حالة من الإرهاب والانفلات تعيشها مناطق سيطرة حكومة الوفاق في ليبيا، بعد دعمها من الاحتلال التركي بالسلاح والمرتزقة، فيما يعاني ما يقرب من 8800 شخص من الاحتجاز في 28 سجناً ويتعرضون للانتهاكات من المليشيات المسلحة.
وتلقت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، تقارير موثوقة تؤكد الاحتجاز التعسفي أو غير القانوني والتعذيب والاختفاء القسري وعمليات القتل خارج نطاق القانون والحرمان من الزيارات العائلية وزيارات المحامين والحرمان من الوصول إلى العدالة، من قبل مليشيات حكومة الوفاق.
ومن جانبها قالت رئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ستيفاني وليامز، أن «زهاء 8800 شخص لا يزالون محتجزين في 28 سجناً رسمياً في ليبيا»، إضافة إلى 10 آلاف شخص محتجزين في مراكز احتجاز خاضعة لسلطة المجموعات المسلحة.
وفي التقرير السنوي لبعثة الأمم المتحدة ذكرت «وليامز» الذي قدم إلى مجلس حقوق الإنسان، أن من بين المحتجزين 500 من النساء، موضحة أن 60% من النزلاء رهن الاحتجاز السابق للمحاكمة، و«هناك أيضاً نحو 10 آلاف شخص محتجزون في مراكز احتجاز خاضعة لسلطة المجموعات المسلحة».
وأشارت «وليامز» إلى استمرار الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في ليبيا، وسط إفلات كامل وتام من العقاب، وقد تفاقم أثر تلك الانتهاكات على السكان الآن إثر تفشي جائحة كوفيد-19.
وقالت وليامز إن المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا يتعرضون بشكل مستمر للاحتجاز التعسفي والتعذيب، بما في ذلك العنف الجنسي، والخطف مقابل فدية والابتزاز والسخرة والقتل غير المشروع.
وأشارت في تقريريها إلى «مجزرة مزدة» في 27 مايو، حيث قُتل ما لا يقل عن 30 مهاجراً وأصيب 11 آخرون بجروح في مزدة على يد مجموعة مسلحة ذات صلة بالمتاجرين بالبشر.
وفي توثيق للانتهاكات أوضحت أنه منذ يناير الماضي، جرى اعتراض أكثر من أربعة آلاف شخص في البحر وإعادتهم إلى ليبيا، في أغلب الأحيان إلى ظروف احتجاز تعسفية، بينما اختفى آخرون تماما، مكررة التنبيه على «أن ليبيا ليست ملجأ آمناً لإعادة المهاجرين وطالبي اللجوء».
وأطلق الجيش الوطني الليبي منذ أكثر من سنة عملية عسكرية لإنهاء سيطرة الميليشيات والمجموعات المسلحة على العاصمة طرابلس والغرب الليبي وفي أطار مكافحة الإرهاب والفوضى، فيما تلقت حكومة الوفاق الوطني دعما عسكريا وبالمرتزقة من قبل تركيا وسط انتقادات دولية.
وفي الشهرين الماضيين تمكنت الميليشيات المرتبطة بالوفاق من السيطرة على مدن الساحل الغربي كصبراطة وصرمان والعجيلات حيث ارتكبت فيهما مجازر واعتداءات وحشية كما سيطرت على قاعدة الوطية الدزوية ومدينة ترهونة التي عانت من جرائم ما دفع باهلها للنزوح.
وأوضحت بعثة الأمم المتحدة أن المليشيات تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، بشكل متزايد للتحريض على الكراهية والعنف في ليبيا، وكثيراً ما تُنشر على الإنترنت صور لأشخاص يرتكبون جرائم حرب، بما في ذلك التمثيل بالجثث، مضيفة أن المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيون وغيرهم من الإعلاميين يتعرضون للترهيب والتهديد والاحتجاز التعسفي.
وقبل ذلك ارتكبت ميليشيات الوفاق جرائم بحق السكان في المدن التي سيطرت عليها في الساحل الغربي بداية الشهر الجاري خاصة مدن صبراتة وصرمان والعجيلات وذلك بأمر من النظام التركي الذي يسير المعارك.
واقتحمت تلك الميليشيات سجن مدينة صرمان وإطلاق مئات السجناء من بينهم إرهابيين ومتطرفين، فيما اكتفت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا أيضا بالتعبير عن «انزعاجها الشديد» من ذلك، ليفلت المجرمون من المحاسبة، فيما زعمت حكومة فائز السراج عدم علمها بالأمر وذلك على الرغم من بث وسائل إعلام موالية لها عملية اقتحام سجن صرمان بوضوح من قبل الميليشيات.
وتتعرض بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إلى انتقادات حادة، حيث سبق وأن تم اتهامها بـ«الانحياز المفضوح» إلى جماعة بعينها هي جماعة الإخوان وخاصة في ما يتعلق بما يجري من تجاوزات في مدينة مصراتة، وظهر ذلك الانحياز جليا خلال محادثات جنيف الأخيرة، عندما تم تشتيت حضور البرلمان المنتخب وتهميشه وتوجيه الدعوة إلى النواب منشقين ينتمون إلى تيار الإسلام السياسي من منظومة حكومة الوفاق، وفي مقدمتهم وزير الداخلية فتحي باشاغا، وتاج الدين الرازقي المستشار الأمني لفايز السراج، مدعية البعثة بأنهم من «المستقلين».
وانتهى رفض عدد كبير من الليبيين لانحياز الأمم المتحدة في الملف الليبي باستقالة مبعوثها الخاص غسان سلامة من منصبه في مارس الماضي ولا يزال شاغرا إلى اليوم.