رحلة تطور الأنشطة المالية غير المصرفية في مصر خلال 2020
السبت، 26 ديسمبر 2020 02:43 م
من رحم التحديات الصعبة تولد الإنجازات.. ومع وصف عام 2020 بأنه عاما استثنائيا وقاسيا على جميع الأصعدة، خاصة الاقتصادية منها ليس على الصعيد المحلي فقط بل العالمي أيضا، حيث أخذ فيروس "كورونا" العالم واقتصاداته الكبرى بل والناشئة والصغيرة في طريق آخر غير الذي خطط له في نهايات عام 2019، وفى إطار ملحمة الصمود التي حققها الاقتصاد المصري في مواجهة الجائحة، كان قطاع الأنشطة المالية غير المصرفية يسطر إنجازات غير مسبوقة.
ومع اشتداد أزمة كافة القطاعات الاقتصادية التى تأثرت بالوباء العالمي في 2020، يمكن القول بأن قطاع الأنشطة المالية غير المصرفية في مصر حقق صمودا يحتذى به بفضل قائمة طويلة من الإجراءات والقرارات التي صدرت عن هيئة الرقابة المالية وهي جهة الوصاية على هذه النوعية من الأنشطة؛ ما يجعل عام 2020 عام الطفرات التشريعية والتنظيمية لهذا القطاع الذي يشكل قرابة ثلث حجم الاقتصاد المصري.
فقد شهد عام 2020، خروج أكثر من 8 قوانين جديدة أو تعديلات قوانين أو تعديلات لوائح تنفيذية تشمل ثماني قطاعات رئيسية في مجال الأنشطة المالية غير المصرفية، حيث بدأت العام بإقرار البرلمان لقانون التمويل الاستهلاكي الذي ينظم أنشطة تمويل البيع بالتجزئة والذي يتجاوز قيمته أكثر من 100 مليار جنيه سنويا، ثم إقرار قانوني الإيداع والحفظ المركزي والتمويل متناهي الصغر.
وفي إطار سعي الحكومة لتنشيط ودعم قطاع الأنشطة المالية غير المصرفية، فقد صدر عدة قرارات من رئيس مجلس الوزراء، منها الموافقة على تعديلات اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال وأيضا اللائحة التنفيذية لقانون سجل الضمانات المنقولة، بالإضافة إلى الموافقة على قانون التأمين الموحد والذي ينتظر إقراره من البرلمان في دورته المقبلة.
كما خرج عن هيئة الرقابة المالية عدة مشروعات قوانين جديدة تواكب العصر والتطورات العالمية، منها قانون تنظيم وتنمية استخدام التكنولوجيا المالية في الأنشطة المالية غير المصرفية وقانون استقلالية الهيئة الذي ينتظر أيضا إقراره في مجلس النواب في دورته المقبلة، كما أصدر قرار رئيس الوزراء بالنظام الأساسي للمركز المصري للتحكيم وتسوية النزاعات المالية غير المصرفية، ولم ينته عام 2020 دون قبول هيئة الرقابة المالية في عضوية شبكة البنوك المركزية وهيئات الرقابة المالية الهادفة للتحول إلى النظام المالي الأخضر، كما شهد العام تنفيذ أول عملية تمويل إلكترونية لمشروعات الماكرو فاينانس عبر التليفون المحمول.
وكان للمرأة نصيب كبير من اهتمامات هيئة الرقابة المالية لتعزيز دورها في الأنشطة المالية غير المصرفية وتوافقا مع رؤية مصر 2030؛ ليصدر قرار عن مجلس إدارة هيئة الرقابة المالية بالتأكيد على إلزام جميع الشركات العاملة في مجال الأنشطة المالية غير المصرفية من سوق مال سواء الشركات العاملة أو المقيدة وأيضا التأمين والتأجير التمويلي والتخصيم والتمويل العقاري والاستهلاكي والمتناهي الصغر بوجوب وجود عنصر نسائي واحد على الاقل في كل مجلس إدارة من الشركات العاملة في هذه الأنشطة.
