الري الحديث ضرورة أم رفاهية!؟
الثلاثاء، 04 أغسطس 2020 03:42 م
نصيب المواطن المصرى عند توقيع اتفاقية تقسيم مياه النيل عام 1959 كان تقريباً 3000 متر مكعب، وظلت حصة مصر ثابتة من نهر النيل 55 مليار متر، ورغم تزايد عدد سكانها سنوياً حتى وصل نصيب الفرد إلى 500 متر وهذا الرقم فى تناقص مستمر، لذلك فإن ترشيد المياه وتطوير الرى قضية حتمية حتى بصرف النظر عن مشكلة سد النهضة المثارة حالياً، لأننا دخلنا مرحلة الفقر المائى لان متوسط نصيب الفرد من المياه يجب ألا يقل عن 1000 متر.
ترشيد المياه قضية أُهملت طويلاً ولم تأخذ أولوية من كل الحكومات السابقة ولم يتم تطوير الرى سوى فى 250 ألف فدان فقط وهو رقم متواضع جداً وللأسف كان بتمويل دولى كما أنه لم يتم تطوير شبكة مياه الشرب التى تهدر المياه بنسبة تتجاوز 50%.
الرئيس السيسي يولي اهتماما كبيرا بمنظومة الري الحديث لانها اصبحت ضرورة وليست رفاهية وقرر البدء بتبطين جميع الترع والمساقي الرئيسية على مستوى الجمهورية في خلال عامين بدلا من خمسة وهو مشروع كبير ويحتاج إلى تمويل ضخم ولكن لابد من تنفيذه لانه يسهم في توفير المياه التي كانت تُهدر بدون فائدة.
الحكومة الحالية قررت اقتحام المشكلة بحلول جذرية بعيداً عن المسكنات، وتحويل عدادات المياه بنظام الدفع المسبق وهذا سوف يجبر المواطنين على ترشيد المياه وعدم استخدامها فى غير أغراضها. أيضاً الحكومة قررت تحويل الرى بالغمر إلى الرش والتنقيط ومنح المزارعين قروضاً ميسرة لهذا المشروع الحيوي.
وبالتوازى مع ذلك تخطو الدولة خطوات كبيرة فى مجال تحلية مياه البحر وهى أيضاً خطوة تأخرت كثيرا وكانت مهمة على الأقل للمحافظات الساحلية.
تغير نظم الري القديمة (الغمر) بالأساليب الحديثة (الرش والتنقيط) سوف يحقق للدولة فوائد كثيرة منها توفير المياه نستخدمها فى استصلاح أراضٍ جديدة تؤمّن لنا الغذاء الذى نستورده بمليارات الدولارات بل إن إنتاجية الفدان سوف تزداد وبالتالى يكون لدينا فائض للتصدير يجلب عملة صعبة كما أن التطوير يوفر الأسمدة والمبيدات والتقاوي ويمنع الحشائش فالفوائد كثيرة لا يتسع المقال لذكرها وأعظم فائدة هى توفير المياه التى لا تقدر بثمن حتى تستفيد منها الأجيال القادمة.
وزارة الزراعة من ناحيتها نجحت في استنباط أصناف جديدة من البذور والتقاوى قليلة استهلاك المياه وعالية الجودة والإنتاجية بالإضافة إلى تقليل مساحة زراعة المحاصيل شرهة المياه مثل الأرز والموز وأيضاً قصب السكر وهناك محاولات ناجحة لزراعته فى الصحراء بالتنقيط، وأيضا إيجاد أساليب جديدة مثل الزراعة على مصاطب تسهم فى توفير المياه.
وزارة الري أيضا تسعى لاستغلال كل نقطة مياه سواء من نهر النيل او الامطار والسيول والمياه الجوفية ومصر تعتبر بحق من أفضل دولة العالم في كفاءة استخدام المياه وإعادة الاستفادة منها أكثر من مرة ومؤخرا الرئيس السيسي افتتح محطتي المحسمة وسرابيم لمعالجة مياه الصرف الزراعي وقريبا سوف يتم افتتاح محطة مصرف بحر البقر وهي الاكبر في العالم وهذه الجهود سوف تمنحنا 9,6 مليون متر مكعب من المياه تحول أرض سيناء الصفراء الجرداء إلى جنة خضراء.
كل ذلك من أجل مساعدة خطة الحكومة في استصلاح الأراضي وتحقيق التنمية المستدامة والشاملة لتوفير الغذاء للمائة مليون مواطن وأيضا مواجهة الزيادة السكانية المطردة.
نجاح منظومة الري الحديث قضية حياة أو موت وتحتاج إلى تكاتف وتعاون الجميع واقناع الفلاح في الأراضي القديمة أنه هو المستفيد الأول من تطوير الري لان مساحة أرضه سوف تزداد بعد هدم الترع والمصارف الفرعية وزيادة انتاجه مع تخفيض تكاليف الأسمدة والمبيدات والتقاوي ومكافحة الحشائش وللحديث بقية والله الموفق والمستعان وتحيا مصر