أوروبا تهتز بسبب الإرهاب.. ومصر تقدم للعالم روشتة التخلص من الفكر المتطرف
السبت، 14 نوفمبر 2020 08:00 ممنال القاضي
مفتي الجمهورية: ندرب بعض الأئمة في بريطانيا لفهم صحيح الدين.. ومراصدنا كشفت خلل في فهم الجماعات الإرهابية للشرع.. وسلطة الفرد في العقاب سبب الفكر المتطرف في الخارج
بعد الضربات الإرهابية التي تتلقاها دول القارة الأوروبية، بات التخلص من منابع هذه الهجمات ضرورة ملحة، وفي سبيل ذلك بدأ البحث عن أئمة الجماعة التي تسيطر على مساجد أوروبا، وفي سبيل ذلك تقرر إنشاء معهد لتدريب الأئمة في أوروبا لقطع الطريق على أئمة جماعة الإخوان الإرهابية، مما دفع الشعوب الأوروبية لمطالبة القيادات بمنع دخول أي أئمة من الخارج، وتدريب أئمة من أبناء الدول الأوربية وإنشاء معاهد إسلامية.
وأكدت المؤسسات الإعلامية الأوروبية أن جماعة الإخوان الإرهابية مازالت تصدر أفكارها المتطرفة لأوروبا، مستغلة المنابر في الداخل والخارج.
ومن جانبه قال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية إن موجة الإساءة إلى النبي (ص) يمكن مواجهتها من خلال محورين أساسيين؛ أولهما: الاستنكار لمثل هذه الأفعال والرفض التام لها، وكان هذا على مستوى المؤسسات الدينية ومن بينها دار الإفتاء المصرية التي اتخذت موقفًا واضحًا من هذا الأمر، والمحور الأخر يتمثل في ضرورة ترسيخ ثقافة المؤسسية وسلطة الدولة، وهي أن العقوبة على الجريمة التي ترتكب ليست حقًّا للأفراد ولكن للدولة وقانونها وسلطاتها المختلفة، وكان ذلك موجودًا منذ عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال علام : "نحن أصحاب منهج وعلوم ومؤسسات، والفقه الإسلامي قائم على اعتبار المؤسسية وإسناد كل أمر إلى أهل الاختصاص، وقد استفدنا ذلك من قول ربنا تبارك ولا تقتلوا النفس التى حرم الله قتلها"، موضحاً أن الآية قد توحي في ظاهرها بأنها جعلت حق العقاب للأفراد، إلا أن الإمام القرطبي رحمه الله قد أوضح المعنى بأن السلطان في حق ولي الدم يلجأ إلى القضاء للقصاص من القتلة، فالفرد ليس سلطة تحقيق ولا قصاص ولكن القاضي هو من يحقق في المسألة ويصدر الحكم.
وأضاف المفتي: "نحن كمسلمين وفقهاء وأصحاب علم علينا أن نرجع للمنهجية في كل شيء، ولا نرجع للعاطفة فحسب، ولذلك نجد أن الجماعات الإرهابية لديها خلل في مفاهيمها، فقد نصبت نفسها حكمًا واستلبت حقوق الدولة في العقاب والإذن في القتال والجهاد، وهذه من سلطات الدولة ومؤسساتها، ولا يجوز للأفراد أن يقوموا بها حتى لا يحدث خلل في المجتمع والحياة"، لافتاً إلى أن تغيير المنكر يجب أن يكون وفق ضوابط، وقد توزعت هذه السلطات في عصرنا الحديث بين مؤسسات الدولة المختلفة، موضحًا أن حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان»، هو حديث صحيح ولكنه جاء لإيجاد نوع من الرقابة، وقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقوم بهذه المهمة باعتباره إمام الأمة.
وأشار المفتى إلى أن دار الإفتاء المصرية بذلت جهودًا كبيرة ولا زالت تجتهد لتصحيح صورة الإسلام في الغرب والرد على المعلومات المغلوطة حول نبي الإسلام، وما تسببت فيه الجماعات المتطرفة من تشويه له، مضيفًا أن لدى الدار أرشيفًا كاملًا لكل ما أصدرته "داعش" وغيرها، وقمنا بالرد عليه وتفنيده، موضحاً أن دار الإفتاء رصدت الانحراف الفكري للجماعات المتطرفة وانضمام بعض المسلمين الغربيين إلى داعش، لذا كان من ضمن جهود الدار أيضًا عقدها لمؤتمر عالمي عام 2016 تحت عنوان: "التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة مساجد الأقليات المسلمة في الخارج" لكي تضع أمام العالم التصور الصحيح لهذه المشكلة التي تؤرقنا جميعًا، وانتهينا إلى رسالة واضحة هي أن لغة العصر هي لغة العلم والمنهجية والتدريب الذي يحمل المضامين لخطاب ديني رشيد.
وأضاف أن الدار عقدت كذلك دورات تدريبية لدفعتين من أئمة بريطانيا لمكافحة الفكر المتطرف وإيجاد خطاب ديني مستنير وفق المنهج الوسطي، ومواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، مؤكدًا أننا مأمورون جميعًا بأن نبلغ الإسلام إلى العالم بشكله الصحيح، مشيراً إلى أهمية الاندماج الفعال للمسلمين في مجتمعاتهم الغربية، مشيرًا إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم عاش في مكة وكذلك في المدينة المنورة وسط تعددية دينية وثقافية، وكذلك المسلمون الأوائل في هجرتهم الأولى إلى الحبشة التي كان يحكمها النجاشي وكان مسيحيًّا حينها، وهو ما يعني أن المسلمين الأوائل كانوا مندمجين في مجتمعاتهم الجديدة التي ذهبوا إليها.
ووجه المفتي رسالة مهمة إلى المسلمين في الغرب قال فيها: "أنا وأنتم وكل مسلم مطالبين بأن نظهر للعالمين إسلامنا بصورة حضارية تنبئ عن حقيقة الدين، ولا تستخدم لأغراض أخرى، وعليكم بالاندماج الإيجابي الفعال الذي يظهر صورة المسلم الحقيقية التي ترفض الانعزال، فليست من شيم المسلمين، بل هم فاعلون ومشاركون في بناء الحضارة في بلدانهم.
كما دعا مفتي الجمهورية القادة الدينيين والقادة السياسيين إلى إيجاد أرضية مشتركة لحوار متكافئ يوصلنا إلى نقطة ضوء تنكسر عليها ظاهرة الإسلاموفوبيا وخطابات الكراهية.