رئيس وحدة الشفافية في «المالية» لـ«صوت الأمة»: «موازنة المواطن» هدفها تعريف الشعب بمشروعاتهم ومدى استفادتهم من الضرائب
السبت، 10 أكتوبر 2020 08:00 مهبة جعفر
نضع برامج لتبسيط الموازنة أمام المواطنين.. والبداية كانت من الإسكندرية ومستمرون لتعليم كل مواطن كيفية فهم ما له وما عليه
المعادلات الحسابية والأرقام وجميع الأمور الاقتصادية البحتة دائما ما لا تحظى باهتمام القارئ البسيط، الذى يتجنب الاطلاع على أخبارها في الصحف، وتعد كلمة الموازنة العامة للدولة من أكثر الموضوعات الاقتصادية تعقيدا، فهي تتضمن أرقاما ضخمة تتجاوز المليارات ومصطلحات اقتصادية بحتة توصف بـ"الكلكعة"، كالدين العام الخارجي والداخلي وكيفية إدارة الدين والاستخدامات والمصروفات وغيرها والتي تعد صعبة التفسير والتحليل، وبالتالي كانت تحظي باهتمام أصحاب الفكر الاقتصادي والمهتمين من رجال الأعمال والدولة فقط، ونظرا للتطور التكنولوجي والانفتاح على مواقع التواصل الاجتماعي، فأصبح لزامًا على الدولة مشاركة المواطن البسيط في كتابة وإعداد الموازنة العامة حتى يستطيع فهمها وقراءتها بشكل مبسط يناسب الموظف البسيط في دواوين الحكومة ليعرف حقوقه وواجباته ونفقات الدولة للارتقاء بمستواه المعيشي، وأيضا الفلاح في الحقل يعرف حجم الانتاج الزراعي والتصدير وحصوله على الدعم والمشروعات الاجتماعية التي تنفق فيها الدولة المليارات لزيادة معاشه.
ولأن إعداد الموازنة العامة اختصاص أصيل لوزارة المالية فأنها بدأت في التفكير بإعداد موازنة مبسطة وسهلة يمكن للمواطن الاطلاع عليها في أي وقت تتضمن شرح سلسل لكافة مصطلحات الموازنة العامة، وتضمن أيضا كافة الأرقام التي تهم المواطن وأسس موقع الكتروني مخصص للاطلاع على الموازنة، وعلى مدار ستة سنوات تعمل وحدة الشفافية والمشاركة المجتمعية على تحديث الموازنة وتبسيطها بحيث تتناسب مع قدرة المواطن ومتطلباته من خلال استطلاعات الرأي، والمؤتمرات والاقتراحات المقدمة من المحافظات والمديريات المالية والمحليات.
سارة عيد رئيس الوحدة والمتحدث الرسمي لشئون الموازنة بوزارة المالية، تعمل كل عام على إعداد موازنة المواطن، وفي كل عام تختلف الموازنة عن سابقتها من خلال تبسيط المفاهيم والمعلومات وأيضا محتوى الموازنة والتبويب، وفقاً للتغييرات الطارئة في الدولة كما الحال في انتشار فيروس كورونا المستجد الذي استلزم أن تتضمن موازنة المواطن إجراءات الدولة لمواجهة الفيروس اللعين، والنفقات على الصحة والتعليم والبحث العلمي وأيضا وفقا لما تسفر عنه المشاركة الاجتماعية للمواطنين.
«صوت الأمة» التقت بسارة عيد، مسئول إعداد موازنة المواطن بوزارة المالية، لشرح كيفية إعدادها وكيفية التواصل مع المواطنين وسيلتهم للوصول إلى المواطنين في كافة المحافظات.
تقول سارة عيد، إن الهدف من إصدار موازنة المواطن هو إطلاع المواطن بشفافية حول موازنة بلده وتعريفه كيف أن الضرائب التي سيدفعها بشكل مباشر أو غير مباشر ستعود عليه بالنفع، وتكون الموازنة بمثابة وثيقة لكل مواطن، تجعله يعرف ما هي المشروعات والخطة الاستثمارية التي سيتم تمويلها من موازنتها هذا العام خلال الفترة المقبلة، ويكون المواطن شريكًا فعالاً فيما يخص موازنة بلاده، بجانب توفير مصادر تمويل دون إخلال بالدين العام، موضحة أنه سيتم إجراء جلسات استماع جماهيري يشارك فيها المواطنين للاطلاع على مقترحاتهم ووجهات نظرهم بشأن الموازنة.
وأضافت سارة عيد، أن موازنة المواطن يتم إعدادها وشرحها بلغة بسيطة مستندة على الأرقام، وأبرز برامج الموازنة العامة التي يستفيد منها المواطن البسيط، فعلى سبيل المثال تقرر زيادة بنسبة 11.3% في مخصصات الأجور، و33.7% في الإنفاق العام على شراء السلع والخدمات العامة، و136.6% في مخصصات توفير المياه النقية و16.7% في مساندة تنشيط الصادرات و2.7% في مخصصات برامج الدعم النقدي مثل برنامجي تكافل وكرامة، وذلك وفقا لمتطلبات المواطن نفسه بأن يعرف مساهمات الدولة في الصحة والتعليم ونفقات الدولة على المشروعات الاجتماعية والدعم وزيادة الأجور، وكذلك المبادرة الرئاسية لدعم المستهلك المصرى التى تستهدف تخفيف الأعباء عن المواطنين بتوفير السلع المعمرة وغير المعمرة بخصومات تصل إلى 20% وخصم إضافي يصل إلى 20% لحاملي البطاقات التموينية بتكلفة 12.5 مليار جنيه.
وأوضحت مسئول إعداد موازنة المواطن بوزارة المالية، أن الوحدة حرصت على أن تتضمن موازنة المواطن استمرار التنفيذ التدريجي لمنظومة التأمين الصحي الشامل والتوسع فيه، متضمنًا غير القادرين من أصحاب معاش الضمان الاجتماعي، والثاني زيادة مخصصات التأمين الصحي والأدوية وعلاج غير القادرين على نفقة الدولة، وأهم المبادرات الحكومية ومنها صحة المرأة، والمبادرة الرئاسية للمستشفيات النموذجية والكشف المبكر عن ضعف السمع لحديثي الولادة، وعلاج الفشل الكلوي، ومنع انتشار العدوى من الأم الحامل إلى الجنين وأمراض حديثي الولادة ووقاية الأطفال من الأمراض المزمنة، والعلاج على نفقة الدولة وتحسين الأوضاع المالية للأطباء من خلال رفع بدل المهن الطبية مكافأة أطباء الامتياز، حيث تم رصد نحو 16.3 مليار جنيه لكل هذه المبادرات.
وأوضحت سارة عيد، أن المواطن شريك أصيل في تحقيق التنمية المستدامة بالمحليات، كل في نطاق محافظته، من خلال مبادرة «الموازنة التشاركية» بهدف تعميق المشاركة المجتمعية في السياسة المالية للدولة، بما يُساعد في تمكين المواطنين من الإسهام الفعَّال في إعداد الموازنة العامة للدولة على المستوى المحلى، ورصد وتحليل المشاكل الخدمية ومقترحات الحلول وتحديد الاحتياجات التنموية، فالمبادرة تعتمد على تدريب كوادر فعالة من المواطنين، بحيث تكون قادرة على متابعة تنفيذ المشروعات المحلية، على النحو الذي يُسهم في إرساء دعائم الرقابة المجتمعية.
وللوصول لأكبر قاعدة شعبية من المواطنين ذكرت رئيس وحدة الشفافية والمشاركة المجتمعية، أن الخطة بدأت الانطلاق من محافظة الإسكندرية فعقدت مؤتمرات جماهيرية بحي غرب والمنتزة للاستماع لاقتراحات المواطنين بخصوص الموازنة ووسائل تبسيطها، وتحديد أولويات الإنفاق، والمشروعات العامة المحلية ذات الأولوية، بالتعاون مع الوحدات المحلية وأيضا مؤسسات المجتمع المدني ومنها مؤسسات الروتاري جمعية رجال الاعمال وجامعة الإسكندرية وفاروس والأكاديمية البحرية وهيئة كير مما يساعد في الوصول إلى أكبر عدد من المواطنين فالوحدة لن تستطع لوحده الوصول للجميع دون مشاركة منظمات المجتمع المدني.
وأوضحت سارة، أنها تعتمد في البداية على تدريب أكثر من 100 مواطن بحيث يتم تشكيل قاعدة شعبية تساهم في الوصول للمواطنين داخل المحافظة، وسيتم العمل تدريجياً إلى باقي المحافظات فبعد الإسكندرية سيكون الانطلاق نحو الفيوم بحيث سيتم تغطية الوجه البحري والقبلي في نفس الوقت، كما أن المبادرة تعمل بخطة تدريجية على مدار ٣ سنوات من أجل خلق كوادر فعالة واعية من المواطنين تستطيع قراءة وفهم وتحليل الموازنة وبرامج الحكومة، على النحو الذي يُسهم في تمكينهم من متابعة تنفيذ المشروعات المحلية والرقابة المجتمعية.
وأوضحت أنه يتم تقييم مقترحات المشاريع من خلال لجنة تقييم تضم متخصصين: "ماليًا، وفنيًا، وخبيرًا في إدارة المشروعات" لتحديد مدى الملاءمة الفنية والمالية والزمنية للمشروعات على ضوء الاحتياجات المحلية، ومدى دعم المجتمع المحلى لتنفيذ المشروعات وتوافقها مع السقف التمويلي المحدد.
وأوضحت المتحدث الرسمي باسم قطاع الموازنة، أن من بين الأهداف التي تحرص الوزارة على تحقيقها العمل على تبسيط الأرقام وتوضيحها دون الخوض في التفاصيل فعلى سبيل المثال رقم الدين العام الداخلي يذكر بطريقة مبسطه مع شرح مفهوم الدين وكيفية سداده وذلك من أجل غلق الباب أمام الشائعات المغرضة التي تستهدف تشكيك المواطنين في إنجازات دولتهم والرد على الجماعات الإرهابية التي تروج لتضخم مديونية مصر أو تروج لأرقام مغلوطة مستغلة عدم فهم المواطن لموازنته ولذا أصدرت الوحدة نموذج تبسيط قراءة الموازنة وكيف يمكن للمواطن قراءة موازنته.
وأكدت سارة عيد، أن الموازنة تتضمن تفسير للمواطن كيف يتم تمويل الاستثمارات الحكومية من خلال إدارة المصروفات والنفقات وأن يتم تمويل المشروعات ذاتيًا وليس كما في السابق من خلال الاقتراض أو الاستدانة من الخارج وذلك من خلال تنويع موارد الدولة وليس الاعتماد علي الضرائب فقط في تمويل الموازنة العامة دون زيادة في الضرائب، من خلال الاعتماد علي المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغير وضم المشروعات غير الرسمية الي الاقتصاد الرسمي.