الأب القدوة.. أحمد صالح بطل صورة "ربط حذاء ابنته في الشارع" لـ"صوت الأمة": المشهد عفوى لأنى أرفض أن تنحني ابنتي وسط الشارع أمام الناس (صور)
السبت، 11 يوليو 2020 10:00 مطلال رسلان
نقلا عن العدد الورقي
مش مهم نظرة الناس المهم إن ولادى بخير ومبسوطين.. ولو تكرر الموقف مليون مرة لتصرفت نفس التصرف
مش مهم نظرة الناس المهم إن ولادى بخير ومبسوطين.. ولو تكرر الموقف مليون مرة لتصرفت نفس التصرف
رسالتى للأباء: عاملوا أولادكم بأخلاق كريمة، لأنها تورث من جيل إلى جيل
كصباح كل يوم منذ بدء امتحانات الثانوية العامة، أيقظ المهندس أحمد صالح، القاطن في منطقة فيصل بمحافظة الجيزة، ابنته سارة التي بالكاد سرقت بضع دقائق للنوم من قلق وأرق ليلة الامتحان بعد سهرة ثقيلة راجعت فيها ما قد هرب من ذهنها من الأسطر والمسائل.
وسط إجراءت احترازية شخصية ارتدى الأب كمامته وتأكد من تأمين كمامة ابنته التي لا يشغلها غير قلق الامتحان وهل سقط منها شيئا في المراجعة الأخيرة الخاطفة، لكن الأب ربت على كتف ابنته بأن "الله لا يضيع أجر من أحسن عملا"، ثم انطلقا إلى مدرستها في منطقة المهندسين لأداء الامتحان وسط زملائها، لكن القدر أبى أن يترك الأب الذي يحمل على أكتافه حال أبنائه يفيض من رعايته عليهم وما ورثه من معاملة طيبة وأخلاق حسنة من أبيه وأمه، دون تكريم يليق به وبما يقدم من تضحيات.
صورة صحفية خاطفة للأب أثناء خروج ابنته من امتحان الثانوية العامة، ألهمت المجتمع وقلبت مواقع التواصل الاجتماعي رأسا على عقب، بعفوية مطلقة وبعاطفة الأبوة المتدفقة انحنى ليربط حذاء ابنته، التي أعياها الإرهاق وطول السهر، بعد خروجها من أداء الامتحان.
رسائل وحكايات خلف الكواليس كانت نتيجتها الطبيعية تلك الصورة التي ألتقطها الزميل المصور "محمد لطفي"، يحكيها الأب عن حياة أسرته البسيطة، وعن الذي حدث بعد التقاط الصورة التي أعطت بصمتها على حياتهم جميعا، بعدما نالت الصورة ملايين المشاهدات والمتابعات وقلبت مواقع التواصل الاجتماعي، كما حازت على إعجاب وإثناء كثيريين لما فيها من رسائل وصفوها بالعظيمة لتضحية الأب من أجل أبنائه وفي سبيل راحته حتى لو كان على حساب مكانته الاجتماعي أو أي شيء من هذا القبيل، تحدث الأب إلى "صوت الأمة" ليروي ما حدث وتفاصيل أكثر عن واقع حياته.
في البداية حدثنا عن تفاصيل الصورة.. وما هي الكواليس والظروف؟
ببساطة كنت برفقة ابنتي سارة التي تؤدي امتحان الثانوية العامة في منطقة المهندسين عندما التقطت الصورة وتفاجأت بعد عودتي إلى المنزل بوجودها على مواقع التواصل الاجتماعي وحازت مشاهدات بالملايين، كما أخبرني الأولاد، لأني ليس لي علاقة بمواقع التواصل.
ما الذي دفعك إلى تصرف ربط الحذاء ابنتك؟
سارة بنتي في الصف الثالث الثانوي علمي علوم، والمذاكرة تقيلة عليها جدا وهي متوترة في أيام الامتحانات، "سهرت طول الليل علشان تقدر تراجع المادة ومانمتش كويس، واتفاجئت بيها بعد الامتحانات تعبانة ومرهقة جدا، علشان كدة كنت جنبها وقت التقاط الصورة، كانت خارجة من لجنتها".
كيف كانت اللحظات وقت التقاط الصورة؟
بعدما ساعدت سارة في المرور من الشارع إلى الرصيف، لاحظت أن رباط الحذاء مفكوك وكان مانعها من الحركة بسهولة، فانحنيت لكى أربطه، وهذا عمل ممكن أن يقوم به كل أب، لأن الأب يعتبر أولاده أهم شيء في الحياة.