وشهد عام 2020، انتخاب أول مجلس إدارة للاتحاد المصري للتأجير التمويلي وكذا انتخاب أول مجلس إدارة للاتحاد المصري للتخصيم، ووضع ضوابط الإفصاح عن قيمة العمولات المستحقة لوسطاء التأمين ودخولها حيز التنفيذ في الربع الأخير من عام 2020، الذي شهد أيضا صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء لإعادة تنظيم صندوق تأمين المتعاملين من المخاطر غير التجارية والمعروف بصندوق حماية المستثمر - على نحو يسمح للصندوق بشراء أوراق مالية مقيدة بالبورصة المصرية بما لا يجاوز (10%) من الأموال المتاحة بالصندوق.
وجرى في الربع الثاني من عام 2020 تعديل قواعد قيد وشطب الأوراق المالية بالبورصة المصرية؛ بما يسمح بقيد الصكوك وصكوك التمويل الصادرة عن شركات المساهمة والأشخاص الاعتبارية المصرية وغيرها من الجهات الأخرى وطرحها للاكتتاب العام أو الخاص، لتشهد السوق بعدها طرح أول إصدار من الصكوك بسوق المال المصري بقيمة إجمالية قدرها 2 مليار جنيه من نوع صكوك الإجارة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية.
وإرساء لمبادئ الحوكمة فقد تم إضافة بند جديد للشروط العامة لقيد الأوراق المالية بجداول البورصة يقضي بالفصل بين وظيفة رئيس مجلس الإدارة ووظيفة العضو المنتدب (الرئيس التنفيذي) للشركة، وذلك استنادا لأفضل التجارب والممارسات العالمية في تطبيق قواعد حوكمة الشركات.
وتم خلال عام 2020 وبقرار من رئيس مجلس الوزراء خفض مقابل الخدمات على عمليات التداول والقيد بالبورصة المصرية بنسب وصلت لـ 50% لزيادة تنافسيتها بين الأسواق الأخرى وجعلها أكثر جاذبية للاستثمارات.
وعلى خلفية تفشي فيروس "كورونا" فقد شهد العام ولأول مرة في مصر تصميم وتنفيذ اختبار (إجهاد) لقياس مدى تحمل وحدات القطاع المالي غير المصرفي للصدمات المالية الناتجة عن أثار انتشار فيروس "كورونا" وتأثيره على إيرادات والتزامات تلك المؤسسات وملاءتها المالية، باعتباره أهم الإجراءات الوقائية التي يتم اتخاذها خلال الفترة الأخيرة وتطبق اختبارات تحليل الإجهاد المالي أو ما يعرف بـالـ Stress Testing.
وصدر قرار من هيئة الرقابة المالية حول إلزام شركات التأمين بالمساهمة في تغطية تكاليف علاج المصابين من حملة وثائق التأمين بفيروس "كورونا"، ومن الأنباء السارة خلال عام 2020، فقد احتفظت مصر بمقعدها للدورة الرابعة على التوالي (2020-2022) في عضوية مجلس ادارة الأيوسكو - ممثلة في هيئة الرقابة المالية - بعد فوزها في الانتخابات كممثل عن لجنة الأسواق النامية والناشئة (GEMC) وهي تعد أكبر لجان المنظمة من حيث العدد والتوزيع الجغرافي للأعضاء.
وشهد عام 2020، التعاقد مع بيت خبرة عالمي للاستشارات الإكتوارية لوضع أول جدول إكتواري في مصر لخدمة صناعة تأمينات الحياة، حيث كانت شركات تأمينات الحياة في مصر لا تزال تعتمد على الجداول الإكتوارية الإنجليزية والتي تعود لمنتصف القرن الماضي في تسعير منتجاتها، ولا تمثل بدقة سوق تأمينات الحياة المصري، مما كان يؤثر على قدرة السوق على مواكبة التطور العالمي في تسعير مختلف المنتجات التأمينية.
ومن ضمن إنجازاتها على الصعيد الدولي.. فقد تم قبول انضمام هيئة الرقابة المالية المصرية لعضوية المجموعة الاستشارية الإقليمية للشرق الأوسط لمجلس الاستقرار المالي Financial Stability Board (FSB) في خطوة نوعية لتعزيز الاستقرار المالي لقطاع الأنشطة المالية غير المصرفية، وبما يمكن الرقيب من مواصلة تنفيذ استراتيجيته الشاملة وبناء نظام مالي مستقر للخدمات المالية غير المصرفية وفقا للخبرة الدولية الفريدة التي يتمتع بها مجلس الاستقرار المالي.
وقامت الهيئة بتعديل معايير الملاءة المالية المطبقة على شركات التمويل العقاري، في إجراء تنظيمي لتهيئة نشاط التمويل العقاري كي يتسق مع التعديلات الواردة على معايير الملاءة المالية لنشاطي التأجير التمويلي والتخصيم، ومعايير الملاءة المالية لنشاط التمويل الاستهلاكي تمهيداً لبناء نسق موحد يتيح لشركات التمويل الجمع بين أكثر من نشاط تمويلي خاضع لرقابة وإشراف الهيئة.
ووقعت هيئة الرقابة المالية اتفاقا مع معهد دراسات البورصة الإسباني، والمدعوم من بورصة مدريد للإشتراك في تنفيذ ومنح درجة الماجستير في الأسواق المالية والمتخصص في المشتقات المالية، حيث يحتل برنامج الماجستير درجة التصنيف الأول في إسبانيا، كما يعد من أفضل عشرة برامج للماجستير بالقارة الأوروبية.
وعلى صعيد الأرقام لم يكن عام 2020 سيئا على صعيد مؤشرات قطاعات الأنشطة المالية غير المصرفية، حيث تعافت مؤشرات البورصة من خسائر تجاوزت 230 مليار جنيه في الأشهر الثلاثة الأولى من العام إلى خسائر محدودة لم تتجاوز 50 مليارا مع نهاية العام، وقلص مؤشر البورصة خسائره من 45% إلى 24% في حين سجلت مؤشرات البورصة الثانوية مكاسب بين 30 و 65%.
وشهد 2020، إصدارات أسهم التأسيس وزيادة رأس المال وسندات التوريق بإجمالي وصل إلى 92.9 مليار جنيه في الفترة من يناير إلى أكتوبر 2020، وحقق نشاط التأمين بنوعية
(نشاط تأمين الممتلكات - نشاط تأمين الحياة) إجمالي أقساط تأمين محصلة قدرها 31.8 مليار جنيه، ساهمت في دفع الضرر المادي عن المتعاملين من حملة وثائق التأمين وسددت (تعويضات/ مطالبات) ما يقرب من 16 مليارا.
وبلغ إجمالي التمويل العقاري الممنوح من الشركات حوالي 2.3 مليار جنيه، وبلغ إجمالي قيمة عقود التأجير التمويلي حوالي 42.5 مليار جنيه في الفترة من يناير إلى أكتوبر 2020، كما وصل حجم الأوراق المخصمة 8.3 مليار جنيه بنهاية أكتوبر 2020، واستفادة 3.1 مليون مواطن من خدمات نشاط التمويل متناهي الصغر بحجم تمويلات كلية تجاوز 17 مليار جنيه.
وسجل عام 2020، إصدارات سندات توريق للشركات بقيمة بلغت نحو 25 مليار جنيه، بعدما وافق مجلس إدارة هيئة الرقابة المالية في يوم واحد على الترخيص بطرح 7 إصدارات من سندات التوريق - دفعةً واحدة - بقيمة إجمالية تبلغ 9.3 مليار جنيه لخمس شركات توريق مقابل محافظ لحقوق مالية آجلة متنوعة لأنشطة التأجير التمويلي والتمويل الاستهلاكي والتمويل العقاري والتخصيم.