفن.
 
وشكلت الصفقة إضافة نوعية إلى البحرية المصرية على مستوى الكّم والنوع، حيث من خلالها تم تدعيم أسطول الغواصات المصري بغواصات حديثة، ستنضم إليها في السنوات المقبلة أنواع أخرى.
 
وفي الفترة ما بين عامي 2013 و2015 تسلمت البحرية المصرية أربعة زوارق صاروخية شبحية أمريكية الصنع ُمضاّدة من الفئة  أمباسادور4 .وتم تعديل مواصفاتها لتناسب المتطلبات المصرية، وتتسلح بصواريخ هاربون ال مضادة  للسفن وصواريخ )ريم 116 مضاّدة للطائرات، ومدافع من عيار ( ال 20 و76 ملم. عام 2014 ، وتعاقدت البحرية المصرية  مع فرنسا على أربعة كورفيتات صاروخية من الفئة )جويند-2500 ،)في صفقة تعدت قيمتها مليار يورو، دخلت جميعها إلى الخدمة الفعلية في سالح البحرية المصرية، لكن كان اللافت  في هذه الصفقة، أن مصر بدأت من  ذلك التوقيت في إيلاء أهتمام خاص بنقل تكنولوجيا التصنيع إليها عبر الشركات المصنعة، حيث نص الاتفاق مع  فرنسا على تصنيع ثلاثة كورفيتات في الترسانة البحرية بمدينة الإسكندرية، ويتسم تسليح هذه الفئة من الكورفيتات الصاروخية بالشمولية، حيث تزودت بمدافع من عيار 20 و76 مللم، بجانب 16 خلية لإطلاق  صواريخ ـ ميكا، وثمانية صواريخ ُمن  الدفاع الجوي من نوع ضاّدة للسفن من نوع أكسوسيت، وأنابيب لإطلاق الطوربيدات المضاّدة للغّواصات.
 
شهد عام 2015 نقلة نوعية كبيرة في تسليح البحرية المصرية، ففي شهر يوليو، وّقعت مصر مع فرنسا عقدًا تسّلمت بموجبه البحرية المصرية، فرقاطة ُمتعّددة المهام من الفئة أكوانتين، مسّلحة بالجيل الثالث من المضاّدة للقطع البحرية، وقاذفي طوربيدات من عيار  صواريخ أكسوسيت ال 323 ملم، بجانب صواريخ أستر 15 للدفاع الجوي، ومدافع من عيار 20 و76 ملم.
 
وفي أغسطس من نفس العام تسّلمت البحرية المصرية زورق  الصواريخ الهجومي من الفئة مولينيا بي-32 روسي الصنع كهدية، وهو إضافة نوعية أيضًا حيث يتسّلح بأربع ُمضاَدة للسفن، بجانب مدافع من عيار  منّصات إطلاق صواريخ موسكيت ال 30 و76 ملم، وصواريخ سام-18 الُمضاّدة للطائرات.
 
الإضافة الأهم إلى الأسطول البحري المصري كانت خلال عام 2016 ،حين تعاقدت مصر مع فرنسا على شراء  سفينتي هجوم برمائي من الفئة ميسترال بقيمة وصلت إلى مليار دولار، لتكون مصر هي الدولة الوحيدة في المنطقة بالإضافة  إلى الجزائر، التي تمتلك مثل هذا النوع من أنواع السفن الحربية، والدولة العاشرة على مستوى العالم التي تمتلك حاملات للمروحيات أو الطائرات.
 
وأضاف اقتناء هذه الفئة من السفن إلى البحرية المصرية، قدرات برمائية قتالية تسمح لها بتنفيذ عمليات متكاملة في نطاق بعيد عن القواعد البحرية المصرية، وبهذا انتقل سلاح البحرية المصرية إلى مرتبة أعلى في التصنيف العسكري البحري ليصبح قادرًا على العمل في نطاق سواحل الجمهورية وفي البحار والمحيطات التي تقع في الحد الإقليمي لها بعد أن كان يصّنف في السابق على أنه بحرية تعمل في نطاق الأنهار والسواحل فقط مثل أغلب أسلحة البحرية في الشرق الأوسط وإفريقيا.
 
تنبع أهمية هذه الفئة من السفن في تعدد المهام التي تستطيع القيام بها، و تستطيع سفن هذه الفئة التي تبلغ إزاحتها 22 ألف طن العمل كمراكز قيادة وسيطرة عائمة نظرًا الإمكانية استيعابها لنحو مائتي عنصر لإشغال  مساحة مركز القيادة على سطحها والتي تبلغ 850 مترًا تحتوي على منظومات للقيادة والتح ّكم، وأنظمة للاتصال بالأقمار الصناعية، وأنظمة المعلومات البحرية والبحث والتوجيه الكهرو بصري والتتّبع بالحرارة، بجانب مجموعة من الرادارات ووسائط الإعاقة والتشويش للمعاونة والرصد.
 
ومن أهم الأدوار القتالية التي تستطيع سفن هذه الفئة تنفيذها هو العمليات البرمائية الهجومية تمتلك المسترال مساحة تتعدى 2500 متر مق ّسمة بشكل حظائر لتخزين المركبات والعتاد الحربي تستطيع استيعاب  حتى 70 عربة مدّرعة أو ما يقرب من 45 دبابة قتال رئيسية.
 
وضمن هذه المساحة يتواجد قسم للأفراد يستطيع استيعاب ما بين 450 إلى 700 جندي حسب طبيعة المهمة ومداها. يتم إنزال هذه القوات إلى الشاطئ من خلال الرصيف الداخلي أسفل َبدن السفينة والذي يستطيع استيعاب أربع مركبات لإلنزال. العمليات الجوية تعد من   المهام الحيوية التي تنّفذها سفن الميسترال، فهي تستطيع حمل 16 مروحية ثقيلة أو 35 مروحية خفيفة في  مساحة تخزين تقع أسفل سطح السفينة مباشرة.
 
للمسترال أيضًا دور مهم يتعّلق بعمليات الإغاثة وإدارة الكوارث حيث يتواجد على متنها مستشفى تتعدى مساحته 700 متر مربع وتتميز كذلك بقدرة على البقاء في أعالي البحار لمدة تصل إلى 120 يومًا بمدى أقصى يتراوح بين عشرة آلاف و19 ألف كيلومتر بإمكانيات تجعلها تجمع ما بين الأدوار القيادية والهجومية واللوجستية والإغاثية كقاعدة بحرية.
 
عام 2017 انضم إلى الأسطول المصري طّراد الدورية الساحلية من الفئة بوهانج، الذي تسّلمته مصر كهدية من كوريا الجنوبية أواخر عام 2017 ،كما تسّلمت البحرية المصرية من إيطاليا ثلاث غّواصات من نوع بلوتو بلس  لمكافحة الألغام البحرية، يضاف إلى ذلك تصنيع زوارق للدورية من نوعي سويفت شب الأمريكية ورافال-1200  الفرنسية، في الترسانة البحرية بمدينة الإسكندرية، وفي الأسابيع الأخيرة، انضم إلى سلاح البحرية المصري فرقاطة متعددة المهام إيطالية الصنع من نوع فريم، وستنضم إليها في العام المقبل فرقاطة أخرى من نفس الفئة، وتتميز هذه الفرقاطات بتسليح مخصص للدفاع الجوي، يتكون من نحو 32 خلية اطالق عمودي لصواريخ الدفاع الجوي أستر 15 وأستر 30 يتراوح مداها ما بين 30 و120 كيلو متر، بجانب مدافع من عيار 25 ملم، و76 ملم، و127 ملم، وصواريخ مضادة للقطع البحرية من نوع اوتومات، بواقع ثمانية خاليا إطلاق، يصل مداها إلى200 كيلو متر.

التسليح المستقبلي للبحرية المصرية.. إدامة التفوق
 
على ضوء التجارب المنبثقة عن السلسلة المتواصلة من التدريبات البحرية التي أجرتها البحرية المصرية مع العديد من الدول، سواء كانت تدريبات بحرية عابرة، أو مناورات بحرية رئيسية أخرها كان التدريب البحري-الجوي المشترك ميدوزا-10 قبالة السواحل المصرية، بمشاركة مصر، اليونان، الإمارات، فرنسا، وقبرص، تبحث قيادة البحرية المصرية حاليًا في عدد من العروض التسليحية من عدة دول، ضمن خطة لبناء واقتناء ما بين 15 و25 قطعة بحرية جديدة متنوعة. في مجال الغواصات تبحث في إمكانية شراء غواصات روسية مثل غواصات الفئة ُم كيلو 636 أو الغّواصات القزمية كرواتية الصنع دراكان 220 خصصة للعمليات مليات الخاصة وأعمال الدورية والحراسة في المياه الضحلة، أو الغواصات الصينية، مثل النسخ التصديرية من غّواصات الديزل من الفئة يوان مثل أس20 وأس26 تي، التي تستطيع العمل تحت سطح الماء لمدة 20 يومًا متواصلة، ما يعطيها ميزة كبيرة في ما يتعّلق بالعمليات طويلة المدى ذات الطابع الهجومي.
 
وتبحث البحرية المصرية منذ فترة أيضًا، بشأن عرض إسباني خاص بسفن الإمداد والتموين من الفئة كانتابريا، وعرض روسي خاص بالإصدار الأحدث من كورفيتات الصواريخ الروسية بويان - أم، وعرض من شركة فيكانتيري الإيطالية حول زوارق الصواريخ الهجومية من الفئة ف ا ج.
 
أنظمة الدفاع الساحلية تبدو أيضًا في ذهنية البحرية المصرية خلال الفترة المقبلة، حيث تحتاج إلى استبدال أنظمة الصواريخ الساحلية التي بحوزتها من نوعي روبيز  وأتش واي - 2 ، بأنظمة أحدث، مثل نظام الصواريخ الدفاعي الساحلي الروسي باستيون، الذي يتراوح مداه بين 120 و300 كيلومتر، ومزّودة برأس حربية تبلغ زنتها 200 كيلوجرام، وبباحث راداري مزدوج، والصاروخ الصيني  البحري طويل المدى واي جاي-21 ، الذي يبلغ مداه الأقصي 400 كيلومتر، وسرعته تصل إلى أربعة أضعاف سرعة الصوت، ومزّود برأس حربية تتراوح زنتها بين 300 إلى 500 كيلوجرام.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة