يوسف أيوب يكتب: فوضناك
السبت، 25 يوليو 2020 09:00 م
- الأمة العربية تفوض السيسي والقوات المسلحة المصرية لتطهير ليبيا من الغزاة الأتراك
- في الحفاظ على أمننا القومي وحماية حدودنا الغربية
- القضاء على الإرهاب ومنع فوضى انتشار الجماعات الميليشيات
- مساعدة الليبيين في العبور ببلادهم إلى بر الأمان
- وضع حد للتدخلات الخارجية غير المشروعة في الأزمة الليبية
- في الحفاظ على أمننا القومي وحماية حدودنا الغربية
- القضاء على الإرهاب ومنع فوضى انتشار الجماعات الميليشيات
- مساعدة الليبيين في العبور ببلادهم إلى بر الأمان
- وضع حد للتدخلات الخارجية غير المشروعة في الأزمة الليبية
الاثنين 20 يوليو 2020، يوماً سيكتب في تاريخ مصر، ففي هذا اليوم استخدم مجلس النواب صلاحياته الدستورية للموافقة على إرسال بعض عناصر من القوات المسلحة المصرية فى مهام قتالية خارج البلاد.
قبل 24 ساعة من جلسة البرلمان عقد مجلس الدفاع الوطنى اجتماعاً برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسى، وحضور رئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي، ورئيس أركان حرب القوات المسلحة، ورئيس المخابرات العامة، ووزراء الخارجية، والمالية، والداخلية، وقائد القوات البحرية، وقائد قوات الدفاع الجوي، وقائد القوات الجوية، ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة، ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع، وخرج عن الاجتماع بيان أشار إلى مناقشته "تطورات الأوضاع في ليبيا على الاتجاه الاستراتيجي الغربي، وذلك في ظل سعي مصر لتثبيت الموقف الميداني الراهن وعدم تجاوز الخطوط المعلنة، بهدف إحلال السلام بين جميع الفرقاء والأطراف الليبية، حيث أكد المجلس على أواصر العلاقات القوية التي تربط بين البلدين، وأن مصر لن تدخر جهداً لدعم الشقيقة ليبيا ومساعدة شعبها على العبور ببلادهم إلى بر الأمان وتجاوز الأزمة الحرجة الحالية، وذلك استناداً إلى أن الملف الليبي يعتبر أحد الأولويات القصوى للسياسة الخارجية المصرية، أخذاً في الاعتبار أن الأمن الليبي يشكل جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري والعربي، كما أكد المجلس في هذا السياق على الالتزام بالحل السياسي كسبيل لإنهاء الأزمة الليبية، وبما يحقق الحفاظ على السيادة والوحدة الوطنية والإقليمية للدولة الليبية، واستعادة ركائز مؤسساتها الوطنية، والقضاء على الإرهاب ومنع فوضى انتشار الجماعات الإجرامية والميليشيات المسلحة المتطرفة، وكذلك وضع حد للتدخلات الخارجية غير المشروعة التي تساهم بدورها في تفاقم الأوضاع الأمنية وتهديد دول الجوار والسلم والأمن الدوليين، مع ضمان التوزيع العادل والشفاف لمقدرات الشعب الليبي ومنع سيطرة أي من الجماعات المتطرفة على هذه الموارد".
مخرجات اجتماع مجلس الدفاع الوطني والتهديدات التى تتعرض لها الدولة من الناحية الغربية، وما يمثله ذلك من تهديد للأمن القومى المصرى، كانت إشارة إلى أن القيادة السياسية المصرية تتحرك في اتجاه طلب التفويض الشعبى والرسمى، من خلال البرلمان، وبالفعل عقد مجلس النواب جلسته السرية الأثنين الماضى، عملاً بالمادة 152 من الدستور المصرى التى تنص على أن "رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولا يعلن الحرب، ولا يرسل القوات المسلحة فى مهمة قتالية إلى خارج حدود الدولة، إلا بعد أخذ رأى مجلس الدفاع الوطنى، وموافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثى الأعضاء. فإذا كان مجلس النواب غير قائم، يجب أخذ رأى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وموافقة كل من مجلس الوزراء ومجلس الدفاع الوطنى".
انتهت الجلسة السرية إلى الموافقة "بإجماع اراء النواب الحاضرين على إرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية فى مهام قتالية خارج حدود الدولة المصرية، للدفاع عن الأمن القومى المصرى فى الاتجاه الاستراتيجى الغربى ضد أعمال الميلشيات الإجرامية المسلحة والعناصر الإرهابية الأجنبية إلى حين انتهاء مهمة القوات"، ووجه البرلمان رسالة قوية بالتأكيد على أن "الأمة المصرية على مر تاريخها هى أمة داعية للسلام، لكنها لا تقبل التعدى عليها أو التفريط فى حقوقها، وقادرة بمنتهى القوة على الدفاع عن نفسها وعن مصالحها وعن أشقائها وجيرانها من أى خطر أو تهديد، وأن القوات المسلحة وقيادتها لديها الرخصة الدستورية والقانونية لتحديد زمان ومكان الرد على هذه الأخطار والتهديدات".
الشاهد في جلسة البرلمان الاثنين الماضى التي حضرها 510 نائباً، أنها كانت معبرة عن الشعب المصرى بأكمله، فلم تكن هناك معارضة للقرار، الكل كان يؤيد، ليس التأييد الأعمى، لكن التأييد المنطلق من أرضية وطنية وشعور بالخطر الذى يحيط بنا، ويتطلب تكاتف الجميع خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة، فكانت المعارضة داخل مجلس النواب في مقدمة الصفوف الداعمة للدولة ومؤسساتها في حربها على الإرهاب والميليشيات المسلحة التي تريد هدم الأمن والاستقرار في ليبيا وبالتالي تهديد مصر بشكل مباشر.
بعد إعلان بيان مجلس النواب مساء الأثنين، تحول التفويض البرلماني للقيادة السياسية إلى تفويض شعبى رسمي، من خلال مظاهرة حشد الكترونية قادها المصريين عبر حسابتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعى، معلنين تأييدهم لكل تحركات الدولة المصرية في سبيل الحفاظ على الأمن القومى المصرى والعربى، وكان لافتاً للجميع أن هذه المظاهرة الالكترونية لم تكن بفعل "لجان الكترونية" مثل تلك التي تستخدمها الجماعة الإرهابية والدول الداعمة للإرهاب، بل كانت تعبيراً صادقاً عن مشاعر كل المصريين، لذلك لم يكن غريباً أن يتصدر هاشتاج "كلنا جيش مصر" كافة وسائل التواصل في دقائق معدودة، وفشلت كل محاولات المغرضين والأفقين في زحزحة الهاشتاج المصرى عن تصدره المشهد الإلكترونى.
هكذا تجمعت لدى القيادة السياسية التفويض الشعبى والرسمى، ليس فقط من مصر وإنما من الأشقاء الليبيين، فبعد أيام من بيان مجلس النواب الليبيى الذى فوض القوات المسلحة بالتدخل لحماية ليبيا حال أضطر إلى ذلك، شهدت القاهرة قبل أيام أكبر تجمع للقبائل الليبية، بحضور 200 من شيوخ وأعيان ليبيا يمثلون مناطق ليبيا الثلاثة دون اقصاء لاحد، في مؤتمر "مصر وليبيا شعب واحد.. مصير واحد" بحضور الرئيس السيسى، والذى انتهى إلى تأكيد المشايخ والأعيان بتفويض مصر والقوات المسلحة المصرية للدخول إلى ليبيا وحماية أمنها القومى حال أضطرت إلى ذلك، أو كما قال عدد من المشايخ خلال اللقاء "نفوض مصر قلب العروبة النابض وجيشها، لتنظيف ليبيا من المستعمر التركى والخونة والمرتزقة"، مع التشديد على أن أى اعتداء على ليبيا يعد اعتداء على مصر وكذلك العكس.
السؤال الآن وماذا بعد؟..
المؤكد أن موافقة مجلس النواب على إرسال عناصر من القوات المسلحة المصرية في مهام قتالية خارج حدود الدولة للدفاع عن الأمن القومي المصري في الاتجاه الاستراتيجي الغربي ضد المليشيات والجماعات الإرهابية، والتي تبعتها الموافقة الشعبية الحاشدة، تأتي في إطار استكمال كافة الخطوات الضرورية حتي يكون تدخلنا العسكري حال حدوثه دستورياً، مستنداً لتحقيق هدف واضح ومحدد، وهو الحفاظ على أمننا القومي، ومساعدة الشعب الليبي الشقيق على استعادة أمنه واستقراره في مواجهة ميليشيات إرهابية تدعمها دول معروفة للجميع كل تركيزها هو تدمير كل مقدرات الشعب الليبى وسرقة ثرواته، والعمل على أن تكون ليبيا منصة تهديد لمصر.
دستورياً وقانونياً وشعبياً أصبح التفويض متكامل الأركان، لكن المؤكد أيضاً أن القيادة السياسية لديها الحق في اختيار التوقيت المناسب لتنفيذ هذا التفويض واستخدامه، وفقاً لمجريات الأحداث وما تراه الدولة المصرية مناسباً لها، ففي الوقت الراهن تواصل مصر السير نحو السلام والعمل على تحقيق التسوية السياسية للأزمة الليبية ووقف إطلاق النار وتثبيت المواقع الحالية على الأرض واستئناف العملية التفاوضية، وهو ما نتلمسه من الاتصالات التي يجريها الرئيس السيسى مع قادة العالم، فهو يؤكد دوماً أن مصر ليس داعية للحرب أو الصدام، بل داعية للسلام، لكن هذا لا يعنى أنها تخشى المواجهة، فهى قادرة على التعامل مع كل الظروف والسيناريوهات، لكن وفق الرؤية المصرية، لأنه من غير المقبول أن يحدد لنا عدونا خطوتنا المستقبلية، بل نحددها نحن وفق رؤينا.
نعم، تركيا تعمل على حشد الميليشيات المسلحة في اتجاه خط سرت-الكفرة، الذى اعتبرته مصر "خط أحمر"، وهو ما يشير إلى أننا على بعد امتار قليلة من تفجر الأزمة الليبية، لكن ستظل مصر تعمل حتى اللحظة الأخيرة من اجل السلام والحوار، لكن في حالة تفكير هؤلاء في العبث بأمن مصر فلا مفر أمامنا إلا التدخل القوي والحاسم والسريع في الوقت الذى نحدده للقضاء على الجماعات الإرهابية وكل من يدعمها؛ دفاعاً عن أرضنا وحفاظاً علي أمننا القومي وحماية للشعب الليبي ليستعيد دولته الوطنية القوية المستقرة.
أهداف مصر الواضحة
المؤكد في نهاية المطاف أن هدف مصر الرئيسى في ليبيا واضح وصريح، وهو ضرورة التوصل إلى حل سياسي للأزمة الليبية يضمن استقلالها وسيادتها ووحدة أراضيها بإرادة شعبها وبعيدا عن التدخلات الأجنبية، مع العمل بكل قوة للحيلولة دون أن تتحول ليبيا إلى بؤرة لتجمع الإرهابيين، لأن مصر لن تسمح بتكرار تجربة الرهان على الميليشيات المسلحة مرة أخرى في ليبيا أو أن تتحول ليبيا لبؤرة جديدة يجتمع بها الإرهابيون، وأن تكون ملاذا للخارجين عن القانون حتى وإن كلف هذا الأمر تدخل مصر بشكل مباشر في ليبيا، لذلك حينما قال الرئيس عبد الفتاح السيسى أن "خط سرت الجفرة" خط أحمر، فهى كانت بمثابة دعوة للسلام لمن يفهم السلام ويريده أيضاً، ولم يكن أبداً هدف مصر ولا مقصدها ولن يكون تقسيم ليبيا بل هدفها وقف الاقتتال وإعطاء الفرصة لجهود السلام.
مصر أعلنتها صراحة منذ بداية الأزمة أنها تريد لليبيا أن تبدأ مرحلة جديدة من نبذ العنف وبدء عملية السلام والتنمية، لذلك جاءت كل التحركات المصرية في هذا الاتجاه، فتحركت لرأب الصدع بين الليبيين أنفسهم، من خلال عدة اجتماعات ولقاءات استضافتها القاهرة لكل الفرقاء الليبيين، للتوصل إلى كلمة سواء، أو من خلال التحركات الدبلوماسية المصرية التي استهدفت حشد الموقف الدولى خلف الهدف الأسمى وهو تحقيق الاستقرار لليبيا الجارة الشقيقة، ومن هنا جاء إطلاق مبادرة (إعلان القاهرة) التي استهدف الرئيس من خلالها فتح مسار سياسي يستكمل المسارات السابقة سواء كانت برلين، أو باليرمو، أو أبوظبي، أو باريس، وقبلهم الصخيرات، فكل هذه محطات من أجل سلام واستقرار ليبيا، ولم ترد مصر ان تلقى التراب عليها، لكنها أطلقت مبادرتها كامتداد لهذه الجهود والبناء على ما تحقق، لكن للأسف الشديد كانت هناك أطراف في الغرب الليبى مدعومة من تركيا وقطر لديهم فكر أخر، ورغبة أخرى، فهم لا يريدون السلام، وإنما كل هدفهم السيطرة على ليبيا بأى طريقة مهما كان الثمن.
ورغم أن هذه الأطراف غير الراغبة في السلام كانت تناوئ مصر، لكن في المقابل كانت مصر ولاتزال منفتحة على كل الليبيين، فكانت دوما تصر على الحل السلمي من خلال دفع الأطراف الليبية للمفاوضات، فلم تكن لدى القاهرة أي مواقف مناوئة تجاه حكومة المنطقة الغربية أو الليبيين في طرابلس، حيث سبق أن استضافت أقطاب المنطقة الغربية عدة مرات في القاهرة في محاولة للتوصل إلى صيغة تفاهم مشترك بين طرفي الصراع الليبي، ولم يتحقق شيء والسبب معروف للجميع، فليبيا لم تكن أبداً هدفاً لدى تركيا وأذرعها في طرابلس، بل كل أعينهم منصبة على ثروات ليبيا.
اليقظة مطلوبة
بكل تأكيد فإن تركيا لن تهدأ، بل ستحاول بشتى الطرق تحقيق أهدافها الدنيئة على الاراضى الليبية، فعلى مدار الأيام الماضية عمدت تركيا على تحدى الشرعية الدولية واستمرت في نقل المرتزقة والمتطوعين من سوريا؛ تمهيدا للسيطرة على مقدرات الشعب الليبي، خاصة من الثروة النفطية أو لتشكيل قاعدة انطلاق لتهديد دول الجوار، كما شهدت أنقرة اجتماعات لقوى الشر بمشاركة وزراء دفاع تركيا وقطر، ومعهم وزير داخلية ميليشيات الوفاق، فالثلاثة كشفوا عن أوراقهم للجميع، لذلك لم يعد خافياً حقيقة ما يحدث على الأرض الليبية، وهو ما يستوجب اليقظة والانتباه والاستعداد للتحرك ليس فقط لحماية ليبيا وتنظيفها من الإرهابيين والميليشيات وإنما أيضاً حماية الأمن القومى المصرى والعربى بأكمله.