البعض من الممكن أن يجد حرجا في تلك المواقف.. أو يخشى نظرة الناس مثلا.. كيف ترى ذلك؟
"مش مهم نظرة الناس، المهم إن ولادك يكونوا بخير ومبسوطين"، والحقيقة سارة بتتعب جدا في المذاكرة وبتعمل اللي عليها، والله لم يهمني صورتي على مواقع التواصل، أو حتى الناس اللي هاجموني على أساس إن دا ما يصحش يعني، أنا اللي همني إني أخفف من إرهاق بنتي، وأنا كرجل شرقي هرفض إنها حتى تنحني في وسط الشارع أمام الناس، فكان مني التصرف دا بكل عفوية.
كيف كانت ردة فعلك عندما عرفت أن الصورة انتشرت بشكل كبير على مواقع التواصل؟
فوجئت بابنتى وهى تقولي إن صورتي مع سارة منتشرة على الفيسبوك، كانت لحظة سعادة في حياتي من ضمن لحظات السعادة اللي بعيشها وأنا أوفر لهم اللي كل ما يحتاجونه لكى يكونوا ناجحين.
هل تابعت التعليقات.. وما ردك على السلبي منها أو الهجوم على تصرف ربط حذاء ابنتك؟
تابعنا التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عشوائي، ووجدنا إن من بين 400 تعليق إجابي يكون هناك تعليق شاذ، وقلت لسارة ولأفراد أسرتي لا يهمكم تلك الأصوات التي لا هم لها غير مهاجمة الناس، حتى لو كان الموقف لا يستدعي الهجوم، "مش عارف ليه الناس دى زعلانة، المفروض يتعلموا من رسائل الصورة"، لو تكرر الموقف مليون مرة لتصرفت نفس التصرف.
بعدما انتشرت الصورة وكنت ضيفا في وسائل الإعلام.. كيف كانت الأجواء في العائلة ومحيط شارعك؟
بصراحة انتشار الصورة أعطى لأبنائي قبل أي أحد رسالة ودرسا مهما جدا، وهو قيمة الأب في حياتهم، وهذا الذي كنت أسعى إليه مثلما تعلمته من أبي، عرفوا الآن لماذا كنت ألح عليهم في الأخلاق والمعاملة في مواقف كانوا يرون أنه يجب أن أدخل في خناقة مثلا مع شخص آخر يريد المشاكل، نعلم جميعا أن أبناء الجيل الحالي أخلاقهم تحتاج إلى تعديل، ولو أخذنا على أيديهم خطوة خطوة وبالحسنى ستتغير إلى الأفضل بكثير، أما بالنسبة للجيران فكل الناس أثنت على التصرف، ونظروا للموقف على أنه قدوة في المعاملة والأخلاق والحمد لله.
هل تفعل هذه المواقف مع أبنائك في الحياة أم أن ظروف الصورة هي التي فرضت عليك ذلك؟
بكل صراحة وأمانة هذه معاملتي لهم، تعاملهم باللين ستجد منهم طيب، الصورة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مشهد واحد من مشاهد حياتي ومعاملتي مع أبنائي، دائما الحوار والتوجيه يأتي بنتيجة كويسة جدا.
أنت طبيعتك عملية بحكم تخصصك في الهندسة.. فهل تفرض على أبنائك آراءك أو الاختيارت؟
بالعكس، على سبيل المثال سارة قررت إذا حصلت على مجموع جيد في الثانوية العامة لن تختار كلية الطب، لأن قلبها خفيف جدا، وهي تخشى التعامل مع أي شيء دموي أو مناظر من هذا القبيل، فهي تفضل كلية الصيدلة أكثر، وحتى ابني محمد الأكبر من سارة قرر أن يدخل أدبي وبعدها كلية الآداب، ولم أفرض عليه رأي أو حتى تدخلت في اختياره، أنا دوري التوجيه والنصيحة وتوضيح كل الأمور بالخبرة الحياتية والعملية التي عشتها وهم لهم مطلق الاختيار.
ما نصيحتك لأولياء الأمور ورسائلك الأخيرة للمجتمع؟
عاملوا أولادكم بأخلاق كريمة، لأنها تورث من جيل إلى جيل، ولا تعرضوا عن أبنائكم وتتركوهم يشكلون شخصياتهم من بيئة المجتمع دون توجيه، أنا أعلم إن المعيشة والمستقبل هم الشغل الشاغل لكل رب أسرة، لكن ما فائدة جمع المال إذا ضاعت الأخلاق، وأرى أن الاستثمار في الأبناء وتربيتهم أهم مليون مرة من الاستثمار في أشياء ما زالت في الغيب ولا نعرف إلى أين تتحرك الحياة، لذلك أنصح كل أب وكل رب أسرة وكل أم الاستثمار في الأبناء ثم الاستثمار في الأبناء ثم الاستثمار في الأبناء، وهذه التجارة الرابحة.