للأسف مش مصري
الثلاثاء، 10 نوفمبر 2020 07:03 م
شاهدت مصادفة لقاء مع الفنان "فراس سعيد " السوري الأصل، أرجنتيني الجنسية، وبدأت مقدمة البرنامج حديثها معه حول انبهار العديد من المشاهدين بأنه ليس مصرياً بالرغم من لهجته وأسلوبه الذي يوحي بأنه مصري أصيل وسألته هل أنت بالفعل لست مصرياً؟
أجاب بنبرة أسى وإيماءة وجه حزينة "للأسف مش مصري" وعندما سمعت رده تصورت أنه ربما عانى في سوريا من ويلات الحرب والدمار، لذا يتمنى لو كان مصرياً، إلا أنه أبهرني حين بدأ يسرد لها تاريخ حياته مذ كان طفلاً، فقد عاش في عدة دول حيث كان والده يعمل سفيراً في السلك الدبلوماسي وتنقل بين كل من ألمانيا وأسبانيا وإيطاليا.
ثم أكمل حياته وتعليمه في الأرجنتين التي حمل جنسيتها فيما بعد إلى جانب جنسيته السورية، وحين انتقل والده إلى مصر حضر فراس لزيارة أسرته وهنا كانت المرحلة الفارقة في حياته، حيث انجذب لمصر ولكل ما فيها، وشعر بالانتماء إليها وعشق أجواءها وأسلوب الحياة بها ومطبخها وشعبها الطيب المرحب والمترابط أسرياً ومدنها المختلفة، وكرر الزيارة إلى أن قرر الاستقرار على أرضها.
وعندما سألته مقدمة البرنامج حول لهجته المصرية المتقنة أخبرها بأن اللغات التي كان يجيدها هي الإسبانية ثم الانجليزية وكانت لغته العربية ضعيفة إلى حد كبير لكنها كانت أقرب للهجة المصرية إذ كان والده دائما ما يحضر الأفلام والمسرحيات المصرية كي تشاهدها الأسرة ، وكان والداه دائمي الاستماع للأغاني المصرية، فشب وترعرع على تلك اللهجة المحببة وهو ما ساعده كثيراً على الاندماج مع الشعب المصري والتحسن في إجادة اللغة العربية بسرعة.
حقاً مصر يحبها ويتأقلم بها من يراها بقلبه، وبرغم من عيوبها مثلها كأي بلد في العالم، إلا أن لها سحراً خاصاً يجعلك تتغاضى عن المشكلات وتستمتع بجمال الحياة بها، وأنا هنا أتحدث من منطلق تجربتي الشخصية أيضا فقد ولدت وأتممت تعليمي الثانوي بإحدى الدول الخليجية التي يعتبرها البعض أفضل من حيث جودة المعيشة إلا أنني أبَيْت أن أكمل حياتي في أي بلد سوى مصر.
ما أسعدني حقاً في هذا اللقاء مع نجم أنا شخصياً من محبيه وازددت حباً له بعد حديثه عن مصر، فبالرغم من كونه ليس مصرياً وعاش في دول متقدمة كثيرة وزار دولا عربية وغربية إلا أنه حين تحدث عن مصر بدا عليه الشغف ولمعت عيناه من فرط الحب لمصر دون غيرها من الدول التي قضى بها مراحل من عمره، واختارها للعيش والإقامة بها بالرغم من أنه غير مجبر بل هو اختيار حر نابع من رضا وسعادة على أرضها وكيف لا وهي مصر "حلوة الحلوات"، التي أحزن كثيراً حين يقسو عليها أبناؤها أحياناً وتغفل أعينهم رؤية جمالها والتي يتمنى الغير لو أنه يحمل جنسيتها.
أما ما استوقفني بشدة فهو حديثه حول دور الفن المصري في تكوين وجدانه وثقل لغته العربية المطعمة باللهجة المصرية، وفي تعريفه بمصر وشعبها وحياتها ما جعله يشتاق لزيارتها منذ الطفولة إلى أن تحقق حلمه، ويحضرني هنا دور الفن والقوى الناعمة ومدى تأثيرهم في البشر، فالفن يستطيع أن يقوم بدور قوي في التأثير على العقول والمشاعر وبالتالي تغيير المجتمع، وهو سلاح ذو حدين إن استخدمناه بالشكل الصحيح استطعنا تغيير المجتمع للأفضل والارتقاء به إلى حيث نتمنى، وهو ما أأمل أنه يضعه القائمون على صناعته نصب أعينهم وأن يجعلوا هدفهم الأول هو الاستفادة من هذه الميزة في النهوض بالوطن وأبنائه، وتصدير صورة صحيحة وجميلة عنه للعالم الخارجي وشعوبه.
شكراً للفنان فراس سعيد الذي أحب مصر فبادلته وشعبها حباً بحب، واعتبرته ابناً من أبنائها.. ويا أهلاً ومرحباً بكل محب لهذا الوطن العظيم.