طلال رسلان يكتب: مواقع مصرية وارء فتنة "شاب المنيب".. نشرت فيديوهات بعناوين محرضة ونقلت خلفها قنوات وكتائب الإخوان.. توارت في نقل أخبار الرئيس والوزراء الرسمية بانتظار ساعة الصفر (صور)
الثلاثاء، 08 سبتمبر 2020 09:55 ص
مشهد اعتاد عليه المتابعون لقناة الجزيرة القطرية ومن بعدها قنوات وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لتنظيم الإخوان. حادث عادي يتم التلاعب به بفيديوهات يقصد بها توجيه مواطنين ضد الشرطة أو مؤسسات الدولة المصرية.
قبل انتشار الأحاديث عن واقعة وفاة شاب في منطقة المنيب، بل حتى معرفة أهالي المنطقة نفسهم في الأساس بالتفاصيل التي كُشفت في وقت لاحق بمشاجرة بين طرفين انتهت بمقتل الشاب، قررت قنوات الإخوان أن الثورة بدأت وانطلقت من المنيب وبدأت في حشد أنصارها، وخرجت الأذرع المتوارية تحت تراب مواقع التواصل الاجتماعي، أو في صفحات الطبخ والموضة لتحض على التظاهر بزعم أن شاب المنيب توفي نتيجة تعذيبه داخل قسم الشرطة على يد ضابط، هكذا كانت رواية الجزيرة ومن خلفها قنوات الإخوان منذ اللحظة الأولى لبدء عملية حشد أنصار الجماعة، وبالطبع تلك الرواية ستنسب إلى شاهد عيان، قبل إعادة جزء من الفيديو الدوار الذي تتلقفه الكتائب الإلكترونية بهاشتاجات محرضة.
لم تكن مزاعم الجزيرة وقنوات الإخوان جديدة من نوعها، فقد أصبح المشهد مألوفا للمصريين، شاشة الجزيرة التي تنقسم إلى عدة شاشات تقطع من صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان محرض، يتم الاكتشاف بعد ذلك أنها جزء من لعبة ذرع الفتنة وتأليب الشعب، مثلما حدث في فيديوهات أحداث التحرير التي فضحت أكاذيب القناة القطرية وقنوات الجماعة بأنها فيديوهات قديمة تعود إلى أيام 25 يناير 2011 وبعضها كان عقب سقوط حكم جماعة الإخوان، ومثلما يحدث كل يوم في وقائع مماثلة أو لها علاقة بفتنة طائفية وأحداث من هذا القبيل.
لكن يبدو أن جماعة الإخوان هذه المرة أردات التغيير في مشهد البداية، ستكون الشرارة الأولى عن طريق مواقع إلكترونية بأسماء وطنية من قبيل "مصرنا"، متوارية خلف تغطية أخبار الحكومة، وبيانات المؤسسات الرسمية وجولات الرئيس والوزراء، وفجأة تكون منبرا للنقل المباشر بالفيديو والصور والتوصيف والتحريض ومن ثم تكون مصدرا لقنوات الإخوان وصفحات التواصل الاجتماعي.
بتتبع هذه المواقع الإلكترونية، بسهولة يمكن اكتشاف اللعبة الأولى قبل حتى صفحات كتائب الجماعة على السوشيال ميديا، ستكون عناوين هذه المواقع "ثورة وتظاهرات في المنيب بعد مقتل شاب على يد ضابط شرطة"، إلى هذه اللحظة لم تكن فتحت الجزيرة شاشاتها، ورصد الإخوانية مازالت تنتظر الإشارة على الجروبات السرية للانطلاق.
تحت اسم "مصر وناسها" و"وبوابة حديث مصر الإخبارية"، وبصفحات على مواقع التواصل تكتنز بآلاف المتابعين، كانت هذه المواقع على الإنترنت كلمة السر في تجييش عناصر الجماعة، بدا الأمر أشبه بلعبة الجاسوسية، الاختباء وسط وسائل الإعلام المصرية، وإضفاء الطابع الرسمي بنقل أخبار الحكومة أول بأول، والتغليف بصبغة وطنية دون مواربة، إلى أن تأتي اللحظة المناسبة.
بتوقيت مبكر للغاية وعناوين أجزمت برواية مقتل شاب المنيب على يد ضابط شرطة دون صدور تحقيقات رسمية أو بيانات توضيح الحقيقة، انطلقت تلك المواقع تفتح صفحاتها إلى الصيغة التي بدت متفقا عليها، ومن خلفها صفحات الجماعة المعروفة للجميع من أمثلة رصد وغيرها.
في غضون ذلك، نسب عدد من الصفحات الإخوانية والمعروف انتماؤها للجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي، صراحة مصادر معلوماتها التي قالت إنها أكيدة إلى تلك المواقع، بصيغة أنها مواقع مصرية تابعة للدولة، مستشهدة بصفحات من تلك المواقع على الإنترنت كانت فيها التغطية الرسمية لجولات الوزراء والمحافظين هي السمة الغالبة.
إلى جانب هذه المواقع الإلكترونية، التي من الواضح عدم شرعياتها في العمل بالإعلام أو امتلاكها لوثائق رسمية تخص عملية النشر وفقا للقانون أو الضوابط المحددة، لن تسقط اللعبة الإخوانية القديمة بصفحات اجتماعية تتحدث عن هموم الشعب، أنشئت حديثا خصيصا في أزمة تخص المواطنين مثل قانون التصالح في المباني المخالفة، وفجأة تنقلب إلى بوق من أبواق جماعة الإخوان نقلا عن قنواتها، وصفحات حمزة زوبع وهشام عبد الله وأحمد سمير وهيثم أبو خليل وغيرهم من الهاربين خارج مصر.
بالطبع كانت تلك الأجواء مناسبة لدعوة عامة من تلك الصفحات ومن على شاكلتها إلى استدعاء المقاول الهارب محمد علي، الذي لن يتأخر عن تلك الفرصة ليدلو بدلوه في تلك الأحداث التي ينتظرها لتخليص "التار القديم" بعدما انكشفت لعبة المتاجرة بأموال الشعب والقصور الرئاسية وما إلى ذلك من مشروعات الدولة، وظهوره في حضن قنوات تنظيم الإخوان في تركيا وقطر.
وكما هو متبع، بعد ساعة ظهر إفلاس قنوات الإخوان وحسابات كتائبها الإلكترونية، الصورة نفسها تتكرر كل دقيقة، المشهد لا جديد فيه وكأن الزمن توقف عند الفيديوهات التي سُربت إليها على جروبات واتساب، حتى صباح اليوم مازالت الصور والفيديوهات تتردد على مواقع التواصل الاجتماعي بهاشتاجات متصدرة تحرض دون سبب وتؤلب في الصفحات وصولا إلى جمال عبد الناصر ومظلومية الجماعة.
وسط ذلك كان البيان على القنوات المصرية موضحا وشارحا لما تم في قصة شاب المنيب، حيث التأكيد على أنه فارق الحياة نتيجة إصابته بهبوط حاد فى الدورة الدموية، عقب مشاجرته وآخرين بمنطقة المنيب بالجيزة، حيث تمكنت القوات من ضبط أطراف المشاجرة، إلا أنه تعرض لهبوط بالدورة الدموية وتم نقله إلى المستشفى، وفارق الحياة أثناء محاولات إسعافه